عرض مشاركة واحدة
  #251  
قديم 13-08-2024, 07:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [134]
الحلقة (165)





شرح سنن أبي داود [134]

صلاة الجمعة واجبة على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض، وكذلك المسافر لا جمعة عليه، ولا تجب الجمعة إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، أو كانت ليلة باردة أو يوماً مطيراً.

التشديد في ترك الجمعة



شرح حديث: (من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التشديد في ترك الجمعة. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن محمد بن عمرو قال: حدثني عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه -وكانت له صحبة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه) ]. أورد أبو داود السجستاني رحمه الله باب التشديد في ترك الجمعة، يعني: أن أمرها خطير، وليس بالأمر الهين، وفيه وعيد شديد، فعلى المسلم أن يحذر من أن يحصل منه التساهل والتهاون في ذلك؛ حتى لا يحصل له هذا الأمر الذي توعد به على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه)، أي: أنه لا يحضرها، وإنما يصلي وحده أو في جماعة ظهراً، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن الذي يتكرر منه هذا العمل يطبع الله على قلبه، فلا يصل إليه هدى، ولا يصل إليه خير، وهذا يدلنا على خطورة هذا العمل، وأنه أمر لا يسوغ ولا يجوز، وأن الواجب على كل مسلم أن يحرص على حضور الجمعة والجماعة، ولا يتهاون في ذلك؛ حتى لا يعرض نفسه للوقوع في هذا الوعيد الشديد الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا ما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو يخطب على المنبر: (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين)، وكل هذا يدلنا على خطورة التخلف عن صلاة الجمعة.


تراجم رجال إسناد حديث: (من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد هو ابن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو ابن سعيد القطان البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمرو ]. هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبيدة بن سفيان الحضرمي ]. عبيدة بن سفيان الحضرمي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الجعد الضمري ]. أبو الجعد الضمري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب السنن.
كفارة من ترك الجمعة


شرح حديث: (من ترك الجمعة من غير عذر فليتصدق بدينار ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كفارة من تركها: حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا همام حدثنا قتادة عن قدامة بن وبرة العجيفي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من ترك الجمعة من غير عذر فليتصدق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار). قال أبو داود : وهكذا رواه خالد بن قيس وخالفه في الإسناد ووافقه في المتن. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا محمد بن يزيد و إسحاق بن يوسف عن أيوب أبي العلاء عن قتادة عن قدامة بن وبرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فاته الجمعة بغير عذر فليتصدق بدرهم أو نصف درهم، أو صاع حنطة أو نصف صاع). قال أبو داود : رواه سعيد بن بشير عن قتادة هكذا إلا أنه قال: (مداً أو نصف مد) وقال: عن سمرة . قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن اختلاف هذا الحديث فقال: همام عندي أحفظ من أيوب يعني: أبا العلاء ]. أورد أبو داود رحمه الله باباً في كفارة من تركها، أي: من حصل منه ترك الجمعة، والمقصود من هذه الترجمة أنه وردت أحاديث فيها ذكر الكفارة، وهي التصدق بدينار أو نصف دينار، أو درهم أو نصف درهم، أو مد أو نصف مد، أو صاع أو نصف صاع، والمقصود: أن عليه أن يكفر بهذه الصدقة وبهذا المال، ويكون هذا من باب أن الحسنات يذهبن السيئات، ولكن الحديث الذي ورد في هذا من طرقه المختلفة لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو غير صحيح، والكفارة في هذا: أن يتوب الإنسان إلى الله عز وجل، وأن يندم على ما مضى، وأن يعزم في المستقبل على ألا يعود إلى ترك الجمعة، أما كونه يكفر بمبلغ من المال فلم يثبت ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي أورده أبو داود في هذا الباب طرقه كلها من طريق رجل واحد مجهول لا يحتج بحديثه.

تراجم رجال إسناد حديث: (من ترك الجمعة من غير عذر فليتصدق بدينار ...)


