
19-05-2024, 11:49 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة :
|
|
رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الثامن
الحلقة (565)
سُورَةُ الْمَعَارِجِ
صـ 279 إلى صـ 286
[ ص: 279 ] والدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يفرق بين مجتمع ، ولا يجمع بين مفترق ; خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنما يتراجعان بالسوية " .
فقال الجمهور : النهي عن تفريق المجتمع وتقاسمهما بالسوية دليل على تأثير الخلطة في الزكاة ; لما فيه من إرفاق .
قال الباجي : كما في الإرفاق في سقي الحرث ما سقي بالنضح وما سقي بغير النضح .
وقال أبو حنيفة : ما كان من خليطين يعني : الشريكين ، ولكن يرده قوله - صلى الله عليه وسلم - : " يتراجعان بالسوية " ; لأن التراجع لا يتحقق إلا في خلطة الجوار والأوصاف .
وقال مالك : لا تأثير للخلطة على من لم يملك النصاب ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " في كل أربعين شاة شاة " ، فمن لم يملك أربعين شاة فلا زكاة عليه ، ولا تأثير للخلطة عليه . ولعل من النصوص المقدمة يكون الراجح مذهب أحمد والشافعي في قضية الخلطة . والله تعالى أعلم .
الشروط المؤثرة في الخلطة عند القائلين بها كالآتي : عند أحمد - رحمه الله تعالى - خمسة أوصاف ، وهي اتحاد المالين في الآتي : المرعى . المسرح . المبيت . المحلب . الفحل .
وعند الشافعي - رحمه الله - ذكر النووي عشرة أوصاف ، الخمسة الأولى . وزاد أن يكون الشريكان من أهل الزكاة : أن يكون المال المختلط نصابا ، أن يمضي عليهم حول كامل ، اتحاد المشرب ، اتحاد الراعي .
وعند مالك : الراعي ، والفحل ، والمراح ، والدلو ، والمراد بالدلو : المشرب عند الشافعي ، وعليه : يكون الجميع متفقين تقريبا في الأوصاف ، وما زاده الشافعي معلوم شرعا ; لأنها شروط في أصل وجوب الزكاة . ولكن اختلفوا في المراد من هذه الأوصاف : هل تشترط جميعها أو يكفي وجود بعضها ؟ .
الواقع أنه لا نص في ذلك ، ولكن يرجع إلى تحقيق المناط فيما يكون به الإرفاق ، فمالك اكتفى ببعضها : كالفحل ، والمرعى ، والراعي . والشافعي : اشترط توفر جميع تلك [ ص: 280 ] الأوصاف ، وإلا فلا تكون الخلطة مؤثرة ، ولكل في مذهبه خلاف في تلك الأوصاف لا نطيل الكلام بتتبعه ، وإنما يهمنا بيان الراجح فيما فيه الخلاف في أصل المسألة ، وقد ظهر أن الراجح هو الآتي :
أولا : صحة تأثير الخلطة .
ثانيا : اشتراط الأوصاف التي تتحقق بها الخلطة عرفا .
ملحوظة .
لقد عرفنا أنصباء بهيمة الأنعام جملة وتفصيلا ، وبقي علينا الإجابة عن سؤال طال ما جال تفكر كل دارس فيه ، وهو ما يقوله جميع الفقهاء : إن المقادير توقيفية ، ومنها أنصباء الزكاة . ومعنى توقيفية : أنه لا اجتهاد فيها ، ولكن هل هي جاءت لغوية ، أو أن بين هذه الأنصباء ارتباطا ونسبة مطردة .
الواقع : أنه وإن كان الواجب على كل مسلم - والذي عليه المسلمون قديما وحديثا - هو الامتثال والطاعة ، إلا أننا لما كنا في عصر مادي ، والنظام الاقتصادي هو الأصل في سياسة العالم اليوم ; فإن البعض قد يتطلع إلى الإجابة عن هذا السؤال .
وقد حاولت الإجابة عليه بعمل مقارنة عامة توجد بها نسبة مطردة كالآتي :
أولا : في النقدين ; معلوم أن نصاب الذهب عشرون مثقالا ، والفضة مائتا درهم ، وفي كل منهما ربع العشر ، وكان صرف الدينار عشرة دراهم ، فيكون نصاب الذهب من ضرب عشرين في عشرة فيساوي مائتين ، فهي نسبة مطردة كما ترى .
وإذا جئنا للنسبة بين الذهب والفضة - وهي أصل الأثمان - وبين الغنم نجد الآتي :
أولا : في حديث عروة البارقي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارا ; ليتشري لهم شاة ، فذهب وأتاهم بشاة ودينار ، فقال له - صلى الله عليه وسلم - : " ماذا فعلت ؟ " فقال : اشتريت شاتين بالدينار ، ثم لقيني رجل فقال : أتبيعني شاة فبعته شاة بدينار ، فقال له - صلى الله عليه وسلم - " بارك الله لك في صفقة يمينك " .
