
16-05-2024, 09:34 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثامن
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (466)
صــ 142 إلى صــ 169
8946 - حدثنا ابن بشار مرة أخرى قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : [ ص: 142 ] حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن عمير مولى ابن عباس ، عن ابن عباس مثله .
8947 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري بنحوه .
8948 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : حرم عليكم سبع نسبا ، وسبع صهرا . حرمت عليكم أمهاتكم الآية .
8949 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن علي بن صالح ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم قال : حرم الله من النسب سبعا ومن الصهر سبعا . ثم قرأ : وأمهات نسائكم وربائبكم ، الآية .
8950 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مطرف ، عن عمرو بن سالم مولى الأنصار قال : حرم من النسب سبع ، ومن الصهر سبع : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ومن الصهر : أمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف [ ص: 143 ] ثم قال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء .
قال أبو جعفر : فكل هؤلاء اللواتي سماهن الله تعالى وبين تحريمهن في هذه الآية - محرمات ، غير جائز نكاحهن لمن حرم الله ذلك عليه من الرجال ، بإجماع جميع الأمة ، لا اختلاف بينهم في ذلك : إلا في أمهات نسائنا اللواتي لم يدخل بهن أزواجهن ، فإن في نكاحهن اختلافا بين بعض المتقدمين من الصحابة ، إذا بانت الابنة قبل الدخول بها من زوجها : هل هن من المبهمات ، أم هن من المشروط فيهن الدخول ببناتهن ؟
فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم : من المبهمات ، وحرام على من [ ص: 144 ] تزوج امرأة - أمها ، دخل بامرأته التي نكحها أو لم يدخل بها . وقالوا : شرط الدخول في الربيبة دون الأم ، فأما أم المرأة فمطلقة بالتحريم . قالوا : ولو جاز أن يكون شرط الدخول في قوله : وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، يرجع موصولا به قوله : وأمهات نسائكم ، جاز أن يكون الاستثناء في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم من جميع المحرمات بقوله : " حرمت عليكم " الآية . قالوا : وفي إجماع الجميع على أن الاستثناء في ذلك إنما هو مما وليه من قوله : " والمحصنات " - أبين الدلالة على أن الشرط في قوله : من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، مما وليه من قوله : وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " دون أمهات نسائنا .
وروي عن بعض المتقدمين أنه كان يقول : حلال نكاح أمهات نسائنا اللواتي لم ندخل بهن ، وأن حكمهن في ذلك حكم الربائب .
ذكر من قال ذلك :
8951 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن خلاس بن عمرو ، عن علي رضي الله عنه : في رجل [ ص: 145 ] تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها ، أيتزوج أمها ؟ قال : هي بمنزلة الربيبة .
8952 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا قتادة ، عن خلاس ، عن علي رضي الله عنه قال : هي بمنزلة الربيبة .
8953 - حدثنا حميد قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن زيد بن ثابت : أنه كان يقول : إذا ماتت عنده وأخذ ميراثها ، كره أن يخلف على أمها . وإذا طلقها قبل أن يدخل بها ، فإن شاء فعل .
8954 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن زيد بن ثابت قال : إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها ، فلا بأس أن يتزوج أمها .
8955 - حدثنا القاسم قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج ، أخبرني عكرمة بن خالد : أن مجاهدا قال له : وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم أريد بهما الدخول جميعا .
قال أبو جعفر : والقول الأول أولى بالصواب ، أعني قول من قال : " الأم من المبهمات " . لأن الله لم يشرط معهن الدخول ببناتهن ، كما شرط ذلك مع [ ص: 146 ] أمهات الربائب ، مع أن ذلك أيضا إجماع من الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متفقة عليه . وقد روي بذلك أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر ، غير أن في إسناده نظرا ، وهو ما :
8956 - حدثنا به المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا نكح الرجل المرأة ، فلا يحل له أن يتزوج أمها ، دخل بالابنة أم لم يدخل . وإذا تزوج الأم فلم يدخل بها ثم طلقها ، فإن شاء تزوج الابنة .
