عرض مشاركة واحدة
  #277  
قديم 24-06-2024, 08:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,635
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (277)
صــــــــــ 257 الى صـــــــــــ 262






الكلام ثم قال إنما عنيت ألف درهم إلا عشرة ألزمناه إقراره الأول، ولم نجعل له الثنيا إذا خرج من الكلام، ولو جعلناه له بعد خروجه من الكلام وقطعه إياه جعلناه له بعد أيام، وبعد زمان، وإن قال لك علي ألف درهم من ثمن متاع بعتنيه أو وديعة أو سلف، وقال إلى أجل فسواء، وهي إلى الأجل إلا في السلف فإن السلف حال، الوديعة حالة فلو أن رجلا أسلف رجلا ألف درهم إلى سنة كانت حالة له متى شاء أن يأخذ السلف لأن السلف عارية لم يأخذ بها المسلف عوضا فلا يكون له أخذها قبل ما شرط المسلف فيها، وهكذا الوديعة، وجميع العارية من المتاع، وغيره فلصاحبه أخذه متى شاء، وسواء غر المعار أو المسلف من شيء أو لم يغره إلا أن الذي يحسن في هذا مكارم الأخلاق، وأن يفي له فأما الحكم فيأخذها متى شاء، وإذا كان للرجل على الرجل الدين إلى أجل من الآجال قريب أو بعيد فأراد الذي عليه الدين السفر، وسأل الذي له الدين أن يحبس عن سفره، وقال سفره بعيد، والأجل قريب أو يؤخذ له كفيل أو رهن لم يكن ذلك له، وقيل إذا حل الأجل طلبته حيث كان أو ماله فقضى لك فيه من يرى القضاء على الغائب، ومالك حيث وضعته، وكما وضعته لا يحيله عما تراضيتما به خوف ما لا يدري يكون أو لا أنت ترضى أن تكون أعطيته إياه لا سبيل لك عليه فيه إلى الأجل ثم نجعل لك عليه السبيل قبل الأجل، ولسنا نعطي بالخوف ما لم يكن لما أعطيته، ولا ترضى ذمته، ونأخذ لك مع ذمته رهنا، وجميلا به، وكذلك لو بعته متاعا إلى أجل فلم تدفعه إليه حتى تعلم أنه غير مليء جبرناك على دفعه إليه، ولم نفسخ بينكما البيع حتى يحل الأجل فيكون مفلسا لأنه قد يمكن أن يوسر قبل الأجل


(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى الرجل على المرأة أنه تزوجها بولي وشهود ورضاها أحلفت فإن حلفت لم أثبت عليها النكاح، وإن نكلت رددنا عليه اليمين فإن حلف ثبت النكاح، وإن لم يحلف لم يثبت، وكذلك لو كانت هي المدعية للنكاح عليه لم أحلفها حتى تزعم أن العقد كان صحيحا برضاها، وشاهدي عدل وولي فإن زعم أن العقد نقص من ذا لم أحلفها، وذلك أنهما لو عقدا هذا ناقصا فسخت النكاح فلا أحلفها على أمر لو كان فسخته، وكذلك هو في جميع هذا

(قال الشافعي): - رضي الله عنه - وإذا أقر الرجل أنه أعتق عبده على ألف أو أقل أو أكثر سئل فإن قال جعلته حرا إن أدى إلي ألفا قيل للعبد إن شئت فأد إليه ألفا، وأنت حر، وإن شئت لا تؤدي لم يكن لك حرية فإن ادعى العبد أنه أعتقه عتقا بتاتا على غير شيء أحلفنا السيد فإن حلف بريء، وإن نكل ردت اليمين على العبد فإن حلف عتق، وإن قال السيد أعتقته عتق بتات، وضمن لي بالعتق مائة دينار أثبتنا عليه العتق، وجعلناه مدعيا في المائة إنما نجعل القول قوله إذا زعم أنه لم يوقع العتق، وأنه جعله لشيء أراده لأنه لم يقر فيه بحرية متقدمة، وإنما أقر بحرية تقع فإن قبلها العبد وقعت، وإن لم يصدقه لم تقع كما زعمنا في المسألة الأولى، ولو قال بعته نفسه بألف درهم فإن صدقه العبد فهو حر، وعليه ألف درهم، وإن ادعى العتق، وأنكر الألف فهو حر، والسيد مدع، وعلى العبد اليمين (قال الربيع) وفيه قول آخر أن بيع العبد من نفسه باطل فإن أعطاه المائة عتق بالصفة إذا كان قال له إن أعطيتني مائة فأنت حر، ولم يعتق بسبب البيع لأنه غير مبيع
(قال الشافعي): - رحمه الله - وكذلك لو قال كاتبته على ألف، وادعى العبد أنه أعتقه فإن قال قائل كيف تصيره رقيقا، وهو

