
24-06-2024, 06:11 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (273)
صــــــــــ 233 الى صـــــــــــ 238
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وينبغي للإمام أن يجعل مع رزق القاضي شيئا لقراطيسه وصحفه فإذا فعل ذلك لم
يكلف الطالب أن يأتي بصحيفة، وإن لم يفعل قال القاضي للطالب إن شئت جئت بصحيفة بشهادة شاهديك، وكتاب خصومتك، وإلا لم أكرهك، ولم أقبل منك أن يشهد عندي شاهد الساعة بلا كتاب، وأنسى شهادته
(قال): وأحب أن لا يقبل القاضي شهادة الشاهد إلا بمحضر من الخصم المشهود عليه فإن قبلها بغير محضر منه فلا بأس، وينبغي إذا حضر أن يقرأها عليه ليعرف حجته فيها، وكذلك يصنع بكل من شهد عليه ليعرف حجته في شهاداتهم، وحجته إن كانت عنده ما يجرحهم به
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو قبل القاضي شهادة على غائب، وكتب بها إلى قاض ثم قدم الغائب قبل أن يمضي الكتاب لم يكلف الشهود أن يعودوا، وينبغي له أن يقرأ عليه شهادتهم، ونسخة أسمائهم، وأنسابهم، ويوسع عليه في طلب جرحهم أو المخرج مما شهدوا به عليه فإن لم يأت بذلك حكم عليه (قال): ولو مضى الكتاب إلى القاضي الآخر لم ينبغ له أن يقضي عليه حتى يحضره إن كان حاضرا، ويقرأ عليه الكتاب، ونسخة أسماء الشهود، ويوسع عليه في طلب المخرج من شهاداتهم فإن جاء بذلك، وإلا قضى عليه
(قال): وإذا أقام الرجل البينة على عبد موصوف أو دابة موصوفة له ببلد آخر حلفه القاضي أن هذا العبد الذي شهد لك به الشهود لعبدك أو دابتك لفي ملكك ما خرجت من ملكك بوجه من الوجوه كلها، وكتب بذلك كتابا من بلده إلى كل بلد من البلدان، وأحضر عبدا بتلك الصفة أو دابة بتلك الصفة، وقد قال بعض الحكام يختم في رقبة كل واحد منهما، ويبعث به إلى ذلك البلد، ويأخذ من هذا كفيلا يقيمها فإن قطع عليه الشهود بعدما رأيا سلم إليه، وإن لم يقطعوا رد، وهذا استحسان، وقد قال غيره إذا وافق الصفة حكمت له، والقياس أن لا يحكم له حتى يأتي الشهود الموضع الذي فيه تلك الدابة فيشهدوا عليها، وكذلك العبد، ولا يخرج من يدي صاحبه الذي هو في يديه بهذا إذا كان يدعيه أو يقضي له بالصفة كما يقضي على الغائب يشهد عليه باسمه ونسبه، وهكذا كل مال يملك من حيوان، وغيره
(قال): وما باع القاضي على حي أو ميت فلا عهدة عليه، والعهدة على المبيع عليه، واختلف الناس في علم القاضي هل له أن يقضي به، ولا يجوز فيه إلا واحد من قولين أحدهما أن له أن يقضي بكل ما علم قبل الحكم وبعده في مجلس الحكم، وغيره من حقوق الآدميين، ومن قال هذا قال إنما أريد بالشاهدين ليعلم أن ما ادعى كما ادعى في الظاهر فإذا قبلته على صدق الشاهدين في الظاهر كان علمي أكثر من شهادة الشاهدين أو لا يقضي بشيء من علمه في مجلس الحكم، ولا في غيره إلا أن يشهد شاهدان بشيء على مثل ما علم فيكون علمه، وجهله سواء إذا تولى الحكم فيأمر الطالب أن يحاكم إلى غيره، ويشهد هو له فيكون كشاهد من المسلمين، ويتولى الحكم غيره، وهكذا قال شريح، وسأله رجل أن يقضي له بعلمه فقال ائت الأمير، وأشهد لك.