رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1178
الفرقان
توجيهات قرآنية في إدارة الخلافات الزوجية قال الله -تعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} (النساء: 35). قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: أي: وإن خفتم الشقاق بين الزوجين والمباعدة والمجانبة حتى يكون كل منهما في شق {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} أي: رجلين مكلفين مسلمين عدلين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين، ويعرفان الجمع والتفريق، وهذا مستفاد من لفظ «الحكم»؛ لأنه لا يصلح حكما إلا من اتصف بتلك الصفات، فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب، فإن لم يستطع أحدهما ذلك، قنَّعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق، ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلا عنه، فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح، فرقا بينهما، ولا يشترط رضا الزوج، كما يدل عليه أن الله سماهما حكمين، والحكم يحكم ولو لم يرض المحكوم عليه، ولهذا قال: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} أي: بسبب الرأي الميمون والكلام الذي يجذب القلوب ويؤلف بين القرينين، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} أي: عالمًا بجميع الظواهر والبواطن، مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها، فمن علمه وخبره أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة والشرائع الجميلة.
طاعة الزوج من أسباب دخول الجنة من أسباب دخول المرأة الجنة من أي أبوابها شاءت: محافظتها على الصلوات الخمس، وصيامها رمضان بتمامه، وعفتها، وكذلك طاعتها لزوجها، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت»، وأكد النبي - صلى الله عليه وسلم في وصايا كثيرة للمرأة- حقوق زوجها عليها، وجعل أول وأهم هذه الحقوق: الطاعة في غير معصية الله، وحسن عشرته وعدم معصيته، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع».
أم ورقة الأنصارية رضي الله عنها صحابية جليلة بشرها الرسول صلى الله عليه وسلم بالشهادة الصحابية الأنصارية الجليلة كانت تدعى أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية، أسلمت عندما وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ حيث بايعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل غزوة بدر بأيام قليلة، وكانت -رضي الله عنها- صوامة قوامة ومعروفة بالتقوي والصلاح، بل إنها كانت من فواضل نساء عصرها، ومن أكثر نساء المسلمين كرمًا وبذلا؛ حيث نشأت على حب كتاب الله -تعالى-، وراحت تقرأ آياته آناء الليل وأطراف النهار، حتى غدت إحدى العابدات الفاضلات؛ فجمعت القرآن، وكانت تتدبر معانيه، وتتقن فهمه وحفظه، كما كانت قارئة مجيدة للقرآن، واشتهرت بكثرة الصلاة وحسن العبادة.
كانت -رضي الله عنها- معروفة بحفظها للقرآن الكريم، لدرجة أنها شاركت في جمع القرآن بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان - صلى الله عليه وسلم - يشيد بها ويعرف مكانتها، ويكبر حفظها وإتقانها، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم وإمعانا في تقديرها-، استجاب لطلبها بتحويل بيتها لمسجد وأمر النساء بالصلاة فيه.
لم يقتصرها حبها للإسلام على الصلاة وقراءة القرآن ورواية الحديث فحسب، بل كانت ترغب في الجهاد؛ حيث استأذنت النبي -[- للجهاد والشهادة في سبيل الله، فقالت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما غزا بدرًا، قلت له: يا رسول الله، ائذن لي في الغزو معك، أمرض مرضاكم، لعل الله أن يرزقني الشهادة، فرد عليها - صلى الله عليه وسلم - قائلا: «قري في بيتك؛ فإن الله -تعالى- يرزقك الشهادة» فلم يكن أمامها من خيار إلا طاعة النبي والعودة إلي بيتها برغبتها استجابة لأمر الله بلزوم طاعة نبيه، ومنذ تلك الواقعة بينها وبين النبي غدت أم ورقة - رضي الله عنها - تعرف بهذا الاسم «الشهيدة» بسبب قوله - عليه الصلاة والسلام -: «قري في بيتك فإن الله -تعالى- يرزقك الشهادة»، ولما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد زيارتها اصطحب معه ثلة من أصحابه الكرام، وقال لهم: «انطلقوا بنا نزور الشهيدة».
هكذا تحققت بشارة النبي - صلى الله عليه وسلم في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان للصحابية الجليلة غلام وجارية، وكانت قد وعدتهما بالعتق بعد موتها، فسولت لهما نفساهما أن يقتلا أم ورقة، وذات ليلة قاما إليها فغمياها وقتلاها، وهربا، فلما أصبح عمر - رضي الله عنه - قال: والله ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة في إشارة للصحابية الجليلة.
وهنا دخل عمر - رضي الله عنه - بيتها، فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت، فقال: صدق الله ورسوله، ثم صعد المنبر فذكر الخبر، وقال: عليَّ بهما، فأتي بهما، فصلبهما، فكانا أول مصلوبين في المدينة.
الإسلام لم يفرض على المرأة الحجاب إلا ليصونها عن الابتذال، وليحميَها من التعرض للريبة والفحش، وليكسوَها بذلك حُلَّة التقوى والطهارة والعفاف، وسدَّ بذلك كلَّ ذريعةٍ تفضي إلى الفاحشة، قال -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب:33)، وقال -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب:53)، وقال -تعالى-: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ...} الآية (النور:31)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب:59)، وقال -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب:32).
عن أَبي حُذَيْفَةَ قَالَ: رَأَى الثَّوْرِيُّ رَجُلًا عِنْدَ قَوْمٍ يَشْكُو ضِيقَهُ، فَقَالَ لَهُ الثَّوْرِيُّ: «يَا هَذَا، شَكَوْتَ مَنْ يَرْحَمُكَ إِلَى مَنْ لا يَرْحَمُكَ» المجالسة وجواهر العلم للدينوري (1318)، قال ابن القيم -رحمه الله-: «وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه؛ فإنَّه لو عرف ربَّه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم، وفي ذلك قيل: والعارف إنَّما يشكو إلى الله وحده».
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-05-2024 الساعة 01:23 AM.
|