يقدر على أن يعتق بشيء يفعله، وهو لو أعتقه سيده فقال لا أقبل العتق كان حرا، ولم نجعل له الخيار في أن يكون رقيقا؟ قيل له إن شاء الله تعالى كل ما أقر به السيد أنه قد وقع به عتق ماض لم يرد العتق الماضي كقوله بعتك من رجل وأعتقك فيكون حرا، ولا يكون على الرجل ثمنه إلا أن يقر به، وما زعم أن العتق يقع فيه مستأنفا بشيء يؤديه العبد أو يفعله لم يقع العتق إلا بأن يوفيه العبد أو يفعله كقوله للعبد أنت حر إن أعطيتني درهما أو إن دخلت الدار أو إن مسست الأرض أو إن أكلت هذا الطعام فإن فعل من هذا شيئا كان حرا، وإن لم يفعله كان رقيقا، وكانت المشيئة فيه إلى العبد، وللسيد أن يرجع فيبيعه، ويبطل ما جعله له لأن العتق إنما يثبت له إذا فعل شيئا فكلما لم يفعله فهو خارج من العتق، وعلى أصل الملك، وكل هذا مخالف للكتابة لأنه في الكتابة يملك ماله الذي يكون به حرا إلى وقته فالمكاتب زائل في هذا الموضع عن حكم العبد، وإن كان قال له شيئا من هذا فوقت وقتا فقال إن فعلته قبل الليل أو قبل أن نفترق من المجلس ففعله العبد قبل أن يحدث السيد فيه بيعا أو شيئا يقطع اليمين فهو حر، وإن فعله بعد الوقت لم يكن حرا، وإن لم يوقت فمتى فعله العبد كان حرا، وإن قال لا أفعل ثم فعله كان حرا

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا مات لرجل شاة أو بعير أو دابة فاستأجر من يطرحها بجلدها فالإجارة فاسدة فإن تراجعا قبل طرحها فسخناها، وإن طرحها جعلنا له أجر مثله، ورددنا الجلد إن كان أخذه على مالك الدابة الميتة فإن قال قائل، ومن أين تفسد؟ قيل من وجهين أحدهما أن جلد الميتة لا يحل بيعه ما لم يدبغ فالإجارة لا تحل إلا بما يحل بيعه، ومن قبل أنه لو كان جلد ذكي لم يحل بيعه، وهو غير مسلوخ من قبل أنه قد يتلف، ويعاب في السلخ، ويخرج على غير ما يعرف صاحبه

