عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 20-07-2024, 03:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,793
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حل إشكالات الإنتصار

حل إشكالات الإنتصار


وضاح أحمد الحمادي

قال رحمه الله : (أما من السنة ، فما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه ـ وهو الراوي لحديث التفرق ـ قال : "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فكنت على بكرٍ صعب لعمر رضي الله عنه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بعنيه" فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هو لك يا عبدالله بن عمر فاصنع ما شئت" فقد وهبه صلى الله عليه وسلم بعد تفرق البيع بالكلام ، وقبل التفرق بالأبدان")​
أقول : أقتصر هنا على جوابي ابن حزم رحمه الله الذي ذكره محقق (الإنتصار)
قال رحمه الله : "وَنَحْنُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - نَذْكُرُ مَا هُوَ أَقْوَى شُبْهَةً لَهُمْ، وَنُبَيِّنُ حَسْمَ التَّعَلُّقِ بِهِ لِمَنْ عَسَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ نا عَمْرٌو «عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: بِعْنِيهِ؟ قَالَ: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: بِعْنِيهِ؟ فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ» قَالُوا فَهَذَا بَيْعٌ صَحِيحٌ لَا تَفَرُّقَ فِيهِ وَهِبَةٌ لِمَا ابْتَاعَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِلَا شَكٍّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا خَبَرٌ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوُجُوهٍ -: أَوَّلُهَا - أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَرُّقٌ فِيهِ التَّخْيِيرُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ السُّكُوتُ عَنْهُ بِمَانِعٍ مِنْ كَوْنِهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْبَيْعِ تَقْتَضِيه وَلَا بُدَّ - وَلَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْخَبَرِ ثَمَنٌ أَيْضًا، فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا الْبَيْعَ بِغَيْرِ ذِكْرِ ثَمَنٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ ثَمَنٌ. فَإِنْ قَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ؟ قُلْنَا: وَلَا بُدَّ مِنْ التَّفَرُّقِ أَوْ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ بَيْعًا، وَلَا يَصِحُّ أَصْلًا إلَّا بِأَحَدِهِمَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ فِي احْتِجَاجِهِمْ بِهَذَا الْخَبَرِ فِي إسْقَاطِ حُكْمِ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَبَيْنَ مَنْ احْتَجَّ بِهِ فِي الْبَيْعِ بِالْمُحَرَّمَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ ثَمَنٌ أَصْلًا، وَهَذِهِ هِبَةٌ لِمَا اُبْتِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ ... وَالْوَجْهُ الثَّانِي - أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَيْعِ تَخْيِيرٌ وَلَا إشْهَادٌ أَصْلًا وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَبَدًا - فَمَنْ لَهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا أَوْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ» ؟ ... مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ لِكَذِبِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ قَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ فَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ كَانَ يَتِمُّ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَا خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَإِنَّ الْإِشْهَادَ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا وَإِنَّمَا وَجَبَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا حِينَ الْأَمْرِ بِهِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقْطَعُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُخَالِفُ أَمْرَ رَبِّهِ تَعَالَى، وَلَا يَفْعَلُ مَا نَهَى عَنْهُ أُمَّتَهُ، هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَنَا، وَمَنْ شَكَّ فِي هَذَا أَوْ أَجَازَ كَوْنَهُ فَهُوَ كَافِرٌ، نَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ نَقْطَعُ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَوْ نَسَخَ مَا أَمَرَنَا بِهِ لَبَيَّنَهُ حَتَّى لَا يَشُكَّ عَالِمٌ بِسُنَّتِهِ فِي أَنَّهُ قَدْ نَسَخَ مَا نَسَخَ وَأَثْبَتَ مَا أَثْبَتَ. وَلَوْ جَازَ غَيْرُ هَذَا - وَأَعُوذُ بِاَللَّهِ - لَكَانَ دِينُ الْإِسْلَامِ فَاسِدًا لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا يَحِلُّ لَهُ مِمَّا أَوْجَبَ رَبُّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا، ... وَالْوَجْهُ الثَّالِثِ - أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الرَّاوِيَ مِنْ الصَّحَابَةِ أَعْلَمُ بِمَا رَوَى وَابْنُ عُمَرَ هُوَ رَاوِي هَذَا الْخَبَرِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ لَا يَرَى الْبَيْعَ يَتِمُّ إلَّا بِالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ، فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِمْ أَعْلَمُ بِمَا رُوِيَ. وَسَقَطَ عَلَى أَصْلِهِمْ هَذَا تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ جُمْلَةً - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبُّ الْعَالَمِينَ"
(المحلى) 8/361 – 362.