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فأما علمه بحدود الله التي لا شيء فيها للآدميين فقد يحتمل أن تكون كحقوق الناس، وقد يحتمل أن يفرق بينهما لأن من أقر بشيء للناس ثم رجع لم يقبل رجوعه، ومن أقر بشيء لله ثم رجع قبل رجوعه، والقاضي مصدق عند من أجاز له القضاء بعلمه، وغير مقبول منه عند من لم يجزه له فأما إذا ذكر بينة قامت عنده فهو مصدق على ما ذكر منها، وهكذا كل ما حكم به من طلاق أو قصاص أو مال أو غيره (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أنفذ ذلك، وهو حاكم لم يكن للمحكوم عليه أن يتبعه بشيء منه إلا أن تقوم بينة بإقرار القاضي بالجور أو ما يدل على الجور فيكون متبعا في ذلك كله
(قال): وإذا اشترى القاضي عبدا لنفسه فهو كشراء غيره لا يكون له أن يحكم لنفسه ولو حكم رد حكمه، وكذلك لو حكم لولده أو، والده، ومن لا تجوز له شهادته، ويجوز قضاؤه لكل من جازت له شهادته من أخ، وعم، وابن عم، ومولى
(قال الشافعي):- رحمه الله تعالى - وإذا عزل القاضي عن القضاء، وقال قد كنت قضيت لفلان على فلان لم يقبل ذلك منه حتى يأتي المقضي له بشاهدين على أنه حكم له قبل أن يعزل
(قال): وأحب للقاضي إذا أراد القضاء على رجل أن يجلسه، ويبين له، ويقول له احتججت عندي بكذا، وجاءت البينة عليك بكذا، واحتج خصمك بكذا فرأيت الحكم عليك من قبل كذا ليكون أطيب لنفس المحكوم عليه، وأبعد من التهمة، وأحرى إن كان القاضي غفل من ذلك عن موضع فيه حجة أن يبينه فإن رأى فيها شيئا يبين له أن يرجع أو يشكل عليه أن يقف حتى يتبين له فإن لم ير فيها شيئا أخبره أنه لا شيء له فيها، وأخبره بالوجه الذي رأى أنه لا شيء له فيها، وإن لم يفعل جاز حكمه غير أن قد ترك موضع الأعذار إلى المقضي عليه عند القضاء
(قال): وأحب للإمام إذا ولي القضاء أن يجعل له أن يولي القضاء في الطرف من أطرافه، والشيء من أموره الرجل فيجوز حكمه، وإن لم يجعل ذلك له فمن رأى أنه لا يجوز إلا بأمر وال قال لم ينبغ للقاضي أن ينفذ حكم ذلك القاضي الذي استقضاه ولم يجعل إليه، وإن أنفذه كان إنفاذه إياه باطلا إلا أن يكون إنفاذه إياه على استئناف حكم بين الخصمين فإذا كان إنما هو لإنفاذ الحكم فليس بجائز، وإذا كان الأمر بينا عند القاضي فيما يختصم فيه الخصمان فأحب إلي أن يأمرهما بالصلح، وأن يتحللهما من أن يؤخر الحكم بينهما يوما أو يومين فإن لم يجتمعا على تحليله لم يكن له ترديدهما، وأنفذ الحكم بينهما متى بان له، وإن أشكل الحكم عليه لم يحكم بينهما طال ذلك أو قصر عليه الأناة إلى بيان الحكم، والحكم قبل البيان ظلم، والحبس بالحكم بعد البيان ظلم، والله أعلم.
