عرض مشاركة واحدة
  #275  
قديم 24-06-2024, 06:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (275)
صــــــــــ 245 الى صـــــــــــ 250







(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): أصل معرفة المدعي والمدعى عليه أن ينظر إلى الذي الشيء في

يديه يدعيه هو وغيره فيجعل المدعي الذي نكلفه البينة، والمدعى عليه الذي الشيء في يديه، ولا يحتاج إلى سبب يدل على صدقه بدعواه إلا قوله، وهكذا إن ادعى عليه دينا أو أي شيء ما كان كلف فيه البينة ودعواه في ذمة غيره مثل دعواه شيئا قائما بعينه في يدي غيره قال، وقاله أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه -.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار أو أي شيء ما كان لرجل فادعى أنه باعه من رجل، وأنكر الرجل فعلى المدعي البينة، لأنه مدع في ذمة الرجل وماله شيئا هو له دونه، والرجل ينكره فعليه اليمين، ولو كان الرجل يدعي شراء الدار، ومالك الدار يجحده كان مثل هذا، وعلى مدعي الشراء البينة لأنه يدعي شيئا هو في ملك صاحبه دونه، ولا يأخذ بدعواه دون أن يقيم بينة، وعلى الذي ينكر البيع اليمين وقاله أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه -
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو ادعى رجل دينا أو غصبا أو شيئا على رجل فأنكر الرجل لم يكن له أن يأخذه إلا ببينة، وعلى المنكر اليمين، ولو أقر له بدعواه، وادعى أنه قضاه إياه ففيها قولان أحدهما أن الدعوى لازمة له، ودعواه البراءة غير مقبولة منه إلا ببينة، ومن قال هذا فسواء عنده كان دعواه البراءة موصولا بإقراره أو مقطوعا منه، والقول الثاني أنه إذا كان لا يعلم حقه إلا بإقراره فوصل بإقراره دعواه المخرج كان مقبولا منه، ولا يكون صادقا كاذبا في قول واحد، ولو قطع دعواه المخرج من الإقرار فلم يصلها به كان مدعيا عليه البينة، وكان الإقرار له لازما، ومن قال هذا القول الآخر فينبغي أن تكون حجته أن يقول أرأيت رجلا قال لرجل لك علي ألف درهم طبرية أو لك عندي عبد زنجي، وادعى الرجل عليه ألفا وازنة أو ألفا مثاقيل أو عبدا بربريا أليس يكون القول قول المدعى عليه؟ وسواء في هاتين المسألتين أن يقر له بدين، ويزعم إلى أجل في القول الأول الدين حال، وعليه البينة أنه إلى أجل، والقول الثاني أن القول قوله إذا وصل دعواه بإقراره.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): إذا كان الشيء في يد اثنين عبدا كان أو دارا أو غيره فادعى كل واحد منهما كله فهو في الظاهر بينهما نصفان، ويكلف كل واحد منهما البينة على ما في يدي صاحبه فإن لم يجد واحد منهما بينة أحلفنا كل واحد منهما على دعوى صاحبه فأيهما حلف بريء، وأيهما نكل رددنا اليمين على المدعي فإن حلف أخذ، وإن نكل لم يأخذ شيئا ودعواه النصف الذي في يد صاحبه كدعواه الكل ليس في يديه منه شيء لأن ما في يد غيره خارج من يديه، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقيم كل واحد منهما البينة على ما في يدي صاحبه، ولكل واحد منهما اليمين على صاحبه فأيهما حلف بريء، وأيهما نكل حبس حتى يحلف، وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - إذا نكل عن اليمين قضينا عليه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): إذا تداعى الرجلان البيع فتصادقا عليه، واختلفا في الثمن فقال البائع بعتك بألفين، وقال المشتري اشتريت منك بألف والسلعة قائمة بعينها، ولا بينة بينهما تحالفا معا فإن حلفا معا فالسلعة مردودة على البائع، وأيهما نكل رددت اليمين على المدعى عليه، وإن نكل المشتري حلف البائع لقد باعه بالذي قال ثم لزمته الألفان فإن حلف البائع ثم نكل المشتري عن اليمين أخذ البائع الألفين لأنه قد اجتمع نكول المشتري، ويمين البائع على دعواه، وهكذا إن كان الناكل هو البائع، والحالف هو المشتري كانت بيعا له بالألف، ولو هلكت السلعة ترادا قيمتها إذا حلفا معا، وإذا كانت السنة تدل على أنهما يتصادقان في أن السلعة مبيعة، ويختلفان في الثمن، فإذا حلفا ترادا، وهما يتصادقان أن أصل البيع كان حلالا فلا يختلف المسلمون فيما علمت أن ما كان مردودا لو وجد بعينه في يدي من هو في يديه ففات أن عليه قيمته إذا كان أصله مضمونا، ولو جعلنا القول قول المشتري إذا فاتت السلعة كنا قد فارقنا السنة، ومعنى السنة، وليس لأحد فراقهما، وقد صار بعض المشرقيين إلى أن رجع إلى هذا القول فقال به، وخالف

