القدوة بيننا..فهل تنبهنا لها؟
طالعْنا خبراً نشر مؤخراً في إحدى الصحف عن رجل كويتي أعمى يجتاز يومياً ولخمس مرات أكثر من 500 متر، وهي المسافة التي تفصل منزله عن المسجد الذي يصلي فيه، وأنه بمجرد سماعه (حي على الصلاة) لا يستطيع إلا التوجه لأداء صلاة الجماعة.
والمتتبع لما ينشر من أخبار وقصص يحصي كثيراً من الحالات المشابهة، التي تثلج الصدر بقوة إيمان تفضي إلى قوة في العزيمة، كأطفال حفظوا كتاب الله وهم لا يبصرون، ورجال ينتعلون أقداماً اصطناعية يتركونها عند باب المسجد ليؤدوا صلاة الجماعة.
ومرضى على السرير لا يستطيعون تحريك أي جزء من أطرافهم، يبكون حسرة على فوات وقت الصلاة إن سها أهلهم عن وضوئهم، حتى يؤدوا صلاتهم بحسب استطاعتهم، فضلاً عن مشاهد أخرى مضيئة. هذه القصص والعبر تجري الآن في زماننا ومن إخوان لنا وأخوات، وليست من قصص الصحابة أو السلف، ممن اعتقد الكثير منا أنهم مضوا مع زمانهم ولا عودة لأمثالهم. وأن الاقتداء بهم ضرب من ضروب المستحيل في هذا الزمن الصعب، الذي طغت فيه الحياة المادية على كل شيء، وقست فيه القلوب، وجفت فيه مقل العيون.
لكن الواقع بما يحمله من قصص متفرقة ينقض هذا الافتراض، ويرينا أن لكل زمن فوارسه، وأن قوة الإيمان واحدة لا تتغير بتغير الظروف والأزمان، وأن من يحب الله يقبل على الطاعة، ويتحدى كل المؤثرات الداخلية والخارجية، ولا يمنعه عن الاستمرار في التقرب إليه ونيل رضاه إلا الموت.
ودورنا الآن بوصفنا مربين أن نقدم لأولادنا -فضلا عن مآثر الصحابة والسلف الصالح- قدوات من زماننا، قدوات يشاركونهم الظروف الحياتية الحالية بكل تفاصيلها، ولاسيما وأننا نعيش الآن عصر التواصل الاجتماعي؛ حيث تساوى حضور الناس الإعلامي، وأصبح تداول الخبرات والتجارب متاحاً للجميع.
صالح عبد الحميد