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعت الأمة على سيدها أنها أم ولد له أحلف السيد لها فإن حلف كانت رقيقا، وإن نكل أحلفت فإن حلفت كانت أم ولد، وإن لم تحلف كانت رقيقا له، وكذلك الرجل يدعي على الرجل الحر أنه عبده أحلفه له أيضا مثل أم الولد سواء، وكذلك كل ما ورد عليك من هذه الأشياء فهو هكذا قلت أرأيت بيع العذرة التي يزبل بها الزرع قال لا يجوز بيع العذرة ولا الروث ولا البول كان ذلك من الناس أو من البهائم، ولا شيئا من الأنجاس، وليس شيء من الحيوان بنجس ما كان حيا إلا الكلب والخنزير فهذان لما لزمتهما النجاسة في الحياة لم تحل أثمانهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): أخبرنا ابن أبي يحيى عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه كان يشترط على الذي يكريه أرضه أن لا يعيرها، وذلك قبل أن يدع عبد الله الكراء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا تباع عظام الميتة. ولو أوقدتها تحت قدر أو غيرها لا أعلم تحريما لأن يؤكل ما في القدر، ولا يستمتع من الميتة بشيء إلا الجلد إذا دبغ، ولولا الخبر في الجلد ما جاز أن يستمتع به، وإن كان معقولا في الجلد أن الدباغ يقلبه عن حاله التي كان بها إلى حال غيرها فيصير يصب فيه الماء فلا يفسد الماء، وتذهب عنه الرائحة، وينشف الدباغ فضوله والعظم والشعر بحالهما لا دباغ لهما يغيرهما، ويقلبهما كما يقلب الجلد والصوف مثل الشعر

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو وجب لرجل على رجل قصاص في قطع يد أو جرح غيره أو نفس هو وليها فقال الذي له القصاص قد صالحتك مما لي عليك من القصاص على أرشه، وقال الذي عليه القصاص ما صالحتك والقصاص لك فإن شئت فخذه، وإن شئت فدعه، قلنا للمدعي الصلح أنت في أصل ما كان لك كنت غنيا عن الصلح لأن أصل ما وجب لك الخيار بين أن تقتص وبين أن تأخذ الأرش مكانك حالا في مال

الجاني، وتدع القصاص فلا يبطل ذلك لك بقولك صالحتك، ولكن من زعم أنه كان له القصاص، ولم يكن له إلا القصاص، ولم يكن له أن يأخذ ما لا أبطل القصاص عن الذي وجب عليه القصاص بأن المدعي زعم أنه قد أبطل حقه فيه إذ قال قد عفوته على مال، وأنكر الذي عليه القصاص المال فعليه اليمين، وإذا أقام البينة على الشيء في يدي الرجل فسأل المقام عليه البينة الحاكم أن يحلفه له مع بينته لم يكن له إحلافه مع البينة إذا كان اثنان فصاعدا، فإن قال قد علم غير ما شهدت به بينته من أنه قد أخرجه إلى من ملكه بوجه من الوجوه أو قد أخرجه إلى من أخرجه إلي فعليه اليمين لأن هذه دعوى غير ما قامت به البينة لأن البينة قد تكون صادقة بأنه له بوجه من الوجوه، ويخرجه هو بلا علم البينة فتكون هذه يمينا من غير جهة ما قامت عليه البينة فإذا شهد شاهدان لرجل أن هذه الدار داره مات، وتركها ميراثا، وورثه فلان وفلان لا وارث له غيرهما فالشهادة جائزة، وقد كان ينبغي أن يتوقيا فيقولان لا نعلمها خرجت من يده.

ولا نعلم له وارثا لأنه قد يمكن أن تكون خرجت من يديه بغير علمهما، ويدعي وارثا بغير علمهما غير من سميا فإنما أجزنا الشهادة على البت، وقد يمكن خلافه بمعنى أن البت فيها هو العلم، وذلك أنه لا يعلم هذا شاهد أبدا، ولا ينبغي في هذا غير هذا، وإلا تعطلت الشهادات ألا ترى أني قبلت قول الشاهد إن هذه الدار داره لم يزد على هذا فقد يمكن أن تكون غير داره بكل وجه بأن يخرجها هو من ملكه أو يكون ملكها عن غير مالك أو غصبها ألا ترى أني أجيز الأيمان على الأمر قد يمكن غيره في القسامة التي لم يحضرها المقسم، وفي الحق يكون لعبد الرجل وابنه، ويجيزها من خالفنا على البت فيحلف الرجل لقد باع هذا العبد بريئا من الإباق، وبريئا من العيوب، وقد يمكن أن يكون أبق بغير علمه، ويكون عنده هذا العيب بغير علمه، وأقبل الشهادة على البت والعلم معا، ومعنى البت معنى العلم إذا كان لا يمكن في البت إلا العلم

