عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 20-05-2024, 12:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الثامن
الحلقة (563)
سُورَةُ الْقَلَمِ
صـ 263 إلى صـ 270


قوله تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل

تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان هذا المعنى ، وهو على ظاهره عند الكلام على قوله تعالى : أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا الآية [ 46 \ 8 ] ، وهو على سبيل الافتراض بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقد استبعد أبو حيان أن يكون الضمير في ( تقول ) راجعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لاستحالة وقوع ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - .

وقال : إنها قرئت بالمبني للمجهول ورفع ( بعض ) ، وقال : وعلى قراءة الجمهور يكون فاعل ( تقول ) مقدرا تقديره : ولو تقول علينا متقول ، وقد ذكر تلك القراءة كل من القرطبي والكشاف ، ولكن لم يذكرها ابن كثير ولا الطبري ولا النيسابوري ممن يعنون بالقراءات ، مما يجعل في صحتها نظرا ، فلو صحت لكانت موجهة ولكن ما استبعده أبو [ ص: 263 ] حيان ، ومنعه بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - هو في الواقع صحيح ، ولكن على سبيل الافتراض فليس ممنوعا ، وقد جاء الافتراض في القرآن فيما هو أعظم من ذلك .

كما في قوله تعالى قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين [ 43 \ 81 ] ، وقوله : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [ 21 \ 22 ] ، والنص الصريح في الموضوع ما قاله الشيخ : في قوله تعالى قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا [ 46 \ 8 ] .
قوله تعالى : وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم

في هذا نفي كل باطل : من شعر أو كهانة أو غيرها ، ولكل نقص أو زيادة .

وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان إضافة الحق لليقين ، ومعنى التسبيح باسم ربك عند آخر سورة ( الواقعة ) ، وحق اليقين هو منتهى العلم ، إذ اليقين ثلاث درجات :

الأولى : علم اليقين .

والثانية : عين اليقين .

والثالثة : حق اليقين ، كما في التكاثر كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين [ 102 \ 5 - 7 ] فهاتان درجتان ، والثالثة إذا دخلوها كان حق اليقين ، ومثله في الدنيا : العلم بوجود الكعبة والتوجه إليها في الصلاة ، ثم رؤيتها عين اليقين ، ثم بالدخول فيها يكون حق اليقين ، وكما نسبح الله وهو تنزيهه ، فكذلك ننزه كلامه ; لأنه صفة من صفاته .
[ ص: 264 ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .

سُورَةُ الْمَعَارِجِ .

قوله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع

المعلوم أن مادة سأل لا تتعدى بالباء ، كتعديها هنا . ولذا قال ابن كثير : إن الفعل ضمن معنى فعل آخر يتعدى بالباء وهو مقدر : ما استعجل ، واستدل لذلك بقوله تعالى ويستعجلونك بالعذاب [ 29 \ 53 ] ، وذكر عن مجاهد : أن سأل بمعنى دعا .

واستدل له بقوله تعالى عنهم : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم [ 8 \ 32 ] ، وذكر هذا القول ابن جرير أيضا عن مجاهد .

وقرئ ( سال ) بدون همزة من السيل ، ذكرها ابن كثير وابن جرير ، وقالوا : هو واد في جهنم ، وقيل : مخفف ( سأل ) اهـ .

ولعل مما يرجح قول ابن جرير أن الفعل ضمن معنى مثل آخر قوله تعالى : يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها الآية [ 42 \ 18 ] .

وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان هذا المعنى عند الكلام على قوله تعالى وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء [ 8 \ 32 ] ، وأحال على سورة ( سأل ) وقال : وسيأتي زيادة إيضاح إن شاء الله .

وقد بين هناك : أن قولهم يدل على جهالتهم ; حيث لم يطلبوا الهداية إليه إن كان هو الحق .

وحيث إنه - رحمه الله - أحال على هذه السورة لزيادة الإيضاح ; فإن المناسب إنما هو هذه الآية : ( سأل سائل ) بمعنى : استعجل أو دعا ; لوجود الارتباط بين آية ( سأل ) وآية : اللهم إن كان هذا هو الحق المذكورة . فإنهما مرتبطان بسبب النزول .

