عرض مشاركة واحدة
  #269  
قديم 27-05-2024, 05:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,310
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (269)
صــــــــــ 209 الى صـــــــــــ 214





وهكذا يكتب شراء الأمة وسواء صغير العبيد وإمائهم وكبيرهم وسبيهم ومولدهم يوصف كل واحد منهم بجنسه وحليته ويقال مولد إن كان مولدا وهكذا في شراء الحيوان كله الإبل والبقر والغنم والخيل عرابها وهجنها وبراذينها والبغال والحمير وغير ذلك من الحيوان ويصف الفرس بشيته ويقال اشترى منه فرسا كميتا أحمر أغر سائل الغرة محجلا إلى الركب مربوعا وثيق الخلق نهد المشاش حديد الأساطين مستدير الكفل مشرق الهادي محسوم الأذن رباع جانب وقارح جانبه الآخر من الخيل التي تعرف ببني فلان من نتاج بلدة كذا " ثم يسوق الكتاب في دفع الثمن وقبض الفرس والتفرق بعد البيع عن تراض كما وصفت في شراء العبيد والعهدة كما وصفت في شراء العبيد وإن كان اشترى منه بعيرا كتب " اشترى منه بعيرا من النعم التي تعرف ببني فلان أصهب جسيما بازلا عليه علم بني فلان موضع كذا وثيق الخلق أهدل المشفر دقيق الخطم ضخم الهامة.
" وإن كان له صفة غير هذا بينت صفته ثم تسوق الكتاب كما سقته في العبد والفرس وإنما قلت من النعم التي تعرف ببني فلان ولم أقل من نعم بني فلان احتراسا من تباعة بني فلان واحتياطا على الحاكم وكتاب كل ما بيع من الحيوان ككتاب العبد والفرس والبعير فإذا كان العبد بين رجلين فباع أحدهما نصيبه منه فالبيع جائز والمشتري يقوم مقام البائع في النصف الذي ابتاع منه ولو طلب الذي له نصف العبد الشفعة في العبد لم أر له فيه شفعة فإن قال قائل كيف لا تجعل الشفعة في كل شيء قياسا على الشفعة في الأرضين قيل له لما وجدنا المسلمين يزعمون أنه يجوز لي أن أكون مالكا معك ولا يكون لك إخراجي من ملكي بقيمة ملكي ولا بأكثر ولا بأقل من قيمته ولا لي ذلك عليك وتموت فيرثك ولدك أو غيرهم فلا يكون لي إخراجهم من حقوقهم التي ملكوها عنك بشيء ولا يكون لهم إخراجي بشيء وتهب نصيبك فلا يكون إلى إخراج من وهبت له من نصيبك الذي ملك عنك بشيء إلا برضاه وقالوا ذلك في كل ملك ملكه رجل عن آخر بغير الشراء في كل ما يملك لم يستثنوا أرضا ولا غيره.
ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» دلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دلالة بينة على أن لا شفعة فيما لا يقسم ولا يقسم شيء بذرع وقيمة ويحدد الأصول والبناء على الأرض والشجر عليها فاقتصرنا بالشفعة على الأرض وما له أرض خاصة فكان العبيد والثياب وكل ما جاوز الأرضين وما له أرض من غراس وبناء خارجا من السنة في الشفعة مردودا على الأصل أن من ملك شيئا عن غيره تم له ملكه ولم يكن لغيره أن يخرجه منه إلا برضاه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): الذي أذهب إليه من البيع بالبراءة أن من باع حيوانا بالبراءة برئ من كل عيب إلا عيبا كتمه البائع من المشتري وقد علمه كما قضى عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فإن علم البائع عيبا فكتمه فالبيع مردود بالعيب فإن قال لم أعلم وقد باع بالبراءة فالقول قوله مع يمينه ما علم عيبا فكتمه وقد خالفنا في هذا غير واحد فمن أراد الأخذ بقولنا كتب أو يكتب ودفع فلان بن فلان إلى فلان بن فلان العبد الموصوف في هذا الكتاب الذي اشتراه منه وقبضه فلان بعدما تبرأ إليه فلان بن فلان من كل عيب ظاهر وباطن فيه والاحتياط أن لا يستأنف كتاب وثيقة إلا على ما يجيزه جميع الحكام إذا وجد السبيل إليها وقد كان من الحكام من يجيز أن يقول وبرئ إليه فلان من مائة عيب بهذا العبد المشترى وبرأته من مائة عيب فإن زادت رده وإن نقصت فقد أبرأه من أكثر مما وجد فيه فليس له رده بعيب دون المائة.
