عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-08-2024, 08:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء التاسع

سُورَةُ عَبَسَ
الحلقة (534)
صــ 25 إلى صــ 39






والمعنى: إلا عشية، أو ضحى العشية . قال الفراء:

فإن قيل: للعشية ضحى، إنما الضحى لصدر النهار؟

فالجواب: أن هذا ظاهر في كلام العرب أن يقولوا: آتيك العشية، أو غداتها، أو آتيك الغداة، أو عشيتها، فتكون العشية في معنى " آخر " ، والغداة في معنى " أول " . أنشدني بعض بني عقيل:


نحن صبحنا عامرا في دارها عشية الهلال أو سرارها


أراد: عشية الهلال، أو عشية سرار العشية، فهذا أشد من قولهم: آتيك الغداة أو عشيتها .

سُورَةُ عَبَسَ

مكية كلها بإجماعهم

بسم الله الرحمن الرحيم

عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة .

قوله تعالى: عبس وتولى قال المفسرون: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام، وأمية وأبيا ابني خلف، ويدعوهم إلى الله تعالى، ويرجو إسلامهم، فجاء ابن أم مكتوم الأعمى، فقال: علمني يا رسول الله مما علمك الله، وجعل يناديه، ويكرر النداء، ولا يدري أنه مشتغل بكلام غيره، حتى ظهرت الكراهية في وجهه صلى الله عليه وسلم لقطعه كلامه، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل على القوم يكلمهم، فنزلت هذه الآيات، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمه بعد ذلك، ويقول: مرحبا بمن عاتبني فيه [ ص: 27 ] ربي . وذهب قوم، منهم مقاتل، إلى أنه إنما جاء ليؤمن، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم اشتغالا بالرؤساء، فنزلت فيه هذه الآيات .

ومعنى عبس قطب وكلح وتولى أعرض بوجهه أن جاءه أي: لأن جاءه . وقرأ أبي بن كعب، والحسن، وأبو المتوكل، وأبو عمران: " أن جاءه " بهمزة واحدة مفتوحة ممدودة . وقرأ ابن مسعود، وابن السميفع " أأن " بهمزتين مقصورتين مفتوحتين . و الأعمى هو ابن أم مكتوم، واسمه عمرو بن قيس . وقيل: اسمه عبد الله بن عمرو وما يدريك لعله يزكى أي: يتطهر من الذنوب بالعمل الصالح، وما يتعلمه منك . وقال مقاتل: لعله يؤمن أو يذكر أي: يتعظ بما يتعلمه من مواعظ القرآن فتنفعه الذكرى قرأ حفص عن عاصم " فتنفعه " بفتح العين، والباقون برفعها . قال الزجاج: من نصب، فعلى جواب " لعل " ، ومن رفع، فعلى العطف على " يزكى " .

قوله تعالى: أما من استغنى قال ابن عباس: استغنى عن الله وعن الإيمان بماله . قال مجاهد: " أما من استغنى " عتبة، وشيبة، فأنت له تصدى . قرأ ابن كثير، ونافع: " تصدى " بتشديد الصاد . وقرأ عاصم، وأبو عمرو ، [ ص: 28 ] وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " تصدى " بفتح التاء، والصاد وتخفيفها، وقرأ أبي بن كعب، وأبو الجوزاء، وعمرو بن دينار: " تتصدى " بتاءين مع تخفيف الصاد . قال الزجاج: الأصل: تتصدى، ولكن حذفت التاء الثانية لاجتماع تاءين . ومن قرأ: " تصدى " بإدغام التاء، فالمعنى أيضا: تتصدى، إلا أن التاء أدغمت في الصاد لقرب مخرج التاء من الصاد . قال ابن عباس: " تصدى " تقبل عليه بوجهك . وقال ابن قتيبة: تتعرض . وقرأ ابن مسعود، وابن السميفع، والجحدري: " تصدى " بتاء واحدة مضمومة، وتخفيف الصاد .

قوله تعالى: وما عليك أي: أي شيء عليك في أن لا يسلم من تدعوه إلى الإسلام؟ يعني: أنه ليس عليه إلا البلاغ .

وأما من جاءك يسعى فيه قولان .

أحدهما: يمشي .

والثاني: يعمل في الخير، وهو ابن أم مكتوم وهو يخشى الله فأنت عنه تلهى وقرأ ابن مسعود، وطلحة بن مصرف، وأبو الجوزاء " تتلهى " بتاءين .

وقرأ أبي بن كعب، وابن السميفع، والجحدري " تلهى " بتاء واحدة خفيفة مرفوعة . قال الزجاج: أي: تتشاغل عنه . يقال: لهيت عن الشيء ألهى عنه: إذا تشاغلت عنه .

قوله تعالى: كلا أي: لا تفعل ذلك . إنها في المكني عنها قولان .