[ ص: 265 ] كما قال ابن جرير وغيره عن مجاهد في قوله تعالى : سأل سائل ، قال : دعا داع ( بعذاب واقع ) . قال : هو قولهم اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا الآية . والقائل هو النضر بن الحارث بن كلدة .

والإيضاح المنوه عنه يمكن استنتاجه من هذا الربط ، ومن قوله - رحمه الله - : إنه يدل على جهالتهم ، وبيان ما إذا كان هذا العذاب الواقع هل وقوعه في الدنيا أم يوم القيامة ؟ .

والذي يظهر - والله تعالى أعلم - : أن جهالة قريش دل عليها العقل والنقل ; لأن العقل يقضي بطلب النفع ودفع الضر كما قيل :

لما نافع يسعى اللبيب فلا تكن ساعيا .

وأما النقل ; فلأن مما قص الله علينا : أن سحرة فرعون وقد جاءوا متحدين غاية التحدي لموسى - عليه السلام - ، ولكنهم لما عاينوا الحق ، قالوا : آمنا ، وخروا سجدا ولم يكابروا ، كما قص الله علينا من نبئهم في كتابه ، قال تعالى : فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى ولما اعترض عليهم فرعون ، وقال : آمنتم له قبل أن آذن لكم إلى آخر كلامه ، قالوا وهو محل الشاهد هنا : ( لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا ) ولم يبالوا بوعيده ولا بتهديده . وقالوا في استخفاف : ( فاقض ما أنت قاض ) [ 20 \ 70 - 72 ] ، فهم لما عاينوا البينات خروا سجدا وأعلنوا إيمانهم ، وهؤلاء كفار قريش يقولون مقالتهم تلك .

أما وقوع العذاب المسئول عنه ; فإنه واقع بهم يوم القيامة ، وإنما عبر بالمضارع الدال على الحال ; للتأكيد على وقوعه ، وكأنه مشاهد ، وقاله الفخر الرازي ، وقال : هو نظير قوله تعالى أتى أمر الله فلا تستعجلوه [ 16 \ 1 ] .
وفي قوله تعالى للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج دليل على تأكيد وقوعه ; لأن ما ليس له دافع لا بد من وقوعه . أما متى يكون فقد دلت آية ( الطور ) نظيرة هذه أن ذلك سيكون يوم القيامة في قوله تعالى : إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع [ 52 \ 7 - 8 ] ، ثم بين ظرف وقوعه : يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا [ 52 \ 9 - 10 ] ، وفي سياق هذه السورة في قوله تعالى : يوم تكون [ ص: 266 ] السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم إلى قوله تعالى : تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى [ 70 \ 8 - 18 ] ; فإنها كلها من أحوال يوم القيامة ، فدل بذلك على زمن وقوعه . ولعل في قوله تعالى : تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى ردا على أولئك المستخفين بالعذاب المستعجلين به ; مجازاة لهم بالمثل ، كما دعوا وطلبوا لأنفسهم العذاب استخفافا ; فهي تدعوهم إليها زجرا وتخويفا ، مقابلة دعاء بدعاء ، أي : إن كنتم في الدنيا دعوتم بالعذاب فهذا هو العذاب يدعوكم إليه تدعوا من أدبر عن سماع الدعوة ، وأعرض عنها وتولى ، وهذا الرد بهذه الصفات التي قبله من تغيير السماء كالمهل ، وتسيير الجبال كالعهن ، وتقطع أواصر القرابة من الفزع والهول مما يخلع القلوب ، كما وقع بالفعل في الدنيا ، كما ذكر القرطبي قصة جبير بن مطعم .

قال : قدمت المدينة لأسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أسارى بدر ، فسمعته يقرأ : والطور وكتاب مسطور إلى قوله تعالى : إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع [ 52 \ 1 - 8 ] ، فكأنما صدع قلبي فأسلمت ; خوفا من نزول العذاب ، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع العذاب .

وذكر القرطبي أيضا عن هشام بن حسان ، قال : انطلقت أنا ومالك بن دينار إلى الحسن ، وعنده رجل يقرأ : ( والطور ) حتى بلغ : إن عذاب ربك لواقع ، فبكى الحسن وبكى أصحابه ، فجعل مالك يضطرب حتى غشي عليه .

