عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 17-03-2024, 01:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ33 الى صــ58
(7)


ما يفطر دون كفارة وما لا يفطر وما لا يفسد الصيام
مسألة : قال : ومن أكل أو شرب أو احتجم أو استعط أو أدخل إلى جوفه شيئا من أي موضع كان أو قبل فأمنى أو أمذى أو كرر النظر فأنزل أي ذلك فعل عامدا وهو ذاكر لصومه فعليه القضاء بلا كفارة إذا كان صوما واجبا
في هذه المسألة فصول : فصل الأول إنه يفطر بالأكل والشرب بالإجماع وبدلالة الكتاب والسنة أما الكتاب فقول الله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } مد
الأكل والشرب إلى تبين الفجر ثم أمر بالصيام عنهما وأما السنة فـ [ قول النبي صلى الله عليه و سلم والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ]


واجمع العلماء على الفطر بالأكل والشرب بما يتغذى به فأما مالا يتغذى به فعامة أهل العلم على أن الفطر يحصل به وقال الحسن بن صالح : لا يفطر بما ليس بطعام ولا شراب وحكي عن أبي طلحة الأنصاري أنه كان يأكل البرد في الصوم ويقول ليس بطعام ولا شراب ولعل من يذهب إلى ذلك يحتج بأن الكتاب والسنة إنما حرما الأكل والشرب فما عداهما يبقى على أصل الإباحة ولنا دلالة الكتاب والسنة على تحريم الأكل والشرب على العموم فيدخل فيه محل النزاع ولم يثبت عندنا ما نقل عن أبي طلحة فلا يعد خلافا
الفصل الثاني : إن الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم وبه قال إسحاق و ابن المنذر و محمد بن إسحاق بن خزيمة وهو قول عطاء و عبد الرحمن بن مهدي وكان الحسن ومسروق و ابن سيرين لا يرون للصائم أن يحتجم وكان ج
ماعة من الصحابة يحتجمون ليلا في الصوم منهم ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وأنس ورخص فيها أبو سعيد الخدري وابن مسعود وأم سلمة وحسين بن علي وعروة و سعيد بن جبير وقال مالك و الثوري و أبو حنيفة و الشافعي يجوز للصائم أن يحتجم ولا يفطر لما روى البخاري عن ابن عباس [ أن النبي صلى الله عليه و سلم احتجم وهو صائم ] ولأنه دم خارج من البدن أشبه الفصد


ولنا قول النبي صلى الله عليه و سلم [ أفطر الحاجم والمحجوم ] رواه عن النبي صلى الله عليه و سلم أحد عشر نفسا قال أحمد حديث شداد بن أوس من أصح حديث يروى في هذا الباب وإسناد حديث رافع إسناد جيد وقال : حديث ثوبان وشداد صحيحان وعن علي بن المديني أنه قال أصح شيء في هذا الباب حديث شداد وثوبان وحديثهم منسوخ بحديثنا بدليل ما روى ابن عباس أنه قال : [ احتجم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقاحة بقرن وناب وهو محرم صائم فوجد لذلك ضعيفا شديدا فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يحتجم الصائم ] رواه إسحاق الجوزجاني في المترجم وعن الحكم قال : [ احتجم رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو صائم فضعف ثم كرهت الحجامة للصائم ] وكان ابن عباس وهو راوي حديثهم يعد الحجام والمحاجم فإذا غابت الشمس احتجم بالليل كذلك رواه الجوزجاني وهذا يدل على أنه علم نسخ الحديث الذي رواه ويحتمل [ أن النبي صلى الله عليه و سلم احتجم فأفطر ]

كما [ روي عنه عليه السلام أنه قاء فأفطر ] فإن قيل فقد روي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم رأي الحاجم والمحتجم يغتابان ] فقال ذلك : قلنا لم تثبت حصة هذه الرواية مع أن اللفظ أعم من السبب فيجب العمل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على أننا قد ذكرناه الحديث الذي فيه بيان علة النهي عن الحجامة وهي الخوف من الضعف فيبطل التعليل بما سواه أو يكون كل واحد منهما علة مستقلة على أن الغيبة لا تفطر الصائم إجماعا فلا يصح حمل الحديث على ما يخالف الإجماع قال أحمد : لأن يكون الحديث كما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم [ أفطر الحاجم والمحجوم ] أحب إلينا من أن يكون من الغيبة لأن من أراد أن يمتنع من الحجامة امتنع وهذا أشد من الناس أن يسلم من الغيبة ؟ فإن قيل : فإذا كانت علة النهي ضعف الصائم بها فلن يقتضي ذلك الفطر وإنما يقتضي الكراهة ومعنى قوله : [ أفطر الحاجم والمحجوم ] أي قربا من الفطر قلنا هذا تأويل يحتاج إلى دليل على أنه لا يصح ذلك في حق الحاجم فإنه لا ضعف فيه
الفصل الثالث : أنه يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته إذا وصل باختياره وكان مم
ا يمكن التحرز منه سواء وصل من الفم على العادة أو غير العادة كالوجور واللدود أو من الأنف كالسعوط أو ما يدخل من الأذن إلى الدماغ أو ما يدخل من العين إلى الحلق كالكحل أو ما يدخل إلى الجوف من الدبر بالحقنة أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه أو من دواء المأمومة إلى دماغه فهذا كله يفطره لأنه واصل إلى جوفه باختياره فأشبه الأكل وكذلك لو جرح نفسه أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه سواء استقر في جوفه أو عاد فخرج منه وبهذا كله قال الشافعي :

