
29-06-2024, 08:59 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة :
|
|
رد: قراءة في رسالة ابن رجب "فضل علم السلف على علم الخلف"
قراءة
في رسالة ابن رجب
"فضل علم السلف على علم الخلف"
د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
نتائج رسالة الحافظ ابن رجب "فضل علم السلف على علم الخلف":
1-تقوم هذه الرسالة على معنيين اثنين وهما:
أ*- معنى العلم وانقسامه إلى علم نافع وعلم غير نافع.
ب*- التنبيه على فضل علم السلف على علم الخلف.
2- ذكر الله تعالى في كتابه "العلمَ":
أ*- تارة في مقام المدح وهو العلم النافع.
ب*- وتارة في مقام الذم وهو العلم الذي لا ينفع.
3-العلم النافع على قسمين:
1- العلم النافع الذي ينتفع به صاحبه.
2- العلم النافع في نفسه لكن لم ينتفع به صاحبه.
3- جاءت السنة بتقسيم العلم:
1- إلى نافع.
2- وإلى غير نافع.
4- وجاءت كذلك بـ :
1- الاستعاذة من العلم الذي لا ينفع.
2- وسؤال العلم النافع.
5- عند أبي داواد مرفوعا : (إنَّ منَ البيان سحراً وإن من العلم جهلاً)
1- وفسر بـ: أن يتكلف العالم إلى علمه مالا يعلم فيجهله ذلك.
2- ويُفسر أيضا بـ: أن العلم الذي يضر ولا ينفع جهل؛ لأن الجهل به خير من العلم به فإذا كان الجهل به خيراً منه فهو شر من الجهل وهذا كالسحر وغيره من العلوم المضرة في الدين أو في الدنيا.
6- قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير بعض العلوم التي لا تنفع مثل العلم بأنساب الناس.
7- قد ورد الأمر بأن يُتعلم من الأنساب ما توصل به الأرحام، ونعلم به ما يحل لنا من النساء وما يحرم، ومن العربية ما يعرف به كتاب الله، ومن النجوم ما يهتدى به في ظلمات البر والبحر، وما نعرف به القبلة، ثم ننتهي بعد ذلك على ما زاد عن ذلك.
8- لم يرخص بعض السلف في تعلم علم النجوم.
9- حمل ابن رجب هذا الكلام على علم التأثير لا علم التيسير.
10- ذكر ابن رجب أن علم التأثير بالنجوم باطل محرم بالنص، والعمل بمقتضاه كالتقرب إلى النجوم وتقريب القرابين لها كفر.
11- ذكر ابن رجب أن علم التسيير إذا تعلم منه ما يحتاج إليه للإهتداء ومعرفة القبلة والطرق كان جائزاً عند الجمهور، وما زاد عليه فلا حاجة إليه وهو يشغل عما هو أهم منه، وربما أدى التدقيق فيه إلى إساءة الظن بمحاريب المسلمين كما قديماً وحديثاً، كما أنه يفضي إلى اعتقاد خطأ الصحابة والتابعين في صلاتهم في كثير من الأمصار وهو باطل.
12- نقل ابن رجب عن بعض السلف إنكارهم لبعض مسائل علم النجوم كدوران الفلك واختلاف الزوال باختلاف البلدان ، واعتبار الجدي في تعيين القبلة، ثم ذكر أن إنكارهم قد يكون لأن الرسل لم تتكلم في هذا وإن كان أهله يقطعون به ، ثم ذكر أن الاشتغال به ربما أدى إلى فساد عريض.
13- اعترض بعض من كان يعرف من علم النجوم على حديث النزول ثلث الليل الآخر، وقال: ثلث الليل يختلف باختلاف البلدان فلا يمكن أن يكون النزول في وقت معين، فأجاب ابن رجب بأنه معلوم بالضرورة من دين الإسلام قبح هذا الاعتراض وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أو خلفاءه الراشدين لو سمعوا من يعترض به لما ناظروه بل بادروا إلى عقوبته وإلحاقه بزمرة المخالفين المنافقين المكذبين.
