عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 04-11-2023, 07:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدروس المستفادة من معاهدات النبي صلى الله عليه وسلم

الدروس المستفادة من معاهدات النبي صلى الله عليه وسلم





أبو حاتم عبد الرحمن الطوخي


المبحث الثاني: دليل مشروعية عقد المعاهدة


تُعد المعاهدة طریقا لتنظیم الشؤون المشتركة وتعبیر عن المصالح المتبادلة ووسیلة لحل المشكلات القائمة بین المجتمعات وكانت ولا تزال الأداة الطبیعیة للعلاقات السیاسیة الخارجیة، والإسلام أقام صرح المعاهدات علیا لتحقیق مقاصد السلام والأمن بین الشعوب والمجتمعات. والنصوص الشرعية الدالة على مبدأ مشروعية المعاهدات مع الأعداء في السلم والحرب، أكثر من أن تحصى، من تلك النصوص قوله تعالى: {﴿‌بَرَاءَة مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلمُشرِكِين﴾} ([1])
وقوله تعالى {: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ‌يَصِلُونَ إِلَىٰ قَومِ بَينَكُم وَبَينَهُم مِّيثَٰقٌ أَو جَاءُوكُم حَصِرَت صُدُورُهُم أَن يُقَٰتِلُوكُم أَو يُقَٰتِلُواْ قَومَهُم وَلَو شَاءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُم عَلَيكُم فَلَقَٰتَلُوكُم فَإِنِ ٱعتَزَلُوكُم فَلَم يُقَٰتِلُوكُم وَأَلقَواْ إِلَيكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُم عَلَيهِم سَبِيلا﴾} ([2])
وقوله تعالى: { ﴿كَيفَ ‌يَكُونُ لِلمُشرِكِينَ عَهدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِۦٓ إِلَّا ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم عِندَ ٱلمَسجِدِ ٱلحَرَامِ فَمَا ٱستَقَٰمُواْ لَكُم فَٱستَقِيمُواْ لَهُم إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلمُتَّقِينَ﴾} ([3])
وقوله جل وعلا: {﴿وَإِنِ ‌ٱستَنصَرُوكُم فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيكُمُ ٱلنَّصرُ إِلَّا عَلَىٰ قَومِ بَينَكُم وَبَينَهُم مِّيثَٰق وَٱللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِير﴾} ([4])
وقوله جل جلاله: { ﴿وَإِن ‌جَنَحُواْ لِلسَّلمِ فَٱجنَح لَهَا وَتَوَكَّل عَلَى ٱللَّه إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلعَلِيمُ﴾} ([5])
وقوله تعالى: {﴿‌بَرَاءَة مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلمُشرِكِينَ فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرضِ أَربَعَةَ أَشهُر وَٱعلَمُواْ أَنَّكُم غَيرُ مُعجِزِي ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخزِي ٱلكَٰفِرِينَ﴾} ([6])
ویجوز للإمام أن یعقد المعاهدات بین الدول بشرط أن تكون فیها مصلحة للمسلمین بأن یكون في المسلمین ضعف وتدعو الحاجة إلى الهدنة، قال تعالى: {﴿فَلَا ‌تَهِنُواْ وَتَدعُواْ إِلَى ٱلسَّلمِ وَأَنتُمُ ٱلأَعلَونَ وَٱللَّهُ مَعَكُم وَلَن يَتِرَكُم أَعمَٰلَكُم﴾} ([7]) كل ذلك يدل على قدسية المعاهدات وضرورة الوفاء.
وجاءت السنة النبوية القولية والفعلية مؤكدة هذه المعاني، ففي الصلح المؤقت روى أبو داود في سننه عن رجل من جهينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلكم تقاتلون قوما، فتظهرون عليهم،فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم، وأبنائهم،فيصالحونكم على صلح، فلا تصيبوا منهم شيئا فوق ذلك فإنه لا يصلح لكم»([8]).
وروى البخاري في الصحيح عن المسور بن مخرمة([9]) ومروان بن الحكم([10]) - في قصة الحديبية ـــ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده، لا يسألوني خطة ‌يعظمون ‌فيها ‌حرمات ‌الله ‌إلا ‌أعطيتهم ‌إياها)([11])
وقوله عليه الصلاة والسلاملا يسألوني) أي أهل مكة، والمعنى لا يطلبونني (خطة): أي خصلة (يعظمون بها حرمات الله): أي من ترك القتال في الحرم والجنوح إلى المسالمة والكف عن إرادة سفك الدماء (إلا أعطيتهم إياها): أي أجبتهم إليها([12])
وروى أبو داود في سننه والبيهقي في السنن الكبير([13])عن أبي صخر المديني، أن صفوان بن سليم، أخبره عن عدة، من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن آبائهم دنية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، ‌فأنا ‌حجيجه ‌يوم ‌القيامة»
ومن المعقول: (فإن المسلمین قد یحتاجون إلى عقد الهدنة مع المشركین فترة من الزمن یستعدون فیها لجهادهم مما یجعل من الهدنة أو الموادعة جهادا من جهة المعنى ولهذا فقد نص جمهور الفقهاء على جواز الهدنة مع الحربیین إلا ابن حزم الظاهري فإنه لم یجز من عقود الأمان مع الحربیین إلا عقد الجزیة والإذن للحربي في دخول دار الإسلام بقصد سماع كلام الله أو إبلاغ رسالة أما ما سوى ذلك فلا یجوز لأنه یؤدي إلى تعطیل الجهاد) ([14]).
---------------------------------------------------


