عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-05-2024, 06:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,695
الدولة : Egypt
افتراضي القول فيمن مات وقد لزمه الحج والعمرة

القول فيمن مات وقد لزمه الحج والعمرة

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف



قالَ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله-: "وَإِنْ ماتَ مَنْ لَزِماهُ أُخْرِجَا مِنْ تَرِكَتِهِ".
هُنَا تَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ -رحمه الله- عَمَّنْ ماتَ وَقَدْ تَوَفَّرَتْ فيهِ الشُّروطُ، وَلَزِمَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، وَلَمْ يَفْعَلْ، فَقالَ –رحمه الله-: (وَإِنْ ماتَ مَنْ لَزِماهُ: أُخْرِجَا مِنْ تَرِكَتِهِ)؛ أي: إِذَا ماتَ مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، وَتَوَفَّرَتْ فيهِ الشُّروطُ: فَيَجِبُ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا يُحَجُّ بِهِ عَنْهُ، قَبْلَ إِخْراجِ الدَّيْنِ مِنَ التَّرِكَةِ، سَواءٌ أَوْصَى بِذَلِكَ أَوْ لَا؛ لِحَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ»[1].
وَكَلامُ الْمُصَنِّفِ –رحمه الله- يَشْمَلُ الْمُفَرِّطَ الَّذِي تَرَكَ الْحَجَّ تَهاوُنًا وَماتَ.
وَالْمَسْأَلَةُ فيهَا خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنْ وُجوبِ الْحَجِّ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهورِ الْعُلَماءِ مِنَ الْحَنابِلَةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[2].
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَنْهُ، وَلَوْ حُجَّ عَنْهُ لَمْ يُقْبَلْ، وَذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ –رحمه الله- فِي تَهْذيبِ السُّنَنِ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَنْهُ، وَنَصَرَهُ بِقُوَّةٍ،وَأَنَّهُ لَوْ حُجَّ عَنْهُ لَمْ يُقْبَلْ، يَعْنِي: لَمْ تَبْرَأْ بِهِ ذِمَّتُهُ؛ فَقالَ –رحمه الله-: "مَنْ *تَرَكَ الْحَجَّ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَتَّى ماتَ، أَوْ *تَرَكَ الزَّكاةَ فَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى ماتَ، فَإِنَّ مُقْتَضَى الدَّليلِ وَقَواعِدِ الشَّرْعِ: أَنَّ فِعْلَهُمَا عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُبْرِئُ ذِمَّتَهُ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ"[3].
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ إِلَّا أَنْ يُوصِي، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمالِكِيَّةِ[4].
وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: (وَإِنْ ماتَ مَنْ لَزِماهُ): أَنَّهُ إِذَا ماتَ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ؛ كَأَنْ يَموتَ مَنْ كانَ فَقيرًا وَلَا يَجِدُ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ: فَلَا يَجِبُ وَالْحالُ هَذِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا يُحَجُّ بِهِ عَنْهُ، وَلَوْ صارَ غَنِيًّا بَعْدَ الْحَجِّ، وَمِثالُهُ: فَقيرٌ جاءَهُ شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ آخِرِ عُمْرِهِ وَهُوَ فَقيرٌ، وَقَدْ كانَ طيلَةَ حَياتِهِ عَلَى الْفَقْرِ، فَلَمَّا وَلَّى شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ؛ اغْتَنَى ثُمَّ وافَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْحَجُّ الْقادِمُ؛ فَلَا يَجِبُ حِينَئِذٍ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا يُحَجُّ بِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ عَلَيْهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.




[1] أخرجه البخاري (1852).
[2] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 233)، والمجموع شرح المهذب (7/ 98).
[3] تهذيب سنن أبي داود (2/ 95).
[4] انظر: التجريد، للقدوري (4/ 1641)، وعيون المسائل، للقاضي عبد الوهاب (ص: 255).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.66%)]