مسألة: هل القراض عقد جائز أم لازم؟!
عقد القراض فيه مسألة مهمة، وهي مسألة اللزوم والجواز، لو سألك سائل وقال: قرأتَ باب القراض أو المضاربة، فهل لو اتفقتُ مع رجل على أن أضارب له في ماله، واتفقنا على أن يدفع لي مائة ألف لا تجز فيها، والربح مناصفة بيننا، وأخذتها منه، فإذا فارقته وتم العقد فهل يصبح لزاماً عليَّ أن أمضي في العقد وأن أتمه وأن أتاجر بالمال أو ليس بلازم، كأن يعطيك رجل مائة ألف، لتضرب بها في الأرض، وتتاجر بها، والربح بينك وبينه، فقام من عندك ورجع بعد ساعة، وقال: العقد الذي بيننا انفسخ، أو لا أستطيع، أو عندي ظرف، أو أراد فسخه بدون سبب، وقال لك: لا أريد، فهل يُلْزَم بإتمام العقد أو لا يُلْزَم؟ الإجماع منعقد على أن عقد القراض عقد جائز، والعقد الجائز -كما قدمنا في مقدمات البيوع- هو: الذي يملك كل واحد من الطرفين فسخه بدون رضا الآخر.
إذاً: عقد القراض ليس بعقد لازم، ومن حقك أن تأتي في أي وقت وتقول له: بِعْ التجارة ورُدَّ لي رأس المال وانظر لي الربح.
ومن حق العامل في أي وقت أن يفسخ عقد المضاربة والقراض ولا يُلزم بإتمامه، وهذا محل إجماع بين العلماء رحمهم الله
الربح بين الشريكين على ما شرطا
قال رحمه الله: [المضاربة لمتَّجر به ببعض ربحه]: (لمتَّجر (: أي مستثمر، (يتاجر به) الضمير عائد إلى المال، لمتَّجر بالمال.
(ببعض ربحه): أي ببعض ربح المال المدفوع، فأصبح عندنا رأس مال، وعندنا متاجرة تثمر وتنتج الربح، فرأس المال يدفعه ربه، ومَن يتاجر هو العامل، والربح بينهما على ما شرطا.
قال: [فإن قالا: والربح بيننا: فنصفان] إن قالا: الربح بيننا، فوجهان للعلماء: قال بعض العلماء: جهالة، لأن (الربح بيننا) يشمل المناصَفة والمرابَعة والمثالَثة، وغيرها، فأي قسط وأي حظ من المال فهو بينهما.
وقال بعض العلماء: بل إن قوله: (بيننا) معروف أنها بالمناصفة، يعني: بيننا، أي: نقسم بالعدل، لك مثل ما لي، وهذا هو الذي مال إليه المصنف رحمه الله ورجَّحه.
قال: [وإن قالا: لي أو لك ثلاثة أرباعه أو ثلثه، صح والباقي للآخر]: هنا مشلكة: إذا قال رب المال للعامل: خذ هذه المائة ألف واتَّجر بها، ولي من الربح نصفه.
لما قال: (لي النصف)، اختلف العلماء: قال بعض العلماء: إذا قال للعامل: (لي النصف)، نفهم مباشرة أن العامل له النصف الآخر.
وقال بعض العلماء: لا.
بل إنه حينما قال: (لي النصف)، سكت عن حكم النصف الثاني، فيحتمل أن يكون يعطيه نصف النصف الذي هو الربع، والنصف الآخر الذي هو الربع الثاني يضعه في صدقة أو هبة.
المهم أنه لما قال: (لي النصف) بيَّن نصيبه ولم يبيِّن نصيب الطرف الثاني، فلم يجز.
وهذا يختاره بعض أصحاب الشافعي رحمه الله وفيه وجه عند الحنابلة، أنه لو قال له: (لي النصف) أو قال له: (لك النصف)، وسكت، لا بد أن يبين حق الطرف الثاني، ولا يصح إلا إذا بيَّن كم للعامل وكم لرب العمل، فيقول: (لك النصف، ولي النصف)، (لك الربع، ولي ثلاثة أرباع)، (لك الثلثان ولي الثلث)، فيحسم الأمر، ويدفع الشك، ويقطع الريب.
وحينئذٍ قالوا: لابد أن يبيِّن.
وهذا المذهب أحوط وأسلم، وإن كان المذهب الثاني له وجه من القوة أنه إذا قال: (لي النصف)، نفهم أن النصف الثاني للعامل، أو قال له: (لك الربع)، نفهم أن الثلاثة أرباع لرب المال
صور الشروط في عقد المضاربة
قال رحمه الله: [وإن اختلفا لمن الشروط: فلِعاملٍ، وكذا مساقاةٌ ومزارعةٌ]: الشروط تقع في عقد المضاربة على صور
الشروط المشروعة
تارةً تكون من الشروط المشروعة: بِمعنى: أن الشرع يأذن بِها، ولا مانع من اعتبارها، كالشروط التي تواكِب وتحقق مقصود الشرع من المضاربة.