ومن الحكام من لا يجيز التبرؤ من عيب كتم ولا علم ولو سمى له عددا فوجد به ذلك العدد أو أقل أبدا إلا بعيب يريه إياه حتى يكون المشتري قد رآه وعرفه ومن أوثق هذا أن يكتب وبرئ فلان إلى فلان من كل عيب ويصفه إما كي وإما أثر جرح وإما نقص من خلق وإما زيادة فيه وإما غير ذلك من العيوب فيصفه بعينه وموضعه ثم يكتب ومن كذا وكذا عيبا وقفه عليها قد رآها فلان وبرأه منها بعد معرفتها.
الاختلاف في العيب

(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا باع رجل رجلا عبدا ولم يتبرأ من عيب فقبضه المشتري ثم ظهر منه على عيب فقال المبتاع للبائع كان هذا العيب عندك. وقال البائع بل حدث عندك، فإن كان العيب مما لا يحدث مثله مثل الأصبع الزائدة وغير ذلك مما يخلق مع الإنسان أو الأثر لا يحدث مثله في مثل هذه المدة التي تبايعا فيها فالعبد مردود على البائع بلا يمين إذا قال رجلان عدلان من أهل الصناعة التي فيها العيب هذا عيب لا يحدث مثله وإن كان قد يحدث مثل ذلك العيب فالشراء تام والمشتري يريد نقضه.
فالقول قول البائع مع يمينه إلا بأن يأتي المشتري ببينة عليه بأنه كان عنده إما بإقرار من البائع وإما بأن رآه الشاهدان في العبد فيرد بلا يمين ولو تصادقا أن العيب كان بالعبد وادعى البائع التبرؤ من العيب وأنكر ذلك المشتري فالقول قول المشتري مع يمينه ولا يصدق البائع على أنه تبرأ إليه ويكلف البينة فإن هو جاء بها وإلا حلف المشتري ورد عليه وأصل معرفة العيب أن يدعي له رجلان من أهل العلم به فإذا قالا هذا عيب ينقص من ثمن العبد والأمة والمشترى ما كان حيوانا أو غيره شيئا قل أو كثر فهو عيب لصاحبه الخيار في الرد به أو قبضه إن لم يكن قبضه وإجازة البيع ومتى اختار البيع بعد العيب لم يكن له رده وإن ظهر على عيب غير العيب الذي اختار وحبس المبيع بعده كان له رد العبد بالعيب الذي ظهر عليه وإن اشترى رجل عبدا قد دلس فيه بعيب فلم يعلم به حتى حدث عنده به عيب آخر لم يكن له رده بالعيب وقوم العبد صحيحا ومعيبا ثم رد عليه قيمة ما بين الصحة والعيب مثل أن يكون اشترى العبد بخمسين دينارا وقيمته صحيحا مائة ومعيبا بتسعين فيرجع المشتري على البائع بعشر الثمن وهو خمسة دنانير ولا يكون له أن يرجع بعشرة دنانير لأنه لم يبعه إياه بالقيمة وكذلك لو اشترى بمائة وهو
ثمنه خمسين فقوم فوجد العيب نقصه العشر وذلك خمسة دنانير من قيمته فيرجع عليه بعشرة دنانير لأنها أصل الثمن ولست ألتفت إلى قيمته فيما يتراجعان فيه إنما أنظر إلى قيمته لأعرف كم قدر العيب منها أعشرا أو أقل أو أكثر فآخذ العشر من أصل الثمن لا من القيمة.