قال أبو جعفر : وهذا خبر ، وإن كان في إسناده ما فيه ، فإن في إجماع الحجة على صحة القول به - مستغنى عن الاستشهاد على صحته بغيره .
8957 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال لعطاء : الرجل ينكح المرأة لم يرها ولم يجامعها حتى يطلقها ، [ ص: 147 ] أيحل له أمها ؟ قال : لا هي مرسلة . قلت لعطاء : أكان ابن عباس يقرأ : " وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن " ؟ قال : " لا " تترى ، قال حجاج ، قلت لابن جريج : ما " تترى " ؟ قال : كأنه قال : لا ! لا !
وأما " الربائب " فإنه جمع " ربيبة " وهي ابنة امرأة الرجل . قيل لها " ربيبة " لتربيته إياها ، وإنما هي " مربوبة " صرفت إلى " ربيبة " كما يقال : " هي قتيلة " من " مقتولة " . وقد يقال لزوج المرأة : " هو ربيب ابن امرأته " يعني به : " هو رابه " كما يقال : " هو خابر ، وخبير " و " شاهد ، وشهيد " .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " .
فقال بعضهم : معنى " الدخول " في هذا الموضع ، الجماع .
ذكر من قال ذلك :
8958 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية [ ص: 148 ] بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، والدخول النكاح .
وقال آخرون : " الدخول " في هذا الموضع : هو التجريد .
ذكر من قال ذلك :
8959 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج ، قلت لعطاء : قوله : اللاتي دخلتم بهن ، ما " الدخول بهن " ؟ قال : أن تهدى إليه فيكشف ويعتس ، ويجلس بين رجليها . قلت : أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها ؟ قال : هو سواء ، وحسبه ! قد حرم ذلك عليه ابنتها . قلت : تحرم الربيبة ممن يصنع هذا بأمها ؟ ألا يحرم علي من أمتي إن صنعته بأمها ؟ قال : نعم ، سواء . قال عطاء : إذا كشف الرجل أمته وجلس بين رجليها ، أنهاه عن أمها وابنتها .
قال أبو جعفر : وأولى القولين عندي بالصواب في تأويل ذلك ، ما قاله ابن عباس ، من أن معنى : " الدخول " الجماع والنكاح . لأن ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين : إما أن يكون على الظاهر المتعارف من معاني " الدخول " في الناس ، وهو الوصول إليها بالخلوة بها ، أو يكون بمعنى الجماع . وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرم عليه ابنتها إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها ، أو قبل النظر إلى فرجها بالشهوة - ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع .
[ ص: 149 ] وإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك ما قلناه .
وأما قوله : فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ، فإنه يقول : فإن لم تكونوا ، أيها الناس ، دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم فجامعتموهن حتى طلقتموهن فلا جناح عليكم ، يقول : فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك .
وأما قوله : وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " فإنه يعني : وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم .
وهي جمع " حليلة " وهي امرأته . وقيل : سميت امرأة الرجل " حليلته " لأنها تحل معه في فراش واحد .
ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل - حرام عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح ، دخل بها أو لم يدخل بها .
فإن قال قائل : فما أنت قائل في حلائل الأبناء من الرضاع ، فإن الله تعالى إنما حرم حلائل أبنائنا من أصلابنا ؟
قيل : إن حلائل الأبناء من الرضاع ، وحلائل الأبناء من الأصلاب - سواء في التحريم . وإنما قال : وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ، لأن معناه : وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم ، دون حلائل أبنائكم الذين تبنيتموهم ، كما :
8960 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : قوله : وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ، [ ص: 150 ] قال : كنا نحدث ، والله أعلم ، أنها نزلت في محمد - صلى الله عليه وسلم - . حين نكح امرأة زيد بن حارثة ، قال المشركون في ذلك ، فنزلت : وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ، ونزلت : ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) [ سورة الأحزاب : 4 ] ، ونزلت : ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) [ سورة الأحزاب : 40 ]
وأما قوله : وأن تجمعوا بين الأختين فإن معناه : وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح ف " أن " في موضع رفع ، كأنه قيل : والجمع بين الأختين .