أحدهما: آيات القرآن، قاله مقاتل .

والثاني: هذه السورة، قاله الفراء " والتذكرة " بمعنى التذكير فمن شاء ذكره مفسر في آخر [المدثر: 55] . ثم أخبر بجلالة القرآن عنده، فقال تعالى: [ ص: 29 ] في صحف مكرمة أي: هو في صحف، أي: في كتب مكرمة، وفيها قولان .

أحدهما: أنها اللوح المحفوظ، قاله مقاتل .

والثاني: كتب الأنبياء، ذكره الثعلبي . فعلى هذا يكون معنى " مرفوعة " عالية القدر . وعلى الأول يكون رفعها كونها في السماء .

وفي معنى " المطهرة " أربعة أقوال .

أحدها: مطهرة من أن تنزل على المشركين، قاله الحسن . والثاني: مطهرة من الشرك والكفر، قاله مقاتل . والثالث: لأنه لا يمسها إلا المطهرون، قاله الفراء . والرابع: مطهرة من الدنس، قاله يحيى بن سلام .

قوله تعالى: بأيدي سفرة فيهم قولان .

أحدهما: أنهم الملائكة، قاله الجمهور .

والثاني: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قاله وهب بن منبه .

وفي معنى " سفرة " ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم الكتبة، قاله ابن عباس، ومجاهد، وأبو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاج . قال الزجاج: واحدهم: سافر، وسفرة، مثل كاتب، وكتبة، وكافر، وكفرة . وإنما قيل للكتاب: سفر، وللكاتب: سافر، لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه . يقال: أسفر الصبح: إذا أضاء . وسفرت المرأة: إذا كشفت النقاب عن وجهها . ومنه: سفرت بين القوم، أي: كشفت ما في قلب هذا، وقلب هذا، لأصلح بينهم .

والثاني: أنهم القراء، قاله قتادة .

[ ص: 30 ] والثالث: أنهم السفراء، وهم المصلحون . قال الفراء: تقول العرب: سفرت بين القوم، أي: أصلحت بينهم، فجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله، كالسفير الذي يصلح بين القوم . قال الشاعر:


وما أدع السفارة بين قومي وما أمشي بغش إن مشيت


قوله تعالى: كرام أي: على ربهم بررة أي: مطيعين . قال الفراء: واحد " البررة " في قياس العربية: بار، لأن العرب لا تقول: فعلة ينوون به الجمع إلا والواحد منه فاعل، مثل كافر، وكفرة، وفاجر، وفجرة .

قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره كلا لما يقض ما أمره فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم .

قوله تعالى: قتل الإنسان أي: لعن . والمراد بالإنسان هاهنا: الكافر . وفيمن عنى بهذا القول ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه أشار إلى كل كافر، قاله مجاهد . والثاني: أنه أمية بن خلف، قاله الضحاك . والثالث: عتبة بن أبي لهب، قاله مقاتل .

وفي قوله تعالى: ما أكفره ثلاثة أقوال .

أحدها: ما أشد كفره، قاله ابن جريج .

[ ص: 31 ] والثاني: أي شيء أكفره؟ قاله السدي . فعلى هذا يكون استفهام توبيخ .

الثالث: أنه على وجه التعجب، وهذا التعجب يؤمر به الآدميون، والمعنى: اعجبوا أنتم من كفره، قاله الزجاج .

قوله تعالى: من أي شيء خلقه ثم فسره فقال تعالى: من نطفة خلقه . وفي معنى: " فقدره " ثلاثة أقوال .

أحدها: قدر أعضاءه: رأسه، وعينيه، ويديه، ورجليه، قاله ابن السائب .

والثاني: قدره أطوارا: نطفة، ثم علقة، إلى آخر خلقه، قاله مقاتل .

والثالث: فقدره على الاستواء، قاله الزجاج .

ثم السبيل يسره فيه قولان .

أحدهما: سهل له العلم بطريق الحق والباطل، قاله الحسن، ومجاهد . قال الفراء: والمعنى: ثم يسره للسبيل .

والثاني: يسر له السبيل في خروجه من بطن أمه، قاله السدي، ومقاتل .

قوله تعالى: فأقبره قال الفراء: أي: جعله مقبورا، ولم يجعله ممن يلقى للسباع والطير، فكأن القبر مما أكرم به المسلم . ولم يقل: قبره، لأن القابر هو الدافن بيده .

