عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 03-09-2024, 11:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مجالس شرح كتاب تعظيم العلم للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي

قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
أَمَّا بلوغ الغاية في كُلِّ فن.
يَعْنِي: يأتي واحد ويصير متخصصًا يَعْنِي فاهمًا فيها كلها ما شاء الله تبارك الله، يَقُولُ: هذا ما يتحقق لكل أحد (وَأَمَّا بلوغ الغاية في كُلِّ فن) أن يكون لديه تميز في مختلف الفنون، ومختلف العلوم.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
والتحقق بملكته، فَإِنَّمَا يهيأ له الواحد بعد الواحد في أزمنة متطاولة.
يَعْنِي: إن ما يحصل لشخص في أزمنة متطاولة؛ يَعْنِي نسميها باللهجة العامية أَنَّهُ (فين وفين) أَنَّهُ يأتي واحد ويصبح بارعًا في شتى الفنون، (فلتة) ما شاء الله تبارك الله في شتى الفنون، هذا يَعْنِي (فين وفين)، لكن الذي عَلَيْهِ عموم الناس أَنَّهُ مثلما ذكرنا، يكون لديه صورة شاملة عَن العلوم ثُمَّ يتخصص في فن أو فنين عَلَى الأكثر، هذا الذي عَلَيْهِ أكثر الناس، كما ذكر الشَّيْخ في الشرح.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
ثُمَّ ينظر المتعلم فِيمَا يمكنه من تحصيلها إفرادًا للفنون ومختصراتها واحدًا بعد واحد أو جمعًا لها، والإفراد هُوَ المناسب لعموم الطلبة، ومن تيار شعر الشناقطة قول أحدهم:
وإن لم ترد تحصيل فن تممه
وعن سواه قبل الانتهاء مه
وفي ترادف العلوم المنع جا
إن توأمان استبقا لن يخرجا
ومن عرف من نفسه قدرة عَلَى الجمع جمع، وكانت حاله استثناءً من العموم.
ومن نواقد هذا المعقد المشاهدة:الإحجام عَنْ تنوع العلوم، والاستخفاف ببعض المعارف، والاشتغال بِمَا لا ينفع، مع الولع بالغرائب.
وكان مالك يَقُولُ:شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قَدْ رواه الناس.
فِيمَا يتعلق بالبيتين اللذين مرا:
وإن لم ترد تحصيل فن تممه
وعن سواه قبل الانتهاء مه
وفي ترادف العلوم المنع جا
إن توأمان استبقا لن يخرجا
نأخذ مثالًا عليها:
يأتي شخص يريد أن يحفظ متنًا في العقيدة، ويتعلم هذا الفن، الأفضل له من بعد أن ينتهي من دراسة متن العقيدة يبدأ يدرس متنًا في الفقه، بعد أن ينتهي من دراسة متن الفقه ينتقل إلى دراسة متن في التَّفْسِير أو الحَدِيْث هكذا، يَعْنِي يدرس فنًّا ثُمَّ ينتقل إلى فنٍّ آخر، طبعًا هذا يختلف عَن المعاهد والكليات والجامعات، فَإِنَّ طرق التدريس في الجامعات والكليات أصبحت أن الطالب يدرس ربما مادة من العلم الفلاني، ومادة من العلم الفلاني.
لكن يَقُولُ الشَّيْخ: الأصل والذي عَلَيْهِ الْعُلَمَاء الذي ينصحون بِهِ أن يكون الْإِنْسَان يدرس فنًّا ثُمَّ ينتقل إلى آخر، ننتقل بعد ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ إلى المعقد التالي من معاقد تعظيم العلم وهذا المعقد السَّابِع.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:

المعقد السَّابِع
المبادرة إلى تحصيله
واغتنام سن الصبا والشباب
فَإِنَّ العمر زهرة:إِمَّا أن تصير بسلوكك المعالي ثمرة، وَإِمَّا أن تذبل وإن مِمَّا تثمر بِهِ زهرة العمر المبادرة إلى تحصيل العلم، وترك الكسل والعجز، واغتنام سن الصبا والشباب؛ امتثالًا للأمر باستباق الخيرات، كما قَالَ تَعَالَى:﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148].
وأيام الحداثة فاغتنمها
ألا إن الحداثة لا تدوم

قَالَ أحمد رَحِمَهُ اللهُ: ما شبهت الشباب إِلَّا بشيء كان في كمي فسقط.
والعلم في سن الشباب أسرع إلى النفس وأقوى تعلقًا ولصوقًا.
ولعل قول الحسن هُوَ خلاصة هذا المعقد أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
قَالَ الحسن البصري: العلم في الصغر كالنقش في الحجر.
نعيد كلام الحسن رَحِمَهُ اللهُ وَهُوَ مشهور، لا أظنه يخفى عَلَى أحد.
