عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 10-10-2023, 03:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,574
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آفاق التنمية والتطوير

آفاق التنمية والتطوير (8)

دور القيم الإسلامية في توجيه عجلة التنمية


  • الأمة الإسلامية أولى من غيرها بحماية فكرها وثقافتها وهويتها من الاضمحلال والذوبان أمام هجمات الغزو الفكري والثقافي الذي تعددت أساليبه وتعددت أنواعه
  • القيم الإسلامية هي صمام الأمان لكل مصالح البشـرية في مختلف مجالات الحياة باعتبار قيم الإسلام مجسدة لأوامر الله العليم الحكيم
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقًا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قيامًا بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة.
مطالب الروح والجسد
خلق الله الإنسان وزوده بالعقل والحواس، ومكنه من طرائق التفكير للقيام بمهام الاستخلاف، وجعل من تلك الأوامر ما هو كوني فطري لضمان استمرار حياته على مستوى الجسد، وجعل له منهجا تعبديا تشريعيا ليكون مناط الثواب والعقاب، وجعل له إرادة وحرية منضبطة لتدور منظومة الحياة في ظل هذا التفاعل الإيجابي أو السلبي مع تلك القوانين الفطرية والكونية والتشريعية، وفق قانون السماء القائم على العدالة المطلقة كما قال -تعالى-: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
العلاقة بين قدرة الله وإرادة الإنسان
وإننا بالنظر إلى طبيعة العلاقة بين قدرة الله وإرادة الإنسان في الفعل الحضاري، نجد أن الكون كله مسخر للإنسان لتحقيق أفضل النتائج وترك أجمل بصمة وأثر في هذه الحياة على كوكب الأرض، وإذا كان الإنسان هو غاية التنمية وجوهرها، بالنظر إلى الجانب الاقتصادي، أو البيئي، أو الاجتماعي، فإن المقصد النهائي من التنمية في مآلاتها تنمية الإنسان في ذاته؛ من حيث قيمه وفكره وسلوكياته وعاداته تحقيقا لمراد الله له في هذه الحياة.
القيم وعجلة التنمية
يقصد بالقيم المعايير والمبادئ التي يعدها الفرد أو المجتمع مهمة وجوهرية، في توجيه سلوكيات البشر واختياراتهم، وتبرز أهمية القيم في توجيه السلوك، وتعزيز الهوية، وتحقيق الرضا الذاتي والتفاعل الاجتماعي وتوجيه المرء نحو أهدافه، وتتميز القيم بالثبات والفاعلية والتكاملية في المنظومة الأخلاقية وتتفاعل معا؛ ولذلك فإن كل إخلال بقيمة منها، يؤدي حتمًا إلى تصدع المنظومة برمتها ويعرضها للانهيار.
منظومة القيم الإسلامية
يحفل القرآن الكريم والسنة النبوية بكم هائل من التوجيهات والقيم الكفيلة بتحقيق التنمية على مستوى الأفراد والمجتمعات، بما يحقق عمارة الأرض وحفظ الثروات ومبدأ الاستخلاف في الأرض، ولعل من أبرز القيم الواجب للمسلم استصحابها في سلوكه وتعامله مع هذا الكون ومكوناته ما يلي: 1- التعاون والتضامن لتحقيق الأمن وضمان الحقوق، وهو من أسمى مقاصد الشريعة بحفظ الدين، والنفس، والمال، والعقل، والعرض بغض النظر عن الدين والجنسية، واللون بهدف التعايش السلمي والمشاركة المجتمعية. 2- الرفق والرحمة؛ فالرحمة سر انتشار المودة وسبب استيعاب الآخرين ولا سيما حال عدم التوافق، وهي اللمسة الحانية. 3- الصدق؛ فالصدق أس كل فضيلة، فلذا مدحه الله في مواطن كثيرة جليلة منها: قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}(التوبة: 119). 4- الأمانة والعدالة؛ فاستشعار الأمانة والمسؤولية كفيل بمواصلة العمل لتحقيق الأهداف السامية؛ كما إن العدل أساس العزة والقوة والمنعة، وإذا ضاع العدل كانت الخسارة والدمار الذي توعد الله به الظالمين: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء:58). 5- الاقتصاد والاعتدال في الإنفاق حفاظا على الموارد الطبيعية ومقدرات الأمة {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف:31)
السبل الكفيلة بتعزيز القيم الإيجابية
ولعل من أبرز التوصيات الواجب اتخاذها لتعزيز القيم في المجتمعات ما يلي:
  • إشاعة الوعي بأهمية مصادر تلقي الأفكار والقيم في المجتمع، وذلك من خلال توضيح المصادر الصحيحة التي يجب أن يستقي الناس منها معارفهم، والتحذير من المصادر غير المعتبرة، مع الحرص على نشـر العلم الـشرعي القائم على الكتاب والسنة.
