عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-12-2023, 09:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح حديث: "احفظ الله يحفظك"



عاشرًا: الحفيظ اسم الله تعالى، وكذلك الحافظ:
والحفيظ نقيض النسيان والغفلة، وحفظ الشيء صيانته من التلف والضياع.

قال تعالى: ﴿ نَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [هود: 57].
وقال تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 21].

وأما "الحافظ" فقد ورد مرة واحدة في قوله تعالى: ﴿ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64]، وورد مرتين بصيغة الجمع في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقوله: ﴿ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾ [الأنبياء: 82].

ومن آثار الاسمين الكريمين حفظ الله تعالى لعباده بكل أنواع الحفظ والرعاية، حفظ عام لجميع الخلق من تيسير الرزق وجلب المنافع ودفع المضار وهذا عام لكل الخلق.

وحفظ خاص لأوليائه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38].

وقال تعالى: ﴿ لَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 36].

ومن معاني الحفظ كذلك حفظ الأعمال وإحصائها وكتابتها في الصحف قال تعالى: ﴿ أحصاه اللَّه ونسوه ﴾ [المجادلة: 6]، وقال: ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ﴾ [النبأ: 29]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ. كِرَامًا كَاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ (الانفطار: 10 -12)، وقال: ﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [الطارق: 4].

"احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ":
حادي عشر: قوله: "احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ"؛ أي تجده أمامك أو تجده معك، يؤيدك وينصرك ويدافع عنك، وهو سبحانه فوق السماء، فوق العرش، فوق جميع الخلق، ولكنه معنا بعلمه واطلاعه ورؤيته وتأييده لعباده ولما بعث الله موسى وهارون إلى فرعون قال لهما: ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه: 46]، فلا تخفى عليه خافية، وقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه وهما في الغار، كما في القرآن: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2-3]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

قصة الثلاثة الذين حُبِسوا في الغار فنجاهم الله:
أخرج البخاري (2272) بسنده عن عبد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لاَ أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلاَ مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ، أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لاَ يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ "، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ، كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي، فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: لاَ أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا "، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ وَالرَّقِيقِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَسْتَهْزِئُ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ".

النهي عن سؤال غير الله:
ثاني عشر: قوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ" والسؤال هو الدعاء بتحقيق مرغوب ومطلوب أو رفع مكروه، وفي الحديث بيان وجوب تحقيق التوحيد، فلا يُسأَل إلا الله، والتوجه بالدعاء لغير الله شرك بالله تعالى، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر: 13 -14].

وقال سبحانه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر: 60]، وقال: ﴿ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [الأعراف: 55]، وقال: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ [الفرقان: 77]، وقال تعالى: ﴿ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [الأعراف: 29].


وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد والترمذي وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يسأل الله يغضب عليه".
لا تسألن بُنيَّ آدم حاجةً
وسلِ الذي أبوابُه لا تحجَب
اللهُ يغضبُ إن تركتَ سؤالَه
وبُنَيُّ آدمَ حين يُسأل يغضَب


وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاء ليلقى البلاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة"؛ أخرجه الحاكم وحسنه الألباني.


وعن ثوبان مولى رسول الله أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر"؛ أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم وحسنه الألباني.


وقال صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا خائبتين"؛ رواه أبو داود والترمذي وحسنه.


بيان معنى الاستعانة:
ثالث عشر: قوله صلى الله عليه وسلم: "وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ" والاستعانة هي طلب العون، والسؤال هو طلب ما لا يقدر الداعي عليه، والاستعانة لا تكون إلا بالله، قال تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ؛ (رواه مسلم)، وعنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِي يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ: "يَا مُعَاذُ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ" فَقَالَ مُعَاذٌ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ، فَقَالَ: "أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ؛ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ) رواه أحمد).

وأما الاستعانة بالمخلوق الحي فيما يقدر عليه فلا بأس بها؛ قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2].

أما فيما لا يقدر عليه نحو طلب الشفاء أو الولد فلا يجوز لأن ذلك شرك، وكذا الاستعانة بالأموات أو بالجن أو بالمخلوقين الأحياء الغائبين فمن صور الشرك بالله قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ. إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر: 13 -14].

