عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28-07-2024, 11:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,240
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشاكل أسرية يكون الزوج سبباً فيها

مشاكل أسرية يكون الزوج سبباً فيها ـ 3 ـ



الشيخ أحمد النعسان


الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد فيا عباد الله:
خلاصة الخطبة الماضية:
لقد ذكرت في الأسابيع الماضية بأن الحياة الزوجية لا تخلو من بعض الخلافات والمشاكل, وذلك لحكمة يريدها الله تعالى, قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}, يريدنا الله تعالى أن نتنافس في حسن العمل, ويريد منا أن يتسابق كلٌّ من الزوجين أيُّهما يكون الأحسن عند الله تعالى.
وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}, يريد منا ربنا عز وجل أن نتحلى بخلق الصبر فيما بين بعضنا البعض وخاصة بين الأزواج.
وذكرت أيها الإخوة أن المرأة ليس شرطاً أن تكون دائماً وأبداً هي السبب في الخلافات الزوجية, فكما تكون الزوجة سبباً في الخلافات, كذلك يكون الزوج سبباً في الخلافات الزوجية, وما دمنا آمنا بالله تعالى رباً وبالقيامة مآلاً ونهاية فلا بدَّ من استحضار قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ}.
وذكرت في الأسبوعين الماضيين أموراً ستة يكون الزوج فيها سبباً في الخلافات الزوجية.
الأمر الأول: عدم الاهتمام بالزوجة وكأنها لا قيمة لها.
الأمر الثاني: منَّة الرجل على زوجته عندما يؤديها حقها.
الأمر الثالث: تهديد الزوجة بالطلاق أو الزواج عليها.
الأمر الرابع: عدم غضِّ الطرف عن بعض زلات الزوجة.
الأمر الخامس: عدم الاهتمام برأيها وعدمُ مشاورتها.
الأمر السادس: منع الزوجة من مشاركة أهلها في أفراحهم وأتراحهم.
بلغ الذي عليك نحو زوجتك:
يا عباد الله: وها أنا أتابع الحديث في هذا الأسبوع عن الأمور التي يكون الزوج فيها سبباً للخلافات الزوجية, وأنا أتمنى عليكم أيها الإخوة الكرام أن تنقلوا إلى نسائكم الأسباب التي يكون الزوج فيها سبباً للخلافات الزوجية حتى تعرف النساء بأن لهنَّ حقوقاً على الأزواج, وحتى يعلمن بأن الزوج قد يخطئ كما تخطئ المرأة.
انقل لأهلك هذه المواضيع حتى تعرف الواجب الذي عليك لتذكرك وتطالبك به, وحتى تبرأ ذمتك بيقين بين يدي الله عز وجل, ألم يقل مولانا عز وجل في كتابه العظيم: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ}. اتق الله في زوجتك وأعلمها بالحق الذي عليك نحوها حتى تعشق هذا الإسلام الذي أعطى لكلِّ ذي حقٍّ حقَّه.
أيها الإخوة: بعض النساء صارت تكره الإسلام والعياذ بالله تعالى لأن الزوج لا ينقل لها من الإسلام إلا الذي عليها, إلا الحق الذي للزوج على زوجته, لا ينقل إليها إلا قول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} لا ينقل إليها إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثَلاثَةٌ لا تُجَاوِزُ صَلاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ, وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ, وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ) رواه الترمذي, وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنَ امْرَأَةٍ يَطْلُبُ مِنْهَا زَوْجُهَا حَاجَةً، فَتَأْبَى فَيَبِيتُ، وَهُوَ عَلَيْهَا غَضْبَانُ، إلا بَاتَتْ تَلْعَنُهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ) رواه الطبراني.
أيها الأزواج: انقلوا لنسائكم الذي لكم والذي عليكم, عرفوا الأزواج ما لهنَّ وما عليهنَّ, ألم يقل مولانا عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} وقدَّمَ الذي لهنَّ على الذي عليهنَّ.
لا يجوز أن ننقل من دين الله الذي يوافق هوانا والذي يكون حقاً لنا, وننسى أن ننقل الذي علينا, ونتناسى الواجب الذي علينا, بل البعض يحذر المرأة أن تشير إليه بالواجب الذي عليه. اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم.
7ـ احتقار الزوجة أمام أولادها أو أهل الزوج:
أيها الإخوة الكرام: من الأسباب التي يكون الزوج فيها سبباً للخلافات الزوجية هو احتقار الزوجة أمام أولادها أو أمام أهل الزوج, وذلك بالكلمات النابية الجارحة للشعور, ظناً من الزوج أنه يريد أن يؤدِّبها ويوقفها عند حدِّها, والأسوأ من ذلك أن يكون التوبيخ والاحتقار للزوجة أمام أهل الزوجة, والكلَّ يعلم بأن أهل الزوجة ضعفاء أمام الزوج, لأنهم يخافون على ابنتهم من الطلاق, فهم يتحمَّلون الأسى والإساءة من أجل سلامة العلاقة بين ابنتهم وزوجها.
أين نحن من المبدأ الذي أرساه سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (وَالضّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيّ عِنْدِي حَتّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقّهُ إنْ شَاءَ اللّهُ, وَالْقَوِيّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتّى آخُذَ الْحَقّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللّهُ) أورده الطبري في تاريخه, وابن هشام وابن كثير في السيرة.
هل هذا التحقير والإذلال وخاصة أمام الأبناء أو أهل الزوج أو أهل الزوجة من دين الله في شيء؟
إذا أردت أن تكون مؤدِّباً ناجحاً فعليك بما يلي:
أيها الإخوة الكرام: من أراد أن يكون مؤدِّباً ناجحاً فعليه بالأمور التالية:
أولاً: حقق شروط النصيحة التي شرعها الإسلام لك, ومن شروط النصيحة أن تكون سرّاً, وأن تكون بلطف من الناصح, وأن تكون بدون استعلاء من الناصح على المنصوح.
فانصح أيها الزوج زوجتك بدون استكبار عليها, وانصحها سرّاً وبلطف.
ثانياً: صدِّر نصيحتك لزوجتك بالكلمة الطيبة الحسنة, وتكلَّم بعد ذلك بالقول الحسن, كما قال تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}.
احذر أن تصدِّر نصيحتك بالكلمة النابية, واحذر أن تتكلَّم معها كلاماً فظاً غليظاً, لأن الإسلام أراد منّا أن نكون كالجسد الواحد.
ثالثاً: خاطب المنصوح وخاصة الزوجة بأحبِّ الأسماء والصفات إليها, هذا إذا أردت أن تنفذ النصيحة إلى قلبها, وتعلم هذا الأسلوب من القرآن العظيم عندما يحدِّثنا عن سادة المؤدِّبين من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام كيف كانوا يخاطبون من أرادوا تأديبهم.
هذا سيدنا إبراهيم عليه السلام يخاطب ولده سيدنا إسماعيل عليه السلام, ويصدِّر خطابه بقوله: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}, وهذا سيدنا لقمان عليه السلام يخاطب ولده, ويصدر خطابه بقوله: {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم}.
ولا يقولنَّ قائل: هؤلاء أبناء بررة يستحقُّون هذا الخطاب, أنت لا تنظر إلى المؤدَّب, بل انظر إلى نفسك أنت أيها المؤدِّب, وظيفتك أن تؤدِّب بأسلوب حَسَن بغضِّ النظر عن المؤدَّب, فهذا سيدنا نوح عليه السلام يخاطب ولده الكافر الملحد المادي الذي لا يؤمن إلا بالطبيعة, فيقول له سيدنا نوح عليه السلام: {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِين}.
بل تعلَّمْ أدب التأديب من القرآن الكريم, حيث نجد في القرآن العظيم عندما يريد الله تعالى أن يؤدب عباده فإنه يصدِّر التأديب بلفظ الإيمان الذي هو أقدس وأجمل وصف يعتزُّ به المؤمن, فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون}, ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ}.
هذا أسلوب القرآن, هذا هو توجيه الله الخالق الأعلى لعباده, فنحن من باب أولى أن نصدِّر الخطاب في المؤدَّب بأحبِّ وأجمل الألفاظ إليه حتى نستميل قلبه إلينا وليسمع ما نملي عليه.
رابعاً: لا تكن فظاً غليظ القلب أثناء تأديب الزوجة:
تذكَّر أيها المؤدب والناصح, تذكر أيها الزوج, قولَ الله تعالى لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}, هذا في حق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المعصوم, فكيف في حقنا؟ من باب أولى وأولى, الإسلام يريد من التأديب جمع الشمل وتماسك الأسرة, وبالفظاظة والغلظة تتفكَّك الأسرة, وقد يؤدي الأمر إلى الطلاق وشتات الأولاد.
خامساً: لا تقابل الزوجة بما تكره:
تذكَّر أيها الزوج بأن من سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يقابل أحداً بما يكره, إنما كان يعرِّض تعريضاً فيقول: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا) رواه مسلم.
وهذا الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يؤدِّب ويواجه مهاجر أم قيس ما قابله بما يكره, بل لوَّح له تلويحاً وعرَّض تعريضاً, فقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّما الأَعمالُ بالنِّيَّات، وإِنَّمَا لِكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى، فمنْ كانَتْ هجْرَتُهُ إِلَى الله ورَسُولِهِ فهجرتُه إلى الله ورسُولِهِ، ومنْ كاَنْت هجْرَتُه لدُنْيَا يُصيبُها، أَو امرَأَةٍ يَنْكحُها, فهْجْرَتُهُ إلى ما هَاجَر إليْهِ) متفق عليه.
سادساً: إياك والتشهير في حق الزوجة:
أيها الإخوة: إياكم والتشهير في حق الزوجة إن أساءت, لأن التشهير فيها يزيدها نفوراً, وتدبَّر قول الله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} ولم يقل: واهجروهن في البيوت, مع أن الله تعالى ذكر البيت في القرآن الكريم فقال: {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ}.
التأديب بالهجر في المضجع حتى لا يعلم الأولاد بالمشكلة, هذا فضلاً عن أهلك وأهلها, وفضلاً عن الأباعد.
الهجر والتأديب في الفراش حتى لا يتدخَّل أحد بينكما, لأنه كلما ضاقت دائرة الخلاف سهل حلُّها, وكلما اتسعت صعب حلُّها.
خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
أيها الإخوة الكرام, أيها الأزواج الأفاضل, لا يكن أحدنا سبباً في وجود الخلاف في حياتنا الزوجية, والتي من جملتها احتقار الزوجة أمام أولادها أو أمام أهل الزوج أو أمام أهلها, لأن احتقارها أمام هؤلاء يسقط هيبتها أمام أبنائها.
تذكَّر أيها الزوج بأن الزوجة أمٌّ مربية راعية و مسؤولة عن رعيتها, فاحذر من احتقارها أمام أحد حتى لا تسقط هيبتها, لأنها إن سقطت هيبتها فلن يهابها الولد المؤدَّب الذي هو بأمسِّ الحاجة إلى الأم المربِّية.
ولنعلم جميعاً بأن احتقار الزوجة أمام أبنائها أو أمام أهل زوجها أو أمام أهلها يسبب وجود الخلاف في الحياة الزوجية, فلنحذر من هذا يا عباد الله.
ولعل الحديث له صلة في الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى, أقول هذا القول وكل منا يستغفر الله



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]