خواطر الكلمة الطيبة
– إذا لم تنفع أخاك المؤمن فلا تؤذه
أهل الإيمان لهم معاملة خاصة، والناس -عمومًا- لهم معاملة عامة، سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، وقد جاء الإسلام ليهذب أتباعه فقال الله -تعالى- مادحًا رسوله صلى الله عليه وسلم : {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وفي الحديث الذي رواه أبو ذَرٍّ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادةَ، وأبو عبْدِالرَّحْمنِ مُعاذُ بْنُ جبلٍ -رضيَ اللَّه عنهما-، عنْ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ», لقد بَنى الإسلام أُسسَه في تنظيم العلاقةِ الاجتماعية بين أبناء المجتمع المسلم على قواعدَ مُثلى وركائزَ فضلى، وجعل من أهم هذه الأسس والركائز الأخلاق الحسنة، وجعل من علامات كمال الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحبه لنفسه؛ فقال - صلى الله عليه وسلم-: «لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه»
يقول يحيي بن عثمان بن معاذ - رضي الله عنه -: «ليكن حظ المؤمن منك إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه»
فهذه ثلاث وصايا مهمة لصلاح العلاقات بين أبناء المجتمع:
الوصية الأولى: «إن لم تنفعه فلا تضره»
فالمسلم كما قال - صلى الله عليه وسلم-: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، فالأصل في المؤمن أنه ينفع الناس كلهم، ولكنه يزيد نفعه مع أهل الإيمان، فحاول إن لم تستطع أن تنفع أخاك فإياك أن تضره! وهذا مع أهل الإيمان عمومًا، وكلما كان أقرب كانت هذه الوصية أبلغ وأشد وأكثر؛ فاحرص عليها؛ فأحب عباد الله إلى الله أنفعهم؛ فأذي المؤمن شيء عظيم؛ لأن الله اتخذ أهل الإيمان أولياء له، فإياك أن تؤذي أحباب الله! قال -تعالى-:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
الوصية الثانية: «إن لم تفرحه فلا تغمه»
حاول دائما أن تدخل الفرح والسرور على إخوانك في الله، وبشرهم بالمسرات والمبشرات، ومع الأسف، هناك من الناس من ترى أنه يسارع في إرسال الرسائل التي لا تفرح أبدًا، بل تأتي بالهم والغم، فإذا كان هناك خبر سيء فلا تسارع في نشره، وهناك من الناس من يوصل الأشياء التي تفرح بقدر ما يوصل الأشياء التي تغم؛ لذا قال -في الوصية الثانية-: إذا لم تستطع أن تدخل الفرح على أخيك المؤمن فلا تغمه بالأخبار والأقوال والأفعال السيئة.
الوصية الثالثة: «إن لم تمدحه فلا تذمه»
فالأصل في حق المؤمن أن تمدحه؛ لأنه من أهل الإيمان، فتمدحه على توحيد الله -عز وجل-، وعلى الصلاة وقراءة القرآن، وأنه على منهج السلف -رضوان الله عليهم-، وأنه من أهل الدعوة إلى الله -عزوجل-، امتدح فيه هذه الأشياء، فإن لم تفعل ذلك، فلا تذمه ولا تذكره بالسوء، سواء بحضرته أم بغيبته، وغيبته أعظم، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: «أَتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ. قيلَ: أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيه فقَدْ بَهَتَّهُ». فذكر عقوبة الغيبة ولم يذكر عقوبة الافتراء والبهتان؛ لأنها أعظم عند الله -تعالى-؛ فادخر الله له عذابا لا يعلمه إلا هو.
اجعل هؤلاء الثلاث حظ المؤمن فيك، ما بين النفع والمدح والفرح، وإياك أن تؤذيه أو تغمه أو تذمه!؛ فإن ذلك ليس من صفات أهل الإيمان.
اعداد: د. خالد سلطان السلطان