عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 23-06-2024, 07:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,752
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثامن

سُورَةُ المجادلة
الحلقة (515)
صــ 190 إلى صــ 204






والثاني: أنها نزلت في المنافقين، رواه عطية عن ابن عباس .

قال المفسرون: ومعنى "حيوك" سلموا عليك بغير سلام الله عليك، وكانوا يقولون: سام عليك . فإذا خرجوا يقولون في أنفسهم، أو يقول بعضهم لبعض: لو كان نبيا عذبنا بقولنا له ما نقول .

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فيها قولان .

أحدهما: نزلت في المنافقين، فالمعنى: يا أيها الذين آمنوا بزعمهم، وهذا قول عطاء ومقاتل .

والثاني: أنها في المؤمنين، والمعنى: أنه نهاهم عن فعل المنافقين واليهود، وهذا مذهب جماعة، منهم الزجاج .

قوله تعالى: تتناجوا هكذا قرأ الجماعة بألف . وقرأ يعقوب وحده "فلا تتنجوا" . فأما "البر" فقال مقاتل: هو الطاعة، "والتقوى" ترك المعصية . وقال أبو سليمان الدمشقي" "البر" الصدق، و"التقوى" ترك الكذب . ثم ذكر أن ما يفعله اليهود والمنافقون، من الشيطان ، فقال تعالى: إنما النجوى من الشيطان أي: من تزيينه، والمعنى: إنما يزين لهم ذلك ليحزن الذين آمنوا وقد بينا اتقاء ما كان يحزن المؤمنين من هذه النجوى وليس بضارهم شيئا أي: وليس الشيطان بضار المؤمنين شيئا إلا بإذن الله أي: بإرادته وعلى الله فليتوكل المؤمنون أي: فليكلوا أمورهم إليه .

[ ص: 191 ] يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير

قوله تعالى: ( إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس ) وقرأ عاصم في "المجالس" على الجمع، وذلك لأن كل جالس له مجلس، فالمعنى: ليفسح كل رجل منكم في مجلسه . قال المفسرون: نزلت في نفر من المؤمنين كانوا يسابقون إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أقبل المهاجرون وأهل السابقة، لم يجدوا موضعا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه أولو الفضل ليحفظوا عنه، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة جالس في صفة ضيقة في المسجد، جاء نفر من أهل بدر فيهم ثابت بن قيس ابن شماس، فسلموا وانتظروا أن يوسعوا لهم، فأوسعوا لبعضهم، وبقي بعضهم، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قم يا فلان، قم يا فلان، حتى أقام من المجلس على عدة من هو قائم من أهل السابقة، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه من أقامهم الكراهة، وتكلم المنافقون في ذلك وقالوا: والله ما عدل، فنزلت هذه الآية . وقال قتادة: كانوا يتنافسون في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أقبل مقبل ضنوا بمجلسهم، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض . قال المفسرون: ومعنى "تفسحوا" توسعوا وذلك أنهم كانوا يجلسون متضايقين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجد غيرهم مجلسا عنده، فأمرهم أن يوسعوا لغيرهم ليتساوى الناس في الحظ منه، ويظهر فضيلة المقربين إليه من أهل بدر وغيرهم .

وفي المراد "بالمجلس" ها هنا ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه مجلس الحرب، ومقاعد القتال، كان الرجل يأتي القوم في [ ص: 192 ] الصف، فيقول لهم: توسعوا، فيأبون عليه لحرصهم على القتال، وهذا قول ابن عباس، والحسن، وأبي العالية، والقرظي .

والثاني: أنه مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله مجاهد . وقال قتادة: كان هذا للنبي صلى الله عليه وسلم ومن حوله خاصة .

والثالث: مجالس الذكر كلها، روي عن قتادة أيضا . وقرأ علي ابن أبي طالب، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن، ومجاهد، والحسن، وعكرمة، وقتادة، وابن أبي عبلة، والأعمش: "تفسحوا في المجالس" بألف على الجمع .

قوله تعالى: يفسح الله لكم أي: يوسع الله لكم الجنة، والمجالس فيها . وإذا قيل انشزوا قرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم "انشزوا فانشزوا" برفع الشين . وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: بكسر الشين فيهما . ومعنى "انشزوا" قوموا . قال الفراء: وهما لغتان . وفي المراد بهذا القيام خمسة أقوال .