  • إبراز القيم الاجتماعية في المناهج والكتب التعليمية، من أجل غرسها في نفوس النشء، وبيان أهميتها في إصلاح المجتمع، ولا شك أن التنشئة القيمية لها أدوار متعددة، إذا تم استعمالها فيها كانتْ سدا منيعا للمجتمع والفرد من أي انحراف فكري.
  • العناية بالمدرسة والمؤسسات التعليمية كونها محاضن تربوية معنية بغرس القيم والاتجاهات والمفاهيم التي يبتغيها المجتمع.
  • الاهتمام بالأسرة والطفولة؛ فالأسرة تمثل خط الدفاع الأول ضد الانحراف بمختلف أنواعه، مع الحرص على قيامها بدور التوجيه والتربية، والإرشاد لأبنائها.
  • إعداد الحملات التربوية والإعلامية؛ لترسيخ القيم الاجتماعية، ومواجهة الظواهر السلبية، والحذر من البرامج والمواد الإعلامية، التي تعمل على هدم القيم الأصيلة في المجتمع.
  • العمل على تحديث محتوى المناهج وإدماج القيم الاجتماعية؛ بحيث يرتبط التعليم بسائر مقومات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ وحتى تتلاءم المخرجات، مع سوق العمل، وضرورة الاهتمام بجانب التدريب العملي وتنمية المهارات، من أجل التمكين وتحقيق الاعتمادية المناسبة من خلال التمسك بالقيم الأخلاقية وعدم الحاجة إلى الانجرار بسبب الحاجة وراء المصالح الشخصية والمادية البحتة.
  • أهمية العناية بالبيئة المحيطة، وضرورة مساهمة المؤسسات الصناعية، والتجارية، والتكنولوجية في القضاء على المشكلات البيئية، وذلك حفاظا عليها وعلى صحة الإنسان.
  • العناية بالدراسات والبحوث المتعلقة بالقيم بشتى أنواعها: القيم العليا، القيم الحضارية، القيم الأخلاقية، القيم الاقتصادية، القيم البيئية.. الخ.
  • أهمية العناية بالشباب وحمايتهم من مخاطر الفساد والجريمة والإدمان؛ كونهم ثروة الأمة وعماد نهضتها، مع ضرورة تشجيع الأبناء على المشاركة الاجتماعية الإيجابية مع الآخرين وتنمية الحوار وثقافة التعايش الإيجابي، وتعزيز العلاقات والأنشطة الاجتماعية.
  • توجيه التغير الاجتماعي نحو التقدم، بغرس القيم الاتجاهات الصحيحة والمهارات والمعارف في نفوس أفراد المجتمع؛ لمواجهة التغيرات التي تحدث؛ بحيث يتقبل الأفراد التغيرات الجديدة دون صراع أو مقاومة شديدة.
  • تربية الأبناء على الاعتدال والأخذ بمبدأ الوسطية في كل أمر يتعلق بأمور الدين والدنيا، والبعد عما يناقض ذلك من الغلو والتشدد أو التفريط.
حماية فكر الأمة وثقافتها وهويتها
وختاما: فإن الأمة الإسلامية أولى من غيرها بحماية فكرها وثقافتها وهويتها من الاضمحلال والذوبان أمام هجمات الغزو الفكري والثقافي الذي تعددت أساليبه وتنوعت أشكاله، ولن يتحقق ذلك إلا بتعزيز القيم والسلوكيات والأفكار المنضبطة وفق العقيدة السليمة والأخلاق الفاضلة لتحقيق الطمأنينة الروحية والنفسية والاجتماعية، ويشيع الأمن والاستقرار في المجتمع.
تأثير القيم على الإنسان والمجتمع
  • تشكل القيم رموزا ثقافية تحدد ما هو مرغوب فيه وما هو مرغوب عنه، هذا إلى جانب أنها تؤدي دور المحددات التي توجه السلوك.
  • القيم الإسلامية هي صمام الأمان لكل مصالح البشـرية في مختلف مجالات الحياة، باعتبار قيم الإسلام مجسدة لأوامر الله العليم الحكيم.
  • تمثل القيم حلقة الوصل بين الأنساق الثلاثة للمجتمع (نسق الثقافة، ونسق الشخصية، والنسق الاجتماعي).
  • تعد القيم الموجه الأساسي لسلوكيات الفرد، ففقدانها أو ضياع الإحساس بها وعدم التعرف عليها يجعل الفرد يقوم بأعمال عشوائية، ويسيطر عليه الإحباط لعدم إدراکه جدوى ما يقوم به من أعمال، فالقيم تمثل قدرة الفرد على إيجاد معنى لحياته.
  • تبرز أهمية القيم بوصفها من القضايا الجوهرية في ميادين الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، نظرا لأنها تمس العلاقات الإنسانية بصورها كافة، فهي ضرورة اجتماعية، ومعايير تتغلغل في الأفراد على شكل اتجاهات ودوافع وتطلعات، وتظهر في السلوك الشعوري واللاشعوري.
  • وبالتالي فإن القيم هي الطريق الأصوب والحل المثالي لمعالجة تلك السلوكيات، فالفكر يعالج بالفكر، وكلما ارتفعتْ القيم وتمثلتْ في الإنسان، أضحى الإنسان أكثر فهما وعمقا وتحليلا للأمور التي تدور حوله، وأجدر بامتلاك المعارف والمهارات التي تجعله يتصدى للأفكار الهدامة، والأفكار المنحرفة.


اعداد: ذياب أبو سارة




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.80%)]