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا يزيد بن هارون ]. هو يزيد بن هارون الواسطي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا همام ]. هو همام بن يحيى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قدامة بن وبرة العجيفي ]. قدامة بن وبرة العجيفي مجهول أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ عن سمرة بن جندب ]. سمرة بن جندب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : وهكذا رواه خالد بن قيس ]. خالد بن قيس صدوق يغرب أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ رواه خالد بن قيس وخالفه في الإسناد ووافقه في المتن ]. يعني: خالفه في الإسناد، وأما المتن فهو متفق معه، والضمير يرجع للراوي عن قتادة وهو همام . [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا محمد بن يزيد ]. هو محمد بن يزيد الواسطي وهو ثقة أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ و إسحاق بن يوسف ]. هو إسحاق بن يوسف الأزرق وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب أبي العلاء ]. أيوب أبو العلاء صدوق له أوهام أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن قتادة عن قدامة بن وبرة ]. مر ذكرهما.
حال حديث التصدق بدينار لمن ترك الجمعة من غير عذر

قوله: [ عن قدامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. هذا مرسل؛ لأن قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قبيل المرسل، والإسناد المتصل الذي قبل هذا فيه هذا الرجل المجهول، ولا يحتج بحديثه. وفي هذا الحديث: (فليتصدق بدرهم أو نصف درهم)، وفي الأول: (بدينار أو نصف دينار) وكل ذلك غير صحيح وغير ثابت، ومن المعلوم أن الدرهم والدينار بينهما فرق شاسع، ففيه اضطراب في ذكر ما يتصدق به إما درهم أو نصف درهم، أو دينار أو نصف دينار، أو مد أو نصف مد، أو صاع أو نصف صاع، وكل هذا من الاضطراب. [ قال أبو داود : رواه سعيد بن بشير عن قتادة هكذا ]. سعيد بن بشير ضعيف أخرج له أصحاب السنن. [ إلا أنه قال: (مد أو نصف مد) وقال: عن سمرة ]. يعني: أنه لم يرسله، بل ذكر الصحابي سمرة . [ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن اختلاف هذا الحديث فقال: همام عندي أحفظ من أيوب يعني: أبا العلاء ]. يعني: همام و أيوب أبو العلاء رويا عن قتادة ، و همام أحفظ من أيوب أبي العلاء ، لكن كون هذا أحفظ من هذا لا يصحح الحديث؛ لأن فيه ذلك الرجل المجهول في جميع طرقه وأسانيده، فالحديث لا يحتج به من أجل الرجل المجهول.
من تجب عليه الجمعة؟


