عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 06-11-2023, 04:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التحذير من النفاق

يتعلمون العلم الشرعي للدنيا:

ومنهم من يتعلم العلم الشرعي للدنيا. وقد توعد الله تعالى من يفعل ذلك بالنار. قال صلى الله عليه وسلم: (لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء أو تماروا به السفهاء، ولا لتحبروا به المجلس؛ فمن فعل ذلك فالنار النار) [99].
وقال: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)[100].
يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف:

وقد وصفهم الله تعالى بأنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف. قال تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[101].
خطر النفاق وعواقبه

دخول الدرك الأسفل من النار:

لقد توعد الله المنافقين بدخول النار وكرر هذا الوعيد في مواضع عدة من القرآن. بل قال انهم سيدخلون الدرك الأسفل من النار وأنهم سيخلدون فيها والعياذ بالله. قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)[102]. وقال: (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[103].
الختم على القلب:

من مخاطر النفاق الختم على القلب. ولذا على المسلم أن يتعهد قلبه من النفاق ويحرص على تزكيته بالتوبة والإسغفار والصلاة، حتى لا يختم عليه. قال تعالى: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[104].
نسيان الله:

من عقوبات النفاق هو نسيان الله. قال تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[105]. والمعنى “نسوا الله فلا يذكرونه، فنسيهم من رحمته، فلم يوفقهم إلى خير”[106].
اتباع الدجال:

يُخشى على المنافقين من متابعة المسيح الدجال. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (يَجِيءُ الدَّجَّالُ، حتَّى يَنْزِلَ في ناحِيَةِ المَدِينَةِ، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلاثَ رَجَفاتٍ، فَيَخْرُجُ إلَيْهِ كُلُّ كافِرٍ ومُنافِقٍ)[107]. وربما وذلك لضعف إيمانهم وحرصهم على الدنيا وزينتها.
عدم الثبات عند السؤال في القبر:

من خطر النفاق أنه قد يؤدي إلى سوء الخاتمة. وذلك لأن الله عليم بما في القلوب. وعلى سرائر الناس يختم لهم عند الموت. قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)[108].
وقال صلى الله عليه وسلم: (العبد إذا وضع في قبره، وتولي وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان، فأقعداه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فيراهما جميعا، وأما الكافر – أو المنافق – فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين)[109].
الصد عن سبيل الله وعن الدعوة إلى الله:

يصد المنافقين عن سبيل الله والدعوة إلى الله. قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)[110].
عدم قبول التوبة:

من خطر النفاق أنه قد يؤدي إلى عدم قبول التوبة. قال تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)[111].
وقال: (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ)[112].
وروى عبد الله بن عمر: (ما توفي عبد الله بن أبي، جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه، واستغفر له. فأعطاه قميصه، وقال: إذا فرغت منه فآذنا فلما فرغ آذنه به، فجاء ليصلي عليه، فجذبه عمر فقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين، فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم}[113] فنزلت: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره}[114] فترك الصلاة عليهم)[115].
الهزيمة والخزي والخذلان في الدنيا:

وخلاف عذاب النار في الآخرة، لقد توعدهم الله بالخذلان في الدنيا أيضاً. قال تعالى: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)[116].
ذهاب النور يوم القيامة:

يذهب النور من المنافقين يوم القيامة. قال تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)[117].
تحكم الكفار في المنافقين والإستهتار بهم:

كثيرا ما تجد المنافقين محل سخرية الكفار. وقد حدث هذا بالفعل في أكثر من واقعة. ونتجنب ذكر الأسماء والأماكن، ولكن الأحداث صورت وعرضت في قنوات التواصل الاجتماعي من ذلك ما يمكن البحث عنه.
افتضاحهم أمام الله وأمام الناس:

والله تعالى يفضح المنافق أمامه وأمام الناس. وكثيرا ما تجد من يتملق الناس ويحاول إرضاءهم بكل الطرق حتى وإن تراخى في الفتوى وغيره، ولكن مع ذلك لا يجد قبول من الناس … بل يقابل بالنفور والصد والإعراض. وكأن الله تعالى يلقنه درساً في قدرته. وذلك بفضحه وفضح نواياه بين الخلائق. قال تعالى: (أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ)[118]. قال تعالى: (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)[119].
عدم قبول الأعمال الصالحة والصدقات:

سيجد المنافقين أعمالهم الصالحة كسراب يوم القيامة لا أجر له ولا فائدة. قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ). وقال: (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ)[120].
بغض المسلمين لهم:

من عواقب النفاق مقت المسلمين للمنافقين وعزلهم وابعادهم. فيفقدون الصحبة الصالحة ويشعرون بجفاء من حولهم من المؤمنين وبغضهم لهم. وذلك لما يكشفه الله للمؤمن الخالص أحيانا من أحوال الناس بفراسة المؤمن. قال صلى الله عليه وسلم: (اتَّقوا فِراسةَ المؤمنِ فإنَّه ينظرُ بنورِ اللهِ)[121].
وقال تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)[122]. أي “بل أظنَّ المنافقون أن الله لن يُخْرِج ما في قلوبهم من الحسد والحقد للإسلام وأهله؟ بلى فإن الله يميز الصادق من الكاذب. ولو نشاء -أيها النبي- لأريناك أشخاصهم، فلعرفتهم بعلامات ظاهرة فيهم، ولتعرفنَّهم فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم. والله تعالى لا تخفى عليه أعمال مَن أطاعه ولا أعمال من عصاه، وسيجازي كلا بما يستحق”[123].
تحريم الصلاة عليهم:‏ ‏

لقد نهى الله تعالى نبيه الكريم من الصلاة على ابن أبي سلول المنافق. فعن ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏رضي الله عنهم ‏ ‏أنه قال ‏ (‏لما مات ‏ ‏عبد الله بن أبي ابن سلول ‏ ‏دعي له رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ليصلي عليه فلما قام رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وثبت إليه فقلت يا رسول الله ‏ ‏أتصلي على ‏ ‏ابن أبي ‏ ‏وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وقال أخر عني يا ‏ ‏عمر ‏ ‏فلما أكثرت عليه قال ‏ ‏إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من ‏ ‏براءة ‏ ‏ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ‏ ‏إلى قوله ‏ ‏وهم فاسقون ‏ ‏قال فعجبت بعد من ‏ ‏جرأتي ‏ ‏على رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يومئذ والله ورسوله أعلم‏).
قال ابن باز – رحمه الله- عندما سئل عن الصلاة على المنافق: “لا يصلى عليه؛ لقوله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا)[124] إذا كان نفاقه ظاهرًا، أما إذا كان ذلك مجرد تهمة فإنه يصلى عليه؛ لأن الأصل وجوب الصلاة على الميت المسلم فلا يترك الواجب بالشك”[125].
الطرد والنبذ من المسلمين:

كثيرا ما يقع النبذ والطرد من المسلمين للمنافقين. وقال تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)[126]. أي “لئن لم يكفَّ الذين يضمرون الكفر ويظهرون الإيمان والذين في قلوبهم شك وريبة، والذين ينشرون الأخبار الكاذبة في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عن قبائحهم وشرورهم، لنسلِّطنَّك عليهم، ثم لا يسكنون معك فيها إلا زمنًا قليلا. مطرودين من رحمة الله، في أي مكان وُجِدوا فيه أُسِروا وقُتِّلوا تقتيلا ما داموا مقيمين على النفاق ونشر الأخبار الكاذبة بين المسلمين بغرض الفتنة والفساد”[127].
وكثيرا ما يفضح الله تعالى المنافقين ويكشفهم أمام الناس. وذلك لأنهم كثيرا ما يحاولون إرضاء الناس بسخط الله. فيفضحهم الله وينشر مقتهم بين المسلمين. قال صلى الله عليه وسلم: (من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس)[128].
النفاق من منظور القرآن الكريم