صاحبه فيه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أقام أحدهما البينة على دعواه أعطيناه ببينته
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى رجل أنه نكح امرأة لم أقبل دعواه حتى يقول نكحتها بولي وشاهدين عدلين، ورضاها فإذا قال هذا، وأنكرت المرأة أحلفناها، فإن حلفت لم أقض له بها، وإن نكلت لم أقض له بها بالنكول حتى يحلف، فإذا حلف قضيت له بأنها زوجته، وأحلف في النكاح، والطلاق، وكل دعوى، وذلك أني وجدت من حكم الله تبارك وتعالى ثم سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن الله عز وجل قضى أن يحلف الزوج القاذف، وتحلف الزوجة المقذوفة ثم دلت السنة على أن الحد يسقط عن الزوج، وقد لزمه لولا اليمين، والإجماع على أن الحد يسقط عن المرأة باليمين، والسنة تدل على أن الفرقة بينهما، وعلى نفي الولد فالحد قتل، ونفي الولد نسب فالحد على الرجل يمين فوجدت هذا الحكم جامعا لأن تكون الأيمان مستعملة فيما لها فيه حكم، ووجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الأنصار أن يحلفوا، ويستحقوا دم صاحبهم فأبوا الأيمان فعرض عليهم أيمان يهود فلا أعرف حكما في الدنيا أعظم من حكم القتل، والحد، والطلاق، ولا اختلاف بين الناس في الأيمان في الأموال، ووجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول «، واليمين على المدعى عليه» فلا يجوز أن يكون على مدعى عليه دون مدعى عليه إلا بخبر لازم يفرق بينهما بل الأخبار اللازمة تجمع بينهما.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو ادعت عليه المرأة النكاح وجحد كلفت المرأة البينة فإن لم تأت بها أحلف فإن حلف بريء، وإن نكل رددت اليمين على المرأة، وقلت لها احلفي فإن حلفت ألزمته النكاح، وهكذا كل شيء ادعاه أحد على أحد من طلاق، وقذف، ومال، وقصاص، وغير ذلك من الدعوى
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى رجل أن امرأته خالعته بعبد أو دار أو غير ذلك، وأنكرت المرأة كلف الزوج البينة فإن جاء بها ألزمته الخلع، وألزمتها ما اختلعت به، وإن لم يأت بها أحلفتها فإن حلفت برئت من أن يأخذ منها ما ادعى، ولزمه الطلاق، وكان لا يملك فيه الرجعة من قبل أنه يقر بطلاق لا يملك فيه رجعة، ويدعي مظلمة في المال فإن نكلت عن اليمين رددت اليمين على الزوج فإن حلف أخذ ما ادعى أنها خالعته عليه، وإن نكل لم أعطه بدعواه شيئا، ولا بنكولها حتى يجتمع مع نكولها يمينه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى العبد على مالكه أنه أعتقه أو كاتبه، وأنكر ذلك مالكه فعلى العبد البينة فإن جاء بها أنفذت له ما شهد له به من عتق أو كتابة، وإن لم يأت بها أحلفت له مولاه فإن حلف أبطلت دعوى العبد، وإن نكل المولى عن اليمين لم أثبت دعوى العبد إلا بأن يحلف العبد فإن حلف أثبت دعواه فإن ادعى العبد التدبير فهو في قول من لا يبيع المدبر هكذا، وفي قول من يبيع المدبر هكذا إلا أنه يقال لسيد العبد لا يصنع اليمين شيئا، وقل قد رجعت في التدبير، ويكون التدبير مردودا، ولو أن مالك العبد قال قد أعتقتك على ألف درهم فأنكر العبد المال، وادعى العتق أو أنكر المال والعتق كان المالك المدعي فإن أقام السيد البينة أخذ العبد بالمال، وإن لم يقمها أحلف له العبد فإن حلف بريء من المال، وكان حرا في الوجهين لأن المولى يقر بعتقه فيهما فإن نكل العبد عن اليمين لم يثبت عليه شيء حتى يحلف مولاه فإن حلف ثبت المال على العبد، وإن نكل السيد عن اليمين فلا مال على العبد، والعتق ماض