قَالَ الحسن البصري: العلم في الصغر كالنقش في الحجر.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
فقوة بقاء العلم في الصغر كقوة بقاء النقش في الحجر، فمن اغتنم شبابه نال إربه، وحمد عند مشيبه سراه.
اغتنم سن الشباب يا فتى
عند المشيب يحمد القوم السرى
وأضر شيء عَلَى الشباب: التسويف وطول الأمل، فيُسوِّف أحدهم ويركب بحر الأماني، ويشتغل بأحلام اليقظة، ويُحدِّث نفسه أن الأيام المستقبلة ستفرغ له من الشواغل، وتصفو من المكدرات والعوائق، والحال المنظورة.
يَعْنِي: المشاهدة في الناس.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
إن من كبرت سنه كثرت شواغله، وعظمت قواطعه، مع ضَعْف الجسم ووهن القوى، ولن تدرك الغايات العظمى بالتلهف والترجي والتمني.
ولست بمدرك ما فات مني
بلهف ولا بليت ولا لو أني
ثُمَّ هنا في آخر هذا المعقد كلام مهم، حَتَّى لا يأتي شخص كبير في العمر يَقُولُ: لقد ذهبت الفرصة، لا أستطيع أن أتعلم، نحن نَقُول له: لا، الكلام هذا غَيْر صحيح.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
ولا يتوهم مِمَّا سبق أن الكبير لا يتعلم؛ بل هَؤُلَاءِ أصحاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعلموا كبارًا، كما ذكره البخاري في كِتَاب العلم من صحيحه، وَإِنَّمَا يعسر التَّعَلُّم في الكبر كما بيَّنه الماوردي في (أدب الدُّنْيَا والدين) لكثرة الشواغل، وغلبة القواطع، وتكاثر العلائق، فمن قدر عَلَى دفعها عَنْ نفسه أدرك العلم.
يَعْنِي: حَتَّى لو كان كبيرًا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
وَقَدْ وقع هذا لجماعة من النبلاء طلبوا العلم كبارًا فأدركوا منه قدرًا عظيمًا، منهم القفال الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللهُ.
وذكر الشَّيْخ وَفَّقَهُ اللهُ في شرح المعقد:
أن الكبير إذا تقلل من شواغله، ونحن تكلمنا في المعقد الثالث من معاقد تعظيم العلم وَهُوَ (جمع همة النفس عَلَيْهِ) يَعْنِي التقلل من الشواغل، وذكرنا أهمية أن الْإِنْسَان يفرغ قلبه وذهنه من الهموم ومن الخلافات مع الناس حَتَّى يرسخ العلم ويثبت في قلبه، ويتقلل من الشواغل والأمور الدنيوية، وأي شيء ما يحتاج إليه مما ينفعه في دينه ودنياه يبتعد عنه حَتَّى فرغ وقته، حَتَّى يجد وقتًا للدروس وللقراءة ولتلاوة الْقُرْآن،ولتعلم العلوم، وللعمل بالعلم ونشره كَذَلِكَ.
قَالَ الشَّيْخ وَفَّقَهُ اللهُ:
فالكبير إذا تقلل من شواغله ودفع العوائق الَّتِي تعرض في طريق العلم، وحسم العلائق الَّتِي تجذبه إلى غيره، أمكنه أن يطلب، وفي القديم والحديث: من طلب العلم كبيرًا صار مشارًا إليه بالتقدم.
يَعْنِي: هُوَ الحالة المنظورة، المشاهد في حياة الناس، أن الشخص كلما كان عمره أكبر كلما ازدادت شواغله.
خلاصة هذا المعقد:
أن الْإِنْسَان يستغل عمره، ولأنه أصلًا لا يدري مَتَى يأتيه الْمَوْت، فيبادر بتحصيل العلم، ويبادر بِمَا ينفعه، ويبادر باستباق الخيرات امتثالًا لأمر الله، في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21].
بالنسبة للسؤال الذي ورد:
كيف أنتظم عَلَى جداولي؟
من الأمور المفيدة في هذا الأمر: هُوَ والله تَعَالَى أعلم أن يكون لك صحبة، أن يكون للشخص صحبة، يَعْنِي مثلًا أنا أريد أن أحفظ الْقُرْآن، لا تحفظه وحدك، التحق بحلقة فيكون معك معلم يتابع، وطلاب، وترى هذا يحفظ وهذا يراجع، وهذا يسمع، فتشعر بالحماس، وتشعر بالرغبة في المنافسة في الخير، مَثَلًا في أي أمر... في قراءة،... في حضور دروس أو غيره، إذا كنت أنت تقوم بهذا الأمر وحدك فقَدْ لا تلتزم بِهِ.
لكن ماذا تفعل؟
تحاول أن تجد مجموعة يشتركون معك في نفس الهدف، حَتَّى لو كان الأمر متعلقًا مثلًا بقراءة، هناك بعض المجموعات، وبعض القنوات المختصة بعمل جداول للقراءة، فيلتحق عدد كبير فيها؛ وَمن ثم الشخص يجد نفسه لديه رغبة للاستمرار ولمواصلة القراءة، وهكذا.