وإن رضي البائع أن يأخذ العبد معيبا لا يرجع على المشتري بقيمة العيب الذي يحدث عنده فليس عليه أن يرد قيمة العيب ويقال إن شئت فتطوع بأخذ العبد معيبا لأن الشراء لك صحيح إلا أن لك فيما دلس لك أن ترد إن شئت وإن شئت فأمسك العبد ولا ترجع في العيب بشيء ولو دلس له بعيب في أمة فأصابها ولم يعلم فإن كانت ثيبا ردها بالعيب إن شاء وليس وطؤها بأكثر من الخدمة والخراج وإن كانت بكرا لم يكن له ردها لأنه قد نقصها ذهاب العذرة ويرجع بما نقصها العيب وذلك أنه حدث بها عيب عنده فهي كالمسألة قبلها ولو كان أعتقها في هذا كله أو أحبلها فهذا فوت فله أن يرجع بقيمة العيب وكذلك لو ماتت عنده فإذا اشترى نصف عبد فأراد أن يكتب شراء كتب " هذا ما اشترى فلان بن فلان من فلان اشترى منه نصف عبد فراني محتلم ضخم الهامة عبل العظام مربوع القامة حسن الجسم حالك السواد يدعى فلانا بكذا وكذا دينارا جيادا مثاقيل أفرادا خلقان وذلك بعدما عرف فلان بن فلان وفلان هذا العبد الذي تبايعا نصفه ورأياه وتبايعا فيه وتفرقا عن موضعهما الذي تبايعا فيه حتى غاب كل واحد منهما عن صاحبه بعد البيع والتراضي منهما جميعا ودفع فلان بن فلان إلى فلان نصف هذا العبد الموصوف في هذا الكتاب وقبضه فلان كما يقبض مثله وذلك أنهما أحضرا هذا العبد المبيع نصفه وسلم له النصف يقوم فيه مقام فلان البائع لا حائل له دون نصفه ودفع إليه فلان الثمن وافيا وبرئ إليه منه ولفلان بن فلان على فلان بن فلان بيع الإسلام وعهدته لا داء ولا غائلة ولا شين ولا عيب ظاهر ولا باطن في العبد الذي ابتاع نصفه فما أدرك فلان بن فلان من درك في نصف هذا العبد الذي اشترى من فلان أو في شيء منه فعلى فلان خلاصه أو يرد إليه الثمن الذي قبض منه وافيا وهو كذا وكذا دينارا مثاقيل جيادا أفرادا خلقان وازنة شهد على إقرار فلان وفلان ومعرفتهما بأسمائهما وأنسابهما وأنهما يوم كتب هذا الكتاب صحيحان لا علة بهما من مرض ولا غيره جائزا الأمر في أموالهما وذلك في شهر كذا من سنة كذا.
" وهكذا شراء ثلث عبد كفوا وثلث أمة أطوعهم ودابة وغيرها فإذا ظهر على عيب في العبد رده وإن لم يكن اشترى إلا عشره لأن للعشر نصيبا من العيب وهو في العيب مثل العبد لا يختلفان ويختلفان في الاستحقاق
فلو أن رجلا اشترى عبدا فاستحق منه شيء قل أو كثر كان للمشتري الخيار في أخذ ما يبقى من العبد بما يصيبه من الثمن أو رده والرجوع بالثمن لأنه لم يسلم له العبد كما بيع " قال الربيع " رجع الشافعي بعد وقال إذا اشترى عبدا أو شيئا فاستحق بعضه فالبيع باطل لأن الصفقة جمعت شيئين حلالا وحراما فكان البيع منفسخا ولا يثبت.
(قال): ولو اشترى نصف عبد من رجل فاستحق على الذي لم يبع نصفه فيه بحاله ففي هذا ما يخالف نصف العبد وفيما كان في مثل معناه وإذا اشترى عبدين في صفقة فأراد أن يكتب شراءهما كتب " هذا ما اشترى فلان بن فلان من فلان بن فلان اشترى منه عبدين أسودين أحدهما نوبي أسود وصيف خماسي حلو جعد رجل معتدل حسن القوام خفيف الجسم متراصف الأسنان مسنون الوجه والآخر فراني غليظ مربوع حالك السواد بعيد ما بين المنكبين معتدل جعد قطط حسن الجسم أفلج الثنايا من أعلى فيه محتلم اشترى فلان بن فلان هذين العبدين الموصوفين في هذا
الكتاب بكذا وكذا دينارا جيادا مثاقيل أفرادا خلقان وازنة وتبايع فلان بن فلان وفلان بن فلان في العبدين بعد رؤيتهما ومعاينتهما وقبض فلان بن فلان هذين العبدين الموصوفين في هذا الكتاب وقبض فلان بن فلان هذا الثمن وافيا وتفرقا حتى غاب كل واحد منهما عن صاحبه بعد التراضي منهما جميعا بالبيع وتقابضهما ولفلان على فلان بيع الإسلام وعهدته لا داء ولا غائلة ولا عيب ظاهر ولا باطن فما أدرك فلان بن فلان في هذين العبدين أو في أحدهما أو في شيء منهما أو من واحد منهما من درك فعلى فلان خلاصه حتى يسلمه له كما باعه أو يرد إليه الثمن الذي قبض منه وافيا وهو كذا وكذا دينارا ".
