عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 29-08-2024, 10:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (196)
صـ 193 إلى صـ 200






كل وجه، كان هذا من أسفه السفهاء لو وجد (1) ، فكيف إذا كان ممتنعا؟ فإنه يمتنع أن يفعل المختار شيئا حتى يترجح عنده، فيكون أن يفعله أحب إليه من أن لا يفعله، وترجيح الأحب لذة ومنفعة.
فهؤلاء القدرية الذين يعللون بالغرض (2) هم (3) الذين يذكرون ما يمتنع أن يكون غرضا (4) ، ولا يكون (5) إلا ممتنعا أو سفها، وإن أثبتوا (6) غرضا قائما به، لزم أن يكون محلا للحوادث، وهم يحيلون ذلك. ثم الغرض إن كان لغرض آخر لزم التسلسل، وهم يحيلونه في الماضي. ولهم في المستقبل قولان. وإن لم يكن لغرض آخر جاز أن يحدث لا لغرض. فهذه الأصول التي اتفقوا عليها - هم والمثبتون للقدر - هي حجة لأولئك عليهم (7) .

‌‌[فصل من نفى قيام الأمور الاختيارية بذات الرب تعالى لا بد أن يقول أقوالا متناقضة فاسدة]
[ (فصل) (8)
وفي الجملة من نفى قيام الأمور الاختيارية بذات الرب تعالى لا بد أن يقول أقوالا متناقضة فاسدة. ولما (9) كانت الجهمية المجبرة والقدرية المعتزلة

‌‌_________
(1) أ، ب: أسفه الناس إذا وجد.
(2) ن: يعللون بالقدر بالغرض.
(3) هم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ: عرضا، وهو تحريف.
(5) ع: أو لا يكون.
(6) ب فقط: إن أثبتوا.
(7) أ، ب: عليهم، والله أعلم.
(8) عند كلمة " فصل " يوجد سقط طويل في نسخة (ن) سأشير إلى نهايته في موضعه إن شاء الله.
(9) ب فقط: ولذا
=================================
قد اشتركوا في أنه لا يقوم بذاته شيء من ذلك، ثم تنازعوا بعد ذلك في تعليل أفعاله وأحكامه (1) ، كان كل واحد من القولين يستلزم ما يبين فساده وتناقضه.
فمثبتة التعليل تقول: من فعل لغير حكمة كان سفيها. وهذا إنما يعلم فيمن (2) فعل لغير حكمة تعود إليه، وهم يزعمون أن البارئ فعل لا لحكمة تعود إليه، فإن كان من (3) فعل لا لحكمة سفيها (4) لزمه (5) إثبات السفه، وإن لم يكن سفيها تناقضوا، فإن ما أثبتوه من فعله لحكمة لا تعود إليه لا يعقل، فضلا عن أن يكون حكيما.
وهذا نظير قولهم في صفاته وكلامه، فإنهم قالوا: لا يتكلم إلا بمشيئته (6) وقدرته، ويمتنع أن يكون القرآن قديما، لما فيه من الأمور المنافية لقدمه. وقالوا: المتكلم لا يعقل (7) إلا من تكلم بمشيئته وقدرته، دون من يكون الكلام لازما لذاته لا يحصل بقدرته ومشيئته (8) .
فيقال لهم: وكذلك لا يعقل متكلم إلا من يقوم به الكلام. أما متكلم لا يقوم به الكلام، أو مريد لا تقوم به الإرادة، أو عالم لا يقوم به العلم فهذا لا يعقل، بل هو خلاف المعقول.

