عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-06-2024, 06:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد


تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثامن

سُورَةُ الْحَدِيدِ
الحلقة (513)
صــ 162 إلى صــ 175



آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم

قوله تعالى: وما لكم لا تؤمنون بالله هذا استفهام إنكار، والمعنى: أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا بالله وقد أخذ ميثاقكم قرأ أبو عمرو "أخذ" بالرفع . وقرأ الباقون "أخذ" بفتح الخاء "ميثاقكم" بالفتح .

[ ص: 163 ] والمراد به: حين أخرجتم من ظهر آدم إن كنتم مؤمنين بالحجج والدلائل .

قوله تعالى: هو الذي ينزل على عبده يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم "آيات بينات" يعني القرآن ليخرجكم من الظلمات يعني الشرك "إلى" نور الإيمان وإن الله بكم لرءوف رحيم حين بعث الرسول ونصب الأدلة . ثم حثهم على الإنفاق فقال: وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض أي: أي شيء لكم في ترك الإنفاق مما يقرب إلى الله عز وجل وأنتم ميتون تاركون أموالكم؟! ثم بين فضل من سبق بالإنفاق فقال: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وفيه قولان .

أحدهما: أنه فتح مكة، قاله ابن عباس، والجمهور .

والثاني: أنه فتح الحديبية، قاله الشعبي . والمعنى: لا يستوي من أنفق قبل ذلك "وقاتل" ومن فعل ذلك بعد الفتح . قال المفسرون: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق . أولئك أعظم درجة قال ابن عباس: أعظم [ ص: 164 ] منزلة عند الله . قال عطاء: درجات الجنة تتفاضل، فالذين أنفقوا من قبل الفتح في أفضلها . قال الزجاج: لأن المتقدمين كانت بصائرهم أنفذ، ونالهم من المشقة أكثر وكلا وعد الله الحسنى أي: وكلا الفريقين وعده الله الجنة . وقرأ ابن عامر "وكل" بالرفع .

قوله تعالى: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له قرأ ابن كثير، وابن عامر "فيضعفه" مشددة بغير ألف، إلا أن ابن كثير يضم الفاء، وابن عامر يفتحها . وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي "فيضاعفه" بالألف وضم الفاء، وافقهم عاصم، إلا أنه فتح الفاء . قال أبو علي: يضاعف ويضعف بمعنى واحد، إلا أن الرفع في "يضاعف" هو الوجه، لأنه محمول على "يقرض" . أو على الانقطاع من الأول، كأنه [قال: ] فهو يضاعف . ويحمل قول الذي نصب على المعنى، لأنه إذا قال: من ذا الذي يقرض الله، معناه: أيقرض الله أحد قرضا فيضاعفه . والآية مفسرة في [البقرة: 245] والأجر الكريم: الجنة .

[ ص: 165 ] يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير

قوله تعالى: يسعى نورهم قال المفسرون: يضيء لهم نور عملهم على الصراط على قدر أعمالهم . قال ابن مسعود: منهم من نوره مثل الجبل، وأدناهم نورا نوره على إبهامه يطفئ مرة، ويتقد أخرى . وفي قوله تعالى: وبأيمانهم قولان .

أحدهما: أنه كتبهم يعطونها بأيمانهم، قاله الضحاك .

والثاني: أنه نورهم يسعى، أي: يمضي بين أيديهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم . والباء بمعنى: "في" . "وفي" بمعنى "عن"، هذا قول الفراء .

قوله تعالى: بشراكم اليوم هذا قول الملائكة لهم .

قوله تعالى: انظرونا نقتبس وقرأ حمزة: "أنظرونا" بقطع الهمزة، وفتحها، وكسر الظاء . قال المفسرون: يغشى الناس يوم القيامة ظلمة شديدة، فيعطى المؤمنون النور، فيمشي المنافقون في نور المؤمنين، فإذا سبقهم المؤمنون قالوا: انظرونا نقتبس من نوركم "قيل: ارجعوا وراءكم" في القائل قولان .