أحدها: أنه القيام إلى الصلاة، وكان رجال يتثاقلون عنها، فقيل لهم: إذا نودي للصلاة فانهضوا، هذا قول عكرمة، والضحاك .

والثاني: أنه القيام إلى قتال العدو، قاله الحسن .

والثالث: أنه القيام إلى كل خير، من قتال أو أمر بمعروف، ونحو ذلك، قاله مجاهد .

[ ص: 193 ] والرابع: أنه الخروج من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنهم كانوا إذا جلسوا في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أطالوا ليكون كل واحد منهم آخرهم عهدا به، فأمروا أن ينشزوا إذا قيل لهم: انشزوا، قاله ابن زيد .

والخامس: أن المعنى: قوموا وتحركوا وتوسعوا لإخوانكم، قاله الثعلبي .

قوله تعالى: يرفع الله الذين آمنوا منكم أي: يرفعهم بإيمانهم على من ليس بمنزلتهم من الإيمان "و"يرفع "الذين أوتوا العلم" على من ليس بعالم . وهل هذا الرفع في الدنيا . أم في الآخرة؟ فيه وجهان .

أحدهما: أنه إخبار عن ارتفاع درجاتهم في الجنة . والثاني: أنه ارتفاع مجالسهم في الدنيا، فيكون ترتيبهم فيها بحسب فضائلهم في الدين والعلم . وكان [ ص: 194 ] ابن مسعود يقول: أيها الناس: افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم، فإن الله يرفع المؤمن العالم فوق من لا يعلم درجات .

يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون

قوله تعالى: إذا ناجيتم الرسول في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أن الناس سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه، فأنزل هذه الآية، قاله ابن عباس . [ ص: 195 ] والثاني: أنها نزلت في الأغنياء، وذلك أنهم كانوا يكثرون مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فنزلت هذه الآية، فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئا، وأما أهل الميسرة فبخلوا، واشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الرخصة، قاله مقاتل بن حيان، وإلى نحوه ذهب مقاتل بن سليمان، إلا أنه قال: فقدر الفقراء حينئذ على مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقدم أحد من أهل الميسرة صدقة غير علي بن أبي طالب .

وروى مجاهد عن علي رضي الله عنه قال: آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي، ولن يعمل بها أحد بعدي آية النجوى . كان لي دينار، فبعته بعشرة دراهم، فكلما أردت أن أناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت درهما، فنسختها الآية الأخرى أأشفقتم أن تقدموا . . . الآية .

قوله تعالى: ذلك خير لكم وأطهر أي: تقديم الصدقة على المناجاة خير لكم لما فيه من طاعة الله، وأطهر لذنوبكم فإن لم تجدوا يعني: الفقراء فإن الله غفور رحيم إذ عفا عمن لا يجد .

قوله تعالى أأشفقتم أي: خفتم بالصدقة الفاقة وتاب الله عليكم أي: فتجاوز عنكم، وخفف بنسخ إيجاب الصدقة . قال مقاتل بن حيان: إنما كان ذلك عشر ليال . قال قتادة: ما كان إلا ساعة من نهار .

ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء [ ص: 196 ] ألا إنهم هم الكاذبون . استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون

قوله تعالى: ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم نزلت في المنافقين الذين تولوا اليهود، ونقلوا إليهم أسرار المؤمنين . وقال السدي، ومقاتل: نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق، وذلك أنه كان يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرفع حديثه إلى اليهود، فدخل عليه يوما، وكان أزرق، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف بالله ما فعل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "فعلت" فانطلق فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما سبوه، فأنزل الله هذه الآيات . وروى الحاكم أبو عبد الله في "صحيحه" من حديث ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ظل حجرة من حجره، وعنده نفر من المسلمين، فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا أتاكم فلا تكلموه، فجاء رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: علام تشتمني أنت وفلان وفلان؟ فانطلق الرجل فدعاهم، فحلفوا بالله، واعتذروا إليه، فأنزل الله تعالى: يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون . . . الآية .