وهكذا إذا اشترى عبدا وأمة أو ثلاثة أعبد أو أكثر موصوف كل واحد من المشترى يصفه كما وصفت ويصف الثمن كما وصفت وهكذا إذا اشترى عبدا ودارا وما جمعته الصفقة يكتب عهدته ويكتب كل شيء منه بصفته فإن اشترى عبدين وأمة فأراد أن يكتب عهدتهم ويجعل لكل واحد منهم ثمنا معلوما كتب " هذا ما اشترى فلان من فلان اشترى منه عبدا من صفته كذا وكذا وعبدا من صفته كذا وكذا وأمة من صفتها كذا كذا اشترى منه هذين العبدين والأمة الموصوفين في هذا الكتاب بمائة دينار وثمن العبد الفارسي من هذه المائة الدينار ثلاثون دينارا وثمن العبد النوبي من هذه المائة عشرون دينارا وثمن الأمة من هذه المائة خمسون دينارا تبايع فلان وفلان هؤلاء الرقيق الثلاثة بعد رؤيتهم ومعرفتهم وتفرقا بعد البيع وقبض فلان جميع ثمنهم وافيا وتفرقا بعد هذا كله عن تراض منهما جميعا به فما أدرك فلان فيما اشترى من فلان أو في واحد منهم فعلى فلان خلاصه حتى يسلمه له أو يرد إليه الثمن وافيا وهو مائة دينار ولفلان على فلان فيما اشترى من فلان بيع الإسلام وعهدته لا شين ولا عيب ولا داء ظاهر ولا باطن شهد على إقرار فلان وفلان بجميع ما في هذا الكتاب بعد معرفتهما معا به وعلى أنهما يوم أقر به صحيحان لا علة بهما من مرض ولا غيره جائزا الأمر شهد فلان وفلان وكتبوا ".
(قال): وإذا أردت أن تكتب عهدة هؤلاء الرقيق بمعنى أبين من هذا فاكتب " هذا ما اشترى فلان من فلان اشترى منه عبدا نوبيا من صفته كذا بعشرين دينارا وعبدا فارسيا من صفته كذا بعشرين دينارا وأمة مولدة من صفتها كذا بستين دينارا اشترى منه هؤلاء الرقيق الثلاثة كل واحد منهم بما سمى له من الثمن بعد معرفة فلان وفلان بجميع هؤلاء الرقيق ورؤيتهم له قبل البيع وبعده وقبض فلان هؤلاء الرقيق من فلان وقبض فلان جميع الثمن من فلان وتبايعا على ذلك وتفرقا بعد البيع عن تراض منهما جميعا ولفلان فيما اشترى من فلان بيع الإسلام وعهدته لا داء ظاهر ولا باطن فما أدرك فلان في هؤلاء الرقيق أو في واحد منهم من درك من أحد من الناس فعلى فلان خلاصه أو رد ثمن من أدركه فيه الدرك وافيا بما وقع فيه ثمنه وجميع أثمانهم مائة دينار مفرقة على ما في هذا الكتاب شهد على إقرار فلان وفلان ومعرفتهما بأعيانهما وأنسابهما وأنهما يوم كتبا هذا الكتاب صحيحا جائزا الأمر في أموالهما. فلان وفلان.
وثيقة في المكاتب أملاها الشافعي
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): هذا كتاب كتبه فلان بن فلان في شهر كذا من سنة كذا وهو صحيح لا علة به من مرض ولا غيره جائز الأمر في ماله لمملوكه فلان الفلاني الذي صفته كذا وكذا إنك سألتني أن أكاتبك على كذا وكذا دينارا مثاقيل جيادا تؤديها إلي منجمة في مضي عشر سنين كلما مضت سنة أديت إلي كذا وكذا دينارا وأول نجومك التي تحل لي عليك انسلاخ سنة كذا كل نجم منها
بعد مضي سنة حتى يكون أداؤك آخرها انسلاخ سنة كذا فإذا أديت جميع ما كاتبتك عليه وهو كذا وكذا فأنت حر لوجه الله تعالى لا سبيل لي ولا لأحد عليك ولي ولأوك وولاء عقبك من بعدك. فإن عجزت عن نجم من هذه النجوم فلي فسخ كتابتك. شهد على إقرار السيد فلان الفلاني المملوك بما في هذا الكتاب.
