عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30-09-2023, 05:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دعوتنا ووسائل التواصل

دورة نظمها مركز عبدالله بن مسعود لتعليم القرآن الكريم

– دعوتنا ووسائل التواصل

– الحلقة 2


ما زلنا في استعراض أهم ما جاء في الدورة التي نظمها مركز عبدالله بن مسعود؛ لتعليم القرآن الكريم، التابع للجنة العالم العربي بجمعية إحياء التراث الإسلامي، وكانت بعنوان: (كيف أدعو إلى الإسلام في مواقع التواصل الاجتماعي؟) وقدمها الشيخ الداعية: حيّان اليافعي؛ حيث ذكرنا في الحلقة الماضية مفهوم الدعوة إلى الله -تعالى-، وأهمية اغتنام وسائل التواصل في ذلك، وأن وسائل الدعوة اجتهادية، ومفهوم التعريف بالإسلام، وضرورة أن يقوم أهل الحق بواجبهم تجاه تبليغ هذا الدين.
تحقيق لمهمة عظيمة
بين اليافعي أن استغلالنا لوسائل التواصل في الدعوة إلى الله -تعالى- تحقيق لمهمة عظيمة، وهي المهمة التي بعث الله بها الرسل لتعبيد الناس لله -سبحانه جل في علاه-، فالرسل أتوا برسالة واحدة وهي الدعوة إلى توحيد الله، والدعوة إلى تعظيم الله، والدعوة إلى الفطرة السليمة، وكل رسول أتى ليعالج قضية كانت منتشرة في عصره.
فهذا نبي الله لوط -عليه السلام- عالج مشكلة اجتماعية خلقية في قومه، وهي إتيان الذكران من العالمين، ونبي الله شعيب عالج تطفيف الميزان، وغيرهم عالجوا مشكلات عدة في قومهم، فكذلك الداعية العاقل والموفق هو الذي لا يكون منعزلا عن الناس، يرى مشكلات الشباب، ويرى الأسر تهدم، ويرى المؤسسات المشبوهة تنشر الرذيلة وتسعى لتغيير الفطرة ثم يجلس ولا يفعل شيئا!

