عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-08-2024, 05:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ المائدة
المجلد السابع
الحلقة( 284)

من صــ 461 الى صـ 475





ونقلوا عنهم: أن الحياة والعلم ليسا بوصفين زائدين على الذات موجودين، بل هما صفتان نفسيتان للجوهر، قالوا: ولو مثل مذهبهم بمثال لقيل: إن الأقانيم عندهم تنزل منزلة الأحوال والصفات النفسية عند مثبتيها من المسلمين، فإن سوادية اللون ولونيته صفتان نفسيتان للعرض، قال: وربما يعبرون عن الأقانيم بالأب وروح القدس، فيعنون بالأب الوجود، وبالابن المسيح والكلمة، وربما سموا العلم
كلمة، والكلمة علما، ويعبرون عن الحياة بالروح، قال: ولا يريدون بالكلمة الكلام، فإن الكلام عندهم من صفات الفعل، ولا يسمون العلم قبل تدرعه بالمسيح واتحاده به ابنا، بل المسيح عندهم مع ما تدرع به ابن، قالوا: ومن مذهبهم أن الكلمة اتحدت بالمسيح وتدرعت بالناسوت، ثم اختلفوا في معنى الاتحاد فمنهم من فسره بالاختلاط والامتزاج، وهذا مذهب طوائف من اليعقوبية والنسطورية والملكانية، قالوا: إن الكلمة خالطت جسد المسيح ومازجته كما مازج الخمر الماء أو اللبن، قالوا: وهذا مذهب الروم ومعظمهم الملكانية، قالوا: فمازجت الكلمة جسد المسيح فصارت شيئا واحدا وصارت الكثرة قلة.

وذهبت طائفة من اليعاقبة إلى أن الكلمة انقلبت لحما ودما، وقالوا: وصارت شرذمة من كل صنف إلى أن المراد بالاتحاد ظهور اللاهوت على الناسوت كظهور الصورة في المرآة، والنقش في الخاتم.
ومنهم من قال: ظهور اللاهوت على الناسوت كاستواء الإله على العرش عند المسلمين، وذهب كثير من هذه الطوائف إلى أن المراد بالاتحاد الحلول. قالوا: وقد اختلفوا أيضا في الجوهر والأقانيم
فذهبت اليعقوبية والنسطورية إلى أن الجوهر ليس بغير الأقانيم.
ولا يقال: إنه هي، وصرحت الملكانية بأنه غير الأقانيم، وآخرون قالوا: هو الأقانيم.
قالوا: وافترقت النصارى من وجه آخر، فذهبت الروم إلى التصريح بإثبات ثلاثة آلهة، وامتنعت اليعقوبية والنسطورية من ذلك في وجه والتزموه من وجه، وذلك أنهم قالوا: الكلمة إله والروح إله والأب إله، والثلاثة الأقانيم التي كل أقنوم إله، إله واحد.
قالوا: وذهبت شرذمة من النصارى إلى أن عيسى كان ابنا لله على جهة الكرامة، فكما اتخذ الله إبراهيم خليلا، كذلك اتخذ عيسى ابنا.
قالوا: وهؤلاء يقال لهم: الأريوسية. فهذا نقل طائفة من نظار المسلمين، وهذا قول لمن قاله من النصارى، وفيه ما هو مخالف لصريح أمانتهم وما عليه جمهورهم، مثل قوله: إنهم لا يسمون العلم قبل تدرعه بالمسيح ابنا، بل المسيح مع ما تدرع به ابن، فإن هذا خلاف ما عليه فرق النصارى من الملكانية واليعقوبية والنسطورية، وخلاف ما تضمنته أمانتهم، إذ صرحوا فيها بأن الكلمة ابن قديم أزلي مولود قبل الدهور، وهذا صفة اللاهوت عندهم، وفيها أشياء يقولها بعض النصارى لا كلهم، وكذلك نقلهم عنهم أنهم لا يريدون بالكلمة الكلام، فإن الكلام عندهم صفة فعل، وهذا قول طائفة منهم ومن
اليهود، وكثير منهم أو أكثرهم يقولون: إن كلام الله غير مخلوق، وينكرون على من يقول إنه مخلوق.
ونقلت طائفة أخرى منهم أبو الحسن بن الزاغوني عنهم ما يوافق هذا من وجه دون وجه، فقالوا: اتفقت طوائف النصارى على أن الله ليس بجسم، واتفقوا على أنه جوهر واحد ثلاثة أقانيم، وأن كل واحد من الأقانيم جوهر خاص يجمعها الجوهر العام، ثم اختلفوا، فقال بعضهم: إن الأقانيم مختلفة في الأقنومية، متفقة في الجوهرية.
وقال آخرون: ليست مختلفة في الأقنومية، بل متغايرة، وقال فريق منهم: إن كل واحد منها لا هو الآخر، ولا هو غيره، وليست متغايرة ولا مختلفة، وزعموا أن الجوهر ليس هو غيرها إلا ما ذكر عن طائفة من الملكانية، فإنهم قالوا: إن الأقانيم هي الجوهر غير الأقانيم، وزعموا أن الجوهر هو الأب، والأقانيم الحياة، وهي روح القدس، والقدرة، والعلم، وأن الله اتحد بأحد الأقانيم الذي هو الابن بعيسى ابن مريم، وكان مسيحا عند الاتحاد، لاهوتا وناسوتا، حمل، وولد، ونشأ، وقتل، وصلب، ودفن.
واختلفوا أيضا فقالت النسطورية: إن المسيح جوهران أقنومان قديم ومحدث، وأن اتحاده إنما هو بالمشيئة، وأن مشيئتهما واحدة وإن كانا جوهرين.