فلو قال له: أشترط أن يكون الربح بيننا على شرط شرعي؛ لأن القراض يقوم على قسم الربح بين الطرفين.
كذلك أيضاً لو قال له: أشترط أن تبيع نقداً ولا تبِع نسيئةً، فهذا يحقق المقصود من دفع الضرر؛ لأن الديون ربما يماطل أهلها في أدائها، وقال بعض العلماء: إن هذا شرطٌ شرعي عند من يجيز اشتراط النقد على العامل، كذلك لو قال له: أشترط عليك أن تعمل في بلد كذا وكذا، وخاف من بقية البلدان؛ لأنها منكسرة والتجارة فيها تشتمل على مخاطرة، فهذا شرط شرعي، ولو قال له: أشترط عليك أنك إذا سافرت بمالي لا تركب البحر؛ لأن البحر غير مأمون؛ لأنه ربما تغرق السفينة، ويستضر، أو قال: أشترط عليك أنك إذا أردت أن تسافر تتعامل مع فلان، والتعامل مع غيره غالباً مظنة الخسارة أو الانكسار أو الضرر.
فمثل هذه الشروط التي يقصد منها رب المال مصلحة القراض أو تتفق مع مقصود القراض فلا إشكال فيها.
وكذا العامل لو اشترط شروطاً تحقق مقصود الشرع في العقد كأن يقول: أشترط أن تحدد نسبتي من الربح، هذا في الأصل قائم عليه القراض، فقال له: نسبتك النصف، أو نسبتك الثلثان، فهذا ليس فيه إشكال بل من مقتضى العقد.
كذلك لو قال له: أشترط أن أكون مطلق التصرف بالبيع وبالإجارة وبالاستثمار والرهن والقضاء، ونحو ذلك من أنواع الاستثمارات، كان من حقه ذلك؛ لأن من مصلحة القراض أن يكون مطلق اليد بالتصرف، حتى إذا انكسر في شيء يجبره بشيء آخر.
فقالوا: مثل هذه الشروط شروطٌ شرعية، سواءً وقعت من المضارِب الذي هو رب المال، أو المضارَب وهو العامل.
هذا بالنسبة للشروط الشرعية
الشروط الممنوعة
وتارةً تكون الشروط ممنوعة وهي التي تضر بالقراض، أو تضر بالطرفين، وتخالف مقتضى العقد.
يقول له: خذ المال، واضرب به في الأرض بشرط ألَّا يكون لك شيء من الربح، فهذا يخالف مقتضى العقد؛ لأن مقتضى العقد الاشتراك في الربح، وفيه ظلم للعامل، فلو قال له: خذ المال واضرب به في الأرض وأنت المسئول عن خسارته، فهذا ظلم؛ لأن العامل يتحمل العمل، ويتحمل أيضاً الخسارة، ورب المال لا يتحمل شيئاً فحينئذ خرج عن سنن القراض، ويعتبر شرطاً غير شرعي، ونص طائفة من العلماء على أنه يوجب فساد الشرط وفساد العقد؛ وأن هذا النوع من الشروط فاسد لنفسه ومفسد لغيره.
ونحو ذلك من الشروط.
فلو قال له: أشترط عليك ألَّا تتعامل بهذه المائة ألف إلا بنوع خاص من الطيب؛ ولا تشترِ إلا من فلان، ولا تبِع إلا من فلان، ولا تشترِ إلا في شهر كذا، ولا تبِع إلا في كذا، لم يجز؛ لأن هذا يغرر به، فلربما كان فلان الذي يتعامل معه المعاملة معه كاسدة، أو موجبة للخسارة، فهذا كله مما يخالف مقتضى عقد القراض، فلا يصح هذا النوع من الشروط.
وهل يوجب الفساد أو لا يوجب؟ فيه تفصيل: إن أوجب نقض أصل من أصول القراض كما في الجهالة في الربح، كأن يقول له: خذ هذه المائة ألف واضرب بها في الأرض، والربح بيني وبينك، قال: قبلت؛ ولكن أشترط أن آخذ ألف ريال شهرياً، فنقول: لا يجوز هذا الشرط، ولا يصح أن يشترط هذا النوع من الشروط.
فالمقصود: أن الشروط منها ما يوافق مقتضى العقد: كاشتراط البيع والاستئجار ونحو ذلك من مطلقات التصرف.