إلا ما قد سلف لكن ما قد مضى منكم إن الله كان غفورا لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها " رحيما " بهم فيما كلفهم من الفرائض ، وخفف عنهم فلم يحملهم فوق طاقتهم .
يخبر بذلك - جل ثناؤه - : أنه غفور لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته ، وقبل تحريمه ذلك ، إذا اتقى الله تبارك وتعالى بعد تحريمه ذلك عليه ، فأطاعه باجتنابه . رحيم به وبغيره من أهل طاعته من خلقه .
[ ص: 151 ] القول في تأويل قوله ( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : حرمت عليكم المحصنات من النساء ، إلا ما ملكت أيمانكم .
واختلف أهل التأويل في " المحصنات " التي عناهن الله في هذه الآية .
فقال بعضهم : هن ذوات الأزواج غير المسبيات منهن ، و " ملك اليمين " : السبايا اللواتي فرق بينهن وبين أزواجهن - السباء ، فحللن لمن صرن له بملك اليمين ، من غير طلاق كان من زوجها الحربي لها .
ذكر من قال ذلك :
8961 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كل ذات زوج ، إتيانها زنا ، إلا ما سبيت .
8962 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن عطية قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس مثله .
[ ص: 152 ] 8963 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، يقول : كل امرأة لها زوج فهي عليك حرام ، إلا أمة ملكتها ولها زوج بأرض الحرب ، فهي لك حلال إذا استبرأتها .
8964 - وحدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن خالد ، عن أبي قلابة في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : ما سبيتم من النساء . إذا سبيت المرأة ولها زوج في قومها ، فلا بأس أن تطأها .
8965 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : كل امرأة محصنة لها زوج فهي محرمة ، إلا ما ملكت يمينك من السبي وهي محصنة لها زوج ، فلا تحرم عليك به . قال : كان أبي يقول ذلك .
8966 - حدثني المثنى قال : حدثنا عتبة بن سعيد الحمصي قال : حدثنا سعيد ، عن مكحول في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : السبايا .
واعتل قائلو هذه المقالة ، بالأخبار التي رويت أن هذه الآية نزلت فيمن سبي من أوطاس .
ذكر الرواية بذلك :
8967 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن [ ص: 153 ] قتادة ، عن أبي الخليل ، عن أبي علقمة الهاشمي ، عن أبي سعيد الخدري : أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس ، فلقوا عدوا ، فأصابوا سبايا لهن أزواج من المشركين ، فكان المسلمون يتأثمون من غشيانهن ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، أي : هن حلال لكم إذا ما انقضت عددهن .
8968 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن صالح أبي الخليل : أن أبا علقمة الهاشمي حدث أن أبا سعيد الخدري حدث : أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بعث يوم حنين سرية ، فأصابوا حيا من أحياء العرب يوم أوطاس ، فهزموهم وأصابوا لهم سبايا ، فكان ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتأثمون من غشيانهن من أجل أزواجهن ، فأنزل الله تبارك وتعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم منهن ، فحلال لكم ذلك .
8969 - حدثني علي بن سعيد الكناني قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن أشعث بن سوار ، عن عثمان البتي ، عن أبي الخليل ، عن أبي سعيد الخدري قال : لما سبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل أوطاس ، قلنا : يا رسول الله ، كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن ؟ قال : فنزلت هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم .
8970 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن عثمان البتي ، عن أبي الخليل ، عن أبي سعيد الخدري قال : أصبنا نساء من سبي أوطاس لهن أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج ، فسألنا النبي صلى الله [ ص: 154 ] عليه وسلم ، فنزلت : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، فاستحللنا فروجهن .
[ ص: 155 ] 8971 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن أبي الخليل ، عن أبي سعيد قال : نزلت في يوم أوطاس . أصاب المسلمون سبايا لهن أزواج في الشرك ، فقال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، يقول : إلا ما أفاء الله عليكم . قال : فاستحللنا بها فروجهن .