أحدهما: أنهم المؤمنون، قاله ابن عباس .

[ ص: 166 ] والثاني: الملائكة، قاله مقاتل . وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال .

أحدها: ارجعوا إلى المكان الذي قبستم فيه النور، فيرجعون، فلا يرون شيئا .

والثاني: ارجعوا فاعملوا عملا يجعله الله لكم نورا .

والثالث: أن المعنى: لا نور لكم عندنا فضرب بينهم بسور قال ابن عباس: هو الأعراف، وهو سور بين الجنة والنار باطنه فيه الرحمة وهي: الجنة "وظاهره" يعني: من وراء السور من قبله العذاب وهو جهنم . وقد ذهب قوم إلى أن هذا السور يكون ببيت المقدس في مكان السور الشرقي بين الوادي الذي يسمى: وادي جهنم، وبين الباب الذي يسمى: باب الرحمة، وإلى نحو هذا ذهب عبادة بن الصامت، وعبد الله بن عمرو، وكعب .

قوله تعالى: ينادونهم أي: ينادي المنافقون المؤمنين من وراء السور: ألم نكن معكم أي: على دينكم نصلي بصلاتكم، ونغزو معكم؟! فيقول لهم المؤمنون: بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم قال الزجاج: استعملتموها في الفتنة . وقال غيره: آثمتموها بالنفاق "وتربصتم" فيه قولان .

[ ص: 167 ] أحدهما: تربصتم بالتوبة .

والثاني: تربصتم بمحمد الموت، وقلتم: يوشك أن يموت فنستريح وارتبتم شككتم في الحق وغرتكم الأماني يعني: ما كانوا يتمنون من نزول الدوائر بالمؤمنين حتى جاء أمر الله وفيه قولان .

أحدهما: أنه الموت .

والثاني: إلقاؤهم في النار وغركم بالله الغرور أي: غركم الشطيان بحكم الله وإمهاله فاليوم لا يؤخذ منكم فدية وقرأ أبو جعفر ، وابن عامر، ويعقوب "لا تؤخذ" بالتاء، أي: بدل وعوض عن عذابكم . وهذا خطاب للمنافقين، ولهذا قال تعالى: ولا من الذين كفروا

قوله تعالى: هي مولاكم قال أبو عبيدة: أي: أولى بكم .

ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون

قوله تعالى: ألم يأن للذين آمنوا اختلفوا فيمن نزلت على قولين .

أحدهما: أنها نزلت في المؤمنين . قال ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا، وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضا .

والثاني: ، أنها نزلت في المنافقين، قاله أبو صالح عن ابن عباس . قال [ ص: 168 ] مقاتل: سأل المنافقون سلمان الفارسي فقالوا: حدثنا عن التوراة، فإن فيها العجائب، فنزلت هذه الآية . وقال الزجاج: نزلت هذه الآية في طائفة من المؤمنين حثوا على الرقة والخشوع . فأما من كان وصفه الله عز وجل بالخشوع، والرقة، فطبقة من المؤمنين فوق هؤلاء . فعلى الأول: يكون الإيمان حقيقة . وعلى الثاني: يكون المعنى: "ألم يأن للذين آمنوا" بألسنتهم . قال ابن قتيبة: المعنى: ألم يحن، تقول: أنى الشيء: إذا حان .