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو تعلق رجل برجل فقال أنت عبد لي، وقال المدعى عليه بل أنا حر الأصل فالقول قوله فأصل الناس الحرية حتى تقوم بينة أو يقر برق، وكلف المدعي البينة فإن جاء بها كان العبد رقيقا، وإن أقر العبد له بالرق كان رقيقا له، وإن لم يأت بالبينة أحلف له العبد فإن حلف كان حرا، وإن نكل لم يلزمه الرق حتى يحلف المدعي على رقه فيكون رقيقا له.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا الأمة مثل العبد سواء، وهكذا

كل ما يملك إلا في معنى واحد فإن رجلا أو امرأة لو كانا معروفين بالحرية فأقرا بالرق لم يثبت عليهما الرق
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى الرجل على الرجل دما أو جراحا دون الدم عمدا أو خطأ فسواء، وعليه البينة فإن جاء بها قضي له فإن لم يأت بها، ولا بما يوجب القسامة في الدم دون الجراح أحلف المدعى عليه فإن حلف بريء، وإن نكل عن اليمين لم ألزمه بالنكول شيئا حتى يحلف المدعي فإن حلف ألزمت المدعى عليه جميع ما ادعى عليه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وأيمان الدماء مخالفة جميع الأيمان الدم لا يبرأ منه إلا بخمسين يمينا، وما سواه يستحق، ويبرأ منه بيمين واحدة إلا اللعان فإنه بأربعة أيمان، والخامسة التعانه، وسواء النفس، والجرح في هذا يقبله بالذي نقصه به من نكوله عن اليمين، ويمين صاحبه المدعى عليه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وخالفنا بعض الناس رحمة الله عليه في هذا فزعم أن كل من ادعى جرحا أو فقأ عينين أو قطع يدين، وما دون النفس أحلف المدعى عليه فإن نكل اقتص منه ففقأ عينيه، وقطع يديه، واقتص منه فيما دون النفس، وهكذا كل دعوى عنده سواء، وزعم أن في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «واليمين على المدعى عليه» دليل على أنه إذا حلف بريء فإن نكل لزمته الدعوى ثم عاد لما احتج به من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فنقضه في النفس فقال إن ادعى عليه قتل النفس فنكل عن اليمين استعظمت أن أقتله، وحبسته حتى يقر فأقتله أو يحلف فأبرئه قال مثل هذا في المرأة يلتعن زوجها وتنكل.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا أعلمه إلا خالف في هذا ما زعم أنه موجود في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نحقه، ولم نبطله كان ينبغي إذا فرق بين النفس، وما دونها من الجراح أن يقول لا أحبسه إذا نكل عن اليمين، ولا أجعل عليه شيئا إذا كان لا يرى النكول حكما، وهو على الابتداء لا يحبس المدعى عليه إلا ببينة فإن كان للنكول عنده حكم فقد خالفه لأن النكول عنده يلزمه ما نكل عنه، وإن لم يكن للنكول حكم في النفس فقد ظلمه بحبسه في قوله لأن أحدا لا يحبس أبدا بدعوى صاحبه، وخالفه صاحبه، وفر من قوله فأحدث قولا ثانيا محالا كقول صاحبه فقال ما عليه حبس، وما ينبغي أن يرسل، واستعظم الدم، ولكن أجعل عليه الدية فجعل عليه دية في العمد، وهو لا يجعل في العمد دية أبدا، وخالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أنه يخير ولي الدم في القصاص أو الدية ثم يقول ليس فيه إلا القصاص إلا أن يصطلحا فأخذ لولي الدم ما لا يدعي، وأخذ من المدعى عليه ما لا يقر به، وأحدث لهما من نفسه حكما محالا لا خبرا، ولا قياسا، وإذا كان يأخذ دماء الناس في موضع بشاهدين حتى يقتل النفس، وأكثر ما نأخذ به موضحة من شاهدين أو إقرار فما فرق بين الدم والموضحة، وما هو أصغر منها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى رجل على رجل كفالة بنفس أو مال فجحد الآخر فإن على المدعي الكفالة البينة فإن لم تكن له بينة فعلى المنكر اليمين فإن حلف بريء، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعي فإن حلف لزمه ما ادعى عليه، وإن نكل سقط عنه غير أن الكفالة بالنفس ضعيفة، وقال أبو حنيفة رحمه الله على مدعي الكفالة البينة فإن لم تكن له بينة فعلى المنكر اليمين فإن حلف بريء، وإن نكل لزمته الكفالة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى على رجل أنه أكراه بيتا من دار شهرا بعشرة، وادعى المكتري أنه اكترى الدار كلها ذلك الشهر بعشرة فكل واحد منهما مدع على صاحبه، وعلى كل واحد منهما البينة فإن لم تكن بينة فعلى كل واحد منهما اليمين على دعوى صاحبه فإن أقام كل واحد منهما البينة على دعواه فالشهادة باطلة، ويتحالفان، ويترادان، وإن كان سكن الدار أو بيتا منها فعليه كراء مثلها بقدر ما سكن، وهكذا لو أنه ادعى أنه اكترى منه دابة إلى مكة بعشرة، وادعى رب الدابة أنه أكراه إياها إلى أيلة بعشرة كان الجواب