وقالت اليعقوبية: لما اتحدا صار الجوهران الجوهر القديم والجوهر المحدث جوهرا واحدا.
واختلفوا هاهنا فقال بعضهم: الجوهر المحدث صار قديما، وزعم آخرون أنهما لما اتحدا صارا جوهرا واحدا قديما من وجه محدثا من وجه آخر.
وقالت الملكانية: إن المسيح جوهران أقنوم واحد. وحكي عن بعضهم أنه أقنومان جوهر واحد، وقالت الأريوسية: إن الله ليس بجسم ولا أقانيم له، وأن المسيح لم يصلب ولم يقتل، وأنه نبي، وحكي عن بعضهم أنه قال: المسيح ليس بابن الله، وحكى عن بعضهم أنه ابن الله على التسمية والتقريب.
واختلفوا في الكلمة الملقاة إلى مريم، فقالت طائفة منهم: إن الكلمة حلت في مريم حلول الممازجة، كما يحل الماء في اللبن فيمازجه ويخالطه. وقالت طائفة منهم: إنها حلت في مريم من غير ممازجة، كما أن شخص الإنسان يحل في المرآة وفي الأجسام الصقيلة من غير ممازجة.
وزعمت طائفة من النصارى أن الناسوت مع اللاهوت كمثل الخاتم مع الشمع، يؤثر فيه بالنقش، ثم لا يبقى منه شيء إلا أثره.
قال أبو الحسن بن الزاغوني ومن معه: واختلفت النصارى في الأقانيم فقال قوم منهم: هي جواهر، وقال قوم: هي خواص، وقال قوم هي صفات، وقال قوم: هي أشخاص، والأب عندهم الجوهر الجامع للأقانيم، والابن هو الكلمة التي اتحدت عند مبدأ المسيح، والروح هي الحياة، واجتمعوا على أن الاتحاد صفة فعل وليس بصفة ذات.
قالوا: واختلف قولهم في الاتحاد اختلافا متباينا، فزعم قوم منهم أن الاتحاد هو أن الكلمة التي هي الابن حلت جسد المسيح وقيل: هذا قول الأكثرين منهم.
وزعم قوم منهم أن الاتحاد: هو الاختلاط والامتزاج، وقال قوم من اليعقوبية: هو أن كلمة الله قد انقلبت لحما ودما بالاختلاط، وقال كثير من اليعقوبية والنسطورية: الاتحاد هو أن الكلمة والناسوت اختلطا وامتزجا كاختلاط الماء بالخمر وامتزاجهما، وكذلك الخمر باللبن.
وقال قوم منهم: الاتحاد هو أن الكلمة والناسوت اتحدا فصارا هيكلا واحدا.
وقال قوم منهم: الاتحاد مثل ظهور صورة الإنسان في المرآة، وكظهور الطابع في المطبوع، مثل الخاتم في الشمع، وقال قوم منهم: الكلمة اتحدت بجسد المسيح على معنى أنها حلته من غير مماسة ولا ممازجة، كما نقول: الله في السماء على العرش من غير مماسة ولا ممازجة، وكما نقول: إن العقل جوهر حال في النفس من غير مخالطة للنفس ولا مماسة لها. وقالت الملكانية: الاتحاد أن الاثنين صارا واحدا وصارت الكثرة قلة.

وهذا الذي نقله عنهم أبو الحسن الزاغوني هو نحو ما نقله عنهم القاضي أبو بكر بن الطيب والقاضي أبو يعلى وغيرهما، وقال أبو محمد بن حزم: النصارى فرق منهم أصحاب أريوس، وكان قسيسا بالأسكندرية، ومن قوله: التوحيد المجرد وأن عيسى عبد
مخلوق، وأنه كلمة الله التي بها خلق السماوات والأرض، وكان في زمن " قسطنطين " الأول باني القسطنطينية وأول من تنصر من ملوك الروم، وكان على مذهب أريوس هذا.
قال: ومنهم أصحاب بولس الشمشاطي، وكان بطرياركا بأنطاكية قبل ظهور النصرانية وكان قوله بالتوحيد المجرد الصحيح، وأن عيسى عبد الله ورسوله كأحد الأنبياء عليهم السلام خلقه الله في بطن أمه مريم من غير ذكر، وأنه إنسان لا إلهية فيه البتة، وكان يقول: لا أدري ما الكلمة ولا الروح القدس، قال: وكان منهم أصحاب مقدنيوس، كان بطرياركا بالقسطنطينية بعد ظهور النصرانية أيام قسطنطين بن قسطنطين باني القسطنطينية، وكان هذا الملك أريوسيا كأبيه، وكان من قول مقدونيوس هذا التوحيد المجرد وأن عيسى عليه السلام عبد مخلوق إنسان نبي رسول كسائر الأنبياء عليهم السلام، وأن عيسى هو روح القدس وكلمة الله، وأن روح القدس والكلمة مخلوقان، خلق الله كل ذلك، قال: وكان منهم البربرانية، وهم يقولون: إن عيسى وأمه إلهان من دون الله تعالى. قال: وهذه الفرق قد بادت، وعمدتهم اليوم ثلاث فرق، وأعظمها فرق الملكانية، وهي مذهب جميع ملوك النصارى حيث كانوا حاشا الحبشة والنوبة ومذهب عامة أهل كل مملكة النصارى حاشا النوبة والحبشة وهو مذهب جميع نصارى أفريقية وصقلية
والأندلس وجمهور الشام، وقولهم أن الله تعالى الله عن قولهم ثلاثة أشياء: أب، وابن، وروح القدس، كلها لم تزل، وأن عيسى إله تام كله وإنسان تام ليس أحدهما غير الآخر، وأن الإنسان منه هو الذي صلب وقتل، وأن الإله منه لم ينله شيء من ذلك، وأن مريم ولدت الإله والإنسان، وأنهما معا شيء واحد ابن الله تعالى الله عن كفرهم.
وقالت النسطورية مثل ذلك سواء بسواء، إلا أنهم قالوا: إن مريم لم تلد الإله، وإنما ولدت الإنسان، وأن الله لم يلد الإنسان، وإنما ولد الإله تعالى الله عن كفرهم، وهذه الفرقة غالبة على الموصل والعراق وفارس وخراسان، وهم منسوبون إلى نسطور، وكان بطرياركا بالقسطنطينية.
وقالت اليعقوبية: إن المسيح هو الله نفسه، وأن الله تعالى الله عن عظيم كفرهم مات وصلب وقتل، وأن العالم بقي ثلاثة أيام بلا
مدبر، والفلك بلا مدبر، ثم قام ورجع كما كان، والله تعالى عاد محدثا، والمحدث عاد قديما، والله تعالى كان في بطن مريم محمولا به، وهم في أعمال مصر وجميع النوبة وجميع الحبشة، وملوك الأمتين المذكورتين.

قلت: ومن أخبر الناس بمقالاتهم من كان من علمائهم، وأسلم على بصيرة بعد الخبرة بكتبهم ومقالاتهم، كالحسن بن أيوب الذي كتب رسالة إلى أخيه علي بن أيوب يذكر فيها سبب إسلامه ويذكر الأدلة على بطلان دين النصارى وصحة دين الإسلام، قال في رسالته إلى أخيه لما كتب إليه يسأله عن سبب إسلامه بعد أن ذكر خطبته: " ثم أعلمك أرشدك الله أن ابتداء أمري في الشك الذي دخلني فيما كنت عليه والاستبشاع بالقول به من أكثر من عشرين سنة لما كنت أقف عليه في المقالة من فساد التوحيد لله عز وجل بما أدخل فيه من القول بالثلاثة الأقانيم وغيرها مما تضمنته شريعة النصارى، ووضع الاحتجاجات التي لا تزكو ولا تثبت في تقرير ذلك، وكنت إذا تبحرته وأجلت الفكر فيه، بان لي عواره، ونفرت نفسي من قبوله، وإذا فكرت في دين الإسلام الذي من الله علي به، وجدت أصوله ثابتة وفروعه مستقيمة وشرائعه جميلة.
وأصل ذلك ما لا يختلف فيه أحد ممن عرف الله عز وجل منكم ومن غيركم وهو الإيمان بالله الحي القيوم السميع البصير الواحد الفرد الملك القدوس الجواد العدل إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وإله موسى وعيسى وسائر النبيين والخلق أجمعين، الذي لا ابتداء له ولا انتهاء، ولا ضد ولا ند، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا، الذي خلق الأشياء كلها لا من شيء ولا على مثال، بل كيف شاء وبأن قال لها: " كوني " فكانت على ما قدر وأراد، وهو العليم القدير الرءوف الرحيم الذي لا يشبهه شيء، وهو الغالب فلا يغلب، والجواد فلا يبخل، لا يفوته مطلوب، ولا تخفى عليه خافية، {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} [غافر: 19]، وما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وكل مذكور أو موهوم هو منه، وكل ذلك به، وكل له قانتون، ثم نؤمن بأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ; ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، ونؤمن بموسى وعيسى وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لا نفرق بين أحد منهم، ونؤمن بالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن وسائر الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الأبرار لفي نعيم وأن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين، ذلك بما كسبت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد.