‌‌_________
(1) أ: وأحرامه، ب: وآخر أمره.
(2) أ، ب: ممن.
(3) ب فقط: منه، وهو خطأ.
(4) سفيها ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: لزم.
(6) أفقط: قالوا إلا بمشيئته.
(7) ب: لا يعقل المتكلم ; وسقطت " لا يعقل " من (أ) .
(8) ع: بمشيئته وقدرته
==================================
بل قولهم في الكلام يتضمن أن من قام به الكلام لا يكون متكلما ; لأن المتكلم (1) هو الذي أحدث في غيره الكلام، وهذا خلاف المعقول. وكذلك قولهم في رضاه وغضبه ومحبته وإرادته وغير ذلك: أنها لا تقوم بذاته، وإنما هي أمور منفصلة عنه (2) ، فجعلوه موصوفا بأمور لا تقوم به، بل هي منفصلة عنه (3) ، وهذا خلاف المعقول، ثم هو تناقض، فإنه (4) يلزمهم أن يوصف بكل ما يحدثه من المخلوقات (5) ، حتى يوصف بكل كلام خلقه، فيكون ذلك كلامه. فإذا أنطق (6) ما ينطقه من مخلوقاته، كان ذلك كلامه لا كلام من ينطقه (7) وهذا مبسوط في موضعه.
والمقصود هنا أن كلامهم أنه يفعل لحكمة، يستلزم أن يكون وجود الحكمة أرجح عنده من عدمها، أو أنها (8) تقوم به، وغير ذلك من اللوازم التي لا يعقل من يفعل لحكمة إلا من يتصف بها. وإلا فإذا قدر أن نسبة جميع الحوادث إليه سواء، وامتنع (9) أن يكون بعضها أرجح عنده من بعض، امتنع (10) أن يفعل بعضها لأجل بعض.
ثم الجهمية المجبرة لما رأت فساد قول هؤلاء القدرية، وقد شاركوهم (11)

‌‌_________
(1) أ، ب: والمتكلم.
(2) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
(3) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
(4) ب فقط: وإنه.
(5) ع: المحدثات.
(6) أ، ب: نطق، وهو تحريف.
(7) أ، ب: من ينطق.
(8) أ، ب: وأنها.
(9) أ، ب: امتنع.
(10) ب فقط: وامتنع.
(11) أفقط: شاركوا
==================================
في ذلك الأصل، قالوا: يمتنع أن يفعل شيئا لأجل شيء أصلا، ويمتنع أن يكون بعض الأشياء أحب إليه من بعض، ويمتنع أن يحب شيئا من مخلوقاته دون بعض، أو يريد منها شيئا دون شيء، بل كل ما حدث فهو مراد له محبوب مرضي، سواء كان كفرا أو إيمانا، أو حسنات أو سيئات، أو نبيا أو شيطانا. وكل ما لم يحدث فهو ليس (1) محبوبا له ولا مرضيا له ولا مرادا، كما أنه لم يشأه، فعندهم ما شاء الله كان وأحبه ورضيه وأراده، وما لم يشأه لم يكن ولا يحبه ولا يرضاه ولا يريده.
وأولئك القدرية يقولون: كل ما أمر به فهو يشاؤه ويريده، كما أنه يحبه ويرضاه، وما لم يأمر به لا يشاؤه (2) ولا يريده كما لا يحبه ولا يرضاه، بل يكون في ملكه ما لا يشاء، ويشاء ما لا يكون.
ثم إن الجهمية المجبرة (3) إذا تلي عليهم قوله تعالى: {والله لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] ، {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة الزمر: 7] ، قالوا: معناه لا يحبه ولا يريده ولا يشاؤه ممن لم يوجد منه، أو لا يحبه ولا يشاؤه ولا يريده دينا، بمعنى أنه لا يشاء أن يثيب صاحبه.
وأما ما وقع من الكفر والفسوق والعصيان فعندهم أنه يحبه ويرضاه كما يشاؤه لكن لا يحب أن يثيب صاحبه، كما لا يشاء أن يثيبه، وعندهم يشاء تنعيم أقوام وتعذيب آخرين لا بسبب ولا لحكمة (4) ، وليس في بعض