وقال آخرون ممن قال : " المحصنات ذوات الأزواج في هذا الموضع " : بل هن كل ذات زوج من النساء ، حرام على غير أزواجهن ، إلا أن تكون مملوكة اشتراها مشتر من مولاها ، فتحل لمشتريها ، ويبطل بيع سيدها إياها النكاح بينها وبين زوجها .
ذكر من قال ذلك :
8972 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : كل ذات زوج عليك حرام ، إلا أن تشتريها ، أو ما ملكت يمينك .
8973 - حدثني المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم : أنه سئل عن الأمة تباع ولها زوج ؟ قال : كان عبد الله يقول : بيعها طلاقها ، ويتلو هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم . [ ص: 156 ] 8974 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : كل ذات زوج عليك حرام إلا ما اشتريت بمالك وكان يقول : بيع الأمة طلاقها .
8975 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب قوله : والمحصنات من النساء ، قال : هن ذوات الأزواج ، حرم الله نكاحهن ، إلا ما ملكت يمينك ، فبيعها طلاقها قال معمر : وقال الحسن مثل ذلك .
8976 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : عن الحسن في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : إذا كان لها زوج ، فبيعها طلاقها .
8977 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : أن أبي بن كعب ، وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك قالوا : بيعها طلاقها .
8978 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : أن أبي بن كعب وجابرا وابن عباس قالوا : بيعها طلاقها .
8979 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عمر بن عبيد ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : قال عبد الله : بيع الأمة طلاقها .
8980 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ومغيرة والأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله قال : بيع الأمة طلاقها .
8981 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سعيد ، عن [ ص: 157 ] حماد ، عن إبراهيم ، عن عبد الله مثله .
8982 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عبد الله مثله .
8983 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : طلاق الأمة ست : بيعها طلاقها ، وعتقها طلاقها ، وهبتها طلاقها ، وبراءتها طلاقها ، وطلاق زوجها طلاقها .
8984 - حدثني أحمد بن المغيرة الحمصي قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، عن عيسى بن أبي إسحاق ، عن أشعث ، عن الحسن ، عن أبي بن كعب أنه قال : بيع الأمة طلاقها .
8985 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن عوف ، عن الحسن قال : بيع الأمة طلاقها ، وبيعه طلاقها .
8986 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا خالد ، عن أبي قلابة قال : قال عبد الله : مشتريها أحق ببضعها يعني الأمة تباع ولها زوج .
[ ص: 158 ] 8987 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن الحسن قال : طلاق الأمة بيعها .
8988 - حدثنا حميد قال : حدثنا سفيان بن حبيب قال : حدثنا يونس ، عن الحسن : أن أبيا قال : بيعها طلاقها .
8989 - حدثنا أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن خالد ، عن أبي قلابة ، عن ابن مسعود قال : إذا بيعت الأمة ولها زوج ، فسيدها أحق ببضعها .
8990 - حدثنا حميد قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثني سعيد ، عن قتادة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم قال : بيعها طلاقها . قال : فقيل لإبراهيم : فبيعه ؟ قال : ذلك ما لا نقول فيه شيئا .
وقال آخرون : بل معنى " المحصنات " في هذا الموضع : العفائف . قالوا : وتأويل الآية : والعفائف من النساء حرام أيضا عليكم ، إلا ما ملكت أيمانكم منهن بنكاح وصداق وسنة وشهود ، من واحدة إلى أربع .
[ ص: 159 ] ذكر من قال ذلك :
8991 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن أبي العالية قال : يقول : " انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " ثم حرم ما حرم من النسب والصهر ، ثم قال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : فرجع إلى أول السورة ، إلى أربع ، فقال : هن حرام أيضا إلا بصداق وسنة وشهود .
8992 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة قال : أحل الله لك أربعا في أول السورة ، وحرم نكاح كل محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك قال معمر ، وأخبرني ابن طاوس ، عن أبيه : إلا ما ملكت يمينك ، قال : فزوجك مما ملكت يمينك ، يقول : حرم الله الزنا ، لا يحل لك أن تطأ امرأة إلا ما ملكت يمينك .
8993 - حدثني علي بن سعيد بن مسروق الكندي قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن هشام بن حسان ، عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة عن قول الله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم ، قال : أربع .
8994 - حدثني علي بن سعيد قال : حدثنا عبد الرحيم ، عن أشعث بن سوار ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، عن عمر بن الخطاب مثله .
8995 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : الأربع ، فما بعدهن حرام . [ ص: 160 ] 8996 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال : سألت عطاء عنها فقال : حرم الله ذوات القرابة . ثم قال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، يقول : حرم ما فوق الأربع منهن .
8997 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : والمحصنات من النساء ، قال : الخامسة حرام كحرمة الأمهات والأخوات .
ذكر من قال : " عنى بالمحصنات في هذا الموضع - العفائف من المسلمين وأهل الكتاب .
8998 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال : حدثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : " والمحصنات " قال : العفيفة العاقلة ، من مسلمة أو من أهل الكتاب .
8999 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس ، عن بعض أصحابه ، عن مجاهد : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : العفائف .
وقال آخرون : " المحصنات " في هذا الموضع ، ذوات الأزواج ، غير أن الذي حرم الله منهن في هذه الآية ، الزنا بهن ، وأباحهن بقوله : إلا ما ملكت أيمانكم بالنكاح أو الملك .
ذكر من قال ذلك :
9000 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تعالى : " والمحصنات " قال : نهى عن الزنا . [ ص: 161 ] 9001 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : والمحصنات من النساء قال : نهى عن الزنا ، أن تنكح المرأة زوجين .
9002 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : كل ذات زوج عليكم حرام ، إلا الأربع اللاتي ينكحن بالبينة والمهر .
9003 - حدثنا أحمد بن عثمان قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا أبي قال : سمعت النعمان بن راشد يحدث ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب : أنه سئل عن المحصنات من النساء ، قال : هن ذوات الأزواج .
9004 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عبد الله قال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم [ ص: 162 ] قال : ذوات الأزواج من المسلمين والمشركين . وقال علي : ذوات الأزواج من المشركين .
9005 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد ، عن ابن عباس في قوله : والمحصنات من النساء ، قال : كل ذات زوج عليكم حرام .
9006 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن عبد الكريم ، عن مكحول نحوه .
9007 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن الصلت بن بهرام ، عن إبراهيم نحوه .
9008 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم إلى وأحل لكم ما وراء ذلكم ، يعني : ذوات الأزواج من النساء لا يحل نكاحهن . يقول : لا تخبب ولا تعد ، فتنشز على زوجها . وكل امرأة لا تنكح إلا ببينة ومهر فهي من المحصنات التي حرم الله إلا ما ملكت أيمانكم ، يعني التي أحل الله من النساء ، وهو ما أحل من حرائر النساء مثنى وثلاث ورباع .
[ ص: 163 ] وقال آخرون : بل هن نساء أهل الكتاب .
ذكر من قال ذلك :
9009 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا عيسى بن عبيد ، عن أيوب بن أبي العوجاء ، عن أبي مجلز في قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال : نساء أهل الكتاب .
وقال آخرون : بل هن الحرائر .
ذكر من قال ذلك :
9010 - حدثنا ابن بشار قال : حدثني حماد بن مسعدة قال : حدثنا سليمان ، عن عزرة في قوله : والمحصنات من النساء ، قال : الحرائر .
[ ص: 164 ] وقال آخرون : " المحصنات " هن العفائف وذوات الأزواج ، وحرام كل من الصنفين إلا بنكاح أو ملك يمين .
ذكر من قال ذلك :
9011 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، وسئل عن قول الله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم الآية ، قال : نرى أنه حرم في هذه الآية المحصنات من النساء ذوات الأزواج أن ينكحن مع أزواجهن ، والمحصنات العفائف . ولا يحللن إلا بنكاح أو ملك يمين . والإحصان إحصانان : إحصان تزويج ، وإحصان عفاف ، في الحرائر والمملوكات . كل ذلك حرم الله ، إلا بنكاح أو ملك يمين .
وقال آخرون : نزلت هذه الآية في نساء كن يهاجرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولهن أزواج ، فيتزوجهن بعض المسلمين ، ثم يقدم أزواجهن مهاجرين ، فنهي المسلمون عن نكاحهن .
ذكر من قال ذلك :
9012 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : حدثني حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي سعيد الخدري قال : كان النساء يأتيننا ثم يهاجر أزواجهن ، فمنعناهن . يعني بقوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم " .
[ ص: 165 ] وقد ذكر ابن عباس وجماعة غيره أنه كان ملتبسا عليهم تأويل ذلك .
9013 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : قال رجل لسعيد بن جبير : أما رأيت ابن عباس حين سئل عن هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، فلم يقل فيها شيئا ؟ قال فقال : كان لا يعلمها .
9014 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، عن مجاهد قال : لو أعلم من يفسر لي هذه الآية ، لضربت إليه أكباد الإبل ، قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم إلى قوله : فما استمتعتم به منهن ، إلى آخر الآية .
قال أبو جعفر : فأما " المحصنات " فإنهن جمع " محصنة " وهي التي قد منع فرجها بزوج . يقال منه : " أحصن الرجل امرأته فهو يحصنها إحصانا " " وحصنت هي فهي تحصن حصانة " إذا عفت " وهي حاصن من النساء " عفيفة ، كما قال العجاج :
وحاصن من حاصنات ملس عن الأذى وعن قراف الوقس [ ص: 166 ] ويقال أيضا ، إذا هي عفت وحفظت فرجها من الفجور : " قد أحصنت فرجها فهي محصنة " كما قال - جل ثناؤه - : ( ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها ) [ سورة التحريم : 12 ] ، بمعنى : حفظته من الريبة ، ومنعته من الفجور . وإنما قيل لحصون المدائن والقرى : " حصون " لمنعها من أرادها وأهلها ، وحفظها ما وراءها ممن بغاها من أعدائها . ولذلك قيل للدرع : " درع حصينة " .
فإذا كان أصل " الإحصان " ما ذكرنا من المنع والحفظ ، فبين أن معنى قوله : والمحصنات من النساء ، والممنوعات من النساء حرام عليكم إلا ما ملكت أيمانكم .
وإذ كان ذلك معناه ، وكان الإحصان قد يكون بالحرية ، كما قال - جل ثناؤه - : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) [ سورة المائدة : 5 ] ويكون بالإسلام ، كما قال تعالى ذكره : ( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) [ سورة النساء : 25 ] ويكون بالعفة ، كما قال - جل ثناؤه - : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) [ سورة النور : 4 ] ويكون بالزوج ولم يكن تبارك وتعالى خص محصنة دون محصنة في قوله : والمحصنات من النساء فواجب أن تكون كل محصنة بأي معاني الإحصان كان إحصانها ، حراما علينا سفاحا أو نكاحا إلا ما ملكته أيماننا منهن بشراء ، كما أباحه لنا كتاب الله - جل ثناؤه - أو نكاح على ما أطلقه لنا تنزيل الله .
[ ص: 167 ] فالذي أباحه الله تبارك وتعالى لنا نكاحا من الحرائر : الأربع ، سوى اللواتي حرمن علينا بالنسب والصهر . ومن الإماء : ما سبينا من العدو ، سوى اللواتي وافق معناهن معنى ما حرم علينا من الحرائر بالنسب والصهر ، فإنهن والحرائر فيما يحل ويحرم بذلك المعنى - متفقات المعاني وسوى اللواتي سبيناهن من أهل الكتابين ولهن أزواج ، فإن السباء يحلهن لمن سباهن بعد الاستبراء ، وبعد إخراج حق الله تبارك وتعالى الذي جعله لأهل الخمس منهن . فأما السفاح ، فإن الله تبارك وتعالى حرمه من جميعهن ، فلم يحله من حرة ولا أمة ، ولا مسلمة ، ولا كافرة مشركة .
