الموضوع: وقفات فقهية
عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 13-10-2023, 09:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,757
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات فقهية

وقفات فقهية (14)

التعريف بالدروس المهمة لنشر فقه العبادة بين أفراد الأمة (1)



يقول الله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} (التوبة: 71)، فمن أعظم المعروف تعليم الجاهلِ الحقَّ كي يعمل به لحماية نفسه من الهلاك، ومن أشر المنكرات إبقاؤه على جهله وتعرضه للهلاك، فلابد من تعليم كل من يمكن تعليمه الحد الأدنى من العلم في دينه، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: «إن العالم والمتعلم في الأجر سواء.. لا خير في سائر الناس، مالي أراكم تحرصون على ما كُفِل لكم به وتتباطؤون عما أمرتم به؟!» ا هـ.وقد اهتم بذلك كثير من العلماء رحمهم الله وجعلوه على هيئة دروس(1) إيضاحها كما يلي:
- الدرس الأول: تعليم سورة الفاتحة وما أمكن من القرآن من سورة الزلزلة إلى سورة الناس، تلقينا وتصحيحا للقراءة، وتحفيظا وشرح ما يجب فهمه، والأربعين النووية من الحديث أو ما تيسر منها أو مثلها حفظا وفهما.
- الدرس الثاني: تعليم أركان الإسلام الخمسة، وأركان الإيمان الستة والإحسان وركنه.
- الدرس الثالث: أركان التوحيد: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
- الدرس الرابع: أقسام الشرك: الشرك الأكبر، والشرك الأصغر، والشرك الخفي والتحذير منه.
- الدرس الخامس: ضرورة الالتزام بتقوى الله، فهي وصية الله لعباده:
{ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} (النساء: 131).
وهي الشرف بمعية الله بالتأييد والنصرة: {واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين} (البقرة: 194)، والتقوى وسيلة للقبول: {إنما يتقبل الله من المتقين} (المائدة: 27)، وهي المخرج من كل ضيق والمجلبة للرزق والوعد باليسر: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب...}، {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} (الطلاق: 2 - 4)، {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} (البقرة: 197).
- الدرس السادس: التحذير من كبائر المعاصي، يقول الله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا} (الفرقان: 68 - 69)، ويقول الله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} (النساء: 31).
وفي الصحيحين قال رسول الله [: «اجتنبوا السبع الموبقات». قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: «الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»(2) اهـ. ومنها: عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وشهادة الزور، وإيذاء الجار، وظلم الناس في الدماء والأموال والأعراض، والمسكرات، والقمار (الميسر) والغيبة والنميمة، والنياحة، والتشبه بالجنس الآخر أو بغير المؤمنين، وإسبال الثياب للرجال وكل ما نهى الله عنه ورسوله.
- الدرس السابع: النية الصالحة فلا؛ قبول لعمل إلا بنية خالصة للتعبد لقوله [: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى...» الحديث. ومحلها القلب بالقصد والإرادة، ويجهر بالحج والعمرة لجهره [ بهما، مع العلم بشروط العبادة.
ومنه الإخلاص في العمل في حق الله ثم في حق الآخرين لوجه الله لا لانتظار المعاملة بالمثل أو استعجال الأجر؛ اتباعا لقول الله تعالى: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا} (الإنسان: 9 - 10)، ليتم وعد الله {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا} (الإنسان: 11).
فكل عمل يجب أن يكون خالصا لله، فإن حصل الجزاء والشكر دون الطلب والانتظار، فهو فضل من الله وبشرى للمؤمن، ومن يعمل للجزاء من غير الله؛ فسوف يقطع البر إذا لم يتم له الجزاء والشكر. والله اعلم.
- الدرس الثامن: في الطهارة للعبادة: بدءا بالغسل: وهو عند الدخول في الإسلام لحديث قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي[ أن يغتسل بماء وسدر(3) وكذا من الجنابة، يقول الله تعالى: {ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا}، ومن الحيض: {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} (البقرة: 222)، وفي المسند لأحمد وغيره «كان[ يغتسل يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم الفطر، ويوم النحر...» الحديث. ويبدأ الغسل بالوضوء، ثم يعمم الجسم بالماء.
ومنه الوضوء وشروطه: وهي عشرة: الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية وعدم قطعها حتى تتم الطهارة، وانقطاع موجب الوضوء، والاستنجاء أو الاستجمار بطاهر، وطهورة الماء وإباحته وإزالة ما يمنع من وصوله إلى البشرة، ودخول وقت الصلاة في حق من حدثه دائم.
ومنه فروض الوضوء: وهي ستة: غسل الوجه، ومنه المضمضة، والاستنشاق، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح جميع الرأس ومعه الأذنان، وغسل الرجلين مع الكعبين والترتيب والموالاة، وفي الحديث: «ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء»(4).
