
05-06-2024, 07:31 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,737
الدولة :
|
|
رد: مشكلات في طريق الدعوة
مشكلات في طريق الدعوة (4)
- الـغـش الدعــوي
تواجه الدعوة، في سيرها، كثيرًا من المشكلات التي تُعيقها، أو تسبب وهنًا وضعفًا في جانب من جوانبها، وهذه المشكلات التي تواجهها الدعوة، على كثرتها، يبرز قطاع منها بسب التصدر الإداري لبعض العاملين الذين تنقصهم الكفاءة، وتعوزهم الخبرة في ساحة العمل الدعوي، فالمشكلة التي نريد التحدث عنها هنا، ليست هي ضعف كفاءة الداعية؛ فلا شك أنه ليس كل من ينتمي للدعوة يمتلك الأهلية للعمل الإداري فيها، وإنما مشكلة التصدر الإداري لأمثال هؤلاء، أقصد ضِعاف الكفاءة وقليلي الخبرة، وما تعانيه الدعوة من ذلك، وما يترتب عليه من آثار.
ليس هو نوعا من الغش مباحا! لكنه من أقبح أنواع الغش، الغش الدعوى، جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «من غشنا فليس منّا والمكر والخداع في النار» (صححه الألباني)، والداعية إلى الله مؤتمن على دعوته، ومؤتمن على من يدعوهم، والأمانة غير الوصاية، وبموجب هذه الأمانة فإن الله جل وتعالى سائله عن حفظه لهذه الأمانة أو ضياعها، وحين يغش الداعية إلى الله في دعوته، فإنه يموت ميتة من مات وهو غاش لرعيته، قال صلى الله عليه وسلم : «ما من عبد يسترعيه الله رعية ثم يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة..» (رواه مسلم)، أهلك في بيتك، الناس من حولك رعية تحتك أنت أيها الداعية، ترعاهم بالدعوة والتعليم والتبليغ، فهل رعيت هذه الرعية حق الرعاية؟! في الساحة الدعوية، والناظر فيها بنظر المؤمن المشفق يجد أن في البناء خرقاً لا بد من تداركه قبل أن يسقط البناء، والداعية إلى الله بحاجة أن تكون له وقفات مراجعة، يراجع فيها مواقفه وسيره، لينظر أين محط قدمه..! من هنا كانت هذه الأطروحة لتبين وجه خلل في حياة الداعية- حال دعوته - ينبغي عليه أن يسارع بسدّه وإتمام نقصه.
- مظاهر الغش الدعوى
- المظهر الأول: عدم الصدق في تحمل مهمة الدعوة إلى الله، والتخاذل عن واجبات الدعوة المنوطة به، فهي دعوة بالوراثة لا أكثر ولا أقل..!
يهمها فيها أن يسبق اسمه وسم (الداعية)..!!
من سلبيات هذا المظهر:
- عدم الحماس للمشاريع والبرامج الدعوية المتاحة.
- عدم المساهمة في هذه البرامج.
- إعطاء الدعوة والبرامج الدعوية فضول الأوقات.
- المظهر الثاني: عدم وضوح المنهج منذ البداية. (العشوائية والارتجالية) أقصد بالمنهج: طريقة السير القائمة على الدراسة المتأملة للكتاب والسنة، والمعرفة بالسنن الإلهية، والتخطيط الواقعي في تحقيق أهداف الدعوة.
بل أعظم من ذلك: عدم التزام الدعوة المنهجية في ذاته، فلا يسعى إلى تربيتها وتزكيتها والرقي بها في منهجية واقعية، تتحقق نتائجها بإيجاد أسبابها ومقدماتها،
والسبب في هذا المظهر أحد أمرين: فهي إما:
أ - عدم اقتناعه بالمنهجية.
ب - أو لعدم معرفته بالمنهجية أصلاً.
من سلبيات هذا المظهر:
- التهاون في كثير من المنكرات، نتيجة لعدم وضوح المنهج.
- كثرة خطوط الالتقاء مع الجاهلية المحيطة به.
- كثرة الأتباع وقلة الجنود!
- طول الملازمة، وضعف المخاللة والتأثير في النفوس.
- عدم التقدم والجرأة في طرح القضايا المنهجية الكبرى من مثل (الولاء والبراء، قضايا الأيمان...)، حتى مع من يعتبرهم من خواصّه، فهو إما:
أ/ يخشى من أن يتركوه إذا عرفوا حقيقة منهجه.
ب/ أو يخاف على نفسه منهم.
- فوضى المفاهيم.
- تذمر الداعية من المدعوين والعكس.
- كثرة الانتقادات.
- المظهر الثالث:
الدعوة من أجل الإغراق في المنهجية، فهي منهجية جامدة (الورع اليابس!)، فهو لا يدعو إلا لينتقي، ولا يربي إلا ليصطفي! على أن الدعوة إلى الله جل وتعالى، ينبغي أن تكون لإقامة الحجة على الناس وتبليغهم دين الله جل وتعالى، والخروج بهم من الظلمات إلى النور.
- المظهر الرابع: عدم الفهم الجيد للعمل قبل الانطلاق.
يقول قائلهم: لا يلزم فهم العمل، بل يُفهم العمل أثناء التنفيذ!
من سلبيات هذا المظهر:
- كثرة الأخطاء والفشل.
- ضياع الوقت.
- ضعف مصداقية المنفذين للعمل.
- إهدار الطاقات.
- تجريء المدعوين على التعديل أو التغيير أو الرفض.
- خسارة طاقات فذّة لا يناسبها هذا النوع من العمل الفوضوي.
- استحداث الخلافات بين المشرفين نظريا والمنفذين عملياً.
- كثرة الانشقاقات داخل الصف.
- آليات فهم العمل قبل الانطلاق فيه:
1 - التأكد من الحاجة إلى هذا العمل.
2 - فهم الواقع الذي يراد العمل معه وفيه، وفهم هذا الواقع يتحدد عن طريق خمسة أسئلة مهمة:
أ / من هو الجمهور الذي ستخاطبه؟ (رجال، نساء، كبار، صغار..)
ب /ما مقدار توفر الإمكانات والوسائل المتاحه التي ستساعدك؟
الوسائل المادية (من مال ومستلزمات العمل..) والوسائل المعنوية (الجاه والمكانة في هذا الواقع..)
جـ - ما الأهداف التي ستنطلق منها؟
د- ما الغاية التي ستصل إليها؟
هـ - من المنفذون الذين سيقومون بتنفيذ هذا العمل؟ وما نسبة مصداقيتهم وواقعية اختيارهم للتنفيذ؟
3 - أن لا يُبدأ في العمل حتى تتم معرفة الواقع معرفة تامة، ويمكن أن يستخدم في ذلك طريقة الزيارات والاستبيانات.
4 - الاستشارة.
هذه جملة من مظاهر الغش الدعوى،والتي يراها المتأمل واضحة - وللأسف - في واقعنا اليوم وحين يكون الداعية غاشا في دعوته فأنى يستجاب له!!
اعداد: أبو أحمد عبد القادر المدني
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|