الإقرار والمواهب
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال إذا قال الرجل لفلان علي شيء ثم جحد قيل له أقر بما شئت مما يقع عليه اسم شيء تمرة أو فلس أو ما أحببت ثم أحلف ما هو إلا هذا، وما له عليك شيء غير هذا، وقد برئت فإن أبى أن يحلف ردت اليمين على المدعي المقر له فقيل له سم ما شئت فإذا سمى قيل للمقر إن حلفت على هذا برئت، وإلا رددنا عليه اليمين فحلف فأعطيناه، ولا نحبسه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا إذا قال له على مال قيل له أقر بما شئت لأن كل شيء يقع عليه اسم مال، وهكذا إذا قال له علي مال كثير أو مال عظيم فإن قال قائل ما الحجة في ذلك؟ قيل قد ذكر الله عز وجل العمل فقال {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره - ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} فإذا كوفئ على مثقال ذرة في الخير والشر كانت عظيما، ولا شيء من المال أقل من مثقال ذرة فأما من ذهب إلى أنه يقضي عليه بما تجب فيه الزكاة فلا أعلمه ذهب إليه خبرا، ولا قياسا ولا معقولا أرأيت مسكينا يرى الدرهم عظيما فقال لرجل علي مال عظيم ومعروف منه أنه يرى الدرهم؟ عظيما أجبره على أن يعطيه مائتي درهم، ورأيت خليفة أو نظيرا للخليفة يرى ألف ألف قليلا أقر لرجل فقال له علي مال عظيم كم ينبغي أن أعطيه من هذا؟ فإن قلت مائتي درهم فالعامة تعرف أن قول هذا عظيم مما يقع في القلب أكثر من ألف ألف درهم فتعطى منه التافه فتظلم في معنى قولك المقر له إذا لم يك عندك فيه محمل إلا كلام الناس، وتظلم المسكين المقر الذي يرى الدرهم عظيما.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال له علي دراهم فقال كثيرة أو عظيمة أو لم يقلها فسواء، وأجبره على أن يعطيه ثلاثة دراهم إلا أن يدعي المقر له أكثر من ذلك فأحلف المقر فإن حلف لم أزده على ثلاثة، وإن نكل قلت للمدعي إن شئت فخذ ثلاثة بلا يمين، وإن شئت فاحلف على أكثر من ثلاثة، وخذ
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال له علي ألف ودرهم، ولم يسم الألف قيل له أقر بأي ألف إن شئت فلوسا، وإن شئت تمرا، وإن شئت خبزا، وأعطه درهما معها، واحلف أن الألف التي أقررت له بها هي هذه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو قال هذا الخاتم لفلان، وفصه لي أو لفلان فهو مثل قوله هذا الخاتم إلا فصه لفلان أو لفلان فالخاتم لفلان، والفص له أو لفلان، ولو أوصى فقال خاتمي هذا لفلان، وفصه لفلان كان لفلان الخاتم، ولفلان الموصى له الفص، وذلك أن الفص يتميز من الخاتم حتى يكون ثم اسم خاتم لا فص فيه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يجوز إقرار رجل، ولا امرأة حتى يكونا بالغين رشيدين غير محجور عليهما ومن لم يجز بيعه لم يجز إقراره
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وسواء كان له أب أو لم يكن، وسواء أذن له في التجارة أو لم يؤذن له، وهو مخالف للعبد البالغ يؤذن له في التجارة العبد إنما لا تجوز تجارته لأن المال لغيره، وإذا أذن له رب المال جاز شراؤه، وبيعه، وإقراره في البيع، والشراء، وغير البالغ من الرجال، والنساء إذا كان مالكا لمال، وكان في حكم الله عز وجل أن لا يخلى بينه وبين ماله، وأن يولى عليه حتى يبلغ حلما ورشدا لم يكن للآدميين أن يطلقوا ذلك عنه، ولا يجوز عليه بإذنهم ما لا يجوز عليه لنفسه، وهو حر مالك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا لم يجز إقرار غير البالغ بجناية عمدا، ولا خطأ، وإقراره في التجارة غير جائز، والعبد يجوز إقراره على نفسه في القتل، والحد، والقطع فهو مفارق له بخلافه له، ولزوم حدوده له، ولا حد على غير بالغ
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقر العبد بجناية خطأ لم يلزم مولاه من إقراره شيء لأنه إنما أقر به عليه، ويلزمه ذلك إذا عتق