فأما التفسير، فالذين تولوا: هم المنافقون، والمغضوب عليهم: هم اليهود ما هم منكم يعني: المنافقين ليسوا من المسلمين، ولا من اليهود ويحلفون على الكذب وهو ما ذكرنا في سبب نزولها . وقال بعضهم: حلفوا أنهم ما سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تولوا اليهود وهم يعلمون أنهم كذبة اتخذوا أيمانهم [ ص: 197 ] جنة أي: سترة يتقون بها القتل . قال ابن قتيبة: المعنى: استتروا بالحلف، فكلما ظهر لهم شيء يوجب معاقبتهم حلفوا كاذبين، فصدوا عن سبيل الله فيه قولان .

أحدهما: صدوا الناس عن دين الإسلام قاله السدي .

والثاني: صدوا عن جهادهم بالقتل وأخذ مالهم .

قوله تعالى: فيحلفون له قال مقاتل، وقتادة: يحلفون لله في الآخرة أنهم كانوا مؤمنين، كما حلفوا لأوليائه في الدنيا ويحسبون أنهم على شيء من أيمانهم الكاذبة ألا إنهم هم الكاذبون في قولهم وأيمانهم .

قوله تعالى: استحوذ عليهم الشيطان قال أبو عبيدة: غلب عليهم، وحاذهم، وقد بينا هذا في سورة [النساء] عند قوله تعالى: نستحوذ عليكم [آية: 141]، وما بعد هذا ظاهر إلى قوله تعالى: أولئك في الأذلين أي: في المغلوبين، فلهم في الدنيا ذل، وفي الآخرة خزي .

إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون

قوله تعالى: كتب الله أي: قضى الله لأغلبن أنا ورسلي وفتح الياء نافع، وابن عامر . [ ص: 198 ] قال المفسرون: من بعث من الرسل بالحرب، فعاقبة الأمر له، ومن لم يبعث بالحرب، فهو غالب بالحجة إن الله قوي عزيز أي: مانع حزبه من أن يذل .

قوله تعالى: لا تجد قوما . . . الآية . اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال .

أحدها: نزلت في أبي عبيدة بن الجراح، قتل أباه يوم أحد، وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز، فقال: يا رسول الله دعني أكون في الرعلة الأولى، فقال: متعنا بنفسك يا أبا بكر، وفي مصعب بن عمير، قتل أخاه عبيد بن حمنة يوم أحد، وفي عمرو قتل خاله العاص بن هشام يوم بدر . وفي علي وحمزة قتلا عتبة وشيبة يوم بدر، قاله ابن مسعود .

والثاني: أنها نزلت في أبي بكر الصديق، وذلك أن أبا قحافة سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصكه أبو بكر الصديق صكة شديدة سقط منها، ثم ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو فعلته"؟ قال: نعم . قال: فلا تعد إليه، فقال أبو بكر: والله لو كان السيف قريبا مني لقتلته، فنزلت هذه الآية، قاله ابن جريج . [ ص: 199 ] والثالث: نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أبي، وذلك أنه كان جالسا إلى جنب رسول الله، فشرب رسول الله ماء، فقال عبد الله: يا رسول الله أبق فضلة من شرابك، قال وما تصنع بها؟ قال: أسقيها أبي، لعل الله سبحانه يطهر قلبه، ففعل، فأتى بها أباه، فقال: ما هذا؟ قال: فضلة من شراب رسول الله جئتك بها لتشربها، لعل الله يطهر قلبك، فقال: هلا جئتني ببول أمك! فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: ائذن لي في قتل أبي، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارفق به، وأحسن إليه، فنزلت هذه الآية، قاله السدي .

والرابع: أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة يخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزم على قصدهم، قاله مقاتل، واختاره الفراء، والزجاج .

وهذه الآية قد بينت أن مودة الكفار تقدح في صحة الإيمان، وأن من كان مؤمنا لم يوال كافرا وإن كان أباه أو ابنه أو أحدا من عشيرته .

قوله تعالى: أولئك الذين، يعني: الذين لا يوادون من حاد الله ورسوله كتب في قلوبهم الإيمان وقرأ المفضل عن عاصم "كتب" برفع الكاف والنون من "الإيمان" . وفي معنى "كتب" خمسة أقوال .

أحدها: أثبت في قلوبهم الإيمان، قاله الربيع بن أنس .

والثاني: جعل، قاله مقاتل .

والثالث: كتب في اللوح المحفوظ أن في قلوبهم الإيمان، حكاه الماوردي . والرابع: حكم لهم بالإيمان . وإنما ذكر القلوب، لأنها موضع الإيمان، ذكره الثعلبي . [ ص: 200 ] والخامس: جمع في قلوبهم الإيمان حتى استكملوه، قاله الواحدي .