14- التوسع في علم الأنساب هو مما لا يحتاج إليه، وقد نهى عنه عمر وغيره مع أن طائفة أخرى من الصحابة والتابعين كانوا يعرفونه ويعتنون به.
15- وكذلك التوسع في علم العربية لغة ونحواً هو مما يشغل عن العلم الأهم والوقوف معه يحرم علماً نافعاً.
16- وكذلك علم الحساب: يحتاج منه إلى ما يعرف به حساب ما يقع من قسمة الفرائض والوصايا والأموال التي تقسم بين المستحقين لها، والزائد على ذلك مما لا ينتفع به إلا في مجرد رياضة الأذهان وصقالها لا حاجة إليه ويشغل عما هو أهم منه.
17- ما أحدث بعد الصحابة من العلوم التي توسع فيها أهلها وسموها علوما وظنوا أن من لم يكن عالماً بها فهو جاهل أو ضال:كلها بدعة وهي من محدثات الأمور المنهي عنها.
18- من ذلك ما أحدثته المعتزلة من الكلام في القدر وضرب الأمثال للَّه، وقد ورد النهي عن الخوض في القدر فإن العباد لا يطلعون على حقيقة ذلك.
19- ومن محدثات الأمور: ما أحدثه المعتزلة ومن حذا حذوهم من الكلام في ذات الله تعالى وصفاته بأدلة العقولوهو أشد خطراً من الكلام في القدرلأن الكلام في القدر كلام في أفعاله وهذا كلام في ذاته وصفاته.
20- ينقسم هؤلاء إلى قسمين:
21- أحدهما: من نفى كثيراً مما ورد به الكتاب والسنة من ذلك لاستلزامه عنده للتشبيه بالمخلوقين وهذا طريق المعتزلة والجهمية، وقد اتفق السلف على تبديعهم وتضليلهم.
22- سلك سبيل هؤلاء في بعض الأمور كثير ممن انتسب إلى السنة والحديث من المتأخرين.
23- والثاني:من رام إثبات ذلك بأدلة العقول التي لم يرد بها الأثرورد على أولئك مقالتهم كما هي طريقة مقاتل بن سليمان ومن تابعه كنوح بن أبي مريم وتابعهم طائفة من المحدثين قديماً وحديثاً، وهو أيضاً:مسلك الكرامية.
24- فمنهم:من أثبت لإثبات هذه الصفات الجسم إما لفظا وإما معنى.
25- ومنهم:من أثبت للَّه صفات لم يأت بها الكتاب والسنة كالحركة وغير ذلك مما هي عنده لازم الصفات الثابتة.
26- وقد أنكر السلف :على مقاتل قوله في رده على جهم بأدلة العقل وبالغوا في الطعن عليه، ومنهم من استحل قتله، منهم مكي بن إبراهيم شيخ البخاري وغيره.
27- والصواب:ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تفسير لها ولا تكييف ولا تمثيل.
28- لا يصح من أحد من السلف خلاف ذلك البتة خصوصاً الإمام أحمد ولا خوض في معانيها ولا ضرب مثل من الأمثال لها.
29- وقع بعض من كان قريباً من زمن الإمام أحمد في شيء من ذلك اتباعاً لطريقة مقاتل فلا يقتدى به في ذلك، إنما الإقتداء بأئمة الإسلام كابن المبارك ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد واسحق وأبي عبيد ونحوهم.
30- كل هؤلاء لا يوجد في كلامهم شيء من جنس كلام المتكلمين فضلا عن كلام الفلاسفة.
31- لم يسلم أحدٌ دخل في كلامهم مِنْ قدح وجرح. 32- أخذ الحافظ ابن رجب رحمه الله على فقهاء أهل الرأي ما أحدثوه من العلوم، ومن ذلك ما قرروه منضوابط وقواعد عقلية ثم ردِّهم فروع الفقه إليها ؛ وسواءٌ خالفت السنن أم وافقتها ؛طرداً لتلك القواعد المقرَّرة، وإن كان أصل هذه القواعد هو مما تأولوهعلىنصوص الكتاب والسنة بتأويلات يخالفهم غيرهم فيها.