فيها كالجواب في المسألة قبلها، ولو أقام أحدهما بينة، ولم يقم الآخر أجزت بينة الذي أقام البينة، وقاله أبو حنيفة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا تداعى الرجلان الدار كل واحد منهما يقول هي لي في يدي، وأقاما معا على ذلك بينة جعلتها بينهما نصفين من قبل أنا إن قبلنا البينة قبلنا بينة كل واحد منهما على ما في يده، وألغيناها عما في يدي صاحبه فأسقطناها، وجعلناها كدار في يدي رجلين ادعى كل واحد منهما كلها فيقضى لكل واحد منهما بنصفها، ونحلفه إذا ألغينا البينة على دعوى صاحبه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كان العبد في يدي رجل فادعاه آخر، وأقام البينة أنه كان في يديه أمس فإنه لا تقبل منه البينة على هذا لأنه قد يكون في يديه ما ليس له، ولو أقام البينة أن هذا العبد أخذه هذا منه أو انتزع منه العبد أو اغتصبه منه أو غلبه على العبد، وأخذه منه أو شهدوا أنه أرسله في حاجته فاعترضه هذا من الطريق فذهب به أو شهدوا أنه أبق من هذا فأخذه هذا فإن هذه الشهادة جائزة، ويقضى له بالعبد فإن لم تكن له بينة فعلى الذي في يديه العبد اليمين فإن حلف بريء، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعي فإن حلف أخذ ما ادعى، وإن نكل سقط دعواه، وإنما أحلفه على ما ادعى صاحبه.
(قال أبو يعقوب) - رحمه الله تعالى - تقبل بينته، ويترك في يديه كما كان.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار، وغيرها من المال في يدي رجل فادعاه رجل أو بعضه فقال الذي هو في يديه ليس هذا بملك لي، وهو ملك لفلان، ولم يقم بينة على ذلك فإن كان فلان حاضرا صير له، وكان خصما عن نفسه، وإن كان فلان غائبا كتب إقراره له، وقيل لهذا المدعي أقم البينة على دعواك، وللذي هو في يديه ادفع عنه فإن أقام المدعي البينة عليه قضي له به على الذي هو في يديه، وكتب في القضاء إني إنما قبلت بينة فلان المدعي بعد إقرار فلان الذي هو في يديه بأن هذه الدار لفلان، ولم يكن فلان المقر له، ولا وكيل له حاضرا فقالت البينة لفلان المدعي هذه الدار على ما حكيت في كتابي، ويحكي شهادة الشهود، وقضيت له بها على فلان الذي هي في يديه، وجعلت فلانا المقر له بها على حجته يستأنفها فإذا حضر أو وكيل له استأنف الحكم بينه وبين المقضي له، وإن أقام الذي هي في يديه البينة أنها لفلان الغائب أودعه إياها أو أكراه إياها فمن قضى على الغائب سمع بينته، وقضى له، وأحلفه لغيبة صاحبه أن ما شهد به شهوده لحق، وما خرجت من ملكه بوجه من الوجوه، وكتب له في كتاب القضاء إني سمعت بينته، ويمينه، وفلان الذي ذكر أن له الدار غائب لم يحضر، ولا وكيل له فإذا حضر جعله خصما، وسمع بينته إن كانت، وأعلمه البينة التي شهدت عليه فإن جاء بحق أحق من حق المقضي له قضى له به، وإن لم يأت به أنفذ عليه الحكم الأول، وإن سأل المحكوم له الأول القاضي أن يجدد له كتابا بالحكم الثاني عند حضرة الخصم كان عليه أن يفعل فيحكي ما قضى به أولا حتى يأتي عليه ثم يحكي أن فلانا حضر، وأعدت عليه البينة، وسمعت من حجته وبينته ثم يحكيها ثم يحكي أنه لم ير له فيها شيئا، وأنه أنفذ عليه الحكم الأول، وقطع حجته بالحكم الآخر.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وليس في القضاء على الغائب إلا واحد من قولين إما لا يقضى على غائب بدين، ولا غيره، وإما يقضى عليه في الدين وغيره، ونحن نرى القضاء عليه بعد الأعذار، وقد كتبنا الأعذار في موضع غير هذا، وسواء كان إقرار الذي الدار في يديه قبل شهادة الشهود أو بعدها، وسواء هذا في جميع الأحوال.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنها له آجرها إياه، وادعى آخر أنها له، وأنه أودعها إياه فكل واحد منهما مدع، وعلى كل واحد منهما البينة فإن أقاما بينة فإنه يقضي بها نصفين، وقاله أبو حنيفة - رضي الله عنه -.