ومنها ما يخالف مقتضى العقد: كأن يشترط عليه أن لا ربح له، أو يشترط عليه ربحاً مجهولاً، فالسنة في القراض أن يكون الربح معلوماً، وأجمع العلماء على أنه لو اشترط ربحاً مجهولاً، أو أدخل على الربح جهالةً لم يصح.
ولذلك قالوا: هذا النوع من الشروط قد يوجب فساد عقد القراض كليةً
مسألة: هل الشرط يوجب فساد القراض أو يفسد الشرط وحده
ما الفائدة حينما نقول: الشرط يوجب فساد القراض، أو يفسد الشرط وحده؟ مثال: لو أن شخصاً أعطاه مائة ألف، وقال له: اضرب بها في الأرض، فاشترى عشر سيارات بمائة ألف، وأصبحت قيمة السيارات مائتي ألف، فمعناه: أنها ربحت الضعف، فإذا كان قد اشترط في الربح شرطاً يوجب الجهالة، كأن يقول له: خذ المائة ألف واضرب بها في الأرض، والربح بيني وبينك على ما نتفق عليه فيما بعد، فحينئذ يصير الربح مجهولاً، فإذا صار الربح مجهولاً فسد القراض؛ لكن المشكلة أن الرجل اشترى العشر سيارات، وأتم الصفقة وأصبحت قيمة السيارات مائتي ألف، وبعد بيعها وأخْذِ المائتي ألف جاءوا يتصافون فاختلفوا، فلما اختلفوا ارتفعوا إلى القاضي، فالقاضي يحكم بفساد الشرط وفساد العقد، وحينئذ ننظر أجرة العامل، فنقول لأهل الخبرة: من اشترى عشر سيارات وباعها كم تعطونه؟ فإذا قالوا: نعطيه عن كل سيارة ألفين، فحينئذ يكون استحقاق العامل عشرين ألف ريال، فيأخذ من المائتي ألف عشرين ألف ريال، وتكون مائةٌ وثمانون ألفاً ملكاً لرب المال؛ لأن عقد القراض يبطل، فترجع إلى الإجارة، ومن عدل الشريعة إذا بطل عقد القراض ينظر إلى تعب العامل ويقدر، ففي بعض الأحيان -مثلاً- يشتري عشر سيارات، وإذا بالعشر سيارات كسدت وأصبحت قيمتها خمسين ألفاً، فخسر النصف.
فلما جاء العامل يريد أن يرد المال لرب المال قال رب المال: أبداً لا أرغب، فارتفعوا إلى القاضي، فقضى القاضي بفساد القراض، وإذا فسد القراض يقول لرب المال: ادفع أيضاً عشرين ألفاً أجرة للعامل، فيخرج رب المال بثلاثين ألفاً؛ لأنه غرر بنفسه، فلا يستحق إلا ثلاثين ألفاً، والعامل يأخذ عشرين ألفاً لقاء تعبه؛ لأنه استُخْدِم بعقد غير شرعي، فلا يستحق رب المال تعبه على هذا الوجه.
وبناءً على هذا إذا قلنا: إن العقد يفسد؛ فيعطى العامل أجرة المثل.
وإذا قلنا: العقد يبقى صحيحاً فيُقسم الربح بينهما على ما شرطا، ويُلغى الشرط الفاسد فقط.
هذا الفرق بين قولهم: أنه إذا اشترط على وجه يوجب فساد العقد رجعنا إلى الإجارة.
وإن اشترط على وجه يفسد فيه الشرط، ويبقى فيه العقد صحيحاً، قلنا: تبقى القسمة على ما اتفقا عليه من الربح ويلغى الشرط وحده فقط
إذا اختلف الشريكان في المضاربة قدم قول العامل
قال: [وإن اختلفا لمن الشروط: فلِعاملٍ، وكذا مساقاةٌ ومزارعةٌ]: قوله: (وإن اختلفا: لمن الشروط؟ فلِعاملٍ): يعني: القول قول العامل؛ لأنه مدعىً عليه، وقد قررنا هذه المسألة وقلنا: إنها من مسائل القضاء في الدعاوى: هل القولُ قولُ ربِّ المال؟ أو قولُ العامل؟ يكون القول قول العامل، وفي بعض الأحيان يكون القول قول رب المال، وإن كان القول للعامل على الأغلب؛ لأنه يكون مدعىً عليه غالباً، فلو قال له: اشترطت عليك كذا، فقال: لم تشترط، فالأصل عدم الاشتراط.
وبناءً على ذلك: يكون العاملُ المدعى عليه فيُطالَب رب المال بالبينة، فنقول له: أحضر شهوداً على أنك اشترطت.
