عرض مشاركة واحدة
  #190  
قديم 28-08-2024, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,877
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (190)
صـ 145 إلى صـ 152






إنها من الله أنه أمر بها، والله لا يأمر بالفحشاء، ولا يحب الفساد (1) ، ولا يرضى لعباده الكفر.
وهذا مثل قول (2) ابن مسعود لما سئل عن المفوضة: أقول (3) فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه. وكذلك قال أبو بكر (4) في الكلالة، وقال عمر نحو ذلك. ومرادهم أن الصواب قد أمر الله به وشرعه وأحبه (5) ورضيه، والخطأ لم يأمر به ولم يحبه ولم يشرعه، بل هو مما زينه الشيطان لنفسي ففعلته بأمر الشيطان، فهو مني ومن الشيطان.
وحينئذ فالجواب من وجوه:
أحدها: أن يقال: الأعمال والأقوال والطاعات والمعاصي من العبد، بمعنى أنها قائمة به وحاصلة بمشيئته وقدرته، وهو المتصف بها المتحرك بها، الذي يعود حكمها عليه (6) ، فإنه قد يقال لما اتصف به المحل وخرج منه (7) : هذا منه وإن لم يكن له اختيار، كما يقال: هذه الريح (8) من هذا الموضع، وهذه الثمرة من هذه الشجرة، وهذا الزرع من

‌‌_________
(1) ن، م: ولا يحب الفحشاء.
(2) ع، م: وهذا كقول.
(3) ع: لما سئل أقول ; أ، ب: لما سئل عن الفريضة أقول، م: لما سئل عن المفوضة لما أقول.
(4) ع: أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
(5) أ، ب: وأوجبه.
(6) ع: الذي حكمها يعود عليه.
(7) منه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: هذا الريح، ن، م: هذه الروائح
================================
هذه الأرض، فلأن يقال ما صدر من الحي (1) باختياره: هذا منه بطريق الأولى، وهي من الله، بمعنى أنه خلقها قائمة بغيره وجعلها عملا له وكسبا وصفة (2) ، وهو خلقها بمشيئة نفسه وقدرة نفسه بواسطة خلقه لمشيئة العبد وقدرته (3) ، كما يخلق المسببات بأسبابها، فيخلق السحاب بالريح، [والمطر بالسحاب] (4) ، والنبات بالمطر.
والحوادث تضاف إلى خالقها باعتبار، وإلى أسبابها باعتبار، فهي من الله مخلوقة له في غيره، كما أن جميع حركات المخلوقات وصفاتها منه، وهي من العبد صفة قائمة به، كما أن الحركة من المتحرك المتصف بها وإن كان جمادا، فكيف إذا كان حيوانا (5) ؟
وحينئذ فلا شركة بين الرب وبين العبد (6) لاختلاف جهة الإضافة، كما [أنا] (7) إذا قلنا: هذا الولد من هذه (8) المرأة بمعنى أنها ولدته، ومن الله بمعنى أنه خلقه (9) لم يكن بينهما تناقض. وإذا قلنا هذه الثمرة من (10) الشجرة، وهذا الزرع من الأرض، بمعنى أنه حدث فيها، ومن الله بمعنى أنه خلقه منها (11) ، لم يكن بينهما تناقض.

‌‌_________
(1) أ: لما صدر منه من حي، ب: لما صدر من حي، ن، م: لما صدر من الحق.
(2) وصفة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: بمشيئة العبد وقدرته، م: لقدرة العبد ومشيئته.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ع: فكيف بالحيوان ; ن: فكيف إذا كان حيوانيا.
(6) أ، ب: فلا شركة بين العبد وبين الرب ; ن: فلا نشركه بين الرب وبين العبد.
(7) أنا: ساقطة من (ن) .
(8) هذه ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(9) ع، ن، م: بمعنى أن الله خلقه.
(10) هذه هذه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(11) منها ساقطة من (أ) ، (ب)
====================================
وقد قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [سورة الطور: 35] فالمشهور: أم خلقوا من غير رب؟ وقيل أم خلقوا من غير عنصر؟
وكذلك قال موسى (1) . لما قتل القبطي: {هذا من عمل الشيطان} [سورة القصص: 15] .
وقال تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [سورة النساء: 79] مع قوله فيما تقدم: {قل كل من عند الله} [سورة النساء: 78] . فالحسنات والسيئات المراد بها هنا (2) النعم والمصائب ; ولهذا قال: ما أصابك، ولم يقل: ما أصبت.
كما في قوله: {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} [سورة آل عمران: 120] ، وقوله: {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون} [سورة التوبة: 50] فبين أن النعم والمصائب من عند الله، فالنعمة من الله ابتداء والمصيبة بسبب من نفس الإنسان، وهي معاصيه (3) .
كما قال في الآية الأخرى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [سورة الشورى: 30] ، وقال في الآية] (4) الأخرى: (5)

