عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 29-07-2024, 12:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حل إشكالات الإنتصار

حل إشكالات الإنتصار


وضاح أحمد الحمادي




قال رحمه الله : (مسألة : وقال هذا الرجل : قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لسليك إذا جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال : "صليت؟" قال : لا ، قال : "قم فاركع" وخالف ذلك مالك، وقال : لا يركع ، ونهى عن ذلك أشد النهي)
أقول : قد روي الأمر بهما من حديث جابر في الصحيحين بلفظ : جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: «أَصَلَّيْتَ يَا فُلاَنُ؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» وحديث سليك رواه مسلم بعدة ألفاظ أحدها : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» ثُمَّ قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا»


وقد روى أبو سعيد الخدري قصة سليك فقال : " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَ رَجُلٌ وَهُوَ يَخْطُبُ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ، فَقَالَ: «أَصَلَّيْتَ» ؟ قَالَ: لا، قَالَ: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، قَالَ: ثُمَّ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَلْقَوْا ثِيَابًا فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا الرَّجُلَ ثَوْبَيْنِ.​
فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الأُخْرَى جَاءَ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَلَّيْتَ» ؟ قَالَ: لا، قَالَ: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، ثُمَّ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ يَعْنِي: فَطَرَحَ، يَعْنِي: ذَلِكَ الرَّجُلُ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «خُذْهُ خُذْهُ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا إِلَى هَذَا جَاءَ تِلْكَ الْجُمُعَةَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَأَمَرْتُ النَّاسَ بِالصَّدَقَةِ فَطَرَحُوا ثِيَابًا فَأَعْطَيْتُهُ مِنْهَا ثَوْبَيْنِ فَلَمَّا جَاءَتِ الْجُمُعَةُ أَمَرْتُ النَّاسَ بِالصَّدَقَةِ فَجَاءَ فَأَلْقَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ»

وقال ابن الفخار : (الجواب عن ذلك إن كان قد أمرَ سليكاً بالركون وهو يخطب ، فقد أمرَ غيره بالجلوس، قال معاوية بن صالح حدثني أبو الزاهرية ، عن عبدالله بن بسر قال : كنت جالساً إلى جانبه يوم الجمعة فقال : جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة وسلو الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إجلس فقد آذيت و(أوذيت)"


أقول : قال ابن حزم رحمه الله : ( وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِوُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ -:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ؟
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ - لَوْ صَحَّ - أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَكَعَهُمَا، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رَكَعَهُمَا ثُمَّ تَخَطَّى، وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ رَكَعَهُمَا، فَإِذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ لَا أَنَّهُ رَكَعَ، وَلَا أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ -: فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَا عَلَيْهِمْ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ فِي الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ فَيَكُونُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدَ الْكَذَّابِينَ؟
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ الْخَبَرُ، وَكَانَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَكَعَ -: لَكَانَ مُمْكِنًا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ بِالرُّكُوعِ، وَمُمْكِنًا أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ، فَإِذْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لَهُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ؟
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْخَبَرُ وَصَحَّ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَكَعَ.
وَصَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ بِأَنْ يَرْكَعَ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ -: لِمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّنَا لَمْ نَقُلْ: إنَّهُمَا فَرْضٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُمَا سُنَّةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا، وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ صَلَاتِهِمَا؟ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ الْفَاسِدِ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ) انتهى.
أقول : معاوية بن صالح ثقة إن شاء الله كما قاله الذهبي رحمه الله في (ميزان الاعتدال) وإنما تكلموا فيه من أجل مناكير رواها عن مجاهيل أو رواها عنه ضعفاء ، وكان رحمه الله مكثراً يروي عن كل أحد ويحدث بكل ما سمع فيما يظهر من حاله ، وتكلموا في عدالته بما لا يقدح إن شاء الله ، وليس هو بدون الثقة إن شاء الله. وقول الذهبي فيه خير من قول ابن حجر رحمه الله في (التقريب) : "صدوق" وكل هذه الأوجه خير مما ذهب إليه ابن الفخار لأن الأصل عند التعارض بين الأخبار الجمع لا الدفع. ومن أوجه الجمع أن يقال : دل ظاهر الحديث على ازدحام المسجد ، فلعله صلى الله عليه وسلم رأى أنه لا مكان يكفي ليصلي فيه ركعتين ، فأمره بالجلوس. ولعله وصلَ ولم يبقَ من وقت الخطبة ما يسع الداخل ليصلِ ركعتين فاكتفى صلى الله عليه وسلم بدفع أذاه بأمره للجلوس.
قال ابن الفخار : (فقيل : إن أمره سليكاً بالصلاة ليتصدق عليه)
أقول : هو مردود بحديث أبي سعيد الخدري المتقدم ، وفيه أنه بعد أن تصدقوا عليه أمره كذلك في الجمعة التي تليها بأن يصلي ركعتي ، ولم يكن أمرهم بالتصدق عليه كما يدل عليه تصدقه هو نفسه بأحد ثوبيه. وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر : " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا" فدلت الزيادة على أن الأمر غير مختص بسليك رضي الله عنه ، قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في صحيحه بعد إيراده حديث سليك بهذه الزيادة : "فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ هَذَا كَانَ خَاصًّا لِسُلَيْكٍ - أَوْ لِلدَّاخِلِ وَهُوَ رَثُّ الْهَيْئَةِ وَقْتَ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ خَالَفَ أَخْبَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْصُوصَةَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» مُحَالٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ دَاخِلًا وَاحِدًا دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ» عِنْدَ الْعَرَبِ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ الْجَمْعِ"
وكذلك روى أبو قتادة رضي الله عنه قال : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»
واستدل رحمه الله بالقياس على الملائكة ، وهو قياس مع الفارق وفي مقابلة النص ، أما النص فقد تقدم ، أما الفارق فلعدم الدليل على أنهم مكلفين بالصلاة تكليفنا.

وقال : (وصلاة النافلة ليست بواجبة ، واستماع الذكر واجب بالسنة ، فكذلك بنبغي طي الاشتغال بالنافلة ، كما طوت الملائكة صحفهم ...)
تقدم معك أن القياس على الملائكة في مقابلة النص ، كما أنه لم يأتِ نص بأن صلاة التحية نافلة لهم ، ولو جاء ، لم يدل لأنهم يأتون مبكرين فمن أين له أنهم لم يصلوا.
وجواب باقي كلامه داخلٌ فيما تقدم.
والله أعلم



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]