فإذا أحضر الشهود حكمنا بقول رب المال.
وإذا لم يكن عنده شهود، قلنا للعامل: احلف اليمين، (ليس لك إلا يمينه) وهذا الأصل في القضاء -كما ذكرنا- أن المدعى عليه مطالب باليمين.
والمدعى عليه باليمينِ في عجز مُدَّعٍ عن التبيين فإذا عجز المدعي عن إقامة البينة، فإن المدعى عليه يُطالب باليمين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيح: (ليس لك إلا يمينه.
قال: يا رسول الله! الرجل فاجر يحلف ولا يبالي! قال عليه الصلاة والسلام: ليس لك إلا يمينه).
قال: [وكذا مساقاةٌ ومزارعةٌ]: وكذا الحكم في المساقاة وستأتي، وكذا الحكم في المزارعة، أنه إذا اختلف رب الأرض مع عامل المُساقاة، واختلف مع من أخذ الأرض مُزارَعةً، فالقول قول العامل، وليس بقول رب المال، وسيأتي -إن شاء الله- بيان هذه المسائل في المساقاة والمزارعة
الأسئلة
الضمان في المضاربة
السؤال
أَشْكلَ عليَّ في قصة عبد الله وعبيد الله ابني عمر رضي الله عنهم أجمعين، قولُ عبيد الله لـ عمر؛ أنهم لو خسروا لضمنوا، مع أن المضاربة إذا خسر فيها العامل ولم يفرط لم يضمن! نرجو التوضيح.
الجواب
باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
أما بعد: فلله درك من سائل! ولا شك أنه إشكال في محله، ولذلك إذا نظرت أن عبيد الله وعبد الله كانا ضامنين للمال، والأصل يقتضي أن المضارب لا يضمن؛ لكن الصحابة قالوا: (اجعله يا أمير المؤمنين! قراضاً) من جهة الربح؛ لأن العقد في الأصل لم يقع على أنه عقد قراض.
والمشكلة في هذه القضية: أن عمر رضي الله عنه رأى الشبهة في تخصيصهم بالمصلحة، فقال: (أنْ كنتما ابنَي أمير المؤمنين؟ أديا المال).
إذاً: من حيث اعتراض عمر في الأصل له وجهه؛ لكن الإشكال في يد الضمان التي اعترض بها عبيد الله.
والحل في المناصفة في الربح تأتي على وجهين، يعني: تنصيف عمر للربح على وجهين: إما أن تقول: إنه صلح، شُبِّه بالقراض من جهة دخول رب المال مع العامل بالمشاركة، وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس، وبعض مشايخنا رحمة الله عليهم اختاروا هذا الجواب، لقول الصحابة: (اجعله قراضاً)؛ لأن الخلاف في الربح، هل كله يكون لبيت المال، أو كله يكون لـ عبد الله وعبيد الله؟ فالأصل يقتضي أن كله يكون لـ عبد الله وعبيد الله من جهة تحمل الخسارة؛ لكن من جهة تميزهم واختصاصهم بهذا الفضل يقتضي أن يكون لبيت مال المسلمين.
وبناءً على ذلك: يكون عمل عبد الله وعبيد الله في مالٍ لا يُملك، يعني: أن أبا موسى ليس له الحق أن يمكلهما ويخولهما، فأصبحت يد عبيد الله وعبد الله على المال يد شبهة، وهي التي أدخلت عمر في الاعتراض، فحينئذ كأن قسم الربح بينهما أشبه بالصلح، والصلح يقع بغبن أحد الطرفين، ولذلك كأنهم لما قالوا: (اجعله قراضاً)، أي: اجعله على سَنن القراض فيما أُشْكِل، وهو الربح، لا تجعله قراضاً من حيث الأصل، وهذا فيه فرق، فكونك تجعله قراضاً من حيث الأصل وتجعله قراضاً من حيث الربح، فالخلاف في الربح.
ولذلك فهذا هو الذي تطمئن إليه النفس.
فهذا إشكال من أبدع ما يكون وما يفقه له إلا القليل، وأذكر مَن كان مِن بعض مشايخنا رحمة الله عليهم لما اعترض عليه بعض طلابه بهذا قال له: لله درك! وأعجب؛ لأن هذا نوع من الدقة.
فالأصل يقتضي أن الربح يكون بين الطرفين بشرط أن يكون رب المال ضامناً للمال؛ لكن عبيد الله اعترض هنا.
هذا وجه.
ووجه آخر: أن عبيد الله ضخم الأمر، فقال: (يا أمير المؤمنين! أرأيت لو خسرنا المال، أكنتَ تضمِّنَّا إياه؟)، من جهة تضخيم الأمر، يعني: أننا إذا فرطنا أو تساهلنا في المال فإنك تضمِّنَّا.