وذكر ابن كثير عن عمر - رضي الله عنه - : أنه كان يعس بالمدينة ذات ليلة ، إذ سمع رجلا يقرأ بالطور; فربا لها أعيد منها عشرين ليلة ، فكان هذا الوصف المفزع ردا على ذاك الطلب المستخف . والله تعالى أعلم . ونأمل أن نكون قد وفينا الإيضاح الذي أراده - رحمه الله تعالى - .
قوله تعالى : تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .

في هذه الآية الكريمة مقدار هذا اليوم خمسون ألف سنة ، وجاءت آيات أخر بأنه ألف سنة في قوله تعالى : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ 22 \ 47 ] ، وقوله : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة [ 32 \ 5 ] [ ص: 267 ] فكان بينهما مغايرة في المقدار بخمسين مرة .

وقد بحث الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - هذه المسألة في كتاب دفع إيهام الاضطراب ، وفي الأضواء في سورة ( الحج ) عند الكلام على قوله تعالى : وإن يوما عند ربك الآية [ 22 \ 47 ] .

ومما ينبغي أن يلاحظ أن الأيام مختلفة : ففي ( سأل ) هو يوم عروج الروح والملائكة ، وفي سورة ( السجدة ) هو يوم عروج الأمر ; فلا منافاة .
قوله تعالى : يوم تكون السماء كالمهل

المهل : دريدي الزيت ، وقيل غير ذلك .

وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في سورة ( الرحمن ) عند الكلام على قوله تعالى : فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان [ 55 \ 37 ] .
قوله تعالى : وتكون الجبال كالعهن

العهن : الصوف ، وجاء في آية أخرى وصف العهن بالمنفوش في قوله تعالى : يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش [ 101 \ 4 - 5 ] ، وجاءت لها عدة حالات أخرى : كالكثيب المهيل ، وكالسحاب .

وقد تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان كل ذلك عند قوله تعالى : ويوم نسير الجبال [ 18 \ 47 ] في سورة ( الكهف ) .
قوله تعالى : ولا يسأل حميم حميما

الحميم : القريب والصديق والولي الموالي ، كما في قوله تعالى : ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم [ 41 \ 34 ] .

وفي هذه الآية الكريمة : أنه في يوم القيامة لا يسأل حميم حميما ، مع أنهم يبصرونهم بأبصارهم . وقد بين تعالى موجب ذلك وهو اشتغال كل إنسان بنفسه ، كما في قوله تعالى : [ ص: 268 ] لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه [ 80 \ 37 ] ، وكل يفر من الآخر يقول : نفسي نفسي ، كما في قوله تعالى : يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه [ 80 \ 34 - 37 ] .

وقد جاء ما هو أعظم من ذلك في حديث الشفاعة ; كل نبي يقول : نفسي نفسي ، وجاء قوله تعالى : يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت [ 22 \ 2 ] ، وليس بعد ذلك من فزع إلا المؤمنون : وهم من فزع يومئذ آمنون [ 27 \ 89 ] ، جعلنا الله تعالى منهم . آمين .
قوله تعالى : إن الإنسان خلق هلوعا

الهلوع : فعول من الهلع صيغة مبالغة ، والهلع ، قال في الكشاف : شدة سرعة الجزع عند مس المكروه ، وسرعة المنع عند مس الخير ، وقد فسره الله في الآية إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا [ 70 \ 20 - 21 ] .

ولفظ : ( الإنسان ) هنا مفرد ، ولكن أريد به الجنس ، أي : جنس الإنسان في الجملة ; بدليل استثناء المصلين بعده في قوله تعالى : إلا المصلين [ 70 \ 22 ] ، ومثله قوله تعالى : والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات [ 103 \ 1 - 3 ] ونظيره كثير .

وقد قال ابن جرير : إن هذا الوصف بالهلع في الكفار ، ويدل لما قاله أمران :

الأول : تفسيره في الآية واستثناء المصلين وما بعده منه ; لأن تلك الصفات كلها من خصائص المؤمنين ، ولذا عقب عليهم بقوله : أولئك في جنات مكرمون [ 70 \ 35 ] ، ومفهومه أن المستثنى منه على خلاف ذلك .