شرح حديث: (كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من تجب عليه الجمعة؟ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن جعفر حدثه عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أنها قالت: (كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالي) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب من تجب عليه الجمعة؟ يعني: من يجب عليه أن يحضر للجمعة من مكانه ومن مسكنه إذا كان في البلد أو خارج البلد؟ هذا هو المقصود بهذه الترجمة، وليس المقصود منها صفات الشخص الذي تجب عليه الجمعة، وهي: أن يكون مسلماً حراً بالغاً عاقلاً؛ لأنه سيأتي بتراجم تبين عدم وجوب الجمعة على المرأة والمملوك وأهل القرى، وإنما المقصود هنا الذين عليهم أن يحضروا الجمعة لكونهم في البلد ويسمعون النداء، أو كونهم من خارج البلد وقريبين منها؛ فيأتون إلى الجمعة ولا يجمعون في مكان آخر وحدهم مع قربهم من المكان الذي يجمع فيه، وإذا كان المكان متسعاً وليس بضيق. إذاً: المقصود بهذه الترجمة أن من سمع النداء فعلاً أو حكماً، أو كان في حكم من يسمع النداء لكونه قريباً من البلد الذي هو من أطرافها وضواحيها، فليس له أن يجمع في هذه الضواحي، بل عليه أن يقدم إلى المكان الذي يجمع فيه أهل البلد ويحضر الجمعة ولا يتخلف عنها؛ ولهذا أورد أبو داود رحمه الله حديثين تبين أن الإنسان يحضر إلى الجمعة من منزله إذا كان من ضواحي البلد، فأورد حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالي) يعني: منازلهم التي هي قريبة من المدينة، ومن العوالي التي هي بعيدة من المدينة وعلى أميال منها. وقيل: إن أبا داود قصد الرد على من قال: إن من كان خارج المدن لا تجب عليه الجمعة؛ لأن عائشة ذكرت أن أهل العوالي كانوا يحضرون الجمعة مع رسول صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن من كان خارج المدينة في ضواحيها وبساتينها فإن عليه أن يحضر الجمعة، وليس له أن يتخلف عن الجمعة.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالي)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عمرو ]. هو عمرو بن الحارث المصري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن أبي جعفر ]. عبيد الله بن أبي جعفر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن محمد بن جعفر ]. هو محمد بن جعفر بن الزبير وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة بن الزبير ]. هو عروة بن الزبير بن العوام وهو ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة ، و ابن عمر ، و ابن عباس ، و أبو سعيد ، و أنس ، و جابر ، و أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث: (الجمعة على كل من سمع النداء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن محمد بن سعيد -يعني: الطائفي - عن أبي سلمة بن نبيه عن عبد الله بن هارون عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الجمعة على كل من سمع النداء). قال أبو داود : روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصوراً على عبد الله بن عمرو ولم يرفعوه، وإنما أسنده قبيصة ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجمعة على كل من سمع النداء) يعني: حق عليه أن يحضر الجمعة إذا سمع النداء، والحديث ضعيف؛ لأن فيه مجهولين، وفيه من خالف الثقات، ولكن معناه صحيح وثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في صلاة الجماعة ومثلها الجمعة، ففي قصة ابن أم مكتوم أنه جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! إني شاسع الدار، وليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب) فدل هذا على أن سماع النداء يوجب على السامع أن يحضر إلى الجمعة، ولكن إذا كان المسجد يمتلئ ولا يتسع للمصلين، واحتيج إلى أن يصلى في أماكن أخرى، فلهم أن يجمعوا فيها للحاجة، ولا بأس بذلك، أما أن يكون المسجد يتسع للجميع، والأماكن ليست بعيدة فعلى أهل البلد ومن يكون قريباً منهم أن يحضروا إلى ذلك المسجد الذي يجمعون فيه.
تراجم رجال إسناد حديث: (الجمعة على من سمع النداء)

قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا قبيصة ]. هو قبيصة بن عقبة وهو صدوق ربما خالف أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن سعيد يعني: الطائفي ]. محمد بن سعيد الطائفي صدوق أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبي سلمة بن نبيه ]. أبو سلمة بن نبيه مجهول أخرج حديثه أبو داود . [ عن عبد الله بن هارون ]. عبد الله بن هارون مجهول أخرج حديثه أبو داود . [ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي ابن صحابي وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصوراً على عبد الله بن عمرو ولم يرفعوه وإنما أسنده قبيصة ]. قوله: (رواه جماعة عن سفيان غير قبيصة ) وهم ثقات لم يرفعوه ولم يسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي أسنده قبيصة ، فخالف الثقات في رفعه، فالحديث ضعيف، فيه مخالفة، وفي إسناده أيضاً المجهولان.
الجمعة في اليوم المطير