وجوب الإيمان بالقدر:
رابع عشر: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ".

وهذا أصل في الإيمان بالقدر الذي هومن أركان الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا بها، ففي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب في سؤال جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالقدر خيره وشره"، قال - (أي: جبريل عليه السلام) -: صدقت.

وقال تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر ﴾ [القمر: 49]، وقوله: ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الأحزاب: 38]، وقوله: ﴿ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ﴾ [الأنفال: 42]، وقال: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2]، وقال: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾ [الأعلى: 1 – 3].

وروى مسلم في صحيحه عن طاووس قال: "أدركت ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، أو الكيس والعجز".

وروى مسلم أيضًا عن أبي هريرة قال: "جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر، فنزلت: ﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 48، 49].

وأركان الإيمان بالقدر أربعة: وهي العلم والكتابة والمشيئة ثم الخلق:
الركن الأول: علم الله الشامل الكامل:
قال تعالى: ﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ﴾ [النجم: 32].

فعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن كيف كان يكون؛ سبحانه: ﴿ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [سبأ: 3].

وقوله تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].

وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال: "سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين، فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين".

الركن الثاني: الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء:
كما في "صحيح مسلم" عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة".

وفي حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة"[6].

وقال سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70]، وقال: ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 12].

ويدخل في الإيمان بكتابة المقادير خمسة من التقادير كلها ترجع إلى العلم، التقدير الأول: كتابة ذلك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، عندما خلق الله القلم وهو التقدير الأزلي.

الثاني: التقدير العمري، حين أخذ الميثاق يوم قال: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]

الثالث: التقدير العمري أيضا عند تخليق النطفة في الرحم، وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها".

الرابع: التقدير الحولي في ليلة القدر، قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 3-4].

الخامس: التقدير اليومي، وهو تنفيذ كل ذلك إلى مواضعه.

الركن الثالث: الإيمان بمشيئة الله تعالى:
قال تعالى: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 29]، وقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 111]، وقال: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ [الأنعام: 112]، وقال: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، وقال: ﴿ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: 39].

الركن الرابع: الإيمان بأن الله خالق كل شيء:
قال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]، ﴿ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾ [يس: 81]، ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ [الأنعام: 1]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 96].

قال الإمام أبو المظفر السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب - يعني القدر - التوقيف من الكتاب والسنة دون محض القياس ومجرد العقول، فمن عدل عن التوقيف فيه، ضل وتاه في بحار الحيرة، ولم يبلغ شفاء النفس، ولا يصل إلى ما يطمئن به القلب؛ لأن القدر سر من أسرار الله تعالى التي ضربت من دونها الأستار، اختص الله به وحجَبه عن عقول الخلق ومعارفهم؛ لِما علمه من الحكمة، وواجبنا أن نقف حيث حد لنا ولا نتجاوزه، وقد طوى الله تعالى علم القدر على العالم، فلم يعلمه نبي مرسل، ولا ملك مقرب، وقيل: إن سر القدر ينكشف لهم إذا دخلوا الجنة، ولا ينكشف قبل دخولها، والله أعلم؛ [شرح مسلم للنووي (16/ 196)].

قوله صلى الله عليه وسلم " رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ " أي كتبت المقادير منذ القدم، والفراغ منها ـ ليس الآن ـ ولكن منذ أمد بعيد، لأن الصحف إنما تجف ـ أو بالأحرى يجف المداد الذي كتبت به ـ إذا فرغ من الكتابة وارتفعت الأقلام عنها مدة.

وأخرج البخاري عن أبي هريرة أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ القَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَقٍ".

وفي رواية الأمام أحمد، قوله صلى الله عليه وسلم: " جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ".

النهي عن ترك العمل اتكالًا على ما سبق من القدر:
وقد ثبتت الأحاديث بالنهي عن ترك العمل اتكالًا على ما سبق من القدر، بل تجب الأعمال والتكاليف التي ورد بها الشرع، وكل ميسر لما خُلِق له.

وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه، قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: "ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كتبت شقيةً أو سعيدةً"، قال: فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال: "من كان من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة"، فقال: "اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فيُيسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فيُيسرون لعمل أهل الشقاوة"، ثم قرأ: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [الليل: 5 – 10].