قوله تعالى: أن تخشع قلوبهم أي: ترق وتلين لذكر الله . المعنى: أنه يجب أن يورثهم الذكر خشوعا وما نزل من الحق قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي "وما نزل" بفتح النون، والزاي، مع تشديد الزاي . وقرأ نافع، وحفص، والمفضل عن عاصم "نزل" بفتح النون، وتخفيف الزاي . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو العالية، وابن يعمر، ويونس بن حبيب عن أبي عمرو، وأبان عن عاصم "نزل" برفع النون، وكسر الزاي، مع تشديدها . وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء "وما أنزل" بهمزة مفتوحة، وفتح الزاي . وقرأ أبو مجلز، وعمرو بن دينار مثله، إلا أنه بضم الهمزة، وكسر الزاي . و"الحق" القرآن "ولا يكونوا" قرأ رويس عن يعقوب "لا تكونوا" بالتاء كالذين أوتوا الكتاب يعني: اليهود، والنصارى [ ص: 169 ] فطال عليهم الأمد وهو: الزمان . وقال ابن قتيبة: الأمد: الغاية . والمعنى: أنه بعد عهدهم بالأنبياء والصالحين فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون وهم الذين لم يؤمنوا بعيسى ومحمد عليهما السلام اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها أي: يخرج منها النبات بعد يبسها، فكذلك يقدر على إحياء الأموات قد بينا لكم الآيات الدالة على وحدانيته وقدرته لعلكم تعقلون أي: لكي تتأملوا .

إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم

قوله تعالى: إن المصدقين والمصدقات قرأ ابن كثير، وعاصم إلا حفصا بتخفيف الصاد فيهما على معنى التصديق وقرأ الباقون، بالتشديد على معنى الصدقة .

[ ص: 170 ] قوله تعالى: أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم اختلفوا في نظم الآية على قولين .

أحدهما: أن تمام الكلام عند قوله تعالى: أولئك هم الصديقون ثم ابتدأ فقال تعالى: والشهداء عند ربهم هذا قول ابن عباس، ومسروق والفراء في آخرين .

والثاني: أنها على نظمها . والواو في "والشهداء" . واو النسق . ثم في معناها قولان .

أحدهما: أن كل مؤمن صديق شهيد، قاله ابن مسعود، ومجاهد .

والثاني: أنها نزلت في قوم مخصوصين، وهم ثمانية نفر سبقوا إلى الإسلام: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحمزة بن عبد المطلب، وطلحة، والزبير، وسعد، وزيد، قاله الضحاك . وفي الشهداء قولان .

أحدهما: أنه جمع شاهد . ثم فيهم قولان . أحدهما: أنهم الأنبياء خاصة، [ ص: 171 ] قاله ابن عباس . والثاني: أنهم الشاهدون عند ربهم على أنفسهم بالإيمان لله، قاله مجاهد .

والقول الثاني: أنه جمع شهيد، قاله الضحاك، ومقاتل .

اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم

قوله تعالى: اعلموا أنما الحياة الدنيا يعني: الحياة في هذه الدار "لعب ولهو" أي: غرور ينقضي عن قليل . وذهب بعض المفسرين إلى أن المشار بهذا إلى حال الكافر في دنياه، لأن حياته تنقضي على لهو ولعب وتزين الدنيا، ويفاخر قرناءه وجيرانه، ويكاثرهم بالأموال والأولاد، فيجمع من غير حله، ويتطاول على أولياء الله بماله، وخدمه، وولده، فيفنى عمره في هذه الأشياء، ولا يلتفت إلى العمل للآخرة . ثم بين لهذه الحياة شبها، فقال: كمثل غيث يعني: مطرا "أعجب الكفار" وهم الزراع، وسموا كفارا، لأن الزارع إذا ألقى البذر في الأرض كفره، أي: غطاه "نباته" أي: ما نبت من ذلك الغيث "ثم يهيج" أي ييبس "فتراه مصفرا" بعد خضرته وريه "ثم يكون حطاما" أي: يتحطم، وينكسر بعد يبسه . وشرح هذا المثل قد تقدم في "يونس" عند قوله تعالى: [ ص: 172 ] إنما مثل الحياة الدنيا [آية: 24]، وفي "الكهف" عند قوله تعالى: واضرب لهم مثل الحياة الدنيا [آية: 45] .

قوله تعالى: وفي الآخرة عذاب شديد أي: لأعداء الله ومغفرة من الله ورضوان لأوليائه وأهل طاعته . وما بعد هذا مذكور في [آل عمران: 185] إلى قوله: ذلك فضل الله فبين أنه لا يدخل الجنة أحد إلا بفضل الله .

ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد [ ص: 173 ] قوله تعالى: ما أصاب من مصيبة في الأرض يعني: قحط المطر، وقلة النبات، ونقص الثمار ولا في أنفسكم من الأمراض، وفقد الأولاد إلا في كتاب وهو اللوح المحفوظ من قبل أن نبرأها أن نخلقها، يعني: الأنفس إن ذلك على الله يسير أي: إثبات ذلك على كثرته هين على الله عز وجل لكيلا تأسوا أي: تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا ولا تفرحوا بما آتاكم وقرأ أبو عمرو- إلا اختيار اليزيدي - بالقصر على معنى: جاءكم من الدنيا . وقرأ الباقون بالمد على معنى: أعطاكم الله منها . وأعلم أنه من علم أن ما قضي لا بد أن يصيبه قل حزنه وفرحه . وقد روى قتيبة بن سعيد قال: دخلت بعض أحياء العرب، فإذا بفضاء من الأرض فيه من الإبل ما لا يحصى عدده كلها قد مات، فسألت عجوزا: لمن كانت هذه الإبل؟ فأشارت إلى شيخ على تل يغزل الصوف، فقلت له: يا شيخ ألك كانت هذه الإبل؟ قال: كانت باسمي، قلت: فما أصابها؟ قال: ارتجعها الذي أعطاها، قلت: فهل قلت في ذلك شيئا؟ قال: نعم، قلت:


لا والذي أنا عبد في عبادته والمرء في الدهر نصب الرزء والحزن

ما سرني أن إبلي في مباركها
وما جرى في قضا رب الورى يكن


وما بعد هذا قد ذكرناه في سورة [النساء: 37] والذي قيل في البخل هناك هو الذي قيل ها هنا إلى قوله: ومن يتول أي: عن الإيمان فإن الله هو الغني عن عباده "الحميد" إلى أوليائه . وقد سبق معنى الاسمين في [البقرة 267] [ ص: 174 ] وقرأ نافع وابن عامر "فإن الله الغني الحميد" ليس فيها "هو" وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة، والشام .

لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز

قوله تعالى: لقد أرسلنا رسلنا بالبينات أي: بالآيات والحجج وأنزلنا معهم الكتاب ببيان الشرائع، والأحكام . وفي "الميزان" قولان .

أحدهما: أنه العدل، قاله ابن عباس، وقتادة .

والثاني: أنه الذي يوزن به، قاله ابن زيد ومقاتل . فعلى القول الأول يكون المعنى: وأمرنا بالعدل . وعلى الثاني: ووضعنا الميزان، أي: أمرنا به ليقوم الناس بالقسط أي: لكي يقوموا بالعدل .

قوله تعالى: وأنزلنا الحديد فيه قولان .

أحدهما: أن الله تعالى أنزل مع آدم السندان، والكلبتين، والمطرقة، قاله ابن عباس .

والثاني: أن معنى "أنزلنا" أنشأنا وخلقنا، كقوله تعالى: وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج [الزمر: 6] .

قوله تعالى: فيه بأس شديد قال الزجاج: وذلك أنه يمتنع به، ويحارب به ومنافع للناس في أدواتهم، وما ينتفعون به من آنية وغيرها .

[ ص: 175 ] قوله تعالى: وليعلم الله هذا معطوف على قوله تعالى: ليقوم الناس والمعنى: ليتعامل الناس بالعدل وليعلم الله "من ينصره" بالقتال في سبيله، ونصرة دينه، وذلك أنه أمر في الكتاب الذي أنزل بذلك . وقد سبق معنى قوله تعالى: وليعلم الله في مواضع . وقوله تعالى: بالغيب أي: ولم ير الله، ولا أحكام الآخرة، وإنما يجهد ويثاب من أطاع بالغيب .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-06-2024 الساعة 11:36 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.68 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (1.42%)]