عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28-08-2024, 07:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,635
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (182)
صـ 83 إلى صـ 90




فتبين أن آدم احتج على موسى بالقدر من جهة المصيبة التي لحقته ولحقت الذرية، والمصيبة تورث نوعا من الجزع يقتضي لوم من كان سببها، فتبين له أن هذه المصيبة وسببها كان مقدورا مكتوبا، والعبد مأمور أن يصبر على قدر الله ويسلم لأمر الله (1) فإن هذا من جملة ما أمره (2) الله به، كما قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [سورة التغابن: 11] قالت (3) طائفة من السلف كابن مسعود: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
[فهذا الكلام الذي قاله هذا المصنف وأمثال] هذا الكلام يقال لمن احتج بالقدر (4) على المعاصي، ثم يعلم أن هذه الحجة باطلة بصريح العقل عند كل أحد مع الإيمان بالقدر.
وبطلان هذه الحجة لا يقتضي التكذيب بالقدر، وذلك أن بني آدم مفطورون على احتياجهم إلى جلب (5) المنفعة ودفع المضرة، لا يعيشون ولا يصلح لهم دين ولا دنيا إلا بذلك، فلا بد أن يأتمروا (6) وإنما فيه تحصيل (7) منافعهم ودفع مضارهم، سواء بعث إليهم رسول أو لم يبعث، لكن علمهم بالمنافع والمضار بحسب عقولهم وقصودهم، والرسل (8) صلوات الله عليهم

‌‌_________
(1) ع، ن، م: لأمره.
(2) ع، م: ما أمر.
(3) ع، ن، م: قال.
(4) ن، م: ويسلم، وهذا الكلام يقال لمن يحتج بالقدر.
(5) ن، م: طلب.
(6) ب: يتآمروا، م: يأمروا.
(7) أ، ب: محصل.
(8) أ، ب: وقصورهم فالرسل. . . إلخ
==========================
بعثوا بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها فأتباع الرسل أكمل الناس في ذلك، والمكذبون للرسل انعكس الأمر في حقهم، فصاروا يتبعون المفاسد ويعطلون المصالح، فهم شر الناس، ولا بد لهم مع ذلك من أمور يجتلبونها، وأمور يجتنبونها، وأن يتدافعوا جميعا ما يضرهم (1) من الظلم والفواحش ونحو ذلك. فلو ظلم بعضهم بعضا في دمه وماله وعرضه وحرمته (2) فطلب المظلوم الاقتصاص والعقوبة، لم يقبل أحد من ذوي العقول احتجاجه بالقدر. ولو قال: اعذروني فإن هذا كان مقدرا علي. لقالوا له (3) : وأنت لو فعل بك هذا (4) فاحتج عليك ظالمك بالقدر لم تقبل منه.
وقبول هذه الحجة يوجب الفساد الذي لا صلاح معه، وإذا كان الاحتجاج بالقدر مردودا في فطر جميع الناس وعقولهم، مع أن جماهير الناس مقرون بالقدر، علم أن الإقرار بالقدر لا ينافي دفع الاحتجاج به، بل لا بد من الإيمان به، ولا بد من رد الاحتجاج به.
ولما كان الجدل (5) ينقسم إلى حق وباطل، والكلام ينقسم إلى حق وباطل (6) ، وكان من لغة العرب أن الجنس إذا انقسم إلى نوعين أحدهما أشرف من الآخر، خصوا الأشرف باسمه الخاص (7) وعبروا عن الآخر

‌‌_________
(1) ع: وإن تدافعوا جميعا ما يضرهم ; م، ن: وأن يتدافعوا ما يضرهم جميعا.
(2) ب: في دمه أو ماله أو حرمه ; أ: في دمه وماله وحرمته ; م: في ذمته وماله وعرضه وحرمته.
(3) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: ذلك.
(5) ن، م: الجدال.
(6) ساقط من (ع) .
(7) أ، ب: بالاسم الخاص
============================
بالاسم العام (1) ، كما في لفظ الجائز العام والخاص (2) ، والمباح العام والخاص، وذوي الأرحام العام والخاص ولفظ الحيوان (3) العام والخاص، فيطلقون (4) لفظ الحيوان على (5) غير الناطق لاختصاص الناطق باسم الإنسان.
وعملوا في لفظ الكلام والجدل كذلك، فيقولون (6) : فلان صاحب كلام ومتكلم (7) إذا كان قد يتكلم (8) بلا علم، ولهذا ذم السلف أهل الكلام. وكذلك الجدل إذا لم يكن (9) الكلام بحجة صحيحة لم يك إلا جدلا محضا.
والاحتجاج بالقدر من هذا الباب، كما في الصحيح عن علي رضي الله عنه، قال: " «طرقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة فقال: " ألا تقومان تصليان؟ " (10) فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء يبعثنا بعثنا. قال فولى وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} » (11) [سورة الكهف: 54] فإنه لما أمرهم بقيام الليل فاعتل علي