شرح حديث الصلاة في الرحال


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الجمعة في اليوم المطير. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه رضي الله عنه: (أن يوم حنين كان يوم مطر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه أن الصلاة في الرحال). حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن صاحب له عن أبي المليح : أن ذلك كان يوم الجمعة. حدثنا نصر بن علي قال سفيان بن حبيب : خُبرنا عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المليح عن أبيه رضي الله عنه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في يوم جمعة وأصابهم مطر لم يبتل أسفل نعالهم فأمرهم أن يصلوا في رحالهم ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب الجمعة في اليوم المطير]، وهو اليوم الذي ينزل فيه المطر، يعني: هل يحضر الناس فيه للجمعة أم أنهم معذورون في التخلف عن الجمعة؟ أورد أبو داود رحمه الله أحاديث تتعلق بالسفر؛ لأنها في حنين أو الحديبية، وكل ذلك في سفر، ومن المعلوم أن المسافر ليس عليه جمعة، وإنما الذي عليه الجمعة هو المستوطن المستقر في القرى والمدن، هؤلاء هم الذين يجمعون، وأما أهل البوادي غير المستقرين وكذلك المسافرون فإنهم لا يجمعون، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يجمع في السفر، وقد كان في عرفة في حجة الوداع يوم الجمعة ولم يجمع، وإنما صلى الظهر والعصر جمعاً، وأسر في الظهر والعصر كالشأن في سائر الأيام، فالمسافر يصلي يوم الجمعة ظهراً مقصورة ويسر فيها بالقراءة، فلم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يجمع في الأسفار. الأحاديث التي أوردها أبو داود هنا لا تتعلق بالتجميع في المدن والتخلف عن الجماعة في المدن بسبب المطر، ولكن جاء في ذلك حديث ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام سيذكره المصنف في آخر الباب الذي بعد هذا، وهو الذي يطابق الترجمة ويدل عليها من جهة التخلف عن الجمعة في اليوم المطير، أما هذه الأحاديث فلا تدل عل الترجمة إلا أن يكون المقصود: أن كان الرسول صلى الله عليه وسلم أذن بالصلاة في الرحال والناس في السفر في يوم الجمعة ليصلوا صلاة الظهر في رحالهم؛ فإن الجمعة أيضاً تكون كذلك، فهو يوافق الترجمة من حيث الاستنباط والقياس؛ لأن التجميع لم يحصل من النبي صلى الله عليه وسلم في السفر. [ عن أبي المليح عن أبيه أن يوم حنين كان يوم مطر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه أن الصلاة في الرحال ]. هذا ليس فيه نص على الجمعة، ولكن الرواية الثانية هي التي فيها ذكر الجمعة، والمنادي هو المؤذن، فعندما يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح يقول: صلوا في رحالكم، وفي الحديث الآخر الذي سيأتي أنه بدل أن يقول: حي الصلاة حي على الفلاح يقول: ألا صلوا في رحالكم ألا صلوا في رحالكم، ولا مانع من الجمع بينهما؛ لأن المقصود بقوله: حي الصلاة. أن من أراد أن يحصل الفضيلة فله أن يأتي، ومن أراد أن يتخلف فإنه معذور وقد أذن له بذلك؛ ولذا قيل له: الصلاة في الرحال؛ ولهذا ينبغي للمؤذن والإمام أن يقيما الصلاة جماعة في المسجد. [ عن أبي المليح عن أبيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في يوم جمعة وأصابهم مطر لم يبتل أسفل نعالهم فأمرهم أن يصلوا في رحالهم ]. يحتمل أن تكون القصة متعددة أو أنها قصة واحدة ولكن حصل فيها الاختلاف هل هي في حنين أو الحديبية؛ لأنها كلها من طريق أبي المليح عن أبيه، فيحتمل أن تكون القصتان حصلتا جميعاً، ويحتمل أن تكون قصة واحدة ولكن حصل الاختلاف هل هي هذه أو هذه، والحديبية كانت في السنة السادسة، وحنين كانت بعد فتح مكة في آخر السنة الثامنة. قوله: [ لم يبتل أسفل نعالهم ]. معناه: أن المطر لم يكن غزيراً وكثيراً، ولعل ذلك لكون المطر فيه ضرر عليهم، فأذن لهم أن يصلوا في رحالهم، أي: في خيامهم ومنازلهم التي هم نازلون فيها؛ لأنهم مسافرون نازلون في خيام، وليسوا في مساكن وبنيان.
تراجم رجال إسناد حديث الصلاة في الرحال