والمقبر الله، لأنه صيره مقبورا، فليس فعله كفعل الآدمي . والعرب تقول: بترت ذنب البعير، والله أبتره، وعضبت قرن الثور، والله أعضبه . وطردت فلانا عني، والله أطرده، أي: صيره طريدا . وقال أبو عبيدة: أقبره: أي: أمر أن يقبر، وجعل له قبرا . قالت بنو تميم لعمر بن هبيرة لما قتل [ ص: 32 ] صالح بن عبد الرحمن: أقبرنا صالحا، فقال: دونكموه . والذي يدفن بيده هو القابر . قال الأعشى:


لو أسندت ميتا إلى نحرها عاش ولم يسلم إلى قابر


قوله تعالى: ثم إذا شاء أنشره أي: بعثه . يقال: أنشر الله الموتى، فنشروا، ونشر الميت: حيي [هو] بنفسه، وواحدهم ناشر . قال الأعشى:


حتى يقول الناس مما رأوا يا عجبا للميت الناشر


قوله تعالى: كلا قال الحسن: حقا لما يقض ما أمره به ربه، ولم يؤد ما فرض عليه . وهل هذا عام، أم خاص؟ فيه قولان .

أحدهما: أنه عام . قال مجاهد: لا يقضي أحد أبدا كل ما افترض الله عليه .

[ ص: 33 ] والثاني: أنه خاص للكافر لم يقض ما أمر به من الإيمان والطاعة، قاله يحيى بن سلام . ولما ذكر خلق ابن آدم، ذكر رزقه ليعتبر وليستدل بالنبات على البعث، فقال تعالى: فلينظر الإنسان إلى طعامه قال مقاتل: يعني به عتبة بن أبي لهب . ومعنى الكلام: فلينظر الإنسان كيف خلق الله طعامه الذي جعله سببا لحياته؟ ثم بين فقال تعالى: أنا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو ، وابن عامر " إنا " بالكسر . وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: أنا صببنا بفتح الهمزة في الوصل وفي الابتداء، ووافقهم رويس على فتحها في الوصل، فإذا ابتدأ كسر . قال الزجاج: من كسر " إنا " فعلى الابتداء والاستئناف، ومن فتح، فعلى البدل من الطعام، المعنى: فلينظر الإنسان أنا صببنا . قال المفسرون: أراد بصب الماء: المطر ثم شققنا الأرض بالنبات شقا فأنبتنا فيها حبا يعني به جميع الحبوب التي يتغذى بها وعنبا وقضبا قال الفراء: هو الرطبة . وأهل مكة يسمون القت: القضب . قال ابن قتيبة: ويقال: إنه سمي بذلك، لأنه يقضب مرة بعد مرة، أي: يقطع، وكذلك القصيل، لأنه يقصل، أي: يقطع .

قوله تعالى: وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا قال الفراء: كل بستان كان عليه حائط، فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يقل: حديقة . والغلب: ما غلظ من النخل . قال أبو عبيدة: يقال: شجرة غلباء: إذا كانت غليظة . وقال ابن قتيبة: الغلب: الغلاظ الأعناق . وقال الزجاج: هي المتكاثفة، العظام .

[ ص: 34 ] قوله تعالى: وفاكهة يعني: ألوان الفاكهة وأبا فيه قولان .

أحدهما: أنه ما ترعاه البهائم، قاله ابن عباس، وعكرمة، واللغويون . وقال الزجاج: هو جميع الكلإ التي تعتلفه الماشية .

والثاني: أنه الثمار الرطبة، رواه الوالبي عن ابن عباس .

متاعا لكم ولأنعامكم قد بيناه في السورة التي قبلها [النازعات: 33] .

فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة .

قوله تعالى: فإذا جاءت الصاخة وهي الصيحة الثانية . قال ابن قتيبة: الصاخة تصخ صخا، أي: تصم . يقال: رجل أصخ، وأصلخ: إذا كان [ ص: 35 ] لا يسمع . والداهية صاخة أيضا . وقال الزجاج: هي الصيحة التي تكون عليها القيامة، تصخ الأسماع، أي: تصمها، فلا تسمع إلا ما تدعى به لإحيائها . ثم فسر في أي وقت تجيء، فقال تعالى: يوم يفر المرء من أخيه قال المفسرون: المعنى: لا يلتفت الإنسان إلى أحد من أقاربه، لعظم ما هو فيه . قال الحسن: أول من يفر من أخيه هابيل، ومن أمه وأبيه إبراهيم، ومن صاحبته نوح ولوط، ومن ابنه نوح . وقال قتادة: يفر هابيل من قابيل، والنبي صلى الله عليه وسلم من أمه، وإبراهيم من أبيه، ولوط من صاحبته، ونوح من ابنه .

قوله تعالى: لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه قال الفراء: أي: يشغله عن قرابته . وقال ابن قتيبة: أي: يصرفه ويصده عن قرابته، يقال: اغن عني وجهك، أي: اصرفه، واغن عني السفيه . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والزهري، وأبو العالية، وابن السميفع، وابن محيصن، وابن أبي عبلة " يعنيه " بفتح الياء والعين غير معجمة . قال الزجاج: معنى الآية: له شأن لا يقدر مع الاهتمام به على الاهتمام بغيره . وكذلك قراءة من قرأ: " يغنيه " بالغين، معناه: له شأن لا يهمه معه غيره .

