عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-03-2024, 10:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,483
الدولة : Egypt
افتراضي شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(2)

اعداد: الفرقان





الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
باب: في قوله تعالى: {وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة}
2123. عن أَبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ [ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ يُغْفَرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ، فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ «.
الشرح:
الحديث الأول في الباب الأول: في سورة البقرة في قوله تبارك وتعالى: {ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة} وهذه الآية من الآيات التي ذكر الله تبارك وتعالى فيها نعمته على بني إسرائيل، وقد عدد الله عز وجل في سورة البقرة ما أنعم به على بني إسرائيل، كقوله قبل هذه الآية: {وظلّلنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} (البقرة: 57).
فهذا من نعم الله عز وجل التي امتن بها على بني إسرائيل: وهي تظليل الغمام عليهم التي يقيهم حر الشمس لما كانوا في صحراء سيناء، وأنزل عليهم المن الذي هو شبيه بالعسل، والسلوى الذي هو طائر يأكلون منه ما يشاؤون، وغير ذلك من النعم التي ذكرها ربنا سبحانه وتعالى عليهم قبل هذه الآية في سورة البقرة.
ثم ذكرهم الله عز وجل بنعمة أخرى هاهنا فقال لهم: {وإذا قلنا ادخلوا هذه القرية} وهذه القرية هي: بيت المقدس على المشهور عند أهل التفسير، فالله سبحانه وتعالى أمرهم بدخول بيت المقدس، وان يأكلوا مما سبق من – المن والسلوى - أو مما حبا الله به بيت المقدس من أشجار وبركات وخيرات.
ثم قال لهم {وادخلوا الباب سجدا} أي: خاضعين خاشعين راكعين، وقال بعض أهل التفسير: أي كهيئة الركوع. وقلنا بذلك مع أن الآية تقول (سجدا) لأنه لا يتصور دخول الإنسان الباب وهو ساجد على جبهته، ولذلك قال أهل التفسير المقصود: أمرهم بان يدخلوا بيت المقدس خاضعين خاشعين، معترفين بنعمة الله تعالى عليهم.
وان يقولوا: (حطة) وهو من الحطط، يعني: اللهم احطط عنا خطايانا، يعني: اللهم اغفر لنا.
وقوله تعالى: {وسنزيد المحسنين} هو وعد من الله سبحانه وتعالى للمحسنين بالمغفرة، بأعمالهم الحسنة مع الله تعالى ومع عباده، عاجلا أو آجلا.
فاستهزأ الظالمون منهم والمعاندون، فقال سبحانه وتعالى عنهم {فبدل الذين ظلموا منهم} وهذا من عدل الله سبحانه وتعالى ومن إنصافه لهم، إذ قال {فبدل الذين ظلموا منهم} ولم يقل: فبدلوا، فلم يعمهم بهذا الفعل الذي هو التبديل والتحريف في القول، بل وتحريف في الفعل؟! فقد حصل التبديل من بني إسرائيل في القول والفعل؟! أما الفعل فالله سبحانه وتعالى قال لهم {ادخلوا الباب سجدا} فلم يفعلوا، فلم يدخلوا ساجدين ولا خاضعين ولا راكعين، وإنما دخلوا مستهزئين مستكبرين رافعي رؤوسهم، يزحفون على أستاههم ؟! أي: على أدبارهم ؟! فأيّ كفرٍ بالله تعالى واستهزاء هذا؟؟!
وقال الله تعالى لهم {قولوا حطة} فقالوا: حبة في شعره , وفي رواية أيضا في الصحيح قالوا: «حنطة»؟! وقال بعضهم: حبة في شعرة؟ أو حبة في شعيرة؟! وكل ذلك من تحريف القول الذي وقعوا فيه. أي: بدلا من أن يقولوا حطة , وهو طلب حط الخطايا والذنوب، قال الذين ظلموا منهم من المعاندين والمستكبرين والمستهزئين ما قالوا، فبدلوا قول الله تعالى، وبدلوا ما أمرهم الله سبحانه وتعالى به فعلا.
قال رسول الله [: «قيل لبني إسرائيل {ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم} والجدير بالذكر: أنه لا يزال هناك باب في المسجد الأقصى اسمه « باب حطة « إلى يومنا هذا، وهو الباب الذي أمروا أن يدخلوا من عنده.
فلما بدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاهم ويقولون مستهزئين حنطة بدلا من أن يقولوا حطة، ولهذا أنزل الله سبحانه وتعالى بهم بأسه وعذابه الذي لا يرد عن القوم الظالمين، بسبب خروجهم عن طاعته، قال سبحانه فيهم {فأنزلنا على الذين ظلموا} وهذا أيضا تنبيه على عدل الله عز وجل، أنه إذا وقعت المعصية في قوم، نزل عذاب الله على القوم الظالمين منهم فقط، إذا تميزوا عن غيرهم، كما في قصة أصحاب السبت الذين مسخوا قردة وخنازير.
وقوله {رجزا من السماء بما كانوا يفسقون} أنزل الله تعالى عليهم رجزا وعذابا من السماء، لأنهم خالفوا أمره، واستخفوا به، واستهزئوا وبدلوا القول والفعل، قال ابن عباس (رجزا) يعني: عذابا أليما، وكل شيء في القرآن رجز فهو العذاب.
وقال بعض أهل التفسير وهو قول سعيد بن جبير وغيره: أن الرجز هو الطاعون، أنزله الله تعالى عليهم.
وروى البخاري ( 3473 ) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: قال رسول الله [: « الطاعون رجز أُرسل على طائفةٍ من بني إسرائيل – أو على من كان قبلكم – فإذا سمعتم به بأرضٍ فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه «.
وقد روى جماعة من الصحابة أيضا منهم: سعد ابن أبي وقاص وأسامة بن زيد وخزيمة بن ثابت: عن رسول الله [ أنه قال: « الطاعون رجز عذابٍ، عُذّب به من كان قبلكم « رواه النسائي في سننه.
وقد جعله الله تعالى لهذه الأمة رحمة ومغفرة، بل شهادة، فمن أصابه فهو شهيد، لقوله [: « الطاعون شهادة لكل مسلم « متفق عليه.
وقالت عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله [ عن الطاعون فأخبرني « أنه عذابٌ يبعثه الله على من يشاء، وإن الله جعله رحمة للمؤمنين، فليس من أحد يقعُ في الطاعون، فيمكث في بلده صابراً محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كَتب الله له، إلا كان له أجر شهيد « رواه البخاري في الأنبياء ( 3473 ).
فكون الطاعون رحمة إنما خاص بالمسلمين، وهو شهادة لهم ورحمة، ورجز على الكافرين والعاصين.
وقد وقع في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على أن الطاعون ينشأ عند ظهور الفاحشة والمجاهرة بها، كما في الحديث عند ابن ماجة ( 4019 ) والبيهقي بلفظ: « لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا..» نسأل الله المعافاة في الدنيا والآخرة.
وقوله {بما كانوا يفسقون} الباء هنا باء السببية، يعني: بسبب فسقهم وخروجهم عن قول الله تعالى وعن أمره وشرعه، عذبهم الله بهذا العذاب المؤلم الشديد، فأنزل الله سبحانه وتعالى عليهم طاعونا عذابا لهم.
وأخرج أحمد ( 1/402 ): عن ابن مسعود ] عن النبي [: « ما ظهر في قوم الربا والزنا، إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز وجل «. وانظر الفتح لابن حجر ( 10/193).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 26-04-2024 الساعة 09:36 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.39 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]