وبناءً على ذلك: كأن عبيد الله يريد أن يقول له: ليس من حقك أن يكون الربح كله لك، ولنا نوع من المسئولية أو تحمل مسئولية الضمان، لا أنه ضامن لكل المال.
وهذا الوجه الثاني -في الحقيقة- مرجوح، والوجه الأول أقوى؛ أنه صلح، والصلح دائماً يُظلم فيه أحد الطرفين -كما هو معلوم- كما لو اختصم رجلان في عين، فالغالب إذا حدث الصلح أن يكون صاحب المال الأصلي مستضراً بالصلح؛ لأن الصلح يكون فيه نوع من التنازل عن بعض الحق، وعلى هذا قالوا: جرى صلحاً، وأجري على سَنن القراض، لا أنه قراض من كل وجه.
والله تعالى أعلم.
اللهم لك الحمد، ما دام أن في طلاب العلم كهذا؛ لأن مسائل الفقه -في الحقيقة- لابد أن يوجد من طلاب العلم وأهل العلم مَن عنده نوع من الدقة فيها، فالفقه فلا يمكن لطالب العلم أن يتقن باب المعاملات إلا إذا ربط الفقه بعضه ببعض، ولن تستطيع أن تجد أهمية فقه المعاملات إلا حينما تنظر لأبواب المعاملات مرتبطةً بعضُها ببعض {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ} [الأعراف:52]، {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} [الأنعام:115]، من التمام أن الشريعة كالبناء المُحكم.
فتجد أصول الشريعة وأصول العلماء في مسائل البيوع أصولاً مترابطة متناسقة تامة، وهذا الفرق بين فقه السلف وفقه الخلف، فقد تجد بعض المتأخرين يأتي وينظر لمسألة القراض، لا يبحث إلا في مسألة القراض؛ لكن هل قرأ الفقه على عالِم بحيث يعرف كيف تُرْبَط الأبواب بعضها ببعض؟ هل قرأ الفقه على سبيل التأصيل المعروف عند الأولين حتى يعرف وجهة نظر العالم إذا قال بالحُرمة رعايةً لأصل عام في الشركات، أو رعايةً لأصل عام في شركة الأموال؟ هل قرأ هذه الأصول أو لم يقرأها؟ فإذا لم يقرأها وجاءه قول يربط هذه الأصول بعضها ببعض ربما استخف بهذا القول، وظن أن هذا القول مرجوح، دون أن يفقه علته، ويعلم أصله، فإذا ضُبِطَت الأصول في الأبواب أصبح طالب العلم دقيقاً.
الآن -مثلاً- نحن مرت علينا القصة، قالوا: يا أمير المؤمنين! اجعله قراضاً، فتجد طالب العلم يسأل: طيب! القراض ما حقيقته؟ وهذا هو الذي نفتقر إليه اليوم، إذا جاءك أي شخص وقال لك: هذه المضاربة شرعية، أو مرابحة، أو مواضعة، أو تولية، تسأل: ما هي حقيقة المرابحة في الشرع؟ والذي ضرنا اليوم: أننا نريد فقط اسم الإسلام لنعلق عليه كل معاملة؛ مضاربة شرعية، مرابحة إسلامية.
اذهب واقرأ في كتب سلفك: ما هي حقيقة المرابحة الشرعية التي اتفق العلماء عليها؟ وانظر في هذا الجديد الذي أُلحِق بذلك القديم، هل فعلاً تنطبق الصفات والأركان والشروط الموجودة في العقد القديم على هذا الجديد، أم أنه حُمِّل كلام العلماء ما لم يحتمل؟ ويأتي الشخص يفهم الشيء على حسب فهمه، ويفهم الباب على حسب ذوقه هو، بل وجدتُ مِن المتأخرين مَن يقول: لو تعارض عندي أصل يحرم وأصل يبيح في البيوع والمعاملات فإنني أتبع من يحلل، وهذا أصله بالاجتهاد أنه يبحث عمن يحلل، ولا يختلف عالم أن هذا النوع من الاجتهاد هو عين تتبع الرخص، الذي قال عنه العلماء: (من تتبع الرخص فقد تزندق).