معنى هذا : أن الدينار قيمته الشرائية تعادل شاتين ، من ضرب عشرين دينارا في اثنتين فيساوي أربعين شاة ، وهذا هو نصاب الغنم ، وفي الأربعين شاة شاة ، وقيمتها الشرائية نصف الدينار ، وهي خمسة دراهم وهي ما يؤخذ في العشرين مثقالا ; فاطردت النسبة أيضا [ ص: 281 ] بين الذهب والفضة وبين الغنم .
أما بين الغنم والإبل : فقد وجدنا أن البدنة عن سبع شياه في الهدي ، ونصاب الإبل خمسة وتضربها في سبع فيساوي خمسة وثلاثين ، ولو جعلت ستا لكانت تعادل اثنين وأربعين ، فأخذنا بالأقل ; احتياطا لحق المسكين ، فكان بين نصاب الإبل ونصاب الغنم نسبة مطردة .
وكذلك نصاب الغنم ونصاب النقدين نسبة مطردة . فظهرت الدقة واطراد النسبة في الأنصباء .
ما يجوز أخذه وما لا يجوز أخذه في الزكاة .
اتفقوا على أنه لا تؤخذ الذكور في الزكاة ، اللهم إلا ابن لبون لمن لم تكن عنده بنت مخاض .
واختلف فيما لو كان النصاب كله ذكورا ، والواقع أن هذا نادر ، ولكن اتفقوا على أنه لا تؤخذ السخال مع وجوب الاعتداد بها على صاحبها .
كما جاء عن عمر - رضي الله عنه - : اعتد عليهم بالسخلة يأتي بها الراعي ، ولا تأخذها منهم ، ولا يجوز أخذ فحل الإبل ولا تيس الغنم ، ولا الربى ، ولا الحلوبة ; لما في ذلك من المضرة على صاحب المال .
كما لا تؤخذ السخلة ولا العجفاء ; لما فيه من مضرة المسكين ، والأصل في ذلك ما رواه مالك - رحمه الله - في الموطأ ، قال : اعتد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ، ولا تأخذها ، ولا تأخذ الأكولة ، ولا الربى ، ولا الماخض ، ولا فحل الغنم ، وتأخذ الجذعة والثنية ، وذلك عدل بين غذاء الغنم وخيارها ، وغذاء الغنم صغارها ، وخيارها كبارها وأسمنها ; فهي عدل ، أي : وسط .
وهنا تتحتم كلمة ، يعتبر كل نظام مالي في العالم نظاما ماديا بحتا يقوم على مباني الأرقام والإحصاء ، فهو جاف في شكله ، كالجسم بدون روح ، إلا نظام الزكاة ; فهو نظام حي له روحه وعاطفته .
ففي الوقت الذي يلزم الغني بدفع قسط للفقير ، يحظر على العامل أن يأخذ فوق [ ص: 282 ] ما وجب ، أو أحسن ما وجد .
كما قال - صلى الله عليه وسلم - : " وإياك وكرائم أموالهم " .
وفي الوقت الذي يدفع الغني فيه جزءا من ماله ، يستشعر أنه يدفعه لوجه الله وينتظر أجره - جل وعلا - فأصبحت الزكاة بين عامل متحفظ وبين مالك متطوع ، عامل يخشى قوله - صلى الله عليه وسلم - : " واتق دعوة المظلوم ; فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " ، ومالك يرجو في الحسنة عشر أمثالها وسبعمائة ، وزيادة مضاعفة .
وقد وقعت قضية مذهلة لم يشهد نظام مالي في العالم مثلها ، وهي أنه : ذهب عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصدقة ، فمر برجل في قرية قريبة من المدينة بصاحب إبل ، فحسبها ، فقال لصاحبها : أخرج بنت لبون . فقال صاحب الإبل : كيف أخرج بنت لبون في الزكاة ; وهي لا ظهر يركب ولا ضرع يحلب ، ولكن هذه ناقة كوماء ، فخذها في سبيل الله . فقال العامل : وكيف آخذ شيئا لم يجب عليك ؟ فتلاحيا معا - العامل وصاحب المال - وأخذا ، قال له العامل : إن كنت ولا بد مصرا ، فها هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك قريب بالمدينة . اذهب بها إليه فإن قبلها منك أخذتها ، فذهب بها ، فقال له - صلى الله عليه وسلم - : " أعن طيب نفس ؟ " قال : نعم يا رسول الله . فأمر العامل بأخذها ، فدعا له - صلى الله عليه وسلم - بالبركة ; فعاش حتى عهد معاوية . فكانت زكاة إبله هذه هي روح الزكاة في الإسلام ، لا ما يفعله أصحاب الأموال في النظم الأخرى .