ثم ذكر ابن رجب أن هذا المعنى هو الذي بالغ العلماء في ذمه وإنكاره على فقهاء أهل الرأي.
33- حكى الحافظ عن الأئمة وفقهاء أهل الحديث أنهم يتابعون الحديث الصحيح ؛ حيثكان إذا كان معمولاً به عند الصحابة ومن بعدهم أو عند طائفة منهم.
34- ثم انتهى إلى أن ما اتفق السلفعلىتركه فإنه لا يجوز العمل به ؛لأنهم ما تركوه إلاَّعلىعلم أنه لا يعمل به.
35- حكى الحافظ عن الأئمة وفقهاء أهل الحديث أنهم كانوا يتابعون الحديث الصحيح؛ حيثكان إذا كان معمولاً به عند الصحابة ومن بعدهم أو عند طائفة منهم.
36- ثم انتهى إلى أن ما اتفق السلفعلىتركه فإنه لا يجوز العمل به ؛لأنهم ما تركوه إلاَّعلىعلم أنه لا يعمل به.
37- نقل الحافظ ابن رجب عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز نصيحته للناس بأن يأخذوا من من الرأي ما وافق من قبلهم لأنهم كانوا ألمَّ منهم،.
38- كما نقل عنه: أن ما خالف أهل المدينة من الحديث فإن مالكا يرى الأخذ بعمل أهل المدينة، وأن الأكثرين أخذوا بالحديث.
39- مما أنكره أئمة السلف الجدال والخصام والمراء في مسائل الحلال والحرام ، ولم يكن ذلك طريقة أئمة الإسلام، وإنما أحدث ذلك بعدهم كما أحدثه فقهاء العراقيين في مسائل الخلاف بين الشافعية والحنفية وصنفوا كتب الخلاف ووسعوا البحث والجدال فيها وكل ذلك محدث ل أصل له وصار ذلك علمهم حتى شغلهم ذلك عن العلم النافع، وقد أنكر ذلك السلف.
40- قد ورد النهي عن:
أ*- كثرة المسائل.
ب*- وعن أغلوطات المسائل.
ت*- وعن المسائل قبل وقوع الحوادث.
41- في كلام السلف والأئمة:
أ*- التنبيه على مأخذ الفقه.
ب*- ومدارك الأحكام.
بكلام وجيز مختصر يفهم به المقصود من غير إطالة ولا إسهاب.
42- في كلامهم من رد الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم.
43- ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والأئمة مع اختصاره وإيجازه.
44- ما سكت مَنْ سكت مِنْ كثرة الخصام والجدال مِنْ سلف الأمة جهلا ولا عجزاً ولكن سكتوا عن علم وخشية للَّه، وما تكلم من تكلم وتوسع من توسع بعدهم لاختصاصه بعلم دونهم، ولكن حباً للكلام وقلة ورع.
45- فتن كثير من المتأخرين فظنوا أن مَنْ كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك، وهذا جهل محض.
46- أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كان كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه، وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة والصحابة أعلم منهم.
47- ليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال، ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد، وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً، ولهذا ورد النهي عن كثرة الكلام والتوسع في القيل والقال.
48- حديث (إن من البيان سحراً) إنما قاله عليه الصلاة والسلام في ذم ذلك لا مدحاً له كما ظن ذلك من ظنه، ومن تأمل سياق ألفاظ الحديث قطع بذلك.
49- ذكر ابن رجب أنه ابتلي بجهلة من الناس: يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين انه أعلم ممن تقدم.
فمنهم : من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله.
ومنهم: من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين.
وهذا يلزم منه ما قبله: لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولا ممن كان قبلهم، وهذا:
أ*- تنقص عظيم بالسلف الصالح.
ب*- وإساءة ظن بهم.
ت*- ونسبته لهم إلى الجهل.
ث*- وقصور العلم.
50- صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة: (إنهم أبر الأمة قلوباً، وأعمقها علوماً، وأقلها تكلفاً. ) فإن فيه إشارة إلى: أن من بعدهم أقل علوماً وأكثر تكلفاً.
51- شهد النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن بالإيمان والفقه، وهمأقل الناس كلاماً وتوسعاً في العلوم لكن علمهم علم نافع في قلوبهم ويعبرون بألسنتهم عن القدر المحتاج إليه من ذلك.
52- أفضل العلوم في تفسير القرآن ومعاني الحديث والكلام في الحلال والحرام ما كان مأثوراً عن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى أن ينتهي إلى أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم الذين سميناهم فيما سبق، فضبط ما روي عنهم في ذلك أفضل العلوم مع تفهمه وتعقله والتفقه فيه.
53- ما حدث بعدهم من التوسع: لا خير في كثير منه إلا أن يكون شرحاً لكلام يتعلق من كلامهم.
54- ما كان مخالفاً لكلام السلف:
1- فأكثره باطل.
2-أو لا منفعة فيه.
55- في كلام السلف كفاية وزيادة:
1- فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلا وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأخصر عبارة.
2- ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلا وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمله.
3- ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة مالا يهتدي إليه من بعدهم ولا يلم يه.
فمن لم يأخذ العلم من كلامهم فاته ذلك الخير كله مع ما يقع في كثير من الباطل متابعة لمن تأخر عنهم.
56- ويحتاج من أراد جمع كلامهم إلى: معرفة صحيحة من سقيمه فمن لم يعرف ذلك فهو غير واثق بما ينقله من ذلك ويلتبس عليه حقه بباطله.
57- في زماننا يتعين كتابة كلام أئمة السلف المقتدى بهم إلى زمن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد.
58- ليكن الإنسان على حذر مما حدث بعدهم فإنه حدث بعدهم حوادث كثيرة وحدث من انتسب إلى متابعة السنة والحديث من الظاهرية ونحوهم وهو أشد مخالفة لها لشذوذه عن الأئمة وانفراده عنهم بفهم يفهمه أو يأخذ مالم يأخذ به الأئمة من قبله.
59- أما الدخول مع ذلك في كلام المتكلمين أو الفلاسفة فشر محض وقَلَّ مَنْ دخل في شيء من ذلك إلا وتلطخ ببعض أوضارهم.
60- كان الإمام أحمد وغيره من أئمة السلف يحذرون من أهل الكلام وإن ذبوا عن السنة.
61- يوجد في كلام من أحب الكلام المحدث واتبع أهله:مِنْ ذم من لا يتوسع في الخصومات والجدال ونسبته إلى:
1- الجهل.
2- أو إلى الحشو.
3- أو إلى أنه غير عارف بالله.
4- أو غير عارف بدينه.
63- مما أحدث من العلوم: الكلام في العلوم الباطنة من المعارف وأعمالالقلوب وتوابع ذلك بمجرد الرأي والذوق أو الكشف، وفيه خطر عظيم، وقد أنكره أعيان الأئمة.
64- وقد اتسع الخرق في هذا الباب ودخل فيه قوم إلى:
أ*- أنواع الزندقة والنفاق.
ب*- ودعوى أن أولياء الله أفضل من الأنبياء.
ت*- أو أنهم مستغنون عنهم.
ث*- وإلى التنقص بما جاءت به الرسل من الشرائع.
ج*- وإلى دعوى الحلول والاتحاد أو القول بوحدة الوجود.
ح*- وغير ذلك من أصول الكفر والفسوق والعصيان كدعوى الإباحة.
خ*- وحل محظورات الشرائع.
د*- وأن الغناء والرقص يحصل به ترقيق القلوب.
ذ*- وأن عشق الصور المحرمة يراد لرياضة النفوس.
ر*- وأن شهرة اللباس لكسر النفوس والتواضع.
64- العلم النافع من هذه العلوم كلها هو:
أ*- ضبط نصوص الكتاب والسنة.
ب*- وفهم معانيها.