فالداعية الموفق هو الذي يغتنم هذه الوسائل، ويقترب من خلالها للشباب، ويشغلهم بما ينفعهم، وينبغي للعاقل أن يكون بصيرًا بزمانه مقبلاً على شأنه، ينبغي أن يدرك الداعية المشكلات التي يعانيها هؤلاء الشباب، فالصالح هو الذي يمتثل أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول: «مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى»، فلابد أن تكون جزءًا من هذا الجسد، فتتفاعل بآلامه، وتحس بإخوانك.
واجب الدعاة
إذا اغتنمنا هذه الوسائل سنحيي بلدانا بإذن الله -سبحانه وتعالى-، وسيرفع الأذان في أماكن لم يرفع فيها من قبل، إننا حين ندخل بعض الصفحات، ونجد فيها مئات الآلاف من عباد الطاقة، ومئات الآلاف من الملاحدة، ومئات الآلاف من النصارى، ومئات الآلاف من الذين يؤمنون بالسحر، فإذا لم تقوموا يا من تحملتم كلام الله يا من ذقتم حلاوة الإيمان، يا من وجدتم سعادة الإسلام، يا من اصطفاكم الله -سبحانه وتعالى- بمواجهة هذا الطوفان الهائل من الشبهات فمن يقوم بذلك غيركم؟!
كل يوم يموت مئة وعشرة آلاف شخص على غير الإسلام، تخيل هذا الرقم المهول،
كان يسعنا أن نصل إليهم من خلال هذه الوسائل، لو أننا تخلصنا من حظوظ أنفسنا، لحققنا خيرًا عظيما، لكننا مع الأسف انشغل بعضنا بما لا ينفع، وضاعت أوقاتنا في الجدل العقيم. والله المستعان.
وجوب الدعوة إلى الله -تعالى
دلت النصوص الشرعية على وجوب الدعوة إلى الله -تعالى-، وذلك بحسب القدرة والاستطاعة، يقول الله -تعالى-: ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (125النحل)، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم، أنت ترى العديد من المنكرات في وسائل التواصل، نرى نشر الشبهات والبدع والضلالات والانحرافات، ونرى كثيرًا من المخالفات، فكيف للمؤمن الذي يغار على دينه أن يترك هذه المنكرات دون محاولة لتغييرها؟! وقد قال الله -تعالى-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران 110) فكيف تترك سبب الاصطفاء؟
لست أقل منهم
أيكون أهل الباطل أشجع منك أيها المسلم؟! لا يكن صاحب الباطل الذي يبذل من وقته فينتج تلك المقاطع التي يشكك بها المسلمين في دينهم وأنت صاحب الحق صاحب التوحيد في غفلة عن نفع إخوانك، في غفلة حتى عن أن تكتب تعليقا أو ترد عن شبهة أو تعزز يقينا، أو أن تكون همزة وصل بين الدعاة وبين من لديه شبهة قد يموت عليها، هكذا يكون شكر نعمة الإسلام التي اصطفاك رب العالمين عليها، واختارك لأن تكون مسلما بين ملايين البشر.
إنَّ مئات من المنظمات والمؤسسات التنصيرية يأتون إلى أدغال أفريقيا، وإلى قرى ما وصلها الدعاة، يتركون نعيم الدنيا لينشروا باطلهم في بلدان المسلمين، ونحن أهل الحق نتكاسل عن هذا الحق؟
كثرة المنكرات وغلبة الجهل
إنَّ كثرة المنكرات وغلبة الجهل في عصرنا الحالي، تجعل الدعوة فرض عين على كل إنسان بحسب طاقته، فالشيخ ابن باز -رحمه الله- وغيره من أهل العلم يرون أن الدعوة إلى الله فرض عين، فإذا لم تقم بالدعوة إلى الله قد تأثم على رأي هؤلاء الأفاضل من العلماء، ويرى غيرهم أن الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- فرض كفاية، في قوله -تعالى-: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104) وقد اختلفوا في كلمة (منكم)، فقيل: إن من هنا تبعيضية، فإذا قيل: إنها تبعيضية فيكون الدعوة إلى الله فرض كفاية؛ لأن الله -تعالى- قال: (منكم) ولم يقل -سبحانه-: لتقوموا كلكم بالدعوة إليه.
وقيل على القول الآخر: إنها لبيان الجنس، أي لتكونوا كلكم دعاة إلى الله، فتكون الدعوة على هذا القول فرض عين، وحتى الذين قالوا: إنها فرض كفاية ففروض الكفايات أجرها عظيم، بل بعض العلماء يرى أن فرض الكفاية الذي يقوم به أجره أعظم من ممن يقوم بفرض العين؛ لأنك عندما تقوم بشيء فرض عين تسقط الإثم عن نفسك، أما عندما تقوم بفرض كفاية فأنت تسقط الإثم عن الأمة.
إن تفريطنا في فروض الكفايات يجعلنا -مع الأسف الشديد- نتحمل آثاما وأوزارا عند الله -جل في علاه-، فكذلك نجد اليوم هذه الصفحات -كما أسلفت- فيها مئات الآلاف من الملاحدة، ومن اللادينيين، وفيه أيضا آلاف من الناس ينتظرون من يأتي يبلغهم دين الله، وليزيل عنهم الشبهات، ويظهر لهم العقيدة الصحيحة لدين الله -سبحانه وجل في علاه- قبل أن يموتوا على غير الاسلام.
هل يلزمني العلم الشرعي
في الدعوة إلى الله؟
يقول عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- من دعا إلى الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح، وكما أسلفت، فالدعوة لها مجالات متعددة، فهناك مجال المناظرة ورد الشبهات، وهذه لا تكن لكل أحد، بل لو دخلت في هذا المجال وأنت غير مؤهل لرجعت بالإثم لا الأجر، لماذا؟ لأنك عندما تدخل في مناظرة فأنت الآن شخص يمثل دين الله تمثل الإسلام.
فإذا كانت ردودك ضعيفة، وتستطيع تفنيد شبهة الخصم، وتبين ضعف حجته، وتقطع دابره، فأنت تكون فتنة لهذا الرجل الذي تحاوره وتناظره، وفتنة أيضا للمستمعين والمشاهدين؛ لأنهم سيرون ضعف الإسلام فيك، وربما ينصرفون عن مجرد البحث عنه بسببك فتكون وقعت في إثم عظيم.
إنَّ الكلام في دين الله هو بمثابة توقيع عن رب العالمين، قال -تعالى-: {قلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (الأعراف: 33) فإياك أن تتكلم في دين الله بغير علم! نحن لم نقل: كل أحد يذهب ليناظر، وكل أحد يذهب ليرد عن الشبهات، هذا لا يقول به أحد، وهذا لا يكون الا للمتأهلين الذين تمكنوا في العلم، وحتى العلماء ليس كلهم مؤهلين للمناظرة، فليس كل شخص يستطيع أن يقيم الحق والدليل على كلامه، وإن استطاع أن يقيم الدليل على كلامه فليس كل أحد يستطيع أن يرد على كلام المخالف، ويبين بطلانه، وليس كل أحد لديه الأسلوب المناسب في إظهار الحق الذي معه، هذه فتوحات من رب العالمين، وهناك علم الجدل والمناظرة، علم يعرفه طلبة العلم.
ماذا علي أن أفعل؟
أنت بإمكانك أن تنشر التلاوات المؤثرة، وبإمكانك أن تعرف بالإسلام من خلال الشيء الذي تحسنه، تُذكّر بقل هو الله أحد، تتكلم مع النصراني تقرأ عليه، سورة الإخلاص، تتكلم مع الملحد، تذكره بعظمة الله -تعالى-، تقول له كيف يمكن لهذا الجوال أن يأتي بالصدفة؟ كيف يمكن لهذا العالم أن يأتي مصادفة؟ تأتي ببعض الأمور القطعية المنطقية والتساؤلات التي يتفق عليها البشر فتبلغها لغيرك.
أنت تحسن مسألة معينة قرأتها ودرستها وأخذتها عن أهل العلم تبلغها، وتوثقت من حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتثبت من صحته تبلغه، أما الأمور التي لا تحسنها وأنت في شك منها فهذه نقول لك لا تدخل نفسك فيها، لا تدخل في المناظرات، ولا تدخل نفسك في مجموعات ينشر فيها الشبهات، فالإنسان قد يدخل يدعو بحجة أنه واثق من نفسه، وإذا به بعد مرور فترة من الزمن قد تشرب قلبه هذه الشبهات، وهو الآن يبحث عن من يرجع له إيمانه، عمن يرجعه إلى حظيرة الإسلام، لقد دخل ليدعو إلى الله لكنه لم يستشر أهل العلم، ولم يتخذ الخطوات المناسبة، ولم يعزز يقينه، ولم يكن على قدر العلم الكافي؛ فتسبب ذلك في فتنته؛ لذلك العاقل هو الذي لا يتخذ خطوة إلا بعد أن يستشير، إلا بعد أن يفكر، هل أنا أهل لأن أفعل هذا أم لا؟.