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): والعارية كلها مضمونة الدواب، والرقيق، والدور، والثياب لا فرق بين شيء منها فمن استعار شيئا فتلف في يده بفعله أو بغير فعله فهو ضامن له، والأشياء لا تخلو أن تكون مضمونة أو غير مضمونة فما كان منها مضمونا مثل الغصب، وما أشبهه فسواء ما ظهر هلاكه أو خفي فهو مضمون على الغاصب، والمستسلف جنيا فيه أو لم يجنيا أو غير مضمون مثل الوديعة فسواء ما ظهر هلاكه، وما خفي، والقول فيها قول المستودع مع يمينه، ولا يضمن منها شيئا إلا ما فرط فيه أو تعدى.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقد خالفنا بعض الناس في العارية فقال لا يضمن منها شيئا إلا ما تعدى فيه فسئل من أين قاله؟ فزعم أن شريحا قاله فقيل له قد تخالف شريحا حيث لا مخالف له قال فما حجتكم في تضمينها؟ قلنا «استعار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفوان فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - عارية مضمونة مؤداة» قال أفرأيت لو قلنا فإن شرط المستعير الضمان ضمن، وإن لم يشرطه لم يضمن؟ قلنا فأنت إذا تترك قولك قال وأين؟ قلنا أليس قولك إنها غير مضمونة إلا أن يشترط؟ قال بلى قلنا فما تقول في الوديعة إذا اشترط المستودع أنه ضامن أو المضارب أنه ضامن؟ قال لا يكون ضامنا في واحد منهما قلنا فما تقول في المستسلف إذا شرط أنه غير ضامن قال لا شرط له، ويكون ضامنا قلنا، وترد الأمانة إلى أصلها، والمضمون إلى أصله، ويبطل الشرط فيهما جميعا؟ قال نعم قلنا، وكذلك ينبغي لك أن تقول في العارية، وبذلك شرط النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها مضمونة، ولا يشترط أنها مضمونة إلا لما يلزم قال فلم شرط؟ قلنا لجهالة المشروط له كان مشركا لا يعرف الحكم، ولو عرفه ما ضر الشرط له إذا كان أصل العارية أنها مضمونة بلا شرط كما لا يضر شرط العهدة، وخلاص عبدك في البيع، ولو لم يشترط كان عليك العهدة، والخلاص أو الرد.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فقال: وهل قال هذا أحد؟ قلنا في هذا كفاية، وقد قال أبو هريرة وابن عباس - رضي الله عنهم - إن العارية مضمونة وكان قول أبي هريرة في بعير استعير فتلف أنه مضمون.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو اختلف رجلان في دابة فقال رب الدابة أكريتكها إلى موضع كذا وكذا فركبتها بكذا وكذا، وقال الراكب ركبتها عارية منك كان القول قول الراكب مع يمينه، ولا كراء عليه.
(قال أبو محمد) وفيه قول آخر أن القول قول رب الدابة من قبل أنه مقر بركوب دابتي مدع علي أني أبحت ذلك له فعليه البينة، وإلا حلفت، وأخذت كراء المثل.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو كانت المسألة بحالها فماتت الدابة كان الكراء ساقطا، وكان عليه ضمان الدابة في العارية لأن أصل ما نذهب إليه تضمين العارية، وسواء كان رب الدابة ممن يكري الدواب أو لا يكريها لأن الذي يكريها قد يعيرها، والذي يعيرها قد يكريها.
(قال الربيع) للشافعي قول آخر أن القول قول رب الدابة مع يمينه، وعلى الراكب كراء مثلها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومتى قلت القول قول رب الدابة ألزمته الكراء وطرحت عنه الضمان إذا تلفت.
(قال الربيع) وكل ما كان القول فيه قول رب الدابة، ولم يعرها فتلفت الدابة فلا ضمان على من جعلناه مكتريا إلا أن يتعدى.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو قال أعرتنيها، وقال رب الدابة بل غصبتنيها كان القول قول المستعير، ولا يضمن فإن ماتت الدابة في يديه ضمن لأن العارية مضمونة ركبها أو لم يركبها، وإذا ردها إليه سالمة فلا شيء عليه ركبها أو لم يركبها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وسواء قال أخذتها منك عارية أو قال دفعتها إلي عارية، وإنما أضاف الفعل في كليهما إلى صاحب الدابة، وكذلك كلام العرب.