وثيقة في المدبر
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): هذا كتاب كتبه فلان ابن فلان في شهر كذا من سنة كذا وهو صحيح لا علة به من مرض ولا غيره جائز الأمر في ماله لمملوكه فلان الفلاني صفته كذا وكذا إني دبرتك فمتى ما مت فأنت حر لوجه الله تعالى لا سبيل لأحد عليك ولي ولاؤك وولاء عقبك من بعدك.
شهد على إقرار فلان ابن فلان السيد وفلان ابن فلان الفلاني المملوك بما في هذا الكتاب.
كتاب الأقضية
(أخبرنا الربيع بن سليمان) قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله تعالى -: قال تولى الله السرائر وعاقب عليها ولم يجعل لأحد من خلقه الحكم إلا على العلانية فإذا حكم الحاكم بالظاهر الذي جعل إليه لم يتعاط الباطن الذي تولى الله دونه وإذا حكم والمحكوم له يعلم أن ما حكم له به حق في الظاهر عند الحاكم وباطل في علمه دون الحاكم لم يكن له أن يأخذه وأخذه حرام عليه ولا يحل حاكم شيئا ولا يحرمه إنما الحكم على الظاهر كما وصفنا والحلال والحرام على ما يعلم المحكوم له والمحكوم عليه وتفسيره في كتاب الأقضية وهو كتاب الشاهد واليمين.
(قال الشافعي): الولد للفراش بالوطء بملك اليمين والنكاح.
(قال الشافعي) - رحمه الله تعالى -: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه قال: أرسل عمر إلى رجل من بني زهرة كان ساكنا معنا فذهبنا معه فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية: فقال أما الفراش فلفلان وأما النطفة فلفلان فقال - رضي الله تعالى عنه - صدقت ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالفراش.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): إذا اعترف الرجل بوطء وليدته لحق به ولدها إلا أن يدعي أنه قد استبرأها بعد الوطء ثم لم يقربها وتفسيره في كتاب الطلاق.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا توفي الرجل عن المرأة أو طلقها فانقضت عدتها في الوفاة أو الطلاق ثم تزوجت فولدت عند الزوج الآخر لأقل من ستة أشهر من يوم ملك عقدة نكاحها بساعة فالولد للأول فإن كان ميتا لحق به وإن حيا لحق به إلا أن ينفيه بلعان ولو ادعاه الآخر لم يكن ابنه لأنه لا يمكن أن يكون منه إلا من زنا وولد الزنا لا يلحق وأقل ما يكون له الحمل ستة أشهر تامة فأكثر (فقال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا نقول إذا اشترك الرجلان في طهر جارية لهما فجاءت بولد فادعياه فأريه القافة فأيهما ألحقاه به لحق وكان لشريكه عليه نصف المهر ونصف قيمة الجارية وكانت أم ولد له بذلك الولد وإن لم يكن قافة أو ألحقته القافة بهما معا لم يكن ابنهما ولا ابن واحد منهما حتى يبلغ أن يخير فيختار أيهما شاء فينتسب إليه فإذا اختاره فليس له أن ينفيه بلعان ولا للولد أن ينتفي عنه ويكون الحكم في الأمة وفي مهرها ما وصفنا من أن يكون على المحكومة له بأنها أم ولد له نصف مهرها
ونصف قيمتها ونصف قيمة الولد حين سقط فإن مات المولود قبل أن يبلغ فينتسب إلى واحد فميراثه موقوف حتى يصطلحا فيه وإن ماتا أو واحد منهما قبل أن ينتسب المولود إلى أحدهما وقف له من مال كل واحد منهما ميراث ابن تام وإذا انتسب إلى أحدهما أخذ الميراث ورد ما وقف من ميراث الآخر على ورثته.