
26-09-2023, 06:04 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,362
الدولة :
|
|
رد: تنبيه النبيه على قولهم: هذا شعر فقيه
ومن جميل قوله في الغزل:
وأستلذ بلائي فيك يا أملي 
ولست عنك مدى الأيام انصرف
إن قيل لي تتسلى عن مودته 
فما جوابي إلا اللام والألف[13]
ولو استطردنا في ذكر أبياته لتحقق ما ذهبنا إليه على التحقيق، ثم أليس القاضي علي بن عبدالعزيز الجرجاني صاحب الوساطة بين المتنبي وخصومه الذي هو مرجع الأدباء والنقاد؟ فإن قيل هذا ينتقد بأنه ناقد وليس كل ناقد شاعرا، نقول هو شاعر بارع في الشعر وميمته أصدق دليل على هذا[14].
بل لقد شهد شاعر من أفضل الشعراء في زمانه وكل زمان، وهو أبو العلاء المعري أحمد بن سليمان للقاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي بجودة شعره، بل شبهه بامرئ القيس حيث قال لما وفد عليه القاضي عبد الوهاب وضايفه أبو العلاء في بيته:
والمالكي بن نصر زار من سفر 
بلادنا فحمدنا النأي والسفر
إذا تفقه أحيا مالكا جدلا 
وينشر الملك الضليل إن شعرا[15]
والقاضي فقيه مالكي له التلقين والمعونة والإشراف وطبع له الممهد، وله ديوان مطبوع ينبئك بأنه شاعر مطبوع، فهذه شهادة أبي العلاء بشاعرية القاضي؛ فالنقاد يعرفون أبا العلاء وكفى بشهادته في هذا المقام فخرا وإعلاء، ومن أبيات القاضي التي تدلل على هذا قوله:
بغداد دار لأهل المال طيبة 
وللمفاليس دار أهل الضنك والضيق
ظللت حيران أمشي في أزقتها 
كأنني مصحف في بين ذنديق[16]
وأبياته في الجناس التام مثال يحتذى، وهي قوله:
تملكت يا مهجتي مهجتي****وأسهرت يا ناظري ناظري[17]
وللقاضي عبدالوهاب قصيدة غزلية للتفرقة بين السرقة والغصب، قلما أن يجود بها شاعر[18].
ومن هؤلاء ابن العربي المالكي، فله أبيات تنسال عزوبة ورقة، حيث قال:
أتتني تؤنبني بالبكاء 
فأهلا بها وبتأنيبها
تقول وفي قولها حشمة 
أتبكي بعين تراني بها
فقلت إذا استحسنت غيركم 
أمرت الدموع بتأديبها
وكذلك تعليق ابن الصفدي على أبيات ساقها لصدر الدين ابن الوكيل، وهي قوله:
شَجَجْتُ بالماء منها الرأس موضحةً *** فحين أعقلها بالخمس لا عجب قال: لو لم يقل الشيخ صدر الدين من الشعر إلا هذا البيت لكان قد أتى بشيء غريب نهاية في البديع، لقد غاص فيه على المعنى، ودق تخيّله فيه، وهذا شعرُ فقيه، ومن ذلك أيضا:
وما تركت بها الخمس التي وجبت 
وإن رأوا تركها من بعض ما يجب
وإن أقطب وجهي حين تبسم لي 
فعند بسط الموالي يحفظ الأدب
قال: وهذا البيت أيضًا بديع المعنى دقيقه، وقد اعتذر عن تقطيبه بأحسن عذر، وأوضحه[19]
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|