عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-03-2024, 10:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر

صفية الشقيفي


(5) توجيه المؤلف لخطر مقولة مرجليوث في الشعر الجاهلي وتوضيح مقصد مالك بن نبي من كتابه
قال أبو فهر محمود بن محمد شاكر الحسيني (ت: 1418هـ): (5)
وأنا أحب أن أناقش هذه المقالة، حتى أعين القارئ على أن يضع كتاب "الظاهرة القرآنية" في مكانه الذي ينبغي له، وحتى تبين له معالم الطريق الذي يسير فيه وهو يقرأ هذا الكتاب، وحتى يستفيد من أدلته وبراهينه قوة تعينه على أن يضع أساسًا يقيم عليه عقيدته وإيمانه.
[مداخل إعجاز القرآن: 151]
ولا أدري ما الذي ألجأ أخي مالكا إلى ذكر (تفسير القرآن) ومنهجه القديم في هذا الموضع ...؟ إنه إقحام لبابٍ من علوم الإسلام قائم برأسه، لا يمسه فرض مرجليوث من قريب أو بعيد، وعلم تفسير القرآن كما أسسه القدماء، لا يقوم على مقارنة الأساليب، اعتمادًا على شعر الجاهلية أو شعر غير الجاهلية، وإذا اقتضتنا الحاجة أن ندخل تعديلاً على منهج التفسير القديم، فإنه عندئذ تعديل لا علاقة له البتة بالشعر الجاهلي، لا من قبل الشك في صحته، ولا من قبل مقارنة الأساليب الجاهلية بأسلوب القرآن، وكل ما عند القدماء من ذكر الشعر الجاهلي في تفسيرهم، فهو أنهم يستدلون به على معنى حرف في القرآن، أو بيان خاصة من خصائص التعبير العربي، كالتقديم والتأخير والحذف وما إلى ذلك، وهذا أمر يصلح له شعر الجاهلية، كما يصلح له شعر الإسلام وغاية تفسير القرآن، كما ينبغي أن نعلم، إنما هي بيان معاني ألفاظه مفردة، وجمله مجتمعة، ودلالة هذه الألفاظ والجمل على المعاني، سواء في ذلك آيات الخبر والقصص، وآيات الأدب، وآيات الأحكام، وسائر ما اشتملت عليه معاني القرآن. وهو أمر عن (إعجاز القرآن) بمعزل. أما الأمر المرتبط بالشعر الجاهلي، أو بقضايا الشعر جميعًا، والمتصل بأساليب الجاهلية وغير الجاهلية،
[مداخل إعجاز القرآن: 152]
وأساليب العربية وغير العربية ومقارنتها بأسلوب القرآن، فهو علم (إعجاز القرآن) ثم (علم البلاغة).
ولا مناص لمتكلم في (إعجاز القرآن) من أن يتبين حقيقتين عظيمتين قبل النظر في هذه المسألة، وأن يفصل بينهما فصلاً ظاهرًا لا يلتبس، وأن يميز أوضح التمييز بين الوجوه التي تكون بينهما:
أولاهما: أن (إعجاز القرآن) كما يدل عليه لفظه وتاريخه، هو دليل النبي صلى الله عليه وسلم على صدق نبوته، وعلى أنه رسول من الله يوحى إليه هذا القرآن، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف (إعجاز القرآن) من الوجه الذي عرفه منه سائر من آمن به من قومه العرب، وأن التحدي الذي تضمنته آيات التحدي، من نحو قوله تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون} [هود: 13 – 14]، وقوله: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء: 88]، = إنما هو تحد بلفظ القرآن ونظمه وبيانه لا بشيء خارج عن ذلك. فما هو بتحد
[مداخل إعجاز القرآن: 153]
بالإخبار بالغيب المكنون، ولا بالغيب الذي يأتي تصديقه بعد دهر من تنزيله، ولا بعلم ما لا يدركه علم المخاطبين به من العرب ولا بشيء من المعاني مما لا يتصل بالنظم والبيان.
ثانيهما: أن إثبات دليل النبوة، وتصديق دليل الوحي، وأن القرآن تنزيل من عند الله، كما نزلت التوراة والإنجيل والزبور وغيرها من كتب الله سبحانه، لا يكون منها شيء يدل على أن القرآن معجز. ولا أظن أن قائلاً يستطيع أن يقول إن التوراة والإنجيل والزبور كتب معجزة، بالمعنى المعروف في شأن إعجاز القرآن، من أجل أنها كتب منزلة من عند الله. ومن البيت أن العرب قد طولبوا بأن يعرفوا دليل نبوة رسول الله. ودليل صدق الوحي الذي يأتيه، بمجرد سماع القرآن نفسه، لا بما يجادلهم به حتى يلزمهم الحجة في توحيد الله، أو تصديق نبوته ولا بمعجزة كمعجزات إخوانه من الأنبياء مما آمن على مثله البشر. وقد بين الله في غير آية من كتابه أن سماع القرآن، يقتضيهم إدراك مباينته لكلامهم، وإنه ليس من كلام بشر، بل هو كلام رب العالمين. وبهذا جاء الأمر في قوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} [التوبة: 6].
[مداخل إعجاز القرآن: 154]
فالقرآن المعجز هو البرهان القاطع على صحة النبوة، أما صحة النبوة فليست برهانًا على إعجاز القرآن. والخلط بين هاتين الحقيقتين، وإهمال الفصل بينهما في التطبيق والنظر، وفي دراسة (إعجاز القرآن)، قد أفضى إلى تخليط شديد في الدراسة قديمًا وحديثًا، بل أدى هذا الخلط إلى تأخر (علم إعجاز القرآن) و(علم البلاغة) عن الغاية التي كان ينبغي أن ينتهيا إليها
وحسنٌ أن أزيل الآن لبسًا قد يقع فيه الدارس لكتاب (الظاهرة القرآنية) ففي (مدخل الدراسة) وفي بعض فصول الكتاب ما يوهمه أن من مقاصده تثبيت قواعد في (علم إعجاز القرآن)، من الوجه الذي يسمى به القرآن معجزًا، وهو خطأ، فإن منهج مالك في تأليفه، دالٌ أوضح الدلالة على أنه إنما عُني بإثبات صحة دليل النبوة، وبصدق دليل الوحي، وأن القرآن تنزيل من عند الله، وأنه كلام الله لا كلام بشر. وليس هذا هو (إعجاز القرآن) كما أسلفت، بل هو أقرب إلى أن يكون بابًا من (علم التوحيد) استطاع مالك أن يبلغ فيه غايات بعيدة، قصر عنها أكثر من كتب من المحدثين وغير المحدثين فجزاه الله عن كتابه ونبيه أحسن الجزاء.
[مداخل إعجاز القرآن: 155]). [مداخل إعجاز القرآن: 151-155]
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.64 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]