والثاني : الحديث الصحيح : " عجبا لأمر المؤمن ! شأنه كله خير : إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن " ، فمفهومه أن غير المؤمنين بخلاف ذلك ، وهو الذي ينطبق عليه الوصف المذكور في الآية : أنه هلوع .
قوله تعالى : إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون

وصف الله تعالى من استثناهم من الإنسان الهلوع بتسع صفات :

[ ص: 269 ] اثنتان منها تختص بالصلاة ، وهما الأولى والأخيرة ; مما يدل على أهمية الصلاة ، ووجوب شدة الاهتمام بها . وهذا من المسلمات في الدين ; لمكانتها من الإسلام ، وفي وصفهم هنا بأنهم : ( على صلاتهم دائمون ) ، وفي الأخير : ( على صلاتهم يحافظون ) [ 70 \ 34 ] .

قال في الكشاف : الدوام عليها المواظبة على أدائها لا يخلون بها ، ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل .

وذكر حديث عائشة مرفوعا : " أحب الأعمال إلى الله أدومها ولو قل " .

ويشهد لهذا الذي قاله قوله تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما [ 24 \ 36 - 37 ] ، وقوله : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع [ 62 \ 9 ] .

قال : والمحافظة عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها ، ويقيموا أركانها ويكملوها بسننها وآدابها ، وهذا يشهد له قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون [ 23 \ 1 - 2 ] .

وحديث المسيء صلاته ، حيث قال له - صلى الله عليه وسلم - : " ارجع فصل ; فإنك لم تصل " ، فنفى عنه أنه صلى مع إيقاعه الصلاة أمامه ; وذلك لعدم الحفاظ عليها بتوفيتها حقها .

وقد بدأ الله أولئك المستثنين وختمهم بالصلاة ، مما يفيد أن الصلاة أصل لكل خير ، ومبدأ لهذا المذكور كله ; لقوله تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين [ 2 \ 45 ] ، فهي عون على كل خير .

ولقوله تعالى : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [ 29 \ 45 ] ، فهي سياج من كل منكر ، فجمعت طرفي المقصد شرعا ، وهما العون على الخير والحفاظ من الشر ، أي : جلب المصالح ودرء المفاسد ; ولذا فقد عني بها النبي - صلى الله عليه وسلم - كل عنايتها ، كما هو معلوم ، إلى الحد الذي جعلها الفارق والفيصل بين الإسلام والكفر في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " العهد الذي بيننا [ ص: 270 ] وبينهم الصلاة ، من ترك الصلاة فقد كفر " .

واتفق الأئمة - رحمهم الله - على قتل تاركها . وكلام العلماء على أثر الصلاة على قلب المؤمن وروحه وشعوره ، وما تكسبه من طمأنينة وارتياح ، كلام كثير جدا توحي به كله معاني سورة ( الفاتحة ) .
قوله تعالى : والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم

هذا هو الوصف الثاني ، ويساوي إيتاء الزكاة ; لأن الحق المعلوم لا يكون إلا في المفروض ، وهو قول أكثر المفسرين . ولا يمنع أن السورة مكية ; فقد يكون أصل المشروعية بمكة ، ويأتي التفصيل بالمدينة ، وهو في السنة الثانية من الهجرة ، وهنا إجمال في هذه الآية .

الأول : في الأموال .

والثاني : في الحق المعلوم . أي : القدر المخرج ، ولم تأت آية تفصل هذا الإجمال إلا آية : وما آتاكم الرسول فخذوه [ 59 \ 7 ] ، وقد بينت السنة هذا الإجمال .

أما الأموال ، فهي لإضافتها تعم كل أموالهم ، وليس للأمر كذلك ، فالأموال الزكوية بعض من الجميع ، وأصولها عند جميع المسلمين هي :

أولا : النقدان : الذهب والفضة .

ثانيا : ما يخرج من الأرض من حبوب وثمار .

ثالثا : عروض التجارة .

رابعا : الحيوان ، ولها شروط وأنصباء . وفي كل من هذه الأربعة تفصيل ، وفي الثلاثة الأولى بعض الخلاف .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.87%)]