ت*- والتقيد في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم
ث*- والاجتهاد على تمييز صحيحه من سقيمه أولا.
ج*- ثم الاجتهاد على الوقوف في معانيه وتفهمه ثانياً.
مع:
أ*- إخلاص القصد لله سبحانه وتعالى.
ب*- مع الاستعانة به.
وحينئذ يثمر له هذا العلم ثمرته الخاصة به:
وهي خشية اللَه.
وسبب ذلك:
أن هذا العلم النافع يدل على أمرين:
أحدهما: على معرفة اللَه وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الباهرة وذلك يستلزم إجلاله وإعظامه ...
والأمر الثاني: المعرفة بما يحبه ويرضاه وما يكرهه ويسخطه من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما فيه محبة اللَه ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه.
متى خشع القبل للَّه
أوجب لها:
1- القناعة والزهد في الدنيا.
2- أن يكون بين العبد وبين ربه عز وجل معرفة خاصة.
ولا يجد ذلك إلا من أطاعه في سره وعلانيته.
65- العلم علمان:
1- على اللسان فذلك حجة اللَه على ابن آدم.
2- وعلم في القلب فذلك العلم النافع.
66- العلماء ثلاثة:
1- عالم باللَه عالم بأمر اللَه.
2- وعالم باللَه ليس بعالم بأمره.
3- وعالم بأمر اللَه ليس بعالم باللَه.
67- أصل العلم: العلم باللَه الذي يوجب خشيته ومحبته والقرب منه والأنس به والشوق إليه.
68- ثم يتلوه: العلم بأحكام اللَه وما يحبه ويرضاه من العبد من قول أو عمل أو حال أو اعتقاد.
69- من تحقق بهذين العلمين:
70- كان علمه علماً نافعاً وحصل له العلم النافع والقلب الخاشع والنفس القانعة والدعاء المسموع.
71- ومن فاته هذا العلم النافع:
72- وقع في الأربع التي استعاذ منها النبي صلي الله عليه وسلم وصار علمه وبالا وحجة عليه:
أ*- فلم ينتفع به لأنه لم يخشع قلبه لربه.
ب*- ولم تشبع نفسه من الدنيا بل ازداد عليها حرصاً ولها طلباً.
ت*- ولم يسمع دعاؤه لعدم امتثاله لأوامر ربه وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه.
73- هذا إن كان علمه علماً يمكن الانتفاع به وهو المتلقى عن الكتاب والسنة، فإن كان متلقى من غير ذلك، فهو غير نافع في نفسه ولا يمكن الانتفاع به بل ضره أكثر من نفعه.
74- علامة هذا العلم الذي لا ينفع:
1- أن يكسب صاحبه الزهو والفخر والخيلاء.
2- طلب العلو والرفعة في الدنيا والمنافسة فيها.
3- طلب مباهاة العلماء ومماراة السفهاء وصرف وجوه الناس إليه.
4- إظهار دعوى الولاية، وهذا بخلاف ما كان عليه السلف،من احتقار نفوسهم وازدرائها باطناً وظاهراً.
5- عدم قبول الحق والانقياد إليه.
6- التكبر على من يقول الحق خصوصاً إن كان دونهم في أعين الناس.
7- الإصرار على الباطل خشية تفرق قلوب الناس عنهم بإظهار الرجوع إلى الحق.
8- قبول المدح واستجلابه مما ينافي الصدق والإخلاص.
75- من علامات أهل العلم النافع:
1- أنهم لا يرون لأنفسهم حالا ولا مقاما.
2- يكرهون بقلوبهم التزكية والمدح.
3- لا يتكبرون على أحد .
4- الزهد في الدنيا.
5- الرغبة في الآخرة.
6 أن يكون بصيرا بدينه.
7- مواظباً على عبادة ربه.
8- لا يحسد من فوقه.
9- ولا يسخر ممن دونه .
10- ولا يأخذ على علم علَّمَه اللَه أجراً.
11- كلما ازدادوا في هذا العلم ازدادوا تواضعاً للَّه وخشية وانكساراً وذلا.