‌‌_________
(1) م فقط: باسمه العام.
(2) م فقط: كما في اسم الجائز الخاص والعام.
(3) أ، ب: ولفظ الجواز.
(4) أ، ب: ويطلقون.
(5) ن، م: عن.
(6) ب: غلبوا في لفظ الكلام والجدل فلذلك يقولون ; أ: علوا في لفظ الكلام والجدل فكذلك يقولون ; م، ن: وكذلك فعلوا في لفظ الكلام والجدل فيقولون.
(7) ع: ويتكلم.
(8) م (فقط) : قد تكلم.
(9) ب: أهل الكلام والجدل فإذا لم يكن. . . ; م: أهل الكلام وكذلك أهل الجدل إذا لم يكن. . .
(10) ن: فتصليان.
(11) الحديث عن علي رضي الله عنه في: البخاري 6/88 (كتاب التفسير، سورة الكهف، 2/50 (كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل. . .) ، المسند (ط المعارف) 2/89، 172
===================================
[رضي الله عنه] (1) بالقدر، وأنه لو شاء الله لأيقظنا (2) . (3) ، فقال وكان الإنسان أكثر شيء جدلا.
‌‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته]

(فصل) قال [الرافضي] (4) : " ومنها تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته (5) ، ويثيب إبليس على معصيته، لأنه يفعل لا لغرض، فيكون فاعل الطاعة سفيها لأنه يتعجل بالتعب في الاجتهاد في العبادة، وإخراج ماله في عمارة المساجد والربط والصدقات، من غير نفع يحصل له، لأنه قد يعاقبه على ذلك، ولو فعل عوض ذلك ما يلتذ به ويشتهيه من أنواع المعاصي قد يثيبه، فاختيار الأول يكون (6) سفها عند كل عاقل. والمصير إلى المذهب يؤدي إلى خراب العالم واضطراب أمور الشريعة (7) المحمدية وغيرها " (8) .
والجواب (9) من (10) وجوه: أحدها (11) : أن هذا الذي قاله باطل باتفاق

‌‌_________
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: وأن الله لو شاء لأيقظنا
(3) علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا ليس فيه إلا مجرد الجدل الذي ليس بحق
(4) الرافضي: في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 1/86 (م) .
(5) في (ك) : ومنها تجويز أن يعذب الله تعالى الأنبياء عليهم السلام ويعاقب على طاعتهم ويعاقب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وآله على طاعته.
(6) م: فاختيار الأول قد يكون ; ن: واختيار الأول يكون.
(7) أ، ب: الأمور الشرعية.
(8) وغيرها: ليست في (ك) ، وفي (م) : وغيره.
(9) م: فيقال الجواب ; ن: فيقال والجواب.
(10) ساقط من (أ) ، (ب) .
(11) ساقط من (أ) ، (ب)
=====================================
المسلمين، فلم يقل أحد منهم أن الله قد يعذب أنبياءه (1) ولا أنه قد يقع منه عذاب أنبيائه، بل هم متفقون على أنه يثيبهم لا محالة (2) [لا يقع منه غير ذلك] (3) ، لأنه وعد بذلك وأخبر به، وهو صادق الميعاد، وعلم ذلك بالضرورة.
ثم من (4) متكلمة أهل السنة المثبتين للقدر من يقول: إنما علم ذلك بمجرد خبره الصادق (5) ، وهي الدلالة السمعية المجردة.
ومنهم من يقول: بل قد يعلم ذلك بغير الخبر ويعلم بأدلة عقلية. وإن كان الشارع قد نبه عليها وأرشد إليها، كما إذا علمت حكمته ورحمته وعدله علم أن ذلك يستلزم إكرام من هو متصف بالصفات المناسبة لذلك، [كما] قالت: خديجة [رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم] قبل (6) أن تعلم أنه نبي: والله لا يخزيك الله أبدا (7) ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق (8) .

‌‌_________
(1) أ، ب: فلم يقل أحد منهم: الله يعذب نبيا.
(2) أ، ب: على أن الله يثيبهم لا محالة ; ن: على أنه لا بد أن يثيبهم لا محالة، م: على أنه لا بد أن يثيبهم على محاله.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب: بالضرورة إذ من. . . . إلخ، أ: بالضرورة من. . إلخ.
(5) ن، م: خبر الصادق.
(6) أ، ب: كما قالت خديجة رضي الله عنها قبل. . . . . . ; ن: قالت خديجة قبل أن تعلم ; م: قالت خديجة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل. . . . ; ع: كما قالت خديجة قبل. . . . .، ولعل الصواب ما أثبته.
(7) أبدا: في (ن) ، (م) فقط.
(8) هذا جزء من حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها، وأوله وهذا لفظ البخاري: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي. . . . .، الحديث. والحديث في: البخاري 1/3 - 4 (كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي) ، وتكرر الحديث في البخاري في مواضع كثيرة، انظر فتح الباري ط السلفية: الأرقام: 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982، والحديث عن عائشة رضي الله عنها في مسلم 1/139 - 142 (كتاب الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، المسند ط الحلبي 6/223، 233
================================
وقد قال الله تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [سورة الجاثية: 21] وهذا استفهام إنكار (1) يقتضي الإنكار على من يحسب (2) ذلك ويظنه، وإنما ينكر على من ظن أو حسب (3) ما هو خطأ باطل يعلم بطلانه، لا من ظن ظنا ما (4) ليس بخطأ ولا باطل.
فعلم أن التسوية بين أهل الطاعة [وبين] أهل (5) المعصية مما يعلم بطلانه، وأن ذلك من الحكم السيئ (6) الذي ينزه الله عنه.
ومثله قوله تعالى (7) : {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} [سورة ص: 28] ، وقوله تعالى (8) : {أفنجعل المسلمين كالمجرمين - ما لكم كيف تحكمون} [سورة القلم: 35، 36] ، وفي الجملة التسوية (9) بين الأبرار