وفي لفظ: "ما منكم من نفس إلا وقد عُلِم منزلُها من الجنة والنار"، قالوا: يا رسول الله، فلِمَ نعمل؟ أفلا نتَّكل؟ قال: "لا، اعملوا، فكل ميسر لما خُلِق له"، ثم قرأ: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [الليل: 5 – 10].

وعن جابر رضي الله عنه، قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم قال: يا رسول الله، بيِّن لنا ديننا كأنا خُلقنا الآن، فيمَ العمل اليوم؟ أفيمَا جفَّت به الأقلام، وجرت به المقادير، أم فيمَ نستقبل؟ قال: "لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير"، قال: ففيم العمل؟ فقال: "اعملوا فكل ميسر"؛ رواه مسلم.

هل يتغير القدر؟
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (14/490) سؤالا طويلا وفيه: قَوْله تَعَالَى: ﴿ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ هَلْ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ فِي الصَّحِيحِ "أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدُهُ عَلَى عَرْشِهِ" الْحَدِيثَ. وَقَدْ جَاءَ: "جَفَّ الْقَلَمُ" فَمًا مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْمَحْوِ وَالْإِثْبَاتِ؟

فكان مما أجاب به رحمه الله:
وَالْجَوَابُ الْمُحَقَّقُ: أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لِلْعَبْدِ أَجَلًا فِي صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ فَإِذَا وَصَلَ رَحِمَهُ زَادَ فِي ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ. وَإِنْ عَمِلَ مَا يُوجِبُ النَّقْصَ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ. وَنَظِيرُ هَذَا مَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّ آدَمَ لَمَّا طَلَبَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يُرِيَهُ صُورَةَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَأَرَاهُ إيَّاهُمْ فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ بَصِيصٌ فَقَالَ مَنْ هَذَا يَا رَبِّ؟ فَقَالَ ابْنُك دَاوُد. قَالَ: فَكَمْ عُمُرُهُ؟ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً. قَالَ: وَكَمْ عُمْرِي؟ قَالَ: أَلْفُ سَنَةٍ. قَالَ فَقَدْ وَهَبْت لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّينَ سَنَةً. فَكُتِبَ عَلَيْهِ كِتَابٌ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِي سِتُّونَ سَنَةً. قَالُوا: وَهَبْتهَا لِابْنِك دَاوُد. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَأَخْرَجُوا الْكِتَابَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَسِيَ آدَم فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَجَحَدَ آدَم فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ".

وَرُوِيَ أَنَّهُ كَمَّلَ لِآدَمَ عُمُرَهُ ولدَاوُد عُمُرَهُ. فَهَذَا دَاوُد كَانَ عُمُرُهُ الْمَكْتُوبُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ جَعَلَهُ سِتِّينَ؛ وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: "اللَّهُمَّ إنْ كُنْت كَتَبَتْنِي شَقِيًّا فَامْحُنِي وَاكْتُبْنِي سَعِيدًا فَإِنَّك تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ". وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ؛ فَهُوَ يَعْلَمُ مَا كَتَبَهُ لَهُ وَمَا يَزِيدُهُ إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْمَلَائِكَةُ لَا عِلْمَ لَهُمْ إلَّا مَا عَلَّمَهُمْ اللَّهُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ كَوْنِهَا وَبَعْدَ كَوْنِهَا؛ فَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّ الْمَحْوَ وَالْإِثْبَاتَ فِي صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ وَأَمَّا عِلْمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَلَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَبْدُو لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ فَلَا مَحْوَ فِيهِ وَلَا إثْبَاتَ؛ انتهى.

هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
والله وحده من وراء القصد


[1] أخرجه الحاكم في المستدرك (7128) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي(1017) وابن ماجة (4178) وإسناده ضعيف.

[2] اخرجه البخاري (5999) ومسلم (2754).

[3] أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1200) وأبو داود (5074) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

[4] انظر: جامع العلوم والحِكم (1/ 467).

[5] أخرجه البخاري (4106).

[6] أخرجه أبو داود (4700)، والترمذي (3319)، وأحمد (22705(، وصحَّحه الألباني.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.62%)]