(قال الربيع) حفظي عن الشافعي أن الشهادتين باطلتان، وهو أصح القولين.
(قال

الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار أو العبد في يدي رجل فادعى رجل أنه غصبه إياه في وقت وأقام بينة على ذلك، وادعى آخر أنه أقر أنه وديعة له في وقت بعد الغصب، وأقام على ذلك بينة فإنه يقضي به لصاحب الغصب، ولا يقضي لصاحب الإقرار بشيء، ولا يجوز إقراره فيما غصب من هذا وصاحب الغصب هو المدعي، وعليه البينة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى رجل أنه اشترى من رجل عبدا، وأمة بألف درهم، ونقده الثمن، وهما في يدي البائع فقال البائع إنما بعتك العبد وحده بألف درهم فإنهما يتحالفان، ويتفاسخان، والله أعلم.
باب الدعوى في الميراث
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت دار في يد رجل فادعاها رجلان كل واحد منهما يقيم البينة على أنها له من وقت كذا إلى وقت كذا، وأنه ورثها عن أبيه في وقت كذا حتى يحيط العلم أن إحدى البينتين كاذبة بغير عينها فهذا مثل الشهادة على النتاج فمن زعم في النتاج أنه يبطل البينتين لأن إحداهما كاذبة بالإحاطة، ولا نعرفها، ويجعل النتاج للذي هي في يديه لإبطال البينة أبطل هاتين البينتين، وأقر الدار في يدي صاحبها، ومن زعم أنه يحق البينة التي معها السبب الأقوى فيجعل كينونة النتاج في يدي صاحبها بسبب أقوى ففي هذا قولان أحدهما أن تكون بينهما نصفين، والآخر أن يقرع بينهما فأيهما خرجت القرعة له كانت له كلها، ولو كانت البينة شهدت على وقتين مختلفين لم يكن فيه إلا أن يقرع بينهما أو تكون الدار بينهما نصفين لأنه قد يمكن في هذا أن تكون البينتان صادقتين، وكل ما أمكن أن تكون البينتان صادقتين فيه مما ليس في يدي المدعيين هكذا، وكل ما لم يمكن إلا أن تكون إحدى البينتين كاذبة فكالمسألة الأولى، وسواء هذا في كل شيء ادعى، وبأي ملك ادعى الميراث، وغيره في ذلك سواء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت أمة في يدي رجل فادعاها رجل أنها كانت لأبيه وأقام بينة أن أباه مات، وتركها ميراثا لا يعلمون له وارثا غيره، وأقام آخر بينة أنه اشتراها من أبي هذا، ونقده الثمن فإنه يقضي بها للمشتري، وشهادة الشراء تنقض شهادة الميراث، وهكذا لو شهدوا على صدقة مقبوضة من الميت في صحته أو هبة أو نحل أو بعطية أو عمرى من قبل أن شهود الميراث قد يكونون صادقين على الظاهر أن يعلموا الميت مالكا، ولا يعلمونها خرجت من يديه فيسعهم على هذا الشهادة، ولو توقوا فشهدوا أنها ملك له، وأنهم لا يعلمونها خرجت من يديه حتى مات كان أحب إلي، وإن كانت الشهادة فيه على البت فهي على العلم، وليس هؤلاء يخالفون شهود الشراء، ولا الصدقة، وشهود الشراء، والصدقة يشهدون على أن الميت أخرجها في حياته إلى هذا فليس بينهم اختلاف إلا أنه خفي على هؤلاء ما علم هؤلاء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت دار أو أرض أو بستان أو قرية في يدي رجل، وادعى رجل أنها له، وأقام بينة أنها لأبيه ولم يشهدوا أنه مات، وتركها ميراثا فإنه لا يقضي له، ولا تنفذ هذه الشهادة إلا أن يشهدوا أنها لم تزل لأبيه حتى مات، وإن لم يذكروا أنه تركها ميراثا، وكذلك لو شهدوا أنها كانت لجده.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام رجل شاهدين أن أباه مات، وتركها ميراثا فأقام آخر شاهدين أن أب هذا المدعي تزوج عليها أم هذا وأن أمه فلانة ماتت، وتركتها ميراثا فإنه يقضي بها لابن المرأة لأن الرجل قد خرج منها حيث تزوج عليها، وهذا مثل خروجه منها بالبيع، وشهادة النساء في ملك الأموال كلها مع شهادة الرجال جائزة، ولا تجوز على أن

فلانا مات، وترك فلانا وفلانا لا وارث له غيرهما من قبل أن هذا يثبت نسبا، وشهادتهن لا تجوز إلا في الأموال محضة، وما لا يراه الرجال من أمر النساء.