(قال الربيع) رجع الشافعي فقال القول قول رب الدابة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فإن قال تكاريتها منك بكذا، وقال رب الدابة اكتريتها بكذا لأكثر من ذلك فإن لم يركب تحالفا وترادا، وإن ركب تحالفا ورد عليه كراء مثلها كان أكثر مما ادعى رب الدابة أو أقل مما أقر به لأني إذا أبطلت أصل الكراء، ورددتها إلى كراء مثلها لم أجعل ما أبطلت عبرة بحال.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يضمن المستودع إلا أن يخالف فإن خالف فلا يخرج من الضمان أبدا إلا بدفع الوديعة إلى ربها، ولو ردها إلى المكان الذي كانت فيه لأن ابتداءه لها كان أمينا فخرج من حد الأمانة فلم يجدد له رب المال أمانة، ولا يبرأ حتى يدفعها إليه، وهكذا الرهن إذا قضى المرتهن ما فيه ثم تعدى فيه ثم رده إلى بيته فهلك في يديه فهو ضامن له حتى يرده إلى صاحبه، وسواء كل عارية انتفع بها صاحبها أو لم ينتفع بها فهي مضمونة مسكن أو ما أشبهه أو دنانير أو دراهم أو طعام أو عين أو ما كان
(قال): ولو قال الرجل هذا الثوب في يدي بحق لفلان أو في ملكه أو في ميراثه أو لحقه أو لميراثه أو لملكه أو لوديعة أو بعارية أو بوديعة أو قال عندي فهو سواء، وهو إقرار لفلان به إلا أن يبين لفظا غير هذا فيقول هو عندي بحق فلان مرهون لفلان آخر فيكون ملكه للذي أقر له بالملك، ولا يكون لهذا على الآخر فيه رهن إلا أن يقر الآخر، ولو قال قبضته على يدي فلان أو هو عندي على يدي فلان أو في ملكي على يدي فلان لم يكن هذا إقرارا منه به لفلان لأن ظاهره إنما هو قبضته على يدي فلان بمعونة فلان أو بسببه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال لفلان علي ألف دينار أو مائة درهم ثم قال هي نقص أو هي زيف لم يصدق، ولو قال هي من سكة كذا، وكذا صدق مع يمينه كانت تلك السكة أدنى الدراهم أو وسطها أو جائزة في غير ذلك البلد أو غير جائزة كما لو قال له علي ثوب أعطيناه أي ثوب أقر به، وإن كان ذلك الثوب مما لا يلبسه أهل ذلك البلد، ولا مثل الرجل المقر له، ولو قال له علي ألف درهم من ثمن هذا العبد فتداعيا فيه فقال البائع، وضح، وقال المشتري غلة تحالفا، وترادا، وهذا مثل نقص الثمن.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كان لأهل البلد وزن معلوم ينقص ما شاء أو ينقص عن وزن العامة في دنانير أو دراهم فاشترى رجل سلعة بمائة درهم فله نقد البلد إلا أن يشترط شرطا فيكون له شرطه إذا كان المشتري والبائع عالمين بنقد البلد فإن كان أحدهما جاهلا فادعى البائع الوازنة قيل أنت بالخيار بين أن تسلمه بنقد البلد أو تنقض البيع بعد أن تتحالفا فإذا قال له علي دراهم سود فوصل الكلام فهي سود فإن وصل الكلام فقال ناقص فهو ناقص فإن قطع الكلام ثم قال ناقص فهو وازن فإن قال له علي درهم كبير قيل له عليك الوازن إلا أن تكون أردت ما هو أكبر منه، فإذا قال له علي درهم فهو وازن، وإن قال درهم صغير قيل له إن كانت للناس دراهم صغار فعليك درهم صغير وازن من الصغار مع يمينك ما أقررت بدرهم واف، وكذلك ما أقر به من غصب أو وديعة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقر الرجل لميت بمائة درهم، وقال هذا ابنه، وهذه امرأته حامل فإن ولدت ولدا حيا، ورث المرأة والولد