[ ص: 36 ] وقد روى أنس بن مالك قال: قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: أنحشر عراة؟ قال: نعم . قالت: واسوءتاه، فأنزل الله تعالى: لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه .

قوله تعالى: وجوه يومئذ مسفرة أي: مضيئة قد علمت ما لها من الخير ضاحكة لسرورها مستبشرة أي: فرحة بما نالها من كرامة الله عز وجل ووجوه يومئذ عليها غبرة أي: غبار . وقال مقاتل: أي: سواد وكآبة ترهقها أي: تغشاها قترة أي: ظلمة . وقال الزجاج: يعلوها سواد كالدخان . ثم بين من أهل هذه الحال؟ ، فقال تعالى: أولئك هم الكفرة الفجرة وهو جمع كافر وفاجر .

سُورَةُ التَّكْوِيرِ

وهي مكية كلها بإجماعهم

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت وإذا العشار عطلت وإذا الوحوش حشرت وإذا البحار سجرت وإذا النفوس زوجت وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت وإذا الصحف نشرت وإذا السماء كشطت وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة أزلفت علمت نفس ما أحضرت .

روى أبو عبد الله الحاكم في " صحيحه " من حديث عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ قوله تعالى: إذا الشمس كورت .

وفي قوله تعالى: كورت أربعة أقوال .

[ ص: 38 ] أحدها: أظلمت، رواه الوالبي عن ابن عباس، وكذلك قال الفراء: ذهب ضوؤها، وهذا قول قتادة، ومقاتل .

والثاني: ذهبت، رواه عطية عن ابن عباس، وكذلك قال مجاهد: اضمحلت .

والثالث: غورت، روي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وابن الأنباري، وهذا من قول الناس بالفارسية: كوربكرد . وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: هو بالفارسية كوربور .

والرابع: أنها تكور مثل تكوير العمامة، فتلف وتمحى، قاله أبو عبيدة .

قال الزجاج: ومعنى: " كورت " جمع ضوؤها، ولفت كما تلف العمامة . ويقال: كورت العمامة على رأسي أكورها: إذا لففتها . قال المفسرون: تجمع الشمس بعضها إلى بعض، ثم تلف ويرمى بها في البحر . وقيل: في النار . وقيل: تعاد إلى ما خلقت منه .

قوله تعالى: وإذا النجوم انكدرت أي: تناثرت، وتهافتت . يقال: انكدر الطائر في الهواء: إذا انقض وإذا الجبال سيرت عن وجه الأرض، فاستوت مع الأرض وإذا العشار عطلت قال المفسرون وأهل اللغة: العشار: النوق الحوامل، وهي التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر فقيل لها: العشار لذلك، وذلك الوقت أحسن زمان حملها، وهي تضع إذاوضعت لتمام في سنة، فهي أنفس ما للعرب عندهم، فلا يعطلونها إلا لإتيان ما يشغلهم عنها، وإنما [ ص: 39 ] خوطبت العرب بأمر العشار، لأن أكثر عيشهم ومالهم من الإبل . ومعنى " عطلت " سيبت وأهملت، لاشتغالهم عنها بأهوال القيامة .

قوله تعالى: وإذا الوحوش يعني: دواب البحر حشرت وفيه قولان .

أحدهما: ماتت، قاله ابن عباس .

والثاني: جمعت إلى القيامة، قاله السدي . وقد زدنا هذا شرحا في [الأنعام: 111] .

قوله تعالى: وإذا البحار سجرت قرأ ابن كثير، وأبو عمرو ، " سجرت " بتخفيف الجيم، وقرأ الباقون بتشديدها .

وفي المعنى ثلاثة أقوال .

أحدها: أوقدت فاشتعلت نارا، قاله علي وابن عباس .

والثاني: يبست، قاله الحسن .

والثالث: ملئت بأن صارت بحرا واحدا، وكثر ماؤها، قاله ابن السائب، والفراء، وابن قتيبة .

قوله تعالى: وإذا النفوس زوجت فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: قرنت بأشكالها، قاله عمر رضي الله عنه . الصالح مع الصالح في الجنة، والفاجر مع الفاجر في النار، وهذا قول الحسن، وقتادة .

والثاني: ردت الأرواح إلى الأجساد، فزوجت بها، قاله الشعبي . وعن عكرمة كالقولين .

والثالث: زوجت أنفس المؤمنين بالحور العين، وأنفس الكافرين بالشياطين، قاله عطاء، ومقاتل .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 51.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]