
29-06-2024, 11:12 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (156)
صـ 531 إلى صـ 537
النظام (1) ، والتزم الطفرة المعروفة بطفرة النظام (2) ، أو هو مركب من المادة والصورة كما يقوله من يقوله من المتفلسفة، أو ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا كما يقوله أكثر الناس، وهو قول الهشامية والكلابية (3) والنجارية والضرارية وكثير من الكرامية على ثلاثة أقوال، وكثير من الكتب ليس فيها إلا القولان الأولان.
والصواب أنه ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا، كما قد بسط في موضعه.
وينبني على هذا أن ما يحدثه الله من الحيوان (4) والنبات والمعادن فإنها أعيان يخلقها الله تعالى على قول نفاة الجوهر الفرد، وعلى قول
_________
(1) سبق الكلام عن النظام 1/404. وتكلم ابن تيمية من قبل أكثر من مرة عن الجواهر الفردة أو الأجزاء التي لا تتجزأ وناقش أقوال مثبتيها ونفاتها. انظر مثلا: 1/414، 2/134 - 139، 208 - 209.
(2) أدى إنكار النظام للجواهر الفردة وقوله بأنها تتجزأ إلى ما لا نهاية إلى قوله بالطفرة، وذلك أن خصومه اعترضوا عليه بقولهم: إذا مشت نملة على صخرة من طرف إلى طرف فإنها تكون قد قطعت ما لا يتناهى، فكيف يقطع ما يتناهى ما لا يتناهى؟ فقال النظام إن النملة تقطع بعض الصخرة بالمشي وبعضها بالطفرة، أي إنها تنتقل من المكان الأول إلى الثاني سيرا ثم تطفر من المكان الثاني إلى الرابع أو الخامس. وانظر: المقالات للأشعري 2/18 - 19 ; الملل والنحل 1/57 - 58 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 5 ; التبصير في الدين، ص 43، الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريدة: إبراهيم بن سيار النظام ; ص 129 - 131.
(3) بعد كلمة " والكلابية " في (ع) : والنصرية، ورجحت أن تكون زيادة من الناسخ، وانظر ما سبق 2/137.
(4) ب، أ: الحيوانات
=====================================
مثبتيه (1) إنما يحدث أعراضا وصفات (2) ، وإلا فالجواهر باقية ولكن اختلف تركيبها، وينبني على ذلك الاستحالة.
فمثبتة الجوهر الفرد يقولون: لا تستحيل حقيقة إلى حقيقة أخرى، ولا تنقلب الأجناس، بل الجواهر يغير الله عز وجل تركيبها وهي باقية، والأكثرون يقولون باستحالة بعض الأجسام إلى بعض، وانقلاب جنس إلى جنس، وحقيقة إلى حقيقة، كما تنقلب النطفة إلى علقة، والعلقة (إلى) (3) مضغة، والمضغة عظاما، وكما ينقلب الطين الذي خلق (الله) (4) منه آدم لحما ودما وعظاما، وكما تنقلب المادة التي تخلق منها الفاكهة ثمرا (5) ونحو ذلك، وهذا قول الفقهاء والأطباء وأكثر العقلاء.
وكذلك ينبني على هذا تماثل الأجسام، فأولئك يقولون: الأجسام مركبة من الجواهر، وهي متماثلة، فالأجسام متماثلة. والأكثرون يقولون: بل الأجسام مختلفة الحقائق، وليست حقيقة التراب حقيقة النار، ولا حقيقة النار حقيقة الهواء. وهذه المسائل مسائل عقلية لبسطها موضع آخر، والمقصود هنا بيان منشأ النزاع في مسمى الجسم.
والنظار كلهم متفقون (6) - فيما أعلم - على أن الجسم يشار إليه، وإن اختلفوا في كونه مركبا من الأجزاء المنفردة، أو من المادة والصورة، أو لا من هذا ولا من هذا.
_________
(1) ب، أ: مثبتته.
(2) ع، أ: وصفاتا.
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(5) ب، أ: تمرا.