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وللرجل أن يكري داره، ويؤاجر عبده يوما وثلاثين سنة لا فرق بين ذلك وذلك أنه إذا كان مسلطا على أن يخرج رقبة داره، ورقبة عبده إلى غيره بعوض، وغير عوض لم يكن ممنوعا أن يخرج إليه منفعتهما ومنفعتها أقل من رقابهما

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فإذا أقر الرجل لقوم أن أباهم كان أسلفه مالا، وأنه قد قضاه والدهم أو الرجل يقر بالدين للرجل عليه عند القوم على وجه الشكر للذي أسلفه يحمده بذلك أنه قد أقرضه، وقضاه قال الربيع لم يجئ بالجواب

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا تكارى الرجل من الرجل الدار بعشرين دينارا على أن الدار إن احتاجت إلى مرمة رمها المكتري من العشرين الدينار قال أكره هذا الكراء من قبل شيئين أحدهما أن يكون المكتري أمين نفسه إن أراد المكري أن يرمها، ويمنع المكتري أن يرمها كان لم يف له بشرطه، وإن جبرت المكري على أن يرمها المكتري كان قد يرمها بالقليل والكثير، ولم يعقد له وكالة على شيء يعرفه بعد ما كان، والوجه الآخر أنها قد تحتاج إلى مرمة لا يضر بالساكن تركها، وإنما يلزم رب الدار مرمة ما يضر بالساكن تركه فإن وقع الكراء على هذا فسخناه قبل السكن وبعده، وقبل النفقة وبعدها فإن أنفق فيها أقل من عشرين دينارا كان القول قوله مع يمينه، فإن بلغ العشرين أو زاد عليها فهو متعد فإن كان أدخل فيها ما ليس منها قيل له انقضه فأخرجه إن شئت، وإن شئت فدعه، وعليه كراء مثل الدار إذا سكن

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى الرجل دارا في يدي رجل فأقام البينة أنها دار أبيه كان أصح للبينة أن تشهد أنه مات وتركها ميراثا فإن لم يشهدوا بها، وشهدوا أنها دار أبيه كان يملكها لا يزيدون على ذلك قضينا لأبيه، ولا ندفع إليه ميراثه، وإن كان أبوه حيا تركنا الدار في يدي الذي هي في يديه حتى يوكل أو يحضر فينظر ما يقول، فإن مات أبوه أو كان يوم شهدت البينة ميتا كلفنا ابنه

البينة على عدد ورثته ثم قضينا بها لهم على قدر مواريثهم فإن جاء بالبينة أن أباه مات، ولم يأت بالبينة على عدد ورثته وقفناها، وعرفنا غلتها حتى تعرف ورثته فإن ادعوها دفعناها إليهم وغلتها فإن ادعاها بعضهم، وكذب بعضهم الشهود رددنا حصة من أكذب الشهود من الدار والغلة، وأنفذنا حصة من ادعى

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال رجل من دخل المسجد فهو ابن الفاعلة فبئس ما قال، ولا حد عليه، ولو كان المسجد جامعا يصلي فيه انبغى أن يعزر، وإنما منعنا من حده أنه لم يقصد قصد أحد بعينه بفرية، وأنه قد يمكن أن لا يدخل المسجد من له حد فرية، وهكذا لو قال من رماني بحجر أو شتمني أو أعطاني درهما أو أعانني فهو ابن كذا وكذا لم يكن في هذا حد، وإنما قلت هذا من قبل أنه قال من فعل بي من قبل أن يفعل به، وهذا قياس على العتق قبل الملك