قوله تعالى: وأيدهم أي: قواهم بروح منه وفي المراد بالروح ها هنا خمسة أقوال .

أحدها: أنه النصر، قاله ابن عباس، والحسن . فعلى هذا سمي النصر روحا، لأن أمرهم يحيا به . والثاني: الإيمان، قاله السدي . والثالث: القرآن، قاله الربيع . والرابع: الرحمة، قاله مقاتل . والخامس: جبريل عليه السلام أيدهم به يوم بدر، ذكره الماوردي . فأما حزب الله فقال الزجاج: هم الداخلون في الجمع الذين اصطفاهم وارتضاهم، و"ألا" كلمة تنبيه وتوكيد للقصة .

سُورَةُ الْحَشْرِ

وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ كُلُّهَا بِإِجْمَاعِهِمْ

وذكر المفسرون أن جميعها أنزلت في بني النضير . وكان ابن عباس يسمي هذه السورة "سورة بني النضير" وهذه الإشارة إلى قصتهم .

ذكر أهل العلم بالتفسير والسير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مسجد قباء، ومعه نفر من أصحابه، فصلى فيه، ثم أتى بني النضير، فكلمهم أن يعينوه في دية رجلين كان قد آمنهما، فقتلهما عمرو بن أمية الضمري وهو لا يعلم، فقالوا: نفعل، وهموا بالغدر به، وقال عمرو بن جحاش: أنا أظهر على البيت، فأطرح عليه صخرة، فقال سلام بن مشكم: لا تفعلوا، والله ليخبرن بما هممتم به، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، فنهض سريعا، فتوجه إلى المدينة، فلحقه أصحابه، فقالوا: قمت ولم نشعر؟! فقال: همت يهود بالغدر، فأخبرني الله بذلك، فقمت، وبعث إليهم رسول الله محمد بن مسلمة: أن اخرجوا من بلدتي، [ ص: 202 ] فلا تساكنوني، وقد هممتم بما هممتم به، وقد أجلتكم عشرا . فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه، فمكثوا أياما يتجهزون، فأرسل إليهم ابن أبي: لا تخرجوا، فإن معي ألفين من قومي وغيرهم، وتمدكم قريظة، وحلفاؤكم من غطفان، وطمع حيي فيما قال ابن أبي، فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نخرج، فاصنع ما بدا لك، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكبر المسلمون لتكبيره، وقال: حاربت يهود، ثم سار إليهم في أصحابه، فلما رأوه قاموا، على حصونهم معهم النبل والحجارة، فاعتزلتهم قريظة، وخذلهم ابن أبي، وحلفاؤهم من غطفان، وكان رئيسهم كعب بن الأشرف قد خرج إلى مكة فعاقد المشركين على التظاهر على رسول الله، فأخبر الله رسوله بذلك، فبعث محمد بن مسلمة فاغتره فقتله، وحاصرهم رسول الله، وقطع نخلهم، فقالوا: نحن نخرج عن بلادك، فأجلاهم عن المدينة، فمضى بعضهم إلى الشام، وبعضهم إلى خيبر، وقبض سلاحهم وأموالهم، فوجد خمسين درعا، وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفا .

فأما التفسير فقد ذكرنا فاتحة هذه السورة في [الحديد: 1] [ ص: 203 ] بسم الله الرحمن الرحيم

سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين [ ص: 204 ] قوله تعالى: هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب يعني: يهود بني النضير من ديارهم أي: من منازلهم لأول الحشر فيه أربعة أقوال .

أحدها: أنهم أول من حشر وأخرج من داره، قاله ابن عباس . وقال ابن السائب: هم أول من نفي من أهل الكتاب .

والثاني: أن هذا كان أول حشرهم، والحشر الثاني: إلى أرض المحشر يوم القيامة، قاله الحسن . قال عكرمة: من شك أن المحشر إلى الشام فليقرأ هذه الآية، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم يومئذ: اخرجوا، فقالوا: إلى أين؟ قال: إلى أرض المحشر .

والثالث: أن هذا كان أول حشرهم . والحشر الثاني: نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، قاله قتادة .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-06-2024 الساعة 11:39 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.43 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]