‌‌_________
(1) ع: فليس.
(2) ع: فإنه يشاؤه.
(3) ع: الجبرية.
(4) أ: كما لا يشاء أن يثيبه عندهم نفعا ينعم أقواما ويعذب آخرين لا بسبب ولا بحكمة، ب: لا يشاء أن يثيبه عندهم، بل ينعم أقواما ويعذب آخرين لا بسبب ولا بحكمة، والمثبت من (ع)
===============================
المخلوقات قوى ولا طبائع كان بها الحادث، ولا فيها حكمة لأجلها كان الحادث، ولا أمر بشيء لمعنى، ولا نهى عنه لمعنى، ولا اصطفى أحدا من الملائكة والنبيين لمعنى فيه (1) ، ولا أباح الطيبات وحرم الخبائث لمعنى أوجب كون هذا طيبا وهذا خبيثا، ولا أمر بقطع يد السارق لحفظ (2) أموال الناس، ولا أمر بعقوبة قطاع الطريق المعتدين لدفع ظلم العباد بعضهم عن بعض، ولا أنزل المطر لشرب الحيوان ولإنبات (3) النبات.
وهكذا يقولون في سائر ما خلقه، لكن يقولون إنه إذا وجد مع شيء منفعة أو مضرة، فإنه خلق هذا مع هذا لا لأجله ولا به. وكذلك وجده (4) المأمور مقارنا لهذا لا به ولا لأجله. والاقتران أجرى به العادة من غير حكمة ولا سبب، ولهذا لم تكن الأعمال عندهم إلا مجرد علامات محضة وأمارات، لأجل ما جرت به العادة من الاقتران، لا لحكمة ولا لسبب (5) ، وفي كل من القولين من التناقض ما لا يكاد يحصى.
ولكن هذا الإمامي القدري لما أخذ يذكر تناقض أقوال أهل السنة مطلقا، بين له (6) أن القدرية كلهم يعجزون عن إقامة الحجة على (7) مقابليهم من المجبرة، كما تعجز الرافضة (8) عن إقامة الحجة على مقابليهم

‌‌_________
(1) فيه: زيادة في (ع) .
(2) أ: بحفظ، وهو تحريف.
(3) ب فقط: وإنبات.
(4) أ، ب: وجد.
(5) ب فقط: ولا سبب.
(6) أ، ب: تبين له.
(7) ع: عن.
(8) أ، ب: كما يعجز الرافضي
=============================
من الخوارج والنواصب، فضلا عن أن يقيموا الحجة على أهل الاستقامة والاعتدال المتبعين للكتاب والسنة] (1) .
ولهذا نبهنا على [بعض] (2) ما في أقوالهم من التناقض والفساد (3) الذي لا يكاد ينضبط (4) . والأشعري وغيره من متكلمة أهل (5) الإثبات انتدبوا لبيان تناقضهم في أصولهم (6) وأوعبوا (7) في بيان تناقض أقوالهم (8) .
وحكاية الأشعري مع الجبائي في الإخوة الثلاثة مشهورة، فإنهم يوجبون على الله أن يفعل بكل عبد ما هو الأصلح له (9) في دينه. وأما في الدنيا فالبغداديون من المعتزلة يوجبونه أيضا، والبصريون لا يوجبونه.
فقال له: إذا خلق الله ثلاثة إخوة، فمات أحدهم صغيرا، وبلغ الآخران: أحدهما آمن، والآخر كفر، فأدخل المؤمن الجنة ورفع درجته، وأدخل الصغير الجنة وجعل منزلته تحته. قال له الصغير: يا رب ارفعني إلى درجة أخي. قال: إنك لست مثله ; إنه آمن وعمل الصالحات (10) ،