([1]) [التوبة: 1]

([2]) [النساء: 90]

([3]) [التوبة: 7]

([4]) [الأنفال: 72]

([5]) [الأنفال: 61]

([6]) [التوبة: 1-2]

([7]) [محمد: 35]

([8]) رواه أبو داود ،كتاب الخراج والفيء ، باب تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات (3/170) حديث (3051) وقال المنذري في (مختصره) (4/ 255) في إسناده رجل مجهول ، وقال الأرناؤوط في تحقيق سنن أبي داود (4/657) وهذا إسناد قد اختلف فيه، فرواه أبو عوانة - وهو الوضاح ابن عبد الله اليشكري - عند المصنف هنا، وعند سعيد بن منصور في "سننه" (2603)، والبيهقي 9/ 204، وزائدة بن قدامة عند البيهقي 9/ 204، كلاهما عن منصور - وهو ابن المعتمر -، عن هلال - وهو ابن يساف، عن رجل من ثقيف، عن رجل من جهينة، وخالفهما سفيان الثوري عند عبد الرزاق (10105) و(19272) فرواه عن منصور، عن هلال، عن رجل من جهينة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، دون ذكر الرجل الثقفي، وقوله أشبه بالصواب، لأنه أثبت من أبي عوانة وزائدة في منصور، وبذلك يصح إسناد الحديث، لأن إبهام الصحابي لا يضر

([9]) هو:المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري، أبو عبد الرحمن ، من فضلاء الصحابة وفقهائهم. له ولأبيه صحبة ،وأمه عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف .أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم وهو صغير وسمع منه. وكان مع خاله عبد الرحمن بن عوف، ليالي الشورى، وحفظ عنه أشياء. شهد فتح "إفريقية" مع عبد الله بن سعد. وهو الّذي حرض عثمان على غزوها، ثم كان مع ابن الزبير، فأصابه حجر من حجارة المنجنيق في حصار مكة الأول في خلافه يزيد بن معاوية سنة (64ه) "سير أعلام النبلاء" (3/ 390) الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 93) الأعلام للزركلي (7/ 225)

([10]) هو: ‌مروان ‌بن ‌الحكم بن العاص، بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي أبو عبد الملك الأموي الفقيه، من خلفاء بني أمية، دامت خلافته نصف سنة. ولد بعد الهجرة بسنتين، وقيل: بأربع، ولا يثبت له صحبة، وكان واليا في أيام معاوية ، ولي الخلافة في آخر سنة 64هـ، وهو أول من ملك من بني الحكم، وإليه ينسب(بنو مروان) ودولتهم (المروانية)، مات سنة 65هـ. الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 203 - 204)، أسد الغابة(4/ 368-370) الأعلام 7/207

([11]) رواه البخاري ، كتاب الشروط ، باب الشروط في الجهاد(3/193) حديث رقم (2731 و2732)

([12]) «فتح الباري لابن حجر» (5/ 336) «معالم السنن» (2/ 328)

([13]) رواه أبو داود ،كتاب الخراج والفيء ، باب تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات(3/170)حديث رقم (3052) والبيهقي ، كتاب الجزية ، باب لا يأخذ المسلمون من ثمار أهل الذمة ولا أموالهم شيئا بغير أمرهم إذا أعطوا ما عليهم، وما ورد من التشديد في ظلمهم وقتلهم(9/344) حديث رقم (18731) وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (1044): سنده لا بأس به، ولا يضر جهالة من لم يسم من أنباء الصحابة، فإنهم عدد ينجبر به جهالتهم، وحسن إسناده كذلك العجلوني في "كشف الخفاء" رقم (2529)، وذكره البغوي في الأحاديث الحسان من "مصابيح السنة" رقم (3088).

([14]) بدائع الصنائع (7/106) ، المهذب للشيرازي (2/332) المحلى لابن حزم (70307).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 30-05-2024 الساعة 11:42 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.58 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]