شعيرة عظيمة
إذا لم يتحرك قلب المؤمن والداعية لمواجهة هذا الباطل ويبلغ دين الله -سبحانه وتعالى- فهذا دليل على ضعف الإيمان والعياذ بالله، فالمؤمن الموفق هو الذي يبذل لدينه، والله -سبحانه وتعالى- بين لك أنه اصطفاك وأنه اختارك -سبحانه وتعالى- بهذه الشعيرة العظيمة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فكيف تفرط في هذا الخير العظيم؟ كيف ترى المنكرات ولا تستشعر أنك من خير أمة، وأنك أنت مطالب بأن تنصح وتغير هذا المنكر، وبأن تدعو إلى الله، وتقول قال الله -تعالى-، وقال رسوله - صلى الله عليه وسلم .


الصلاح والفطنة
فينبغي للداعية أن يجمع -مع صلاحه- الفطنة واليقظة والانتباه، وأن يعرف كيف يُعبِّد الناس لربهم -جل في علاه-، وأن يزاحم أهل الباطل ليرد باطلهم؛ فدخول الدعاة في هذه الوسائل تحصين للمسلمين من الدعوات المنحرفة، وتحصين لهم من دعاة أهل الباطل، ودعاة أهل الشرك، وأهل البدعة، وأهل الغلو الذين أساؤوا للإسلام وأظهروه على أنه دين عنف وإرهاب وقتل، وأظهروا لغير المسلمين أن هذا الدين لا يصلح للبشرية؛ فينبغي للعقلاء وللدعاة الواعين أن يظهروا الحق، وينفوا عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.86 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]