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإن أصيب رجل برمية فشجه موضحة فقال من رماني فهو ابن كذا لفرية فقال رجل أنا رميتك صدق على نفسه، وكان عليه أرش الشجة أو القصاص فيها إن كان عمدا أو الأرش إن كان خطأ، ولا يصدق على الذي افترى عليه إن قال المفتري المشجوج ما قصدت قصد هذا بفرية، ولا علمته رماني، وإذا أقر لي بأنه شجني فأنا آخذ منه أرش شجتي، وإن قال قد علمت حين رماني أنه رماني فافتريت عليه بعد العلم لم آخذ منه حقه في الشجة، ولا حد له، فإن قال قائل لم لا تحده وقد كان الكلام بعدما كان الفعل؟ قيل إن الكلام كان غير مقصود به القذف، وقد قال الله تبارك وتعالى {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} فكان بينا أن المأمور بجلده ثمانين هو من قصد قصد محصنة بقذف لا من وقع قذفه على محصنة بحال، ألا ترى أنه لو كان يحد من كان لم يقصد قصد القذف إذا وقع القذف بمثل ما تقع به الأيمان فقال قائل إن كان خرج رجل من الكوفة ثم قدم عليها الساعة فهو ابن كذا فقدم تلك الساعة رجل حر مسلم كان عليه الحد من قبل أن القذف كان بعد خروجه من الكوفة، وكان القدوم بعده، والقدوم لا يكون إلا والخروج متقدم له قبل الكلام بالقذف، وهذا لا حد عليه من قبل أنه يمكن أن لا يقدم في تلك الساعة، وأنه لم يقصد قصده بقذف، ولو كان الحد يقع بما تقع به الأيمان كان الرجل لو قال: غلامي حر إن ضربني أو إن أطاعني أو إن عصاني ففعل من هذا شيئا كان حرا، ولو قال من ضربني فهو ابن كذا فضربه رجل لم يكن عليه حد، ولا يجوز فيه، والله تعالى أعلم إلا ما قلت من أنه إنما يكون الحد على من قصد قصد أحد بالفرية أو يكون الحد على من وقعت فريته بحال كما تقع الأيمان

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا تجوز شهادة النساء مع الرجال ولا منفردات إلا في موضعين أن يشهدن على مال لا غيره مع رجل أو يشهدن على ما يغيب من أمر النساء منفردات فإن شهدت امرأتان مع رجل أنهما سمعتا فلانا يقر بأن هذا ابنه لم تجز شهادتهن لأن هذا لا يثبت به مال إلا وقد تقدمه ثبوت نسب، وليس تجوز شهادتهن على الأنساب، ولا في موضع إلا حيث ذكرت، وإذا لم يثبت له النسب لم نعطه المال
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقام الرجل البينة أن هذه الدار التي في يدي هذا الرجل دار أبيه مات حرا مسلما، وتركها ميراثا غير أنا لا نعرف كم عدد ورثته، ونشهد أن هذا أحدهم قضينا بها للميت على الذي هي في يديه لأنا نقضي للميت بمحضر الوارث الواحد، ونقف حق الغيب حتى يأتوا أو يوكلوا أو يموتوا فتقوم ورثتهم مقامهم، ونقف هذه الدار ونستغلها، ولا نقضي لهذا الحاضر منها بشيء لأنا لا ندري أحصته منها الكل أو النصف