‌‌_________
(1) أ، ب: إنكاري.
(2) ن، م: على من يقول يحسب.
(3) أو حسب: في (ع) ، وفي سائر النسخ: وحسب.
(4) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ع، ن، م: وأهل.
(6) أ، ب: من أظلم الشيء، وهو تحريف.
(7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: وبالجملة فالتسوية
================================
والفجار، والمحسنين والظالمين وأهل الطاعة، وأهل المعصية حكم باطل يجب تنزيه الله عنه، فإنه ينافي عدله وحكمته (1) وهو سبحانه كما ينكر التسوية بين المختلفات (2) فهو يسوي بين المتماثلات، كقوله سبحانه وتعالى: {أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر} [سورة القمر: 43] ، وقوله: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم} الآية [سورة آل عمران: 11] ، وقوله: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} [سورة يوسف: 111] ، وقوله: {فاعتبروا ياأولي الأبصار} [سورة الحشر: 2] ، وقوله: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم} [سورة النور: 43] ، وقوله: {وتلك الأمثال نضربها للناس} [سورة العنكبوت: 43] .
الوجه الثاني: أن قوله (3) : " ومنها تجويز تعذيب الأنبياء وإثابة الشياطين "، إن أراد به أنهم يقولون إن الله قادر على ذلك فهو لا ينازع في القدرة. وإن أراد أنا هل (4) نشك: هل يفعله (5) أو لا يفعله؟ فمعلوم أنا لا نشك في ذلك، بل نعلم انتفاءه، وعلمنا بانتفائه (6) مستلزم لانتفائه (7) .

‌‌_________
(1) ع: وحكمه.
(2) أ، ب: المخلوقات.
(3) أن قوله: ساقطة من (ع) .
(4) هل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: فعله.
(6) أ، ب: انتفاءه، م: لانتفائه.
(7) في (أ) ، (ب) : بعد كلمة " لانتفائه "، توجد عبارة: " وأنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما ". ومكان هذه الجلمة بعد سطر آخر، والظاهر أن الناسخ كتبها في هذا الموضع سهوا
================================
وإن أراد أن من قال إنه يفعل لا لحكمة يلزمه تجويز وقوع ذلك [منه] (1) وإمكان وقوعه منه (2) وإنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما، فلا ريب أن هذا قول هؤلاء. وهم يصرحون بذلك (3) ، لكن أكثر أهل السنة لا يقولون بذلك، بل عندهم أن الله منزه عن ذلك ومقدس عنه، ولكن على هذا لا يلزم (4) أن تكون الطاعة سفها، فإنها إنما تكون سفها إذا كان وجودها كعدمها، والمسلمون متفقون على أن وجودها نافع وعدمها مضر، وإن كانوا متنازعين: هل يجوز أن يفعل (5) الرب خلاف ذلك، فإن نزاعهم في الجواز لا في الوقوع.
الوجه الثالث: أن يقال: لو قدر أن ذلك جائز الوقوع لم تكن الطاعة سفها، فإن هؤلاء الإمامية مع أهل السنة والجماعة (6) يجوزون الغفران لأهل الكبائر، والمعتزلة مع أهل السنة يجوزون تكفير الصغائر باجتناب الكبائر، ومع هذا فلم يكن اجتناب الكبائر والصغائر سفها، بل هذا الاجتناب واجب بالاتفاق.
الوجه الرابع: أن يقال: فعل النوافل ليس سفها بالاتفاق، وإن جاز أن يثيب الله (7) العبد بدون ذلك لأسباب (8) أخر فالشيء الذي علم نفعه

‌‌_________
(1) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) عبارة وإمكان وقوعه منه، ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: وهم لا يصرحون بذلك ; ن: وهم يصرحون به ; م: وهم مصرحون به.
(4) أ، ب: لم يلزم.
(5) ن: يجعل.
(6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م، ع: أن الله يثيب.
(8) ن: تلك لأسباب ; م: تلك الأسباب
==============================

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.10%)]