الشريعة فيها أصول محكمة، وسلفنا الصالح رحمة الله عليهم ما جاءوا بهذه المسائل مهدرة هكذا، إنما جاءت موزونة وبأصول صحيحة، فحَتْمٌ على كل طالب علم إذا أراد أن يتكلم في باب أو مسألة أن يردها إلى أصلها، وأن يعرف الأصول، وكان الوالد رحمة الله عليه يقول لي: (لن تستطيع أن تعرف فقه العالم إلا في باب المعاملات؛ لأن العبادات الأدلة فيها كثيرة، لكن الإشكال في المعاملات، قال لي: وإشكالُها في ربط الأصول بعضها ببعض، ولذلك تجد العالم -مثلاً- يقول: أغلِّب هنا شبهة الربح، ويقول: إعمال العقد أولى من إهماله، وأبقي العقد صحيحاً، وأقسم الربح) مع أنه يأتي في موضع ثانٍ من المعاملات ويغلِّب شبهة التحريم، ويلغي العقد، ويوجب فساده، فيتناقض في أصله، ولذلك لابد من التأصيل، ولابد لطالب العلم إذا قيل له: هذا قراض أن يسأل: ما هي حقيقة القراض؟ وإذا قيل له: هذا مرابحة أن يسأل: ما هي حقيقة المرابحة؟ حتى يكون على بصيرة وبينة من أمره.
ونسأل الله العظيم أن يرزقنا ذلك.
والله تعالى أعلم
ضوابط وأصول عامة في العقود
السؤال
ما الأمور التي ينبغي أن يتعاطاها من أراد الشراكة؟ وما صفات الشريك المسلم؟
الجواب
هذا السؤال يتعلق بباب الشركة كله؛ لكن هناك ضوابط وأصول عامة ينبغي التنبيه عليها في العقود مطلقاً، فمن أراد أن يشارك، أو أراد أن يبيع، أو أراد أن يتعامل في الإجارات أو العقارات فينبغي أن يسأل، وعليه أمور يجب أن يتعلمها: أولاً: الرجوع إلى العلماء: فقد أجمع العلماء على أنه يجب عليه الرجوع إلى العلماء، وأنه لا يجوز لأحد يتعامل بالشركات أو بالبيوع أن يأتي ويدخل إلى السوق ويفعل ما عنَّ له دون أن يسأل: هل هو حرام أو لا؟ ولا يجوز له أن يقدم على أي عقد حتى يسأل أهل العلم، وإلى الله المشتكى، حينما أصبحت الأمور تُعْرَف بالعُرْف، فالشيء المعروف هو الحلال، وحينئذ قَلَّ أن تجد من يسأل العالم، وقَلَّ أن تجد من يستشير أهل العلم أو يرجع إلى أهل العلم.
ووالله إن القلوب لتتقرح حينما تجد التاجر إذا أراد أن يقيم أي صفقة أو أي عمل فإنه يبحث: مَن هو الخبير؟ ومَن الذي عنده معرفة؟ ومَن هو الذي يستشار؟ فأخذ يقلب في المستشارين ومَن يسألهم، ولا يمكن أن يجول بخاطره أن يسأل عالماً، أو يبحث عن حكم هذا؛ أحَلَّهُ اللهُ أو حَرَّمَه؟ وهذا من غربة الإسلام: (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ).
وكان العلماء يُقَدَّرون من الناس، وكان الرجل -ووالله إني أعرف أناساً في المدينة من كبار السن وأهل الفضل- لا يمكن أن يتعامل بأي معاملة في دكانه أو محله حتى يسأل العلماء، حتى إنه بعد وفاة الوالد رحمة الله عليه كنت أجالس البعض فيقول: سألت الشيخ عن مسألة كذا، وتكون المسألة غريبة، فوالله إنا كنا نستفيدها من العوام الذين ليس لهم إلمام بدقائق المسائل؛ لكنه سأل عن هذه المسألة العالِمَ فأفتاه فيها، فانتفع طلاب العلم بفتواه.
وكانوا لا يقدمون ولا يؤخرون إلا بسؤال العلماء؛ ولذلك وضع الله لهم البركة والخير والرزق، حتى إن الرجل تجده في تجارته منذ أربعين أو خمسين سنة ناعم البال، مطمئن النفس، ولا تجد عنده القلق ولا الهوس ولا التعب ولا الاكتئاب ولا المصائب؛ لأنه لم يعرض عن الله، وكانت خطواته في تجارته مدروسةً بحكمة، مقرونة بسئوال أهل العلم والبصيرة، فبارك الله عمله وماله، هذا غير ما يكون منه من الصدقات والإحسان.
أما اليوم فقَلَّ أن تجد من يسأل عالماً، والبعض إذا أراد أن يسأل العلماء تَتَبَّعَ مَن يسأل، وعَرَف مَن الذي يرخِّص، ومَن الذي يشدِّد، ومَن الذي يكون بين بين.
فإذا اشتهى أمراً مخفَّفاً سأل عمَن يخفف له، حتى يجعله بينه وبين ربه، ليحمل -واليعاذ بالله- وزره يوم لقاء الله، والله لا يخطئ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما للسائل لما سأله: (إن الله لا يخادع).