‌‌_________
(1) ن، م: لما قال موسى
(2) ن، م، ع: والحسنات والسيئات هنا المراد بها.
(3) أ، ب: وهي معاقبة وهو تصحيف.
(4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
(5) الأخرى: ساقطة من (أ) ، (ب)
===================================
{أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [سورة آل عمران: 165] ، وهذا لأن الله محسن عدل، كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل، فهو محسن إلى العبد بلا سبب منه تفضلا وإحسانا، ولا يعاقبه إلا بذنبه، وإن كان قد خلق الأفعال كلها لحكمة له في ذلك، فإنه حكيم عادل يضع الأشياء مواضعها، ولا يظلم ربك أحدا.
وإذا كان غير الله يعاقب عبده (1) على ظلمه وإن كان (2) مقرا بأن الله خالق أفعال العباد، وليس ذلك ظلما منه، فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلما منه، وإذا كان الإنسان قد (3) يفعل مصلحة اقتضتها حكمته، لا تحصل إلا بتعذيب حيوان، ولا يكون ذلك ظلما منه (4) ، فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلما منه.

الوجه الثاني: أن يقال: هي من الله خلقا لها (5) في غيره وجعلا لها عملا لغيره، وهي من العبد فعلا [له] قائما به وكسبا يجر به منفعة إليه (6) أو يدفع به مضرة، وكون العبد هو الذي قام به الفعل، وإليه يعود حكمه الخاص انتفاعا به أو تضررا (7) ، جهة لا تصلح لله، فإن الله لا تقوم
‌‌_________
(1) ع، ن، م: العبد.
(2) ن، م: فإن كان.
(3) ن، م: وإن كان الإنسان قد، أ، ب: وإذا كان الإنسان، وسقطت قد.
(4) منه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(5) ن، م: خلقه لها.
(6) ع: وهي من العبد فعلا قام به وكسبا يجر إليه بعد منفعة، ن، م: وهي من العبد فعلا قام به وكسبا يجر به إليه منفعة.
(7) ن، م: من انتفاع به أو تضرر
================================
به أفعال العباد، ولا يتصف بها، ولا تعود إليه أحكامها، التي تعود إلى موصوفاتها. وكون الرب هو الذي خلقها وجعلها عملا لغيره بخلق قدرة العبد ومشيئته (1) وفعله جهة لا تصلح للعبد، ولا يقدر على ذلك إلا الله، ولهذا قال أكثر المثبتين للقدر: إن أفعال العباد مخلوقة لله، وهي فعل العبد وإذا قيل هي فعل (2) الله فالمراد أنها (3) مفعولة له، [لا أنها] (4) هي الفعل الذي هو مسمى المصدر.
وهؤلاء هم الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق، وهم أكثر الأئمة، وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى وقول أكثر أصحاب [الإمام] (5) أحمد (6) وهو قول [ابنيه يعني ابني القاضي أبي يعلى] (7) : القاضي أبي حازم (8) و [القاضي] أبي الحسين (9) وغيرهما.
الوجه الثالث: أن قول القائل: الله أعدل من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لم يفعل، [فنحن] (10) نقول بموجبه، فإن الله لم يظلم عبده ولم يؤاخذه

‌‌_________
(1) ن، م: يخلق مشيئة العبد وقدرته.
(2) ساقطة من (ع) .
(3) ع، أ: بها.
(4) لا أنها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) الإمام: زيادة في (ع) .
(6) علق مستجي زاده في هذا الموضع بقوله: قلت كأنه احترز بقوله " وهم أكثر الأئمة " الأشعري ومن تابعه، فإنهم قالوا: التكوين عين المكون والخلق عين المخلوق.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط، وفي (ن) ، (م) : وهو قول ابني القاضي أبي حازم. . . إلخ.
(8) في جميع النسخ: القاضي أبي حازم، والصواب ما أثبته.
(9) ن، م: وأبي الحسين.
(10) فنحن: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع)
==============================
إلا بما فعله العبد باختياره وقوته (1) لا بفعل غيره من المخلوقين. وأما كون الرب خالق كل شيء فذلك لا يمنع كون العبد هو الملوم على ذلك، كما أن غيره من المخلوقين يلومه على ظلمه وعدوانه، مع إقراره بأن الله خالق أفعال العباد.
وجماهير الأمم مقرة بالقدر، وأن الله خالق كل شيء، وهم مع هذا يذمون الظالمين (2) ويعاقبونهم لدفع ظلمهم وعدوانهم، كما أنهم (3) يعتقدون أن الله خالق (4) الحيوانات المضرة والنباتات المضرة (5) وهم مع هذا يسعون في دفع ضررها وشرها. وهم أيضا متفقون على أن الكاذب والظالم مذموم بكذبه وظلمه، وأن ذلك وصف سيئ (6) فيه، وأن نفسه (7) المتصفة بذلك خبيثة ظالمة لا تستحق الإكرام الذي يناسب أهل الصدق والعدل، وإن كانوا مقرين بأن كل ذلك مخلوق.
وليس في [فطر] (8) الناس أن يجعلوا مقابلة الظالم على ظلمه ظلما له، وإن كانوا مقرين بالقدر، فالله أولى أن لا ينسب إلى الظلم لذلك (9) ، وهذا على طريقة أهل الحكمة والتعليل [من أهل السنة] (10) . وأما على