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقال بعض الناس ولو ترك ثلثمائة دينار فقسمها ابنان له فيأخذ كل واحد منهما خمسين ومائة ثم يقر أحدهما برجل فيقول هذا أخي وينكره الآخر فالذي أحفظ من قول المدنيين المتقدم أن نسبه لا يلحق به وأنه لا يأخذ من المال قليلا ولا كثيرا وذلك أن الأخ لم يقر له بدين ولا وصية إنما زعم أن له حق ميراث وإذا كان له حق بأن يكون وارثا ورث كما يرث وعقل في الجناية فلما كان هذا لا يثبت عليه لم يثبت له ولا يثبت له ميراث إلا بأن يثبت له نسب وهذا أصح ما فيه عندنا والله تعالى أعلم " قال أبو محمد الربيع " لا يثبت نسبه ولا يأخذ من الميراث شيئا لأن المال فرع النسب وإذا لم يثبت النسب وهو الأصل لم يثبت الفرع الذي هو تبع للأصل.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقال مالك وابن أبي ليلى لا يثبت النسب ويأخذ خمسين دينارا من الذي أقر له وذهب إلى أنه أقر بنسبه على نفسه وعلى غيره فلم يأخذ منه إلا ما أقر به على نفسه وأسقطا إقراره على غيره. وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: لا يثبت نسبه ويقاسم الذي أقر به ما في يديه نصفين لأنه أقر أنه وإياه في مال أبيه سواء وهذا أبعد عندنا من الصواب والله أعلم. وكلها إذا سمعها السامع رأى له مذهبا.
(قال الشافعي): - رحمه الله -: لا يقسم صنف من المال مع غيره - لا يقسم عنب مع خله ولا أصل مع أصل غيره وإذا كان شيء من هذه الأصول يحيا بغير ما يحيا به غيره لم يقسم معه لأنها مختلفة الأثمان متباينة فلا يقسم نضح مضموما إلى عثري ولا عثري مضموما إلى بعل ولا بعل مضموما إلى نخل يشرب بنهر مأمون الانقطاع لأن أثمانها متباينة. والبعل الذي أصوله قد بلغت الماء. فاستغنى عن أن يسقى والنضح ما يسقى بالبئر.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): لا تضعف الغرامة على أحد في شيء إنما العقوبة في الأبدان لا في الأموال وإنما تركنا تضعيف الغرامة من قبل «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيما أفسدت ناقة البراء بن عازب أن على أهل الأموال حفظها بالنهار. وما أفسدت المواشي بالليل فهو ضامن على أهلها» فإنما يضمنونه بقيمة لا بقيمتين ولا يقبل قول المدعي لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه».
أدب القاضي وما يستحب للقاضي
أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي محمد بن إدريس قال أحب أن يقضي القاضي في موضع بارز للناس لا يكون دونه حجاب وأن يكون متوسطا للمصر وأن يكون في غير المسجد لكثرة من يغشاه لغير ما بنيت له المساجد ويكون ذلك في أوفق الأماكن به وأحراها أن لا يسرع ملالته فيه.
(قال): وإذا كرهت له أن يقضي في المسجد فلأن يقيم الحد في المسجد أو يعزر أكره.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يقضي القاضي وهو غضبان أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يقضي القاضي أو لا يحاكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان».
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن لا يقضي الرجل وهو غضبان وكان معقولا في الغضب تغير العقل والفهم فأي حال
جاءت عليه يعلم هو من نفسه تغير عقله أو فهمه امتنع من القضاء فيها فإن كان إذا اشتكى أو جاع أو اهتم أو حزن أو بطر فرحا تغير لذلك فهمه أو خلقه لم أحب له أن يقضي وإن كان ذلك لا يغير عقله ولا فهمه ولا خلقه قضى فأما النعاس فيغمر القلب شبيها بغمر الغشي فلا يقضي ناعسا ولا مغمور القلب من هم أو وجع يغمر قلبه.
(قال): وأكره للقاضي الشراء والبيع والنظر في النفقة على أهله وفي ضيعته لأن هذا أشغل لفهمه من كثير من الغضب وجماع ما شغل فكره يكره له وهو في مجلس الحكم أكره له. ولو اشترى أو باع لم أنقض البيع ولا الشراء لأنه ليس بمحرم وإنما كره لئلا يشتغل فهمه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.86 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.59%)]