باب الشهادة على الشهادة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا شهد رجلان على شهادة رجلين فقد رأيت كثيرا من الحكام والمفتين يجيزه فمن أجازه فينبغي أن يكون من حجته أن يقول ليسا بشاهدين على شهادة أنفسهما، وإنما يشهدان على شهادة رجلين فهما رجلان كل واحد منهما على رجل ورجل، وأدل من هذا على امرئ كأنه يشبه أن يجوز أن يقول رجل ألا ترى أنهما لو شهدا على شهادة رجلين أن هذا المملوك لهذا الرجل بعينه، وشهدا على شهادة رجلين آخرين أن هذا المملوك بعينه لآخر غيره لم يكونا شاهدي زور، وإنما أديا قول غيرهما، ولو كانا شاهدين على الأصل كانا شاهدي زور، وقد سمعت من يقول لا أقبل على رجل إلا شهادة رجلين، وعلى آخر شهادة آخرين غيرهما، ومن قال هذا ينبغي أن يكون من حجته أن يقول أنا أقيمهما مقام الشاهد نفسه فلم يكن لهما أكثر من حكمه فهو لو شهد مرتين على شيء واحد لم يكن إلا مرة فكذلك إذا شهدا هما على الآخر لم يكن إلا مرة فلا تجوز شهادتها، وينبغي أن يقول من قال هذا أنهما إنما كانا غير مجروحين في شهادتهما على أربعة مختلفين لأنهما لم يشهدا على العيان، وهما لا يقومان إلا مقام من شهدا على شهادته فلا يجوز أن يقوم اثنان إلا مقام واحد إذ لم يجز أن يجوز على الواحد إلا اثنان
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يجوز على شهادة المرأة إلا رجلان، ولا يجوز عليها رجل وامرأتان لأن هذا ليس بمال.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فإذا كانت دار في يدي رجل فأقام رجل عليها بينة أن أباه مات وتركها ميراثا، ولم يشهدوا على الورثة، ولا يعرفونهم فإن القاضي يكلف الورثة البينة أنهم أولاد فلان بأعيانهم، وأنهم لا يعلمون له وارثا غيرهم فإن أقاموا البينة على ذلك دفع الدار إليهم، وإن لم يقيموا البينة على ذلك، وقف الدار أبدا حتى يأتوا ببينة أنهم ورثته، ولا وارث له غيرهم، ولا يؤخذ من الوارث كفيل بشيء مما يدفع إليه بعد أن يستحقه، ولو أخذته منه أخذته ممن قضيت له على آخر بدار أو عبد، وأخذته ممن قضيت له على رجل بدين، وممن حكمت له بحكم ما كان، وقاله أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجل، وادعاها آخر، وأقام بينة أن أباه مات، وتركها ميراثا منذ سنة لا يعلمون له وارثا غيره، وأقام الذي هي في يديه البينة أن أباه مات، وتركها ميراثا منذ سنة فإنها للذي هي في يديه، وقال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه - أقضي بها للمدعي.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أن الذي في يديه الدار أقر أن الدار كانت لأبي المدعي، وأن أباه اشتراها منه، ونقده الثمن، وأقام على ذلك بينة قبل منه ذلك لأن الدار في يديه، وهو أقوى سببا، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - مثله إلا أنه يجعله المدعي في هذه المنزلة



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.52%)]