  • النفاق العقدي كفر وصاحبه مخلد في النار وهو ينافي مقصد إصلاح المعتقد.
  • النفاق يجعل الإنسان يظهر غير ما يبطن وهذا نوع من الكذب والمداهنة ويتنافى مع مقصد تهذيب الأخلاق.
  • النفاق يتعارض مع أخذ العبرة من قصص القرآن وعواقب المنافقين.
  • المنافقين يوالون الكفار ويداهنون الناس على حساب رضى الله وأمن الدولة المسلمة ويتنافى مع مقصد سياسة الأمة.
هل للمنافق توبة؟

نعم للمنافق توبة. فمن فضل الله ورحمته أن ترك باب التوبة مفتوح للجميع قبل الموت. الكافر والمنافق والمشرك والعاصي ومرتكب الكبائر وغيرهم. كلهم يمكن أن يتوبوا ويقبل الله توبتهم. فالحمد لله على هذه النعمة. قال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)[129]. وقال: (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)[130]. فمن أصابه نفاق فليهرع إلى الله ويستعين به. ويستغفر ويتوب ويعمل على قلبه ليذهب عنه النفاق. فالله يقبل توبته إن أخلص فيها بإذنه تعالى. قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[131].
كيفية معالجة النفاق

قراءة القرآن الكريم:

تدبر آيات التخويف لا سيما قصار السور والمفصل وما جاء عن ذكر الجنة والنار والدار الآخرة. وما توعد الله به المنافقين. كل ذلك يوقظ القلب ويجعل المنافق يتوب ويرجع بإذن الله. قال تعالى: (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)[132].
تعلم الدين:

تعلم العلم الشرعي والدين يحمي صاحبه من الوقوع في النفاق؛ وكلما استزاد المرء علما كلما إزداد إيمانه ومعرفته بالله وبصفاته وتصديقه بوعده ووعيده وجنته وناره. وهذا يجعل المرء يتخذ أمر الآخرة بجد ويسعى لمرضاة الله وتجنب سخطه. فيطهر ذلك قلبه من الأمراض القلبية ومن النفاق ويصلح إيمانه وعمله وإعلانه وسريرته فيذهب عنه النفاق ويخلص لله وينضم لصفوف المؤمنين طوعاً. ولذا كان طلب العلم الشرعي امر من الله ورسوله. وهو مجلبة لحفظ المؤمن وحمايته من النفاق والزيغ وفساد العقيدة والقلب. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ)[133].
وكذا العلم فيه رفعة للمسلم في الدنيا والآخرة. فالعلماء يبجلهم الناس ويحترمونهم ويعتدون بكلمتهم. وعلماء الإسلام خاصة لهم مكانتهم التي ليس فوقها مكانة بعد الأنبياء والرسل. قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[134].
وقال: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)[135].
فهم ليسوا سواء بجهال الناس، بل شتان ما بين هؤلاء وهؤلاء. ولذا سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بورثة الأنبياء وذكر أجورهم الكبيرة في الآخرة وأن العالم أفضل من العابد بكثير. قال صلى الله عليه وسلم: (من سلَكَ طريقًا يطلبُ فيهِ علمًا سلَك اللَّهُ بِه طريقًا من طرقِ الجنَّةِ وإنَّ الملائِكةَ لتضعُ أجنحتَها رِضًى لطالبِ العلمِ وإنَّ العالِمَ ليستغفرُ لَه مَن في السَّماواتِ ومن في الأرضِ والحيتانُ في جوفِ الماءِ وإنَّ فضلَ العالِمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ وإنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا)[136].
الدعاء والإستعانة بالله عز وجل:

الدعاء مخ العبادة، وهو تقوية للصلة بين العبد وربه. وفيه تطهير للقلب من النفاق. وكان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائِه: (اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من العجزِ والكسلِ والجُبْنِ والبخلِ والهِرَمِ والقسوةِ والغفلةِ والعِيَلةِ والذِّلَّةِ والمسكنةِ وأعوذُ بكَ من الفقرِ والكفرِ والفسوقِ والشِّقاقِ والنِّفاقِ والسُّمعةِ والرياءِ أعوذُ بكَ من الصَّممِ والبُكمِ والجُنونِ والجُذامِ والبَرَصِ وسيءِ الأسقامِ)[137].
وكذلك الإستعانة بالله تعالى وسؤاله الإخلاص والتوحيد. ومن استعان بالله إعانه وكفاه. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم – وهو نبي الله وأفضل الأمة – يسأل الله الهداية. فقد روى عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فقال: (الحمد لله نستعينه ونستهديه ونستنصره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله [من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى حتى يفيء إلى أمر الله)[138].
تقوية التوحيد وتعلم أسماء الله وصفاته الحسنى:

تعلم أسماء الله وصفاته وتعلم معانيها وتدبرها مما يقوي إيمان المرء ويصلح قلبه. قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)[139].
وكذلك بتعلم توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية. ثم الإكثار من الأعمال الصالحة وأعمال القلوب وتطهيرها.
المداومة على الصلاة والخشوع فيها:

الصلاة مناجاة بين العبد وربه، وهي وسيلة لتقوية الإيمان وإصلاح القلب. قال تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[140].
ويكفي أنها أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة. وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر. وهي وقت مناجاة العبد لربه. فإن صلحت صلح عمل العبد وإن فسدت فسد. قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[141].
وقال: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)[142].
جهاد النفس وكثرة الطاعات:

جهاد النفس بالطاعات وإجتناب النواهي طريق لإصلاح القلب. قال تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)[143].
وجاء في الحديث القدسي إن الله تعالى قال: (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليِّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت، وأنا أكره مساءته)[144].
التأمل في آيات الله:

من سبل تقوية الإيمان ومعالجة النفاق التأمل في خلق الله وفي آياته الكونية. وتحسس قدرته ومشيئته النافذة في الخلق. فذلك يوقظ قلب المرء ويقوي صلته بالله عز وجل. قال تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)[145].
وقال: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)[146]. وقد دعانا الله تعالى إلى هذا التأمل، حتى يزداد إيماننا بالله وبقدرته، وزيادة تقوى الله ومعرفة قدرته.
الاطلاع على كتب الرقاق وأحاديث الآخرة:

الإطلاع على أحاديث الموت والدار الآخرة والجنة والنار يرقق القلوب ويخرجها من النفاق. فإن أشد ما يزيل النفاق ويوقظ القلب من غفلته أحاديث الدار الآخرة وما جاء فيها من تخويف وترغيب. وقد جاءت آيات كثيرة في هذه الشأن تتحدث عن الآخرة والبعث والحساب والجزاء والجنة والنار. منها قوله تعالى: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)[147].
وقوله: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا)[148].
والحديث عن الآخرة يزيد إيمان المرء ويذهب عنه النفاق ويجعله يجد في أمر الآخرة.
مصاحبة الصالحين والأخيار:

الصحبة الصالحة وتخير أصدقاء طيبين جادين في أمر دينهم يساعد على صلاح قلب المرء ويعينه على الأعمال الصالحة. قال صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدَّادِ؛ لا يَعْدَمُكَ مِن صاحِبِ المِسْكِ إمَّا تَشْتَرِيهِ أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أوْ ثَوْبَكَ، أوْ تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَةً)[149].
الإطلاع والتأمل في قصص الأمم السابقة:

الإطلاع على قصص الأمم السابقة وما حل بهم فيه عظة وعبرة للناس. قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)[150]. ولقد توعد الله من كذب بالرسل منهم بالعذاب. قال: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)[151]. فتأمل هذه القصص يزيد من إيمان المرء.
تغيير المكان والانتقال إلى بيئة تساعد وتشجع على التوبة:

تغير البيئة والإنتقال إلى مكان يساعده على التوبة. ودليل ذلك ما قال صلى الله عليه وسلم: (كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا، ثم خرج يسأل، فأتى راهبا فسأله فقال له: هل من توبة؟ قال: لا، فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل: ائت قرية كذا وكذا، فأدركه الموت، فناء بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجد إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له)[152].
الخلوة بالله ومناجاته

لطالما كانت الخلوة بالله أنس الصالحين والعُبَّاد وفسحة المشتاقين والعارفين بالله. ولطالما كان أواخر الليل موعد المحبين لمناجاة حبيبهم والتمتع بالحديث إليه ودعائه واستحضار وجوده. وطريق لمعرفة الله وخشيته ومحبته. ولا شك أن تقوية الصلة بالله هي أقوى علاج لكل أنواع النفاق. وروى جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ينزل الله في كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ حتى يطلع الفجر)[153].
ولكم يرى الإنسان من بركات هذه الخلوات في إيمانه وفي علاقته بربه ما يرى. وفيها يرى المناجين انفساح الطرق وسهولة الإنطلاق في سبل السالكين إلى طريق المعرفة بالله وجنة محبته. وقيل عن الخلوة بالله: “بها تأنس الأرواح وتزول الهموم وتنزاح، ومعها تطمئن القلوب وترتاح، وفيها تُضَمَّدُ الجراح”[154].
ترك الانجراف وراء الإعلام وحب الشهرة والظهور:

حب الشهرة من أكثر ما يجر المرء إلى براثن الرياء والنفاق. ولذا كان تركه أفضل للإنسان. قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)[155]. قال صلى الله عليه وسلم: (من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به)[156].
مراقبة الله عز وجل واستحضار معيته:

مراقبة الله عز وجل كفيلة بأن ترفع الإنسان إلى أعلى مراتب الإيمان والإحسان. قال صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)[157]. وقال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[158]. فتذكر المرء أن الله يراه ويسمعه تجعله يخجل من معصيته ويرتاح لمعيته ويتهيأ لطاعته.
عدم طاعة الكافرين والمنافقين والبعد عنهم:

عدم طاعة الكفار والبعد عن مداهنتهم وتملقهم وكذا البعد عن بيئتهم. ولقد نهانا الله تعالى من موالاة الكفار واتخاذهم أولياء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[159].
بل وحتى نهى عن موالاة الأقارب بالدم إذا اختاروا الكفر على الإيمان. فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ)[160].
وقال: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[161].
فبعد كل هذا التحذير والوعيد، ما بال المسلمون اليوم يتجاهلون هذه التعاليم الربانية ويقدمون إرضاء الكفرة على رضاء الله في مشارق الأرض ومغاربها.
التوبة والاستغفار:

والإكثار من التوبة والاستغفار. فكثيراً ما يشوب قلب المؤمن غبار من النفاق وحب الدنيا. لذا عليه بالتوبة والاستغفار. فالمداومة عليهما كفيلان بتطهير القلب وتصفيته لله حتى وإن أسرف المرء وفعل ما فعل من الذنوب. قال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا)[162].
وصية أخيرة

أوصي نفسي وإياكم بإخلاص النية لله، وتعهد الإيمان وإستقراره في القلب. وكذلك التوبة والإستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة. والدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء. فهو حبل النجاة. ومن استعان بالله أعانه، ومن طلب منه الهداية هداه، ومن توكل عليه فهو حسبه، إن الله بالغ أمره. وما الدنيا إلا أيام وتعدي بسرعة البرق. والفائز من أخلص فيها، وعمل وسعى، وجد واجتهد، وصدَّق بوعد الله ووعيده، وتاب قبل الموت توبة نصوحة، ومات على ملة الإسلام غير مشرك بالله. نسأل الله الإخلاص والقبول وحسن الخاتمة لنا جميعاً، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.56%)]