فالله مطلع على الضمائر والسرائر.
فتجده لا يحسن اختيار العالِمَ الذي يسأله، أما إذا أراد أن يبحث عن مستشار في ذوي الخبرة يستشيره في أمور المال أخذ يقلب في سيرته حتى يعرف أنه أهل للسؤال، لكن يتهاون في سؤال العلماء، فقد يأخذ الفتوى من كاتب عنده في تجارته؛ لأن الدين عنده رخيص.
والشخص إذا لم يكن عنده خوف من الله سبحانه وتعالى ومراقبة واستشعار أن هذا المال سيُسأل عنه قليله وكثيره، وأنه لن تزول قدماه بين يدي الله -عزَّ وجلَّ- حتى يُسأل: هل أحل الله له هذا المال الذي أخذ، أو حرمه عليه؟ فإذا أصبح يستشعر أنه مسئول بين يدي الله، لربما وجدت العالم يفتيه بالرخصة فلا يقبلها خوفاً من الله سبحانه وتعالى.
والعكس بالعكس، فتجده إذا أراد السؤال عن الأمور الدنيوية لا يسأل أحداً من أهل العلم، لا يسأل إلا أهل الثقة، ولا يستشير إلا من يؤتمن، ويتعب في السؤال، ولربما يسافر إلى أماكن بعيدة، كل ذلك من أجل أن يكون على بينة في تجارته، هذا لحظ الدنيا، {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى:16 - 17] وإذا جاء ليسأل ربما دعا العالِمَ أن يأتيه، وهذه من العزة التي أصبح يعتز بها الناس على العلماء، وقَلَّ أن تجد إنساناً كبيراً أو عظيماً يرضى لنفسه أن يقف على باب العالِم أو يسأله، وأغرب من هذا أنه يطلبه أن يأتيه مع أنه هو صاحب الحاجة، ولا يجد من نفسه أن يذهب ويسأل، وإذا أراد أن يسأل عالماً بعث من يسأل، وقال لعامل من عماله، أو عامل في مكتبه، ولربما يكون من أبسط الناس: اذهب واسأل لي فلاناً، ولا تقل له أني أرسلتك، فكل ذلك اعتزاز على العالم.
وهذا هو الواقع المر الذي نعيشه، ولما حُرِم الناسُ تقدير العلماء نزع الله البركة من حياتهم، فأصبحوا في الهم والقلق والاكتئاب، والمصائب والحوادث، والنكسات والفجائع، لما أعرضوا عن الله، فليس بين الناس وبين الله حسب ولا نسب، وإنما بينهم هذا الدين، وصفوة الله من خلقه لهذا الدين العلماءُ.
فإذا أردت أن ترى عزة الإنسان فانظر إليه مع أهل العلم، فإذا نظر إلى أهل العلم أنهم مؤتَمَنون على دين الله فقدَّرهم وأجلَّهم رفع الله شأنه، حتى قيل في صلاح الدين الأيوبي، وكم من أناس كانوا لهم فضل من قواد المسلمين ممن كان لهم عظيم البلاء؛ لكن هذا القائد جعل الله له من المحبة والقبول ما الله به عليم، فلو قرأت في سيرته لوجدت أن مجلسه لا يكون إلا بالعلماء، وكان لا يجلس المجلس ولا يبرم الأمر حتى يكون في مجلسه ما لا يقل عن عشرين عالماً يسأله.
ومن عرف فضلهم فإن الله عزَّ وجلَّ يتأذن له بالمحبة والقبول، واقرأ في سير الناس فلن تجد تاجراً وضع تجارته بين يدي العلماء، فأصبح يتقدم إذا قيل له: تقدم، ويتأخر إذا قيل له: أحجم وتأخر، إلا بارك الله في رزقة، وبارك له في تجارته، ووضع الله له من المحبة بين الناس والتقدير على قدر ما جعل الله في قلبه من المحبة لأهل العلم.
وهذه سنة من الله، من عرفها فقد عرفها، ومن لم يعرفها فسيعرفها.
والعجب: أن بعضهم إذا ذهب إلى العالم ليسأله، أو إذا جلس في مجلس العالم يسأل تجده يعتز بنفسه أن يُشْعِر العالم أنه محتاج لعلمه، وهذا مَرَّ ورأيناه، وإن كان الواجب عليك كطالب علم لَمَّا ترى مثل هذه النوعية تزجره وتُشْعِره أنه يسأل ليعلم وليس أهلاً لأن يناقِش أو يعترض، فتجد البعض ممن يسأل -وهذا مَرَّ بنا كثيراً- يقول لك: عندي مسألة قد سمعتُ من يحرمها؛ ولكن في رأيي ليس فيها شيء ويعطيك الجواب قبل أن يسأل، ويعطيك الخلاصة قبل أن يستشكل ويستفتي، ولم يعد هناك تقدير لأهل العلم، ولا شعور بالحاجة إلى أهل العلم.
