عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 30-07-2024, 10:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حل إشكالات الإنتصار

حل إشكالات الإنتصار


وضاح أحمد الحمادي



قال : (مسألة : قال : وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز النكاح بخاتم من حديد ، وبسورة من القرآن. وخالفتم أنتم في ذلك ، وقال مالك رحمه الله : لا يجوز)
أقول : الحديث رواه مالك في (موطأه) عن أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياما طويلا، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل عندك من شيء تصدقها إياه؟» فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا» فقال: ما أجد شيئا، قال: «التمس ولو خاتما من حديد»، فالتمس فلم يجد شيئا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل معك من القرآن شيء»؟ فقال: نعم. معي سورة كذا وسورة كذا - لسور سماها - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أنكحتكها بما معك من القرآن»
وعن مالك رواه الشافعي في (الأم).
والحديث متفق على صحته ، وقيل هو متواتر.
قال الإمام ابن الفخار : (يا أيها الرجل قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهل بلغك أو بلغ أحداً من الناس أن واحداً منهم نكح بما ذكرتَ ، وعلى الصفة التي وردت في الحديث بعد هذا الرجل المخصوص بذلك ؟ مع وجود الفقر في المهاجرين وأهل الصفة الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ، وفقراء أهل الصفة، أو بلغك عن أحد منهم بلاغاً لو أنعمت النظر لكان السكوت عن إيرادك للحديث المخصوص ، وأن لا توجب به العموم أولى لك ، لأن جميع حروف الحديث لو أنعمت النظر فيها وتدبرتها ، لدلت على التخصيص ، ومن أنكر أن هذه الحديث خصوص ، فقد كابر بغير دراية)
وأطال رحمه الله بما حاصل جوابه ، الحديث صحيح مقطوع بصحته ، وهو كافٍ في الحجية عندنا وعندكم ، وأن دعوى التخصيص لا برهان عليها .
وهذا كافٍ ، لكن دفعاً للشغب نقول : قال رحمه الله (ومن أنكر أن هذا الحديث خصوص فقد كابر بغير دراية ، من ذلك : 1. أنها وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فهذا خاص)
وجوابه : أنا لم نستدل بهذا الخصوص ، بل بغيره.
وقال : (2. ومنها : أنه أنكحها ، ولم يظهر لنا أنه سألها : هل تحب نكاح غيره عليه السلام أم لا؟)
والجواب : قوله (لم يظهر لنا) دليل على عدم علمه بما في نفس الأمر ، هل سألها أم لا ، وإلا لقطع بعدم سؤالها ، لأنه أدل على مراده من الخصوصية ، وعليه فلا دلالة لجواز أن يكون سألها التوكيل ونحوه ، أو تكون هبتها نفسها كافٍ فيه.
وقال : (3. ومنها أنه لم يسألها في الحديث : هل رضيت بذلك الرجل؟ ...)
وهذا كسابقه.
قال : (4. ومنها أنه لم يسألها : هل تحفظ السؤرة أم لا تحفظها ؟ وكان ظاهره : "إني زوجتكها لأن معك قرآن تقرأه" إذ لم يأمره أن يعلمها السور)
وجوابه : أن الحديث روي بعدة ألفاظ منها : "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً عَلَى سُورَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ يُعَلِّمُهَا إِيَّاهُمَا" فبطلت دعواه. ولو لم يرد هذا اللفظ لكانت المقابلة تفيده ، أي (زوجتكها بما معك من القرآن) فإنه لا مقابلة أو معاوضة إن لم يكن التعليم مقصوداً ، واللفظ يفيد هذه المعاوضة.
ولم يرد أنه لم يسأل ، وسؤاله صلى الله عليه وسلم عن السور وتعديد الرجل لها لا معنى له ، فإنه لو قال : أحفظ عشر سور أو خمس سور ، كفاه في الدلالة على مقدار ما يحفظ ، لكن كأنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يعرف أيحفظ من القرآن ما لا تعرفه هي فيعلمها أياه أم لا؟
فإن قيل : في الجواب بعض تعسف .
قلنا : لأن الدعوى التي نردها تعسف محض ، ونحن نتكلف رده ، وإلا كان الاكتفاء بصحة الحديث والاتفاق على حجيته كافٍ لخصمه.

قال : (وفي الحديث أنه لم يبح النكاح بخاتم الحديد حتى لم يجد شيئاً ...)
والجواب : إن أراد (لم يبح) أنه منع وحرم ذلك ، فهذه دعوى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال : "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار".
وإن قال : أردت ، أنه لم يذكر إباحته حتى لم يجد شيئاً .
قلنا : لأنه صلى الله عليه وسلم هنا وكيلها أو وليها ، فهو يتصرف بما فيه الحظ لها ، فلم يكن لينتقل إلى الأدون مع إمكان الأعلى.
والله أعلم
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.71%)]