أما نظام الضرائب حيث يتهربون ، ويقللون ويتخذون دفاتر متعددة بعضها لمصلحة الضرائب يقلل فيها دخله وكسبه لتخف الضريبة عليه ; لأنه يراها مغرما كالجزية ، وبعضها لنفسه ليعرف حقيقة ماله .
أما الزكاة : فإن مالكها يقدم زكاتها لوجه الله ; ليطهر ماله ; لقوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها [ 9 \ 103 ] .
وكما قال - صلى الله عليه وسلم - : " إن أحدكم ليتصدق بالصدقة ، وإنها لتقع أول ما تقع في كف الرحمن فينميها له كما ينمي أحدكم فلوه - أي : ولد فرسه - حتى تكون مثل جبل أحد " .
[ ص: 283 ] وكما قال - صلى الله عليه وسلم - : " ما نقصت صدقة من مال " .
زكاة الفطر .
إن أهم مباحث زكاة الفطر هي الآتي :
أولا : حكمها ، صدر تشريعها .
ثانيا : على من تكون .
ثالثا : مم تكون .
رابعا : كم تكون .
خامسا : متى تكون .
سادسا : هل تجزئ فيها القيمة أم لا ؟
وكذلك القيمة في غيرها من الزكوات .
أما حكمها : فهي فرض عين عند أحمد والشافعي ، وعند أبي حنيفة هي واجب على اصطلاحه ، أي : ما وجب بالسنة .
وعند المالكية واجبة ، وقيل : سنة .
قال في مختصر خليل بن إسحاق : يجب بالسنة الصاع . إلخ .
والسبب في اختلافهم هذا ، هل هي داخلة في عموم : وآتوا الزكاة [ 2 \ 43 ] ، أي : شرعت بأصل مشروعية الزكاة في الكتاب والسنة ، أم أنها شرعت بنص مستقل عنها .
فمن قال بفرضيتها ، قال : إنها داخلة في عموم إيجاب الزكاة ، ومن قال بوجوبها ، فهذا اصطلاح للأحناف . ولا يختلف الأمر في نتيجة التكليف إلا أن عندهم لا يكفر بجحودها .
وقال المالكية : يجب بالسنة صاع من بر إلخ . أي : أن وجوبها بالسنة لا بالكتاب .
وعندهم : لا يقاتل أهل بلد على منعها ، ويقتل من جحد مشروعيتها ، وهذا هو الفرق بينهم وبين الأحناف .
[ ص: 284 ] ولكن في عبارة مالك في الموطأ إطلاق الوجوب أنه قال : أحسن ما سمعت فيما يجب على الرجل من زكاة الفطر : أن الرجل يؤدي ذلك عن كل من يضمن نفقته . إلخ .
ومن أسباب الخلاف بين الأئمة - رحمهم الله - نصوص السنة ، منها قولهم : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير . الحديث .
فلفظة فرض : أخذ منها من قال بالفرضية ، وأخذ منها الآخرون ، بمعنى قدر ; لأن الفرض : القدر والقطع .
وحديث قيس بن سعد بن عبادة عند النسائي ، قال : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة ، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله " .
فمن قال بالوجوب والفرض . قال : الأمر للأول للوجوب ، وفرضية زكاة المال شملتها بعمومها . فلم يحتج معها لتجديد أمر ولم تنسخ فنهى عنها ، وبقيت على الوجوب الأول ، وحديث : " فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر ; طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " . فمن لم يقل بفرضيتها قال : إنها طهرة للصائم وطعمة للمساكين ، فهي لعلة مربوطة بها وتفوت بفوات وقتها ، ولو كانت فرضا لما فاتت بفوات الوقت . وأجاب الآخرون بأن ذلك على سبيل الحث على المبادرة لأدائها ، ولا مانع من أن تكون فرضا وأن تكون طهرة .
ويشهد لهذا قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها [ 9 \ 103 ] ، فهي فريضة وهي طهرة . والراجح من ذلك كله أنها فرض ; للفظ الحديث " فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعا من تمر " ; لأن لفظ فرض إن كان ابتداء فهو للوجوب ، وإن كان بمعنى قدر ، فيكون الوجوب بعموم آيات الزكاة ، وهو أقوى .
وحديث " خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأمر بصدقة الفطر صاعا من تمر " الحديث . رواه أبو داود . والأمر للوجوب ، ولا صارف له هنا .