وموسى عليه السلام يقول: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} [الكهف:66]، هل أتبعك؟ العلم لا يؤتى بالتكبر، وأهل العلم إذا تعالينا عليهم تعاظمنا على الدين؛ لأن العالم صاحب رسالة وأمانة، يحمل في قلبه كتاب الله وفي صدره سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويحمل هذا النور والعلم، وكم من إنسان يكون من أذكى خلق الله ولا يستطيع أن يحفظ آية، ويقول: أتمنى حفظ القرآن ولا يُبَلَّغ، فمَن الذي وفق ذاك للحفظ وفتح عليه، وجعل صدره آيات بينات من العلم، وصرفه عن هذا مع أنه أذكى من ذاك العالِم؟ وإن الله يختار من يشاء.
فمثل هؤلاء إذا أصبحنا نتعاظم ونتعالى عليهم حرمنا البركة، وإذا جاء الغني والتاجر وصاحب الشركة يسأل وكأنه يريد أن يفرض رأيه، ويريد أن يفرض ما يريد من التحليل، فحينئذ تذهب كرامة العلماء، ويصبح العلم أشبه بأنه آراء.
ولذلك أصبح العلم في زماننا في كثير من الأحوال -إلا من رحم الله- إذا عرض للعامة يُعرض كرأي من الآراء، ولربما تُطرح القضية الدينية التي -والله- لو عُرضت على عالم من علماء السلف لجثا على ركبتيه خوفاً من الله أن يتكلم فيها، تُطرح للعامة، وكل يُدلي برأيه، فلربما تأتي مسألة موت الدماغ؛ هل هو موت أو لا؟ فيُستفتَى فيها كل أحد، ولربما تُنشر لكل أحد، ويؤخذ فيها رأي كل أحد؛ ولكن بين يدي الله عزَّ وجلَّ سيكون الموعد، ويعرف الناس فضل أهل العلم، وما أوجب الله عليهم من الرجوع إلى العلماء، وعندها يعرف الإنسان قيمة نفسه وقيمة غيره.
فينبغي الرجوع إلى العلماء، وإشعار العلماء عند السؤال أنهم علماء وأنهم أمناء على دين الله، نسألهم بكل ذلة، وليست لهم بذاتهم وإنما لله، ونقول: أجبني! فإنه قد أشكل عليَّ الأمر، بصِّرني! جزاك الله خيراً، ونحو ذلك، فالعلماء لا يريدون بذلك إلا النفع والحق.
فينبغي على المسلم الرجوع إلى العلماء وسؤالهم، واستفتائهم بالصورة التي تليق بحرمة العلماء، وتليق بمن يبحث عن الحق.
ثانياً: التسليم: فلا ينبغي لأحد يقول له أحدٌ: قال الله، قال رسوله، إلا أن يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285]، فلا يقول: رأيي، وفي نظري، وفي اجتهادي، وعلى طلاب العلم أن يزجروا أمثال هؤلاء السفهاء، وأن يقولوا لهم: دين الله ليس فيه مجال للرأي، وشريعة الله عزَّ وجلَّ ليس لكل أحد أن يقول فيها برأيه، ولذلك قال أبو الدرداء: (عذيري من رجل أقول له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول لي: ما أرى بهذا بأساً، والله لا أصحبك ليلة واحدة)، وترك معاوية رضي الله عنه بالشام حينما قال له حديثاً من رسول الله، فقال معاوية رضي الله عنه: (ما أرى بهذا بأساً، فقال له: والله لا أصحبك ليلة واحدة، ورجع إلى عمر وقال له المقالة، فقال له: ارجع إلى ثغرك فوالله لا خير في قوم لا تكون فيهم).
كانت عنده الغَيرة على الكتاب والسنة.
فينبغي علينا التسليم بعد الحكم.
ثالثاً: الاستيثاق: فإذا جئنا نطرح المسألة للعلماء نطرحها بأمانة، فلا يطرح السائل المسألة وقد خفيت جوانب منها، ولا يحاول أن يحوِّر المسألة بطريقة ذكية تجعل العالِم يقتنع بجوازها، وبالتفصيل فيها، فعليه أن يتقي الله، وأن يطرح الأمر بكل أمانة، فإنه إن فعل ذلك وفق للرشد، وألهم الصواب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد