عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 21-03-2024, 12:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,031
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني

الدَّرْسُ الْعَاشِرُ: له ما في السماوات وما في الأرض

برهان من براهين التوحيد


محمد بن سند الزهراني





بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

وَمِنْ الْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ؛ قَوْلُ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ لهُ ما فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾ [البقرة:255]، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ هِيَ بِمَثَابَةِ الْمِفْتَاحِ لِكُنُوزِ الْمُلْكِ، اللَّهُ هُوَ الْمَالِكُ سُبْحَانَهُ لِمَا فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، وَمَا سِوَاهُ لَا يَمْلِكُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ.

قال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴾ [سبأ:22].

إِنَّ مُلك اللَّهِ الْعَظِيمَ مُحِيطٌ بِكُلِّ الْعَالَمِينَ، مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، وَاَللَّهُ وَحْدَهُ تَعَالَى الْمَالِكُ الْخَالِقُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَهَذَا الْبُرْهَانُ الْعَظِيمُ السَّاطِعُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ بِيَدِهِ الْعَطَاءُ وَالْمَنْعُ وَالْخَفْضُ وَالرَّفْعُ؛ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ دُونَ سِوَاهُ.

إِنَّ هَذَا الْإِيمَانَ وَالتَّوْحِيدَ يَجْرِي مِنْ نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ الِاسْتِغْنَاءُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ عَنْ سَائِرِ خَلْقِهِ، وَالثِّقَةُ فِي عَظَمَةِ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَسِعَةِ غِنَاهُ، وَهُوَ وَاَللَّهِ دَوَاءٌ لِلْعَبْدِ الْمُسْتَجِيرِ بِمَوْلَاهُ، فلا يَخَافَ إلَّا اللَّهَ، وَلَا يَخْشَى إلَّا اللَّهُ، وَلَا يَتَوَكَّلَ وَلَا يَسْتَعِينَ وَلَا يَسْتَغِيثَ إِلَّا بِاَللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

فَيَنَامُ الْعَبْدُ قَرِيرَ الْعَيْنِ، كَيْفَ لَا! وَهُوَ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَمُلْكِ اللَّهِ وَسُلْطَانِ اللَّهِ، فَلْتَهْنَأْ قُلُوبُ الْمُوَحِّدِينَ بِهَذِهِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْجَلَالِ؛ ﴿ لهُ ما فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾.

مَالِكٌ لِنَاصِيَةِ كُلُّ جَبَّارٍ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، قَاهِرٌ بِعَظَمَةِ مُلْكِهِ وَجَبَرُوتِ سُلْطَانِهِ فَوْقَ جَمِيعِ عِبَادِهِ، فَكُلُّ شَيْءٍ في السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَمْلُوكٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَحْدَهُ، خَاضِعُونَ لَهُ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، لَا مَلْجَأَ لِأَحَدٍ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا مَنَجَى لَهُ إِلَّا بِهِ، لَا مَهْرَبَ مِنْهُ وَلَا مَفَرَّ.

وَعِنْدَهَا يَمْتَلِئُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ الْمُوَحَّدِ أَمَامَ حَقِيقَةِ هَذَا الْمَعْنَى ﴿ لهُ ما فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾، يَمْتَلِئُ شُعُورًا عَمِيقًا بِسَعَادَةِ الْغِنَى الْعَالِي بِاَللَّهِ، وَمَقَامًا عَظِيمًا مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ اللَّهِ.

اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْأَرَضِينَ وَرَبِّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ؛ رَبُّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقُ الْحُبِّ وَالنَّوَى، وَمَنْزِلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ؛ نَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.10 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.75%)]