(6) أ: يختلفون
============================
وقد تنازع العقلاء أيضا: هل يمكن وجود موجود قائم بنفسه لا يشار إليه ولا يمكن أن يرى، على ثلاثة أقوال؛ فقيل: لا يمكن ذلك بل هو ممتنع، وقيل: بل هو ممتنع في المحدثات الممكنة التي تقبل الوجود والعدم دون الواجب، وقيل: بل ذلك ممكن في الممكن والواجب، وهذا قول بعض الفلاسفة (1 ومن وافقهم من أهل الملل، 1) (1) (2 ما علمت به قائلا من أهل الملل إلا من أخذه عن هؤلاء الفلاسفة 2) . (2) ومثبتو ذلك يسمونها المجردات والمفارقات، وأكثر العقلاء يقولون: إنما وجود هذه في الأذهان لا في الأعيان، وإنما يثبت من ذلك وجود نفس الإنسان التي تفارق بدنه وتتجرد عنه.
وأما الملائكة التي أخبرت بها الرسل فالمتفلسفة المنتسبون إلى المسلمين يقولون: هي العقول والنفوس المجردات وهي الجواهر العقلية.
[حقيقة الملائكة]
وأما أهل الملل ومن علم ما أخبر الله به من صفات الملائكة، فيعلمون قطعا أن الملائكة ليست هذه المجردات التي يثبتها هؤلاء، من وجوه كثيرة قد بسطت في غير هذا الموضع؛ فإن الملائكة مخلوقون من نور، كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح. (3)
_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (ع) .
(2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) .
(3) الإشارة هنا إلى الحديث الصحيح: خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم. وقد ذكرت مكانه في صحيح مسلم والمسند فيما سبق 1/366 (ت [0 - 9] )
==================================
وهم كما قال الله تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون - لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون - يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون - ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين} [سورة الأنبياء: 26 - 29] .
وقد أخبر الله عن الملائكة أنهم أتوا إبراهيم ولوطا في صورة البشر حتى قدم لهم إبراهيم العجل، وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية الكلبي (1) . وأتاه (2) مرة في صورة أعرابي حتى رآه الصحابة (3) ، وقد رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - في
_________
(1) ، صحيح مسلم 4/1906 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أم سلمة) حديث عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه. وفي جزء من هذا الحديث رواية عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، وروى هذا الجزء البخاري في صحيحه 4 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام) ونصها - وهذه رواية البخاري -: " حدثنا أبو عثمان قال: أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أم سلمة، فجعل يحدث، ثم قام. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة: من هذا؟ - أو كما قال - قال: قالت: هذا دحية. قالت أم سلمة: ايم الله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بخبر جبريل - أو كما قال -. قال: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ قال: من أسامة بن زيد ". وانظر: جامع الأصول لابن الأثير 12/44 - 45. وفي المسند (ط. المعارف) 8/167 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية. قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح - وانظر تعليقه. وانظر: الصفدية لابن تيمية 1/197
(2) ب، أ: وأتى.
(3) في صحيح البخاري 4/112 (كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة) عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف كان يأتيه الوحي. . . وفي الحديث: ". . يتمثل لي الملك أحيانا رجلا فيكلمني فأعي ما يقول ". وفي البخاري في موضعين آخرين 1
======================================
صورته التي خلق عليها مرتين (1) :: مرة بين السماء والأرض، ومرة في السماء عند سدرة المنتهى (2) .