12- يدل صاحبه على الهرب من الدنيا وأعظمها الرئاسة والشهرة والمدح، فإذا وقع شيء من ذلك من غير قصد واختيار كان صاحبه في خوف شديد من عاقبته بحيث أنه يخشى أن يكون مكراً واستدراجاً.
13- أن صاحبه لا يدعى العلم ولا يفخر به على أحد.
14- لا ينسب غيره إلى الجهل إلا من خالف السنة وأهلها فإنه يتكلم فيه غضباً للَّه لا غضباً لنفسه ولا قصداً لرفعتها على أحد.
15- يسيؤون الظن بأنفسهم ويحسنون الظن بمن سلف من العلماء ويقرون بقلوبهم وأنفسهم بفضل من سلف عليهم وبعجزهم عن بلوغ مراتبهم والوصول إليها أو مقاربتها.
76- من علمه غير نافع فليس له شغل سوى:
1- التكبر بعلمه على الناس.
2- إظهار فضل علمه عليهم.
3- نسبتهم إلى الجهل وتَنَقُّصهم ليرتفع بذلك عليهم.
4- ربما نسب من كان قبله من العلماء إلى الجهل والغفلة والسهو.
77- ثلاث ينقص بهن العبد في الدنيا ويزداد بهن في الآخرة ما هو أعظم من ذلك:
1- الرحم.
2- والحياء.
3- وعي اللسان.
77- وفي الجملة ففي هذه الأزمان الفاسدة:
1- إما أن يرضى الإنسان لنفسه أن يكون عالماً عند اللَه.
2- أولا يرضى إلا بأن يكون عند أهل الزمان عالماً.
فإن رضي بالأول: فليكتف بعلم اللَه فيه، ومن كان بينه وبين اللَه معرفة اكتفى بمعرفة اللَه إياه.
ومن لم يرض إلا بأن يكون عالماً عند الناس: دخل في قوله صلى الله عليه وسلم : (من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار).
فإن لم تقنع نفسه بذلك حتى تصل إلى درجة الحكم بين الناس:
حيث كان أهل الزمان لا يعظمون من لم يكن كذلك ولا يلتفتون إليه، فقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، وانتقل من درجة العلماء إلى درجة الظلمة.
78- ليتدبر المسلم ما ذم اللَه به أهل الكتاب من قسوة القلوب بعد إيتائهم الكتاب ثم نهينا عن التشبه بهم في ذلك.
79- ذكر سبحانه في كتابه أن قسوة قلوبهم إنما كان عقوبة لهم على نقضهم ميثاق اللَه وهو مخالفتهم لأمره وارتكابهم لنهيه بعد أن أخذ عليهم مواثيق اللَه وعهوده أن لا يفعلوا ذلك.
80- قسوة قلوبهم أوجبت لهم خصلتين مذمومتين:
إحداهما: تحريف الكلم من بعد مواضعه .
والثانية: نسيانهم حظاً مما ذكروا به.
81- هذان الأمران موجودان في الذين فسدوا من علمائنا لمشابهتهم لأهل الكتاب:
أحدهما تحريف الكلم : فإن من تفقه لغير العمل يقسو قلبه فلا يشتغل بالعمل بل بتحريف الكلم وصرف ألفاظ الكتاب والسنة عن مواضعها، والتلطف في ذلك بأنواع الحيل اللطيفة من حملها على مجازات اللغة المستبعدة ونحو ذلك والطعن في ألفاظ السنن حيث لم يمكنهم الطعن في ألفاظ الكتاب، ويذمون من تمسك بالنصوص وأجراها على ما يفهم منها ويسمونه جاهلا أو حسوداً.
وهذا يوجد في المتكلمين في أصول الديانات وفي فقهاء الرأي وفي صوفية الفلاسفة والمتكلمين.
والثاني: نسيان حظ مما ذكروا به من العلم النافع فلا تتعظ قلوبهم بل يذمون من تعلم ما يبكيه وبرق به قلبه ويسمونه قاصاً.
انتهت النتائج بفضل الله وتوفيقه، والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|