يحاول دائمًا أن يجد صحبة في كُلِّ أمر يريد القيام بِهِ، ويشرك أهله وأحبابه يخبرهم مثلًا بعزيمته عَلَى أمر معين، حَتَّى يلزم نفسه بهذا الأمر، حَتَّى يتابعونه، ماذا فعلت؟ أنت قلت: إِنْ شَاءَ اللهُ ستحفظ في كُلِّ أسبوع كذا، حفظت أم لم تحفظ؟ فدائمًا المؤمن قويٌّ بإخوانه، يكون له صحبة في الخير فإنها بعون الله من أنفع ما يكون بالنسبة لطالب العلم حَتَّى ينتظر عَلَى ما يريد ويبلغ الغاية بعون الله في العلم وما يتعلق بِهِ.
السَّائِل: إذا كان المعلم لا يقيمنا عَلَى حفظنا؟
الشَّيْخ: إذا كان المعلم لا يُقيِّم عَلَى الحفظ، نحن ذكرنا في معقد سابق أهمية اختيار المعلم، يَعْنِي ليس كُلّ أحد ينفع أن نذهب إليه ونأخذ عنه العلم، أو نختاره أن يكون معلمًا لنا، مثل ذَلِكَ إذا كان لدينا مشكلة نسأل الله أن يعافينا ويعافي جميع المسلمين، نختار الطبيب الحاذق، هذا نفس الأمر، إذا أنا أريد أن أدرس علمًا أو أتعلم كِتَاب الله أو سُنَّة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أختار المعلم الحاذق، المعلم المتمكن في العلم وصاحب الخلق، صاحب الدِّين والعمل بالعلم، فإذا كان المعلم لا يتابع، لا يهتم، فليس هناك مشكلة، ما وقفت عَلَيْهِ، نغيره ونختار معلمًا آخر، والله يوفقه ويهديه سواء السبيل، هذه الإجابة باختصار.
السَّائِل: هل الذي درس علوم الدِّين المختصرة خلال دراسته في المتوسط والثانوي حسب المنهج الدراسي يكون أهلًا أن يتخصص ويتوسع في علم معين؟
الشَّيْخُ: غالبًا لا؛ لأن العلوم الَّتِي تدرس في المراحل المتوسطة والثانوية هِيَ علوم مختصرة جدًّا جدًّا، قَدْ يكون اختصارًا مخلًّا؛ لأنه مع الأسف الكثير من المدارس تدرس مواد كثيرة ومتعددة، وَقَدْ تُعطي حصص الشَّرِيعَة عددًا أقل من الحصص، ومن ثمَّ لا يتمكن الطالب من فهم هذه العلوم فضلًا عَنْ أَنَّهُ بعد ذَلِكَ ينطلق ويتخصص في أحدها، هم يحاولون بعض الأمور العامة لكن لا يُكتفى بها؛ لذلك ينبغي عَلَى الْإِنْسَان أن يحرص عَلَى حضور دروس العلم، والتبحُّر أكثر في العلوم الشَّرْعِيَّة، حَتَّى لا يفاجأ بعد ذلك أن هناك أشياء كثيرة يجهلها من الدِّين، ويعتقد أَنَّهُ كان يكفي الذي درسه بالمدرسة، والحقيقة تَقُولُ: إِنَّه لا يكفي الذي يُدرس في المدرسة حَتَّى نَقُول: قَدْ تعلمنا دين الله، أو تعلمنا الفقه في دين الله، أو تعلمنا تفسير كِتَاب الله، أو تعلمنا الحَدِيْث، يَعْنِي كُلّ واحد لو يراجع ما هِيَ الْأَشْيَاء الَّتِي تدرس في المدارس يكتشف أنها لا تغطي الجوانب الأساسية، أنا لا أتكلم عَن الإضافات والتبحُّر، لا تغطي الجوانب الأساسية التي هِيَ ما لا يسع الْمُسْلِم جهله، نحن نتكلم الآن عَنْ طالب علم، أتكلم عَلَى الأساسيات التي المصطلح المعاصر لها كَلِمَة ما لا يسع الْمُسْلِم جهله، فَالَّذِي يُدرس في المدارس ما يغطي الذي يحتاج إليه الْمُسْلِم العامي التي هِيَ الْأَشْيَاء الَّتِي تسمى ما لا يسع الْمُسْلِم جهله، فضلًا عَنْ أنها تغطي احتياجات طالب العلم وتمكنه بعد ذَلِكَ من التبحُّر في أحد العلوم، والله المستعان.
لعلنا نكتفي بِمَا ورد من أسئلة ونلتقي إن شاء الله في الغد بعون الله.
سبحانك اللَّهُمَّ ربنا وبحمدك أَشْهَدُ أن لا إله إِلَّا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.29%)]