_________
(1) علق مستجي زاده في هامش (ع) عند هذا الموضع بقوله: " هذا أعدل شاهد لدعوى المصنف، وإبطال لقول من يقول من الإسلاميين إنهم مجردات، ويبطل قولهم أيضا أنه تعالى قال: جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع (سورة فاطر: 1) ، فيشعر أنه خلقهم الله في طباع الأجسام، ثبت لهم ما هو من خواص الأجسام وهو الأجنحة. ولا يقال هاهنا بالمثل، كما يقال في أكثر ما ذكره المصنف في الاستدلال، وهو ظاهر. ويبطله (في الأصل: يبطل) أيضا قول الشارع في حقهم: سكان السماوات، سكان الأرضين، سكان البيت المعمور، إلى غير ذلك. وبالجملة فالقول بتجريد الملائكة مأخوذ من الفلاسفة، يقول من يقول ذلك من المسلمين اتباعا للفلاسفة، وكلام الله وكلام رسوله يأبى عنه كل الإباء، حتى أن كون الملائكة ونفوس البشر التي هي أرواحها من مقولة الأجسام اللطيفة لا من المجردات يكاد يعد من الضرورات الدينية، غايتها أن رؤيتها مشروطة بإرادة الله ومتوقفة عليها، ومتى أراد سبحانه وتعالى رؤيتها رأينا، ومتى لم يرد ما رأينا "
(2) في البخاري 4/115 (كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين) حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل له ستمائة جناح. وجاء هذا الحديث نفسه في البخاري مرتين في موضعين آخرين 6/141 (كتاب التفسير، سورة النجم، باب فكان قاب قوسين أو أدنى) ، 6/141 (كتاب التفسير، سورة النجم، باب فأوحى إلى عبده ما أوحى) . وفي نفس الموضع 6/140 - 141 (كتاب التفسير، سورة النجم) حديث عن عائشة رضي الله عنها سئلت فيه هل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه؟ قالت في آخر جوابها: ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين. وفي نفس الكتاب، باب (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) 6/141 حديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: فرأى رفرفا أخضر سد الأفق. وفي المسند (ط. المعارف) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " رأيت جبريل على سدرة المنتهى وله ستمائة جناح. . الحديث. وانظر البخاري 4/151 - 116 وانظر الصفدية 21/201 - 202
=================================
والملائكة تنزل إلى الأرض ثم تصعد (1) إلى السماء، كما تواترت (2) بذلك النصوص. وقد أنزلها [الله] (3) يوم بدر ويوم حنين ويوم الخندق لنصر رسوله والمؤمنين (4) ، كما قال تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [سورة الأنفال: 9] ، وقال: {ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها} [سورة التوبة: 26] ، وقال: {فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} [سورة الأحزاب: 9] ، وقال: {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} [سورة الزخرف: 80] ، وقال: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون} (5) [سورة الأنعام: 71] ، وقال الله تعالى: {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} [سورة الأنفال: 50] ، {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم} [سورة الأنعام: 93] .
ومثل هذا في القرآن كثير يعلم ببعضه أن ما وصف (الله) به (6) الملائكة
_________
(1) ع: وتصعد.
(2) ب، أ: نزلت.
(3) الله: في (ع) فقط.
(4) ب، أ: والنصر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين.
(5) في النسخ الثلاث: جاء أحدهم الموت، وهو خطأ.
(6) ب، أ: وصف به
======================================
يوجب العلم الضروري أنها ليست (1) ما يقوله: هؤلاء في العقول والنفوس، سواء قالوا: إن العقول عشرة والنفوس تسعة، كما هو المشهور عندهم، أو قالوا: غير ذلك. (2) وليست الملائكة أيضا القوى العالمة (3) التي في النفوس كما قد يقولونه، بل جبريل عليه السلام (4) ملك (5) منفصل عن الرسول يسمع كلام الله من الله وينزل به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما دل على ذلك النصوص والإجماع من المسلمين. (6) وهؤلاء يقولون: إن جبريل هو العقل الفعال، (7) أو هو ما يتخيل في (8) نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصور الخيالية، وكلام الله ما يوجد في نفسه كما يوجد في نفس النائم (9) .
_________
(1) ب، أ: أنه ليس.
(2) يذكر الفلاسفة المسلمون في أكثر كتبهم ورسائلهم أن العقول السماوية إنما هي ملائكة. انظر مثلا: الفارابي: السياسات المدنية، ص [0 - 9] ، ط. حيدر آباد، 1345 ; ابن سينا: أقسام العلوم العقلية ص [0 - 9] 13، ضمن تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات، القاهرة، 1326/1908 ; رسالة الزيارة والدعاء، ص 33، ضمن مجموعة جامع البدائع، القاهرة، 1330/1917.
(3) ب، أ: الصالحة.
(4) عليه السلام: زيادة في (ع) .
(5) ملك: ساقطة من (ع) .
(6) ع: إجماع المسلمين.
(7) انظر مثلا: السياسات المدنية للفارابي، ص [0 - 9] ; أقسام العلوم العقلية لابن سينا، ص [0 - 9] 14.
(8) ب، أ: وهو ما يتخيل من. . .
(9) انظر مثلا: الرسالة العرشية لابن سينا، ص 12، ضمن مجموع رسائل الشيخ الرئيس، ط. حيدر آباد، 1354
=====================================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|