‌‌_________
(1) ع: وقدرته.
(2) أ، ب: الظلمة ; ن: الظالم.
(3) أنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: خلق.
(5) ع: الحيوانات والنباتات المضرة.
(6) أ، ب: مسيء، ن، م: شيء، وهو تصحيف.
(7) ع: وأن وصفه نفسه.
(8) فطر: ساقطة من (ن) .
(9) ن: بذلك.
(10) من أهل السنة، ساقطة من (ن) ، (م)
===============================
طريقة أهل المشيئة والتفويض فالظلم ممتنع منه لذاته ; لأنه تصرف في ملك الغير، أو تعدى ما حد له، وكلاهما ممتنع في حق الله تعالى، وبكل حال (1) فالرب تعالى لا يمثل بالخلق (2) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل له المثل الأعلى فما ثبت لغيره من الكمال فهو أحق به، وما تنزه عنه من النقص فهو أحق بتنزيهه، وما كان سائغا للقادر الغني فهو أولى أن يكون سائغا له، وليس كل ما قبح ممن يتضرر منه يكون قبيحا منه (3) ، فإن العباد لن يبلغوا ضره فيضروه ولن يبلغوا نفعه فينفعوه.
الوجه الرابع: أن يقال: لا نزاع بين المسلمين أن الله عادل ليس ظالما (4) ، لكن ليس كل ما كان ظلما من العبد يكون ظلما من الرب، ولا ما كان قبيحا من العبد يكون قبيحا من الرب، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
تحقيق (5) ذلك أنه لو كان الأمر كذلك كما يقوله من يقوله من القدرية للزم أن يقبح منه أمور فعلها فإن الواحد من العباد إذا أمر غيره بأمر لا ينتفع به الآمر وتوعده عليه بالعقاب وهو يعلم أن المأمور لا يفعله (6) بل يعصيه فيستحق (7) العقاب، كان (8) ذلك منه عبثا وقبيحا لعدم الفائدة في ذلك للآمر والمأمور.

‌‌_________
(1) أ، ب: وهم ممتنعان في حق الله بكل حال.
(2) ع: بالمخلوق.
(3) ن: وليس كل ما قبح من من يتصور منه يكون قبيحا منه ; م: وليس كل ما قبح مما يتصور منه القبح يكون قبيحا منه.
(4) ن، م، ع: ليس بظالم.
(5) ن، م، ع: تحقق.
(6) ن، م: فإن الواحد من العباد إذا أمر غيره بأمره وتوعده عليه بالعقاب لا ينتفع به الآمر وهو يعلم أن المأمور لا يفعله.
(7) أ، ب: وأنه يستحق.
(8) ن، م: لكان
============================
وكذلك لو قال: مرادي (1) مصلحة المأمور، وهو يعلم أنه لا يترتب عليه مصلحة بل مفسدة، لكان ذلك قبيحا [منه] (2) . وكذلك إذا فعل فعلا لمراد وهو يعلم أن ذلك المراد لا يحصل، لكان (3) ذلك قبيحا منه.
والقدرية يقولون: إن [الله] خلق (4) الكفار لينفعهم ويكرمهم (5) وأراد ذلك بخلقهم، وأمرهم مع علمه بأنهم يتضررون لا ينتفعون، وكذلك الواحد من العباد لو رأى عبيده أو إماءه (6) يزنون ويظلمون، وهو قادر على منعهم، ولم يمنعهم، لكان مذموما مسيئا، والله منزه عن أن يكون مذموما مسيئا.
والقدري يقول: هو أراد بخلقه لهم أن يطيعوه ويثيبهم، فخلقهم للنفع، مع علمه أنهم (7) لا ينتفعون. ومعلوم أن مثل هذا قبيح من الخلق ولا يقبح من الخالق. ومن المعلوم أن المخلوق إذا كان قادرا على منع عبيده من القبائح، فمنعه لهم خير من أن يعرضهم للثواب مع علمه أنه لا يحصل لهم إلا العقاب، كالرجل الذي يعطي ولده أو غلامه مالا ليربح فيه (8) ، وهو يعلم أنه يشتري به سما يأكله (9) ، فمنعه له من المال خير من أن يعطيه إياه مع علمه أنه يتضرر به.

‌‌_________
(1) ن: من مرادي.
(2) منه: زيادة في (ع) .
(3) أ، ب: كان.
(4) ع، ن: إنه خلق.
(5) ن: ويلزمهم، وهو تصحيف.
(6) ع، ن، م: وإماء.
(7) ع، ن: بأنهم.
(8) ب فقط: مالا يربح فيه.
(9) أ، ب: يشتري شيئا يأكله
================================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.15%)]