قال: وكان يحملني إلف ديني وطول المدة والعهد عليه والاجتماع مع الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأقارب والإخوان والجيران وأهل المودات على التسويف بالعزم، والتلبث على إبرام الأمر، ويعرض مع ذلك الفكر في إمعان النظر والازدياد في البصيرة، فلم أدع كتابا من كتب أنبياء التوراة والإنجيل والزبور وكتب الأنبياء والقرآن إلا نظرت فيه وتصفحته، ولا شيئا من مقالات النصرانية إلا تأملته، فلما لم أجد للحق مدفعا، ولا للشك فيه موضعا، ولا للأناة والتلبث وجها، خرجت مهاجرا إلى الله عز وجل بنفسي هاربا بديني عن نعمة وأهل مستقر ومحل وعز ومتصرف في عمل، فأظهرت ما أظهرته عن نية صحيحة، وسريرة صادقة، ويقين ثابت، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق،

وإياه تعالى نسأل أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة، إنه هو الوهاب.
قال: ولما نظرت في مقالات النصارى وجدت صنفا منهم يعرفون بالأريوسية يجردون توحيد الله ويعترفون بعبودية المسيح عليه السلام ولا يقولون فيه شيئا مما يقوله النصارى من ربوبية ولا بنوة خاصة ولا غيرهما، وهم متمسكون بإنجيل المسيح مقرون بما جاء به تلاميذه والحاملون عنه، فكانت هذه الطبقة قريبة من الحق مخالفة لبعضه في جحود نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودفع ما جاء به من الكتاب والسنة.
قال: ثم وجدت منهم صنفا يعرفون باليعقوبية، يقولون: إن المسيح طبيعة واحدة من طبيعتين: إحداهما طبيعة الناسوت والأخرى طبيعة اللاهوت، وأن هاتين الطبيعتين تركبتا كما تركبت النفس مع البدن فصارتا إنسانا واحدا وجوهرا واحدا وشخصا واحدا، وأن هذه الطبيعة الواحدة والشخص الواحد هو المسيح، وهو إله كله وإنسان كله، وهو شخص واحد وطبيعة واحدة من طبيعتين.
وقالوا: إن مريم ولدت الله، تعالى الله عما يقولون، وإن الله مات وتألم وصلب متجسدا، ودفن وقام من بين الأموات وصعد إلى السماء، فجاءوا من القول بما لو عرض على السماء لانفطرت، أو على الأرض لانشقت، أو على الجبال لانهدت، فلم يكن لمحاجة هؤلاء وجه، إذ كان كفرهم بما صرحوا به أوضح من أن يقع فيه الشك، وكان غيرهم من النصارى كالمالكانية والنسطورية يشهدون بذلك عليهم.

قال: ثم نظرت في قول الملكانية وهم الروم وهم أكثر النصارى فوجدتهم قالوا: إن الابن الأزلي الذي هو الله الكلمة تجسد من مريم تجسدا كاملا كسائر أجساد الناس، وركب في ذلك الجسد نفسا كاملة بالعقل والمعرفة والعلم كسائر أنفس الناس، وأنه صار إنسانا بالنفس والجسد اللذين هما من جوهر الناس، وإلها بجوهر اللاهوت كمثل أبيه لم يزل، وهو إنسان بجوهر الناسوت مثل إبراهيم وداود، وهو شخص واحد لم يزد عدده وثبت له جوهر اللاهوت كما لم يزل يصح له جوهر الناسوت الذي لبسه من مريم، وهو شخص واحد لم يزد عدده وطبيعتان، ولكل واحدة من الطبيعتين مشيئة كاملة، فله بلاهوته مشيئة مثل الأب والروح، وله بناسوته مشيئة مثل مشيئة إبراهيم وداود.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]