وأما الأمة التي لها زوج ، فإنها لا تحل لمالكها إلا بعد طلاق زوجها إياها ، أو وفاته وانقضاء عدتها منه . فأما بيع سيدها إياها ، فغير موجب بينها وبين زوجها فراقا ولا تحليلا لمشتريها ، لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه خير بريرة إذ أعتقتها عائشة ، بين المقام مع زوجها الذي كان سادتها زوجوها منه في حال رقها ، وبين فراقه ، ولم يجعل - صلى الله عليه وسلم - عتق عائشة إياها لها طلاقا . ولو كان عتقها وزوال ملك عائشة إياها لها طلاقا ، لم يكن لتخيير النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها بين المقام مع زوجها والفراق - معنى ، ولوجب بالعتق الفراق ، وبزوال ملك عائشة عنها الطلاق . فلما خيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الذي ذكرنا وبين المقام مع زوجها والفراق ، كان معلوما أنه لم يخير بين ذلك إلا والنكاح عقده ثابت كما كان قبل زوال ملك عائشة عنها . فكان نظيرا للعتق الذي هو زوال ملك مالك المملوكة ذات الزوج عنها - البيع ، الذي هو زوال ملك مالكها عنها ، إذ كان أحدهما زوالا ببيع ، والآخر بعتق في أن الفرقة لا تجب بينها وبين زوجها بهما ولا بواحد منهما ، ولا يجب بهما ولا بواحد منهما [ ص: 168 ] - طلاق ، وإن اختلفا في معان أخر : من أن لها في العتق الخيار في المقام مع زوجها والفراق ، لعلة مفارقة معنى البيع ، وليس ذلك لها في البيع .
قال أبو جعفر : فإن قال قائل : وكيف يكون معنيا بالاستثناء من قوله : والمحصنات من النساء ، ما وراء الأربع ، من الخمس إلى ما فوقهن بالنكاح ، والمنكوحات به غير مملوكات ؟
قيل له : إن الله تعالى لم يخص بقوله : إلا ما ملكت أيمانكم - المملوكات الرقاب ، دون المملوك عليها بعقد النكاح أمرها ، بل عم بقوله : إلا ما ملكت أيمانكم - كلا المعنيين أعني ملك الرقبة ، وملك الاستمتاع بالنكاح لأن جميع ذلك ملكته أيماننا . أما هذه فملك استمتاع ، وأما هذه فملك استخدام واستمتاع وتصريف فيما أبيح لمالكها منها . ومن ادعى أن الله تبارك وتعالى عنى بقوله : والمحصنات من النساء محصنة وغير محصنة سوى من ذكرنا أولا ، بالاستثناء بقوله : إلا ما ملكت أيمانكم ، بعض أملاك أيماننا دون بعض غير الذي دللنا على أنه غير معني به - سئل البرهان على دعواه من أصل أو نظير . فلن يقول في ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله .
[ ص: 169 ] فإن اعتل معتل منهم بحديث أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت في سبايا أوطاس
قيل له : إن سبايا أوطاس لم يوطأن بالملك والسباء دون الإسلام . وذلك أنهن كن مشركات من عبدة الأوثان ، وقد قامت الحجة بأن نساء عبدة الأوثان لا يحللن بالملك دون الإسلام ، وأنهن إذا أسلمن فرق الإسلام بينهن وبين الأزواج ، سبايا كن أو مهاجرات . غير أنهن إذا كن سبايا ، حللن إذا هن أسلمن بالاستبراء . فلا حجة لمحتج في أن المحصنات اللاتي عناهن بقوله : والمحصنات من النساء - ذوات الأزواج من السبايا دون غيرهن ، بخبر أبي سعيد الخدري أن ذلك نزل في سبايا أوطاس . لأنه وإن كان فيهن نزل ، فلم ينزل في إباحة وطئهن بالسباء خاصة ، دون غيره من المعاني التي ذكرنا . مع أن الآية تنزل في معنى ، فتعم ما نزلت به فيه وغيره ، فيلزم حكمها جميع ما عمته ، لما قد بينا من القول في العموم والخصوص في كتابنا " كتاب البيان عن أصول الأحكام " .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|