قال رحمه الله : (ثم بدليل الإجماع ؛ أن من اشترى ابنه وتمت الصفقة ، أن العتق واقعٌ على المشتري بتمام الصفقة عقيب الملك قبل تفرق الأبدان ، فدل أن الملك قد تم بنفس الإيجاب بالقول ، وأن من اشترى زوجته ـ وهي ابنةً لقوم ـ فدفع ثمنها ، وتمت الصفقة ، ثم بدا له في فسخ البيع واستدامة عقد نكاحها قبل تفرق الأبدان أن ذلك غير جائز وأن الفسخ وجب بنفس الإيجاب قولاً واحداً ، ودل على أن التفرق بالأبدان ليس من شرائط عقد البيع الذي لا يتم إلا به ... والشافعي مخالفنا يزعم أن السلم ينعقد من غير تفرق الأبدان ... وكذلك من صارفَ رجلاً ذهباً بورق أو باعه طعاماً بطعام ثم تفرقا قبل التقابض : إن السلم فاسد)
أقول : أخطأ على الشافعية في عامة ما ذكره هنا مما له تعلق بخيار المجلس ، قال الإمام النووي رحمه الله : "يثبت خيار المجلس في أنواع البيع : كالصرف والطعام بالطعام والسلم ... ولو اشترى من يعتق عليه ؛ فإن قلنا : الملك في زمن الخيار للبائع أو موقوف .. فلهما الخيار ، وإن قلنا للمشتري .. تخير البائع دونه" (المنهاج) ص219 ط دار المنهاج ، والمعتمد أن الملك في زمن الخيار موقوف ، فالخيار ثابت.
أما من اشترى امرأته فإنه لا ينفسخ نكاحها ما دام خيار المجلس باقياً للمتبايعين ، لذا قال الشافعي رحمه الله فيمن اشترى زوجته وأراد وطأها قبل انقضاء الخيار : (لم يحل له ذلك؛ لأنه لا يدري أيطأ بالملك، أم بالزوجية؟) بناءً على أن ذلك لا يتميز إلا بانقضاء الخيار أو باختيار البائع إمضاءه. والله أعلم.​
ثم ما أوردوه في خيار المجلس واردٌ عليهم في خيار الشرط ، فجوابهم هناك صالحٌ هنا.
وكلامه في السلم والصرف واردٌ على قولهم بانعقاد البيع بمجرد الإيجاب والقبول ، فإنه عندهم إما غير منعقد بهما ، أو ينفسخ بتفرقهما قبل القبض وهو ما ذكره ابن عليش في (فتاويه) 4/53، وفي الأول عدم الإنعقاد بمجرد الإيجاب والقبول وفي الثاني إنفساخه بعد انعقاده بالإيجاب والقبول ، فدل الأول أن مجرد الإيجاب والقبول لا يكفي ، والثاني على صحة الفسخ بعد انعقاد الصفقة.
وهكذا قالوا في سلعتين غائبتين ضَرَبَ كل واحدٍ منهما لسلعته أجلاً يُحْضِرُها فيه أو ضُرِبَ لأحدهما أجلاً ولم يضرب للأخرى .
فما الذي خولكم التخصيص فجعلتم بعض البيوع تنعقد بمجرد العقد وبعضها لا ينعقد إلا بالقبض وبعضها يبطله التفرق وبعضها لا يبطله التفرق ؟ فإن قال : استثنينا هذه الصور لدليلها الخاص . قلنا : وكذلك نقول. هذا على فرض صحة ما أورده ، وقد بان لك ما فيه.

والله أعلم

... يتبع ...

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.75 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]