[ ص: 285 ] وقد قال النووي : إن القول بالوجوب هو قول جمهور العلماء ، وهذا هو القول الذي تبرأ به الذمة ، ويخرج به العبد من العهدة ، والله تعالى أعلم .
أما مم تكون : فالأصل في ذلك أثر أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، ورواه مالك في الموطأ عنه .
قال : كنا نخرج صاعا من طعام ، أو صاعا من أقط ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من تمر ، أو صاعا من زبيب .
وجاء لفظ السلت ، وجاء لفظ الدقيق ، وجاء لفظ السويق . فوقف قوم عند المنصوص عليه فقط وهم الظاهرية . ونظر الجمهور إلى عموم الطعام والغرض من مشروعيتها على خلاف في التفصيل عند الأئمة - رحمهم الله - كالآتي :
أولا : عند الشافعية يجوز إخراجها من كل قوت ; لأثر أبي سعيد ، وفيه لفظ الطعام .
ثانيا : من غالب قوت المكلف بها ; لأنها الفاضل عن قوته .
ثالثا : من غالب قوت البلد ; لأنها حق يجب في الذمة تعلق بالطعام كالكفارة .
وقال النووي : تجوز من كل حب معشر ، وفي الأقط خلاف عن الشافعي المالكية .
روى مالك في الموطأ حديث أبي سعيد المتقدم . وقال الباجي في شرحه : تخرج من القوت ، ونقل عن مالك في المختصر : يؤديها من كل ما تجب فيه الزكاة إذا كان ذلك من قوته . وهو مثل قول النووي : من كل حب معشر . وناقش الباجي مسألة إجزائها من الأرز والذرة والدخن . فقال : لا تجوز منها عند أشهب ويجوز عند مالك . وناقش القطاني : الحمص ، والترمس ، والجلبان ، فقال : مالك يجوزها إذا كانت قوته ، وابن حبيب : لا يجوزها ; لأنها ليست من المنصوص .
واتفق مذهب المالكية : أن المطعوم الذي يضاف إلى غيره كالأبازير : كزبرة ، وكمون ونحوه ، أنها لا تجزئ .
الحنابلة ، قال في المغني : من كل حبة وثمرة تقتات .
وقال في الشرح : أي عند عدم الأجناس المنصوص عليها ، فيجزئ كل مقتات من الحبوب والثمار .
[ ص: 286 ] قال : وظاهر هذا أنه لا يجزئه المقتات من غيرها كاللحم واللبن ، وعند انعدام هذه أيضا يعطي ما قام مقام الأجناس المنصوص عليها .
وعن ابن حامد عندهم : حتى لحم الحيتان والأنعام ، ولا يردون إلى أقرب قوت الأمصار ، ويجزئ الأقط لأهل البادية إن كان قوتهم . وعندهم : من قدر على المنصوص عليه فأخرج غيره لم يجزه .
الأحناف : تجوز من البر ، والتمر ، والشعير ، والزبيب ، والسويق ، والدقيق . ومن الخبز مع مراعاة القيمة ، وتجوز القيمة عندهم عوضا عن الجميع ، مع الاختلاف عندهم في مقدار الواجب من هذه الأصناف بين الصاع أو نصف الصاع ، على ما يأتي إن شاء الله .
وقد ناقشهم ابن قدامة في المغني عند قوله :
ومن أعطى القيمة لم تجزئه ، ونقل عن أحمد : أخاف ألا تجزئه خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبهذا العرض نجد الأئمة - رحمهم الله - اتفقوا على المنصوص عليه في أثر أبي سعيد ، وزاد بعضهم من غير المنصوص عليه غير المنصوص : إما بعموم لفظ الطعام ، وإن كان يراد به عرفا القمح ، إلا أن العبرة بعموم اللفظ وهو العرف اللغوي . وإما بعموم مدلول المعنى العام ، والخلاف في الأقط . والنص يقضي به .
وانفرد الأحناف بالقول بالقيمة وبالنظر إلى المعنى العام لمعنى الزكاة ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - : " طعمة للمسكين ، وطهرة للصائم " . وقوله : ( أغنوهم بها عن السؤال ) . لوجدنا إشارة إلى جواز إخراجها من كل ما هو طعمة للمساكين ، ولا نحده بحد أو نقيده بصنف ، فإلحاق غير المنصوص بالمنصوص بجامع العلة متجه ، أما القيمة : فقد ناقش مسألتها صاحب فتح القدير شرح الهداية في باب زكاة الأموال ، وعمدة أدلتهم الآتي :
أولا : بين الجذعة والمسنة في الإبل بشاتين .
ثانيا : قول معاذ لأهل اليمن : " ائتوني بخميس أو لبيس مكان الذرة والشعير ؟ أهون عليكم ، وخير لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " رواه البخاري .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|