أو جزء من مائة جزء أو أقل، ولا يجوز أن يكون نعطيه شيئا، ونحن لا ندري لعله ليس له، وإن قامت بينة أعطيناه بما شهدت به البينة، وسلمنا له حصته من الغلة والدار فإن لم تقم بينة كان ذلك موقوفا، وسواء طال الزمان في ذلك أو قصر فإن قال قائل أفرأيت الرجل يموت وعليه الدين فتحضر غرماؤه فيثبتون على ديونهم، ويحلفون، وتصح في دينه كيف تقضي لهؤلاء، وأنت لا تدري لعل له غرماء لهم أكثر مما لهؤلاء فلا يصيب هؤلاء مثل ما تقضي لهم فإن جاء غيرهم من غرمائه أدخلتهم عليهم؟ قيل لافتراق الدين والميراث، فإن قال قائل فأين افتراقهما؟ قيل الدين في ذمة من عليه الدين حيا كان أو ميتا يجب في الحياة مثل الذي يجب في الوفاة، ولا يخرج ذو الدين حيا كان أو ميتا فيما بينه وبين الله عز وجل، ولا في الحكم إلا أن يؤدي دينه، ولو كان حيا فدفع إلى أحد غرمائه دون غيره من غرمائه كان ذلك جائزا للمدفوع إليه لأن أصل الدين في ذمته، وأهل الدين أحق بمال ذي الدين حيا كان أو ميتا منه ومن ورثته بعده، والدين مطلق كله لا بعضه في ذمته، والورثة ليسوا يستحقون، وذو المال على شيء، وإنما نقل الله عز وجل إليهم ما كان الميت مالكا الفضل عن الدين، وأدخل عليهم أهل الوصايا فإن وجدوا فضلا ملكوا ما وجدوا بما فرض الله عز وجل لهم لا بشيء كان في ذمة الميت، وإن لم يجدوا لم يكن في ذمة الميت لهم شيء، ولم يكن آثما بأن لم يجدوا شيئا، ولا متبوعا كما يكون متبوعا بالدين فلما لم يكن لهم في ذمة الميت شيء يتبع به بكل حال، وكان إنما فرض لهم شيء لا يزادون عليه، ولا ينقصون منه، إنما هو جزء مما وجدوا قل أو كثر فلم يكن ثم أصل حق يعطون به إلا على ما وصفت لم يجز لهم أن يكون الملك منقولا إلى واحد منهم إلا وملكه معروف، وإن ورد هذا على الحاكم كشفه، وكتب إلى البلد الذي انتوى به الميت، وطلب له وارثا، فإن لم يجده فإنما ماله موقوف فندعوا الطالب لميراثه بثقة كمن يرضى هو أن يقف الأموال على يديه فإذا ضمن عنه ما دفع إليه دفعه إليه، ولم يكن هذا ظلما لغائب إن جاء، ولا حبسا عن حاضر، وإذا كان المال مضمونا على ثقة كان خيرا للغائب من أن يكون أمانة عند ثقة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقام الرجل البينة أن أباه مات وترك هذه الدار، وأنه لا وارث لأبيه غيره قضى له بالدار، ولم يؤخذ منه بذلك كفيل، والله تعالى الموفق.

باب الدعوى في البيوع

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا باع الرجل من الرجل عبدا أو شيئا ما كان بيعا حراما، وقبض المبتاع ما اشترى فهلك في يديه كان عليه رد قيمته، وذلك أن البائع لم يدفعه إليه إلا على عوض يأخذه منه فلما كان العوض غير جائز كان على المبتاع رد ما أخذ لأنه لم يسلم للبائع العوض، ولم يكن أصله أمانة، ولو باعه عبدا على أن المبتاع بالخيار فقبضه المبتاع فمات في يديه قبل أن يختار البيع أو يمضي أجل الخيار كان عليه أن يرد القيمة فإن قال قائل هل تم البيع بينهما، وفيه خيار؟ قيل كان أصل البيع حلالا لو أعتقه المشتري جاز عتقه أو كانت أمة حل له وطؤها، ولو أراد بيعها كان له، وكان مالكا صحيح الملك إلا أن له إن شاء رد الملك بالشرط، ولم يكن أخذه أمانة، ولا أخذه إلا على أن يوفي البائع ثمنه أو يرد إليه عبده، ولم يكن أخذه على محرم من البيوع فلما لزم الآخذ للعبد على المحرم أن يرد القيمة

لأنه لم يعط العبد أمانة ولا هبة، ولم يعطه إلا بعوض فلما لم يستحق العوض كان على المبتاع رده إن كان حيا، وقيمته إن كان ميتا كان المشتري على الخيار في هذا المعنى في أنه لم يدفع أمانة، ولا هبة إلا بعوض يسلم للبائع فلما لم يسلم له كان على القابض له رده حيا، ورد قيمته ميتا، وكان يريد أن أصل البيع والثمن كان حلالا فكيف يبطل ثمن الحلال، ويثبت ثمن الحرام؟ وهكذا لو كان البائع بالخيار أو كان الخيار لهما معا من قبل أن البائع لم يسلم قط عبده إلا على أن يرجع إليه أو ثمنه، وإنما منعنا أن نجعل له الثمن لا القيمة من قبل أنه شرط فيه شيئا فلما كان له فسخ البيع لم يكن الثمن لازما بكل حال فلما لم يكن لازما بكل حال ففات رددناه إلى القيمة