ومنه نواقض الوضوء: وهي ستة: الخارج من السبيلين، الخارج الفاحش (الكثير) النجس من الجسد (الدم) وزوال العقل بنوم وغيره، ومس الفرج باليد قبلا أو دبرا من غير حائل، وأكل لحم الإبل، والردة عن الإسلام، أعاذ الله الجميع منها، أما قول الله تعالى: {أو لامستم النساء} فالمراد به النكاح؛ لأن النبي [ قبّل بعض نسائه فصلى ولم يتوضأ(5). وورد في القرآن بمعنى الجماع، قال تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} (البقرة: 37).
ومنه التيمم: إذا حل محل الوضوء والغسل، يقول الله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا} (النساء: 83)، وينقض التيمم ما ينقض الوضوء ورؤية الماء، إذا قدر على استعماله ويصلي بتيممه ما شاء فرضا ونفلا.
- الدرس التاسع: في الصلاة: يقول الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} (البينة: 5).
ومنه شروط الصلاة: وهي تسعة: الإسلام، والعقل، والتمييز، ورفع الحدث، وإزالة النجاسة، وستر العورة، ودخول الوقت، واستقبال القبلة، والنية ومحلها القلب. وفي الصحيحين عن النبي [ قال: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» {وأقم الصلاة لذكري} (طه: 14).
ومنه أركان الصلاة: وهي أربعة عشر: القيام مع القدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والاعتدال بعده، والسجود على الأعضاء السبعة، والرفع من السجود، والجلوس بين السجدتين، والطمأنينة في جميع الأفعال، والترتيب بين الأركان، والتشهد الأخير، والجلوس له، والصلاة على النبي [ والتسليم. وتبطل صلاة المتعمد بترك ركن، وتعاد الركعة التي لم يأت بركن منها نسياناً.
ومنه واجبات الصلاة: وهي ثمانية: جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وقول «سمع الله لمن حمده» للإمام والفرد، وقول «ربنا ولك الحمد» للكل، وقول «سبحان ربي العظيم» في الركوع، وقول «سبحان ربي الأعلى» في السجود، وقول «رب اغفر لي» بين السجدتين، والتشهد الأول، والجلوس له، وتبطل صلاة المتعمد بتركه، ويجبره سجود السهو للناسي للإمام والفرد.
أما قول الله تعالى: {واركعوا مع الراكعين} (البقرة: 43)، أي في جماعتهم، وفي الصحيحين عنه[ قال: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» اللفظ للبخاري.
ومنه سنن الصلاة وهي كثيرة، منها دعاء الاستفتاح، وما زاد عن الفاتحة، والجهر بالقراءة في صلاة الفجر والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، والجمعة، والعيدين، والاستسقاء، والإسرار في الظهر والعصر والأخيرة من المغرب والأخيرتين من العشاء، جعل كف اليمنى على كف اليسرى فوق الصدر في القيام قبل الركوع وبعده، رفع اليدين مضمومتي الأصابع حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول وما زاد عن واحدة في تسبيح الركوع والسجود وما زاد عن «ربنا ولك الحمد» بعد الركوع، وما زاد عن مرة «ربي اغفر لي» بين السجدتين ومساواة الرأس بالظهر في الركوع، ووضع اليدين على الركبتين مفرجتي الأصابع في الركوع ومضمومتي الأصابع في السجود، ومجافاة (إبعاد) العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين، والفخذين عن الساقين في السجود، والجلوس على الرجل اليسرى مفروشة ونصب اليمنى في التشهد الأول بين السجدتين، والتورك (الجلوس على مقعدته ونصب اليمنى وجعل اليسرى تحتها) في التشهد الثاني، والإشارة بالسبابة في التشهدين إلى النهاية وتحريكها عند الدعاء، والتبريك على محمد وآله وإبراهيم وآله بعد الصلاة والسلام عليهما في التشهد الأخير، ولمسلم عنه [: «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال» مع مراعاة بقية ما ورد من السنن.
ومنه: مبطلات الصلاة: وهي ثمانية: الكلام إلا للناسي والجاهل، فلا تبطل، والضحك، والأكل والشرب، وانكشاف العورة، والانحراف الكثير عن القبلة، العبث الكثير المتوالي، وانتقاض الطهارة، ويعيد الإمام وحده إذا كان محدثاً، وبذلك مضت سنة الخلفاء الراشدين؛ فإنهم صلوا بالناس ثم رأوا الجنابة بعد الصلاة فأعادوا ولم يأمروا الناس بالإعادة. والله أعلم(6).
الهوامش:
1 - انظر آداب المشي إلى الصلاة للإمام المجدد، وزاد المستقنع للعلامة المقدسي، والدروس المهمة للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمهم الله.
2 - رواه البخاري رقم (2615) في الوصايا وفي المحاربين، ومسلم رقم (89)، وغيرهما.
3 - رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وحسنه الترمذي وغيرهم، انظر شرح الزركشي (1/76).
4 - باب وجوب غسل الرجلين، مسلم رقم (566)، كتاب الطهارة.
5 - رواه أبو داود (179)، وابن ماجه (502)، والترمذي (86).
6 - انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله: (23/369).


اعداد: د. حسين بن محمد بن عبدالله آل الشيخ




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]