رد: المرأة والأسرة
الفرقان
من صفات المسلمين والمسلمات قال الله -تعالى-: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 35).
قال الشيخ السعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: لما ذكر الله -تعالى- ثواب زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنه ليس مثلهن أحد من النساء، ذكر بقية النساء، ولما كان حكمهن والرجال واحدًا، جعل الحكم مشتركًا، فقال: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} وهذا في الشرائع الظاهرة، إذا كانوا قائمين بها، {وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} وهذا في الأمور الباطنة، من عقائد القلب وأعماله.
{وَالْقَانِتِينَ، وَالْقَانِتَاتِ} أي: المطيعين للّه ولرسوله، {وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ} في مقالهم وفعالهم، {وَالصَّابِرِينَ، وَالصَّابِرَاتِ} على الشدائد والمصائب {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ} في جميع أحوالهم، خصوصًا في عباداتهم، خصوصًا في صلواتهم، {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ} فرضًا ونفلاً، {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} شمل ذلك، الفرض والنفل، {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} عن الزنا ومقدماته، {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} أي: في أكثر الأوقات، خصوصًا أوقات الأوراد المقيدة، كالصباح والمساء، وأدبار الصلوات المكتوبات. {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ} أي: لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة، والمناقب الجليلة، التي هي، ما بين اعتقادات، وأعمال قلوب، وأعمال جوارح، وأقوال لسان، ونفع متعد وقاصر، وما بين أفعال الخير، وترك الشر، الذي من قام بهن، فقد قام بالدين كله، ظاهره وباطنه، بالإسلام والإيمان والإحسان، فجازاهم على عملهم {بِالْمَغْفِرَةً} لذنوبهم، لأن الحسنات يذهبن السيئات، {وَأَجْرًا عَظِيمًا} لا يقدر قدره، إلا الذي أعطاه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
على كل أب وأم أن يعلموا أبناءهم ما يسعدهم في الدنيا والآخرة من العلوم الشرعية النافعة، وأهم ذلك التوحيد،
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِن مولودٍ إلا يُولَدُ على الفِطْرةِ فأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، أوْ يُنَصِّرانِهِ، أوْ يُمجِّسانِهِ»، وكذلك الآداب والحقوق والواجبات، علموهم بر الوالدين، علموهم صلة الأرحام، علموهم احترام الكبير، والعطف على الصغير، يقول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: ١٣)، أي: احذر أن تكون مشركًا، واحذر أن تجعل لله ندًّا، وقال: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}، (لقمان: ١٧)، فهل سمعت أسلوبًا أعجب من هذا؟! ثم قال: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: ١٨)، أي لا تتكبر على عباد الله ولا تزه ولا تكن معجبا بنفسك فأنت عبد للواحد الأحد، ثم قال له: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (لقمان: ١٩).
استعداد الأسرة المسلمة لاستقبال رمضان
استعداد الأسرة المسلمة لشهر رمضان يكون من ناحيتين: الاستعداد الإيماني والاستعداد المادي، ومِنْ أهم ما يجب أن تعتني به الأسرة وهي بصدد الاستعداد الإيماني: المحافظة على الصلاة، وتعريف الأبناء فضل هذا الشهر الكريم وعِظمه وبركته، مع شحذ الهمة واستحضار النية لأفراد الأسرة جميعا لاكتساب أقصى زاد من تقوى الله -عز وجل- في هذا الشهر الفضيل، ويكون أفرادها جميعا ممن غفر الله -عزوجل- لهم، وجعلهم من عباده الفائزين المقبولين، والمقصود بالاستعداد المادي هو أن توفر الأسرة ما قد تحتاجه من مستلزمات البيت خلال شهر رمضان دون إسراف أو تقتير، حتى يتسنى لها الحفاظ على أوقاتها في هذا الشهر الكريم. وقد قال الله -تعالى-: {كُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}(الأعراف:31)، ولا تنسى الأسرة المسلمة في استقبالها لشهر رمضان -من باب صلة الأرحام وحُسْن الجِيرة- تهنئة الأقارب والجيران ولو بالهاتف إن لم يتيسر أكثر من ذلك، وكذلك إظهار السعادة والسرور باستقبال هذا الشهر المبارك، ليُغْرَس في نفوس الأبناء حب هذا الشهر الكريم والتطلع والشوق إليه كل عام.
حِرْص نساء الصحابة -رضي الله عنهنَّ على تَعلُّم السنة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: «اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا»، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ»، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوِ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ».
- عُلوُّ همة الصحابيات -رضي الله عنهنَّ-، وحرصهنَّ على تعلُّم السنة وأحكامها.
- وفيه بيان عناية الصحابة -رضي الله عنهم- بحديث النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وملازمتهم له، حتى إنهم ربما لم يفوِّتوا فرصة للنساء في لقاء النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لشدة إحاطتهم به وملازمتهم له.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت»، فلابد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه، مثل: ذكر القلب، وذكر اللسان، أو الصلوات وقراءة القرآن، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة، وكم من بيوت المسلمين اليوم ميتة بعدم ذكر الله فيها! كما جاء في الحديث، بل ما هو حالها إذا كان ما يذكر فيها هو ألحان الشيطان من المزامير والغناء، والغيبة والبهتان والنميمة ؟!
التكاتف والتعاون على الطاعة والعبادة مِنْ أعظم نعم الله -تعالى- على عباده المؤمنين أن يبلغهم شهر رمضان، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات، وتُغْفَر فيه الذنوب والسيئات، وتُضاعف فيه الأجور والدرجات، وتُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، ويعتق الله فيه عباده من النيران، فحريٌّ بالأسرة المسلمة أن تستغل هذا الشهر بما يعود عليها بالخير، ومما ينبغي على الآباء والأمهات التكاتف والتعاون على الطاعة والعبادة، والبر والخير، وإرشاد أولادهم والأخذ بأيديهم للوصول إلى أن يكونوا من الفائزين المقبولين، ومن السعداء في الدنيا والآخرة.
من آداب النساء في المساجد
إن خروج المرأة إلى المسجد له آداب شرعية، يجب مراعاتها والأخذ بها، حتى تحقق المرأة من خلالها مرضاة الله -جل جلاله-، وتنال الأجر العظيم على أدائها، ومن هذه الآداب: الحشمة في اللباس، والمشي بسكينة ووقار، وتجنب وضع البخور والعطور، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأه أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة» (رواه مسلم)، وعن أبي هريرة قال: إني سمعت حِبي أبا القاسم يقول: «لا تقبل صلاة امرأه تتطيب لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة» (رواه أبو داود وصححه الألباني -رحمه الله).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 08-05-2024 الساعة 12:13 PM.
|