‌‌_________
(1) والسنة، ساقطة من (ع) ، وهنا ينتهي السقط الطويل في نسخة (ن) .
(2) بعض: ساقطة من (ن) .
(3) أ، ب، ع: من الفساد.
(4) أ، ب: يضبط.
(5) أهل: زيادة في (ن) .
(6) أ، ب: أصلهم.
(7) أ: وأذعنوا، وهو تحريف، وفي لسان العرب: وعب الشيء وعبا وأوعبه واستوعبه، أخذه أجمع.
(8) أ، ب: الأقوال.
(9) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) أ، ب: وعمل صالحا
============================
وأنت صغير (1) لم تعمل عمله. قال: يا رب أنت (2) أمتني، فلو [كنت] أبقيتني كنت أعمل (3) مثل عمله (4) . فقال: عملت مصلحتك ; لأني علمت أنك لو بلغت لكفرت، فلهذا اخترمتك. فصاح الثالث من أطباق النار، وقال يا رب هلا اخترمتني (5) قبل البلوغ كما اخترمت أخي الصغير؟ فإن هذا كان مصلحة (6) في حقي أيضا.
فيقال (7) : إنه لما أورد عليه هذا انقطع (8) . وذلك أنهم يوجبون عليه العدل بين المتماثلين وأن يفعل بكل واحد منهما ما هو أصلح (9) ، وهنا (10) قد فعل [بأحدهما ما هو] (11) الأصلح عندهم دون الآخر. وليس هذا موضع بسط ذلك.
وإذا كان الأمر كذلك بطل تشبيههم لله بخلقه، وقال لهم هؤلاء:

‌‌_________
(1) عبارة " وأنت صغير " ساقطة من (ع) .
(2) ن: فأنت.
(3) ن: فلو أبقيتني لكنت أعمل.
(4) أ، ب: أعمل مثله.
(5) أ: لم لا اخترمتني ; ب: لم ما اخترمتني.
(6) ن: لمصلحة.
(7) أ: فقال ; ب: يقال.
(8) روى هذه المناظرة السبكي في ترجمة الأشعري في طبقات الشافعية 3 356 وقال في آخرها: قلت: هذه مناظرة شهيرة، وقد حكاها شيخنا الذهبي، وانظر كتاب الأشعري للدكتور حمودة غرابة رحمه الله، ص [0 - 9] 5 - 66 ط، مطبعة الرسالة، القاهرة، 1953.
(9) ع: بكل منهم الأصلح أ، ب: لكل منهما الأصلح.
(10) ع: وهذا.
(11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)
=====================================
نحن وأنتم قد اتفقنا على أن فعل الله لا يقاس (1) على فعل (2) خلقه، وإنا وإياكم نثبت فاعلا يفعل شيئا منفصلا عن نفسه، بدون شيء حادث في نفسه، وهذا غير معقول في الشاهد (3) ، (* ونثبت (4) فاعلا لم يزل غير فاعل حتى فعل من غير تجدد شيء، وهذا غير معقول في الشاهد *) (5) .
وأنتم تثبتون من الغرض ما ثبت فاعلا لم يزل غير فاعل حتى فعل من غير تجدد شيء، وهذا غير معقول في الشاهد. وأنتم تثبتون من الغرض ما لا يعقل في الشاهد، وتدعون بذلك أنكم (6) تنفون عنه (7) السفه وتجعلونه حكيما، والذي تذكرونه هو السفه (8) المعقول في الشاهد المخالف للحكمة.
وإذا كان كذلك فقولكم (9) : إن كل عاقل ينسب من يأمر بما لا يريده وينهى عما يريده - إلى السفه، تعالى الله عن ذلك.
فيقال لكم (10) : إن كان هذا الفاعل من المخلوقين، فلم قلتم: إن الخالق كذلك، مع ما اتفقنا عليه من الفرق بينهما؟ والمخلوق محتاج إلى

‌‌_________
(1) أ، ب: لا ينقاس.
(2) أ، ب، ن: بفعل.
(3) أ، ب: في المشاهدة.
(4) ع، ن: ويثبت وهو تحريف.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) ن: أنكم بذلك.
(7) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ساقط من (أ) ، (ب) .
(9) ب فقط: كذلك وقلتم.
(10) أ، ب: قيل لكم، ع: يقال لكم
=========================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.19%)]