وقال مالك : لا يفطر بالسعوط إلا أن ينزل إلى حلقة ولا يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة واختلف عنه في الحقنة واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شيء أشبه ما لم يصل إلى الدماغ ولا الجوف ولنا أنه واصل إلى جوف الصائم باختياره فيفطره كالواصل إلى الحلق والدماغ جوف والواصل إليه يغذيه فيفطره كجوف البدن
فصل : فأما الكحل فما وجد طعمه في حلقه أو علم وصوله إليه فطره وإلا لم يفطره نص عليه أحمد وقال ابن أبي موسى ما يجد طعمه كالذرور والصبر والفطور أفطر إن اكتحل باليسير من الاثمد غير المطيب كالميل ونحوه لم يفطر نص عليه أحمد وقال ابن عقيل : إن كان الكحل حادا فطره وإلا فلا ونحو ما ذكرناه قال أصحاب مالك وعن ابن أبي ليلى وابن شبرمة أن الكحل يفطر الصائم وقال أبو حنيفة والشافعي لا يفطره لما [ روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه اكتحل في رمضان وهو صائم ] ولأن العين ليست منفذا فلم يفطر بالداخل منها كما لو دهن رأسه


ولنا أنه أوصل إلى حلقة ما هو ممنوع من تناوله بفيه فأمطر به كما لو أوصله من أنفه وما رووه لم يصح قال الترمذي لم يصح عن النبي صلى الله عليه و سلم في باب الكحل للصائم شيء ثم نحمله على أنه اكتحل بما لا يصل وقولهم ليست العين منفذا لا يصح فإنه يوجد طعمه في الحلق ويكتحل بالاثمد فيتنخعه قال أحمد : حدثني إنسان أنه اكتحل بالليل فتنخعه بالنهار ثم لا يعتبر في الواصل أن يكون من منفذ بدليل ما لو جرح نفسه جائفة فإنه يفطر
فصل : وما لا يمكن التحرز منه كابتلاع الريق لا يفطره لأن اتقاء ذلك يشق فأشبه غبار الطريق وغربلة الدقيق فإن جمعه ثم ابتلعه قصدا لم يفطره لأنه يفطره لأنه يصل إلى جوفه من معدته أشبه إذا لم يجمعه وفيه وجه آخر أنه يفطر لأ
نه أمكنه من التحرز منه أشبه ما لو قصد ابتلاع غبار الطريق والأول أصح فإن الريق لا يفطر إذا لم يجمعه وإن قصد ابتلاعه فكذلك إذا جمعه بخلاف غبار الطريق فإن خرج ريقه إلى ثوبه أو بين شفتيه ثم عاد فابتلعه أو بلع ريق غيره أفطر لأنه ابتلعه من غير فمه فأشبه ما لو بلغ غيره فإن قيل فقد [ روت عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها ]

رواه أبو داود قلنا قد روي أنه قال هذا إسناد ليس بصحيح ويجوز أن يكون يقبل في الصوم ويمص لسانها في غيره ويجوز أن يمصه ثم ابتلعه ولأنه لم يتحقق انفصال ما على لسانها في البلل إلى فمه فأشبه ما لو ترك حصاه مبلولة في فيه أو لو تمضمض بماء ثم مجه ولو ترك في فمه حصاة أو ردهما فأخرجه وعليه بلة من الريق ثم أعاده في فيه نظرت فإن كان ما عليه من الريق كثيرا فابتلعه أفطر وإن كان يسيرا لم يفطر بابتلاع ريقه وقال بعض أصحابنا يفطر لابتلاعه ذلك البلل الذي كان على الجسم
ولنا أنه لا يتحقق انفصال ذلك البلل ودخوله إلى حلقه فلا يفطره كالمضمضة والتسوك بالسواك الرطب والمبلول ويقوي ذلك حديث عائشة في مص لسانها ولو أخرج لسانه وعليه بلة ثم عاد فأدخله وابتلع ريقه لم يفطر
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]