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن همام عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه ]. همام و قتادة مر ذكرهما، و أبو المليح ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبوه هو أسامة بن عمير صحابي أخرج له أصحاب السنن.
تراجم رجال إسناد الطريق الثانية لحديث الصلاة في الرحال

قوله في الإسناد الثاني: [ حدثنا محمد بن مثنى ]. هو محمد بن مثنى العنزي أبو موسى الملقب بالزمن البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الأعلى ]. هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد ]. هو سعيد بن أبي عروبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صاحب له عن أبي المليح (أن ذلك كان يوم الجمعة) ]. الرواية السابقة مطلقة وليس فيها ذكر الجمعة، وهذه الرواية بينت أنها الجمعة، لكنه هنا ما قال: عن أبي المليح عن أبيه، بل وقف الإسناد إلى أبي المليح ، فما أدري هل هو بالإسناد السابق أو أنه مقطوع على أبو المليح ، وعلى كل المقصود من ذلك تفسير الرواية المطلقة السابقة حتى يكون الحديث مطابقاً للترجمة؛ لأن الترجمة الجمعة في اليوم المطير.

تراجم رجال إسناد الطريق الثالثة لحديث الصلاة في الرحال

قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان بن حبيب ]. سفيان بن حبيب ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ خبرنا عن خالد الحذاء ]. خالد الحذاء هو خالد بن مهران الكاهلي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقوله: خبرنا فيه انقطاع. [ عن أبي قلابة ]. هو عبد الله بن زيد الجرمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي المليح عن أبيه ]. مر ذكرهما.
التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو المطيرة


شرح حديث (كان إذا كانت ليلة باردة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة. حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن نافع (أن ابن عمر رضي الله عنهما نزل بضجنان في ليلة باردة فأمر المنادي فنادى أن الصلاة في الرحال). قال أيوب : وحدث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان إذا كانت ليلة باردة أو مطيرة أمر المنادي فنادى الصلاة في الرحال). حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع قال: (نادى ابن عمر رضي الله عنهما بالصلاة بضجنان، ثم نادى أن صلوا في رحالكم قال فيه: ثم حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة ثم ينادي: أن صلوا في رحالكم في الليلة الباردة وفي الليلة المطيرة في السفر) . قال أبو داود : ورواه حماد بن سلمة عن أيوب و عبيد الله قال فيه: (في السفر في الليلة القرة أو المطيرة). حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أنه نادى بالصلاة بضجنان في ليلة ذات برد وريح فقال في آخر ندائه: ألا صلوا في رحالكم، ألا صلوا في رحالكم ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في سفر يقول: ألا صلوا في رحالكم). حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما -يعني: (أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح- فقال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر يقول: ألا صلوا في الرحال). أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو المطيرة]، يعني: بسبب البرد أو المطر، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طرق متعددة أنه كان يأمر المنادي أن يقول: صلوا في الرحال وكان ذلك في سفر، وفي بعض الروايات أنه بضجنان، وهو جبل قريب من مكة في جهة المدينة، والروايات المتعددة فيها أنه كان في سفر، فيدل ذلك على أن الجماعة في السفر مطلوبة؛ ولهذا كانوا يصلون جماعة وهم مسافرون، ولم يكن يصلي كل رجل في رحله أو في مكانه وحده، وإنما يجتمعون ويصلون جماعة، لكن في الليلة الباردة أو المطيرة أذن لهم أن يصلي كل رجل في رحله، أي: في المكان الذي هو فيه، فهذا الحديث من طرقه المتعددة يدل على أن المطر والبرد مسوغ لترك الجماعة الكبرى التي هي جماعة الإمام، أو الجماعة التي تكون لرئيس الجيش أو لرئيس المسافرين، وأن لكل رجل أن يصلي في رحله؛ لأن ابن عمر رضي الله عنه أمر مناديه أن يقول: صلوا في رحالكم، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا الذي فعله، وهو إنما فعله مقتدياً برسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.25 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.28%)]