الذي ولدت، والابن حقوقهم من هذه المائة، وإذا ولدت ولدا لم تعرف حياته لم يرث من لم تعرف حياته، ومعرفة الحياة للولد أن يستهل صارخا أو يرضع أو يحرك يدا أو رجلا تحريك الحياة، وأي شيء عرف به الحياة فهي حياة، وإذا أوصى الرجل للحبل فقال لحبل هذه المرأة من فلان كذا، والأب حي فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم أوصى به فالوصية له، وإن جاءت به لستة أشهر أو أكثر بطلت وصيته لأنه قد لا يكون بها حين أوصى لها حبل ثم يحبلها من بعد ذلك، ولو كان زوجها ميتا حين أوصى بالوصية فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر أو أكثر لما يلزم له النسب كانت الوصية جائزة لأنا نحكم أن ثم يومئذ حملا، وإن جاءت بولد ميت فلا وصية له حتى تعرف حياته بعد خروجه من بطنها، وإذا قال له علي مائة درهم عددا فهي وازنة، ولو قال له علي مائة كل عشرة منها وزنها خمسة كان كما قال إذا وصل الكلام، وإذا قال له علي درهم ينقص كذا وكذا كان كما قال إذا وصل الكلام، ولكنه لو أقر بدرهم ثم قطع الكلام ثم قال بعد هو ناقص لم يقبل قوله، ولو كان ببلد دراهمهم كلها نقص ثم أقر بدرهم كان له درهم من دراهم البلد، ولو قال له علي دراهم أو دريهمات أو دنانير أو دنينيرات أو دراهم كثيرة أو عظيمة أو دراهم قليلة أو يسيرة لزمه الثلاثة من أي صنف كان أقر به من دنانير أو دراهم، وحلف على ما هو أكثر منها
(قال الشافعي): وإذا قال وهبت له هذه الدار، وقبضها أو وهبت له هذه الدار، وحازها ثم قال لم يكن قبضها ولا حازها، وقال الموهوب له قد قبضت وحزت فالقول قول الموهوب له، ولو مات الموهوب له كان القول قول ورثته، وكذلك لو قال صارت في يديه، وسواء كانت حين يقر في يد الواهب أو الموهوبة له، ولكن لو قال وهبتها له أو خرجت إليه منها نظرت فإن كانت في يدي الموهوبة له فذلك قبض بعد الإقرار وهي له، وإن كانت في يدي الواهب أو يدي غيره من قبله سألته ما قوله خرجت إليه منها؟ فإن قال بالكلام دون القبض فالقول قوله مع يمينه، وله منعه إياها لأنها لا تملك إلا بقبض، وهو لم يقر بقبض، والخروج قد يكون بالكلام فلا ألزمه إلا اليقين، وكذلك لو قال وهبتها له وتملكها لأن الملك قد يكون عنده بالكلام.
(قال الشافعي): ولو قال وهبتها له أمس أو عام أول، ولم يقبضها، وقال الموهوبة له بل قد قبضتها فالقول قول الواهب مع يمينه، وعلى الآخر البينة بالقبض.
ولو وهب رجل لرجل هبة، والهبة في يدي الموهوبة له فقبلها تمت لأنه قابض لها بعد الهبة. ولو لم تكن الهبة في يدي الموهوبة له فقبضها بغير إذن الواهب لم يكن ذلك له، وذلك أن الهبة لا تملك إلا بقول وقبض، وإذا كان القول لا يكون إلا من الواهب فكذلك لا يكون القبض إلا بإذن الواهب لأنه المالك، ولا يملك عنه إلا بما أتم ملكه، ويكون للواهب الخيار أبدا حتى يسلم ما وهب
إلى الموهوب له، وكذلك إن مات كان الخيار لورثته إن شاءوا، سلموا، وإن شاءوا لم يمضوا الهبة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو وهب رجل لرجل هبة، وأقر بأنه عنه قبضها ثم قال الواهب له إنما أقررت له بقبضها، ولم يقبضها فأحلفه أحلفته لقد قبضها فإن حلف جعلتها له، وإن نكل عن اليمين رددت اليمين على الواهب فأحلفته ثم جعلتها غير خارجة عن ملكه.