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كان لرجل زوجة، وابن منها، وكان لزوجته أخ فترافعوا إلى القاضي فتصادقوا على أن الزوجة والابن قد ماتا، وتداعيا فقال الأخ مات الابن ثم ماتت الأم فلا ميراث لها مع زوجها، وقال الزوج بل ماتت المرأة فأحرز ابني معي ميراثها ثم مات ابني فلا حق لك في ميراثه، ولا بينة بينهما فالقول قول الأخ مع يمينه لأنه الآن قائم، وأخته ميتة فهو وارث، وعلى الذي يدعي أنه محجوب البينة، ولا أدفع اليقين إلا بيقين فإن كان ابنها ترك مالا فقال الأخ آخذ حصتي من مال أختي من ميراثها من ابنها كان الأخ في ذلك الموضع هو المدعي من قبل أنه يريد أخذ شيء قد يمكن أن لا يكون كما قال فكما لم أدفع أنه وارث لأنه يقين بظن أن الابن حجبه فكذلك لم أورثه من الابن لأن الأب يقين، وهو ظن، وعلى الأب اليمين، وعلى الأخ البينة إذا حضر أخوان مسلم ونصراني فتصادقا أن أباهما مات، وترك هذه الدار ميراثا، وقال المسلم مات مسلما، وقال النصراني مات نصرانيا سئلا فإن تصادقا على أنه كان نصرانيا ثم قال المسلم أسلم بعد. قيل المال للنصراني لأن الناس على أصل ما كانوا عليه حتى تقوم بينة بأنه انتقل عما كان عليه فإن ثبت بينة بأنه أسلم، ومات مسلما كان الميراث للمسلم، وإن قال لم يزل مسلما، وقال النصراني لم يزل نصرانيا وقفنا المال أبدا حتى يعلم أو يصطلحا فإذا أقام النصراني بينة من المسلمين أنه كان نصرانيا، ومات نصرانيا كان الميراث له دون المسلم.

وإن أقام كل واحد منهما بينة على دعواه ففيها قولان أحدهما قول أهل المدينة الأول وسعيد بن المسيب يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول به، وهو قضاء مروان بالمدينة وابن الزبير، وهو يروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - وهو أن يقرع بينهما فأيهما خرج سهمه أحلفه، وجعل له الميراث، ومن قال هذا القول فمن حجته ما وصفت، ومن حجته أنه قياس على أن أمرهما في الدعوى والبينة والاستحقاق واحد فلما كنت لا أشك أن إحدى البينتين كاذبة بغير عينها أقرعت خبرا، وقياسا على أن رجلا أعتق مملوكين له فأقرع النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وحجتهم واحدة، وعلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم خيبر ثم أقرع، وعلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرع بين نسائه فوجدته يقرع حيث تستوي الحجج ثم يجعل الحق لبعض، ويزيل حق بعض. والقول الثاني أن يجعل الميراث بينهما نصفين لأنه لا حجة لواحد منهما، ولا بينة إلا حجة صاحبه، وبينته فلما استويا فيما يتداعيان سوي بينهما، وجعله قسما بينهما، ومن حجة هذا أن يحتج بعول الفائض فيقول قد أجد في الفريضة نصفا ونصفا وثلثا فأضرب لكل واحد منهم بقدر ما قسم له فأكون قد أوفيته على أصل ما جعل له، وإن دخل النقص عليه بغيره فكذلك دخل على غيره به، ومن أراد أن يحتج على من احتج بهذا احتج عليه بأن هؤلاء قوم قد نقل الله تعالى إليهم الملك فكل صادق ليس منهم كاذب بحال.

والمشهود له بخلاف ما شهد به لصاحبه يحيط العلم بأن إحدى الشهادتين كاذبة، والعلم يحيط أن أحسن أحوال المستحق بالشهادة أن يكون أحد المستحقين بها محقا، والآخر مبطلا فإذا خرج النصف إلى أحدهما أحاط العلم بأنه قد أعطى نصفا من لا شيء له، ومنع نصفا



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.57%)]