ولو قال رجل لرجل وهبت لي هذا العبد وقبضته، والعبد في يدي الواهب أو الموهوب له فقال الواهب صدقت أو نعم كان هذا إقرارا، وكان العبد له، ولو كان أعجميا فأقر له بالأعجمية كان مثل إقراره بالعربية، وإذا قال له علي درهم في عشرة سألته فإن أراد الحساب جعلت عليه ما أراد، وإن لم يرد الحساب فعليه درهم، وعليه اليمين، وهكذا إن قال درهم في ثوب سألته أراد أن يقر له بدرهم أو بثوب فيه درهم فإن قال لا فعليه الدرهم، وإن قال له علي درهم في دينار سألته: أراد درهما مع دينار فإن قال نعم جعلتهما عليه، وإن قال لا فعليه درهم، ولو قال له علي درهم في ثوب مروي فهكذا لأنه قد يقول له علي درهم في ثوب لي أنا مروي، ولو قال له علي درهم في ثوب مروي اشتريته منه إلى أجل سألنا المقر له فإن أقر بذلك فالبيع فاسد لأنه دين في دين، ولم يقر له بهذا الدرهم إلا بالثوب فإذا لم يجز له إعطاء الثوب لأنه دين بدين لم يعطه الدرهم كما لو قال بعتك هذا العبد بهذه الدار لم أجعل له العبد إلا أن يقر الآخر بالدار
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو قال له علي ثوب مروي في خمسة دراهم ثم قال أسلم إلي الثوب على خمسة دراهم إلى أجل كذا وصدقه صاحب الثوب كان هذا بيعا جائزا، وكانت له عليه الخمسة الدراهم إلى أجل إنما عنى أسلمت إليك في كذا بعتك كذا بكذا إلى أجل كما تقول أسلمت إليك عشرة دراهم بصاع تمر موصوف إلى أجل كذا أو بعتك صاع تمر بعشرة دراهم إلى أجل كذا.
(قال): ولو جاء المقر بثوب فقال هو هذا فصدقه المدعي المقر له أو كذبه فسواء إذا رضي الثوب بخمسة دراهم فالخمسة عليه إلى أجل، ولو لم يسم أجلا فكان السلم فاسدا فاختلفا في الثوب فإن القول قول المقر مع يمينه، ويرد الثوب على صاحب الثوب، وإن سأل المقر له يمين المقر أعطيته إياها، وكل من سأل اليمين في شيء له وجه أعطيته إياه
ولو أقر رجل لرجل بثوب ثم جاء بثوب فقال هو هذا، وقال المقر له ليس هذا فالقول قول المقر مع يمينه، وكذلك لو قال له علي عبد فأي عبد جاء به فالقول قوله مع يمينه، ولا أنظر إلى دعواه، وكذلك لو قال هذا عبدك كما أودعتنيه، وهو الذي أقررت لك به، وقال المقر له بل هذا عبد كنت أودعتكه، ولي عندك عبد غصب فالقول قول المقر، وعلى المدعي البينة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أقر له فقال لك عندي ألف درهم ثم جاءه بألف درهم فقال هي هذه الألف التي كنت أقررت لك بها كانت عندي وديعة فقال المقر له هذه الألف كانت عندك وديعة لي ولي عندك ألف أخرى كان القول قول المقر مع يمينه لأن من أودع شيئا فجائز أن يقول لفلان عندي، ولفلان علي لأنه عليه ما لم يهلك، وكذلك هو عنده، وقد يودع فيتعدى فتكون دينا عليه فلست ألزمه شيئا إلا باليقين
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قال الرجل لفلان علي درهم ودرهم فعليه درهمان، وإذا قال له علي درهم فدرهم، قيل له: إن أردت درهما ودرهما فدرهمان، وإن أردت فدرهم لازم لي أو درهم جيد فليس عليك إلا درهم، وإن قال له علي درهم تحت درهم أو درهم فوق درهم فعليه درهمان إلا أن يقول علي درهم فوق درهم في الجودة، وتحت درهم في الرداءة أو يقول له علي درهم بعينه هو الآن فوق درهم لي، ولو قال له علي درهم مع درهم كان هكذا.
(قال الربيع) الذي أعرف من قول الشافعي أن لا يكون عليه إلا درهم لأنه يحتمل أن يكون فوق درهم أو تحت درهم لي.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|