الطريق السابع: أخرجه أبو بكر الدينوري في «المجالسة» (949)، والطبراني في «الأوسط» (4465)، والعقيلي في «الضعفاء» (4/ 134)، من طريق عمر أبي حفص العبدي، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فخلل لحيته من تحت حنكه، وقال: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».
قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا عمر أبو حفص العبدي».
وقال العقيلي: «حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عن أبي حفص العبدي، فقال: تركنا حديثه وحرقناه».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 55): «عمر بن حفص، أبو حفص العبدي، كان ممن يشتري الكتب ويحدث بها من غير سماع، ويجيب فيما يُسأل وإن لم يكن مما حدث به، وهو الذي روى عن ثابت، عن أنس، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يخلل لحيته بالماء بأصابعه...» اهـ.
قلت: وقد توبع عمر بن حفص على هذا الحديث.
فقد أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (4/ 137)، من طريق عمر بن ذؤيب، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من وضوئه، أدخل يده فخلل لحيته، وقال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي».
قال العقيلي: «عمر بن ذؤيب، عن ثابت، مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولعله عمر بن حفص بن ذؤيب».
قلت: فيكون هو هو العبدي، ويؤيده قول الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا عمر أبو حفص العبدي».
الطريق الثامن: أخرجه البيهقي في «الكبير» (248)، من طريق معاذ بن أسد، قال: حدثنا الفضل بن موسى، قال: حدثنا السكري يعني أبا حمزة، عن إبراهيم الصائغ، عن أبي خالد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلل لحيته، وعنفقته بالأصابع، وقال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».
• معاذ بن أسد، كاتب ابن المبارك، ثقة، من رجال البخاري.
• والفضل بن موسى السِّيناني، ثقة، من رجال الشيخين.
• وأبو حمزة السكري، ثقة.
• وإبراهيم الصائغ؛ هو ابن ميمون، صدوق.
• وأبو خالد؛ هو محمد بن خالد الضبي.
قال الإمام أبو داود في «مسائله» (2035): «قلت لأحمد: محمد بن خالد، عن أنس في تخليل اللحية؛ أعني عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما أرى سمع من أنس شيئًا».
الطريق التاسع: أخرجه البزار (6671)، وابن عدي في «الكامل» (2/ 215)، والدارقطني في «سننه» (370)، وأبو الشيخ في «الطبقات» (4/ 214)، والضياء في «المختارة» (1866)، من طريق معلى بن أسد، عن أيوب بن عبد الله، عن الحسن، عن أنس رضي الله عنه، أنه قيل له: صف لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بطست، فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، وخلل لحيته، وقال: هكذا رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ.
قال البزار: «هذا الحديث لا نعلم رواه عن الحسن، عن أنس إلا أيوب بن عبد الله، وهو رجل من أهل البصرة لا نعلم حدث عنه إلا معلى بن أسد، ولا روى عن الحسن، عن أنس، إلا هذا الحديث» اهـ.
وقال ابن عدي في «الكامل» (2/ 215): «أيوب بن عبد الله هذا لم أجد له من الحديث غير هذا الحديث الواحد، وهو من هذا الطريق، لا يتابع عليه» اهـ.
وفيه أيضًا عنعنة الحسن.
الطريق العاشر: أخرجه إسماعيل الصفار (608)، وابن عدي في «الكامل» (10/ 350)، والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (2/ 525)، من طريق شاذ بن فياض، قال: حدثنا هاشم بن سعيد، عن محمد بن زياد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته بأصابع كفيه، ويقول: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي جَلَّ وَعَزَّ».
قال ابن عدي بعدما ذكر لهاشم عدة أحاديث: «وهاشم بن سعيد له من الحديث غير ما ذكرت، ومقدار ما يرويه لا يتابع عليه».
وفي ترجمته في «الجرح والتعديل»: (9/ 105): قال أحمد: «ما أعرفه».
وقال ابن معين: «ليس بشيء».
وقال أبو حاتم: «ضعيف الحديث».
وقال أبو زرعة في «سؤالات البرذعي» (195): «هاشم الكوفي، شيخ، حدث عن محمد بن زياد بحديثين منكرين».
• وشاذ بن فياض، واسمه هلال.
قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 78): «صدوق ثقة».
• ومحمد بن زياد؛ هو الجمحي، ثقة.
الطريق الحادي عشر: أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (2/ 10)، من طريق عبد الله بن الحسين بن جابر البغدادي، عن محمد بن المبارك الصوري، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته.
قال ابن حبان: «عبد الله بن الحسين بن جابر البغدادي، سكن المصيصة، يقلب الأخبار، ويسرقها، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد».
الطريق الثاني عشر: أخرجه ابن عدي في «الكامل» (5/ 85) و (5/ 312)، من طريق سلام الطويل، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم، فخلل لحيته، ثم قال: «بِهَذَا - أو - هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ».
قال ابن عدي: «وهذا الحديث ليس البلاء فيه من زيد العمي، البلاء من الراوي عنه سلام الطويل، ولعله أضعف منه».
• سلام الطويل.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 133): «تركوه».
وقال ابن معين في «سؤالات ابن الجنيد» (871): «ليس بشيء».
وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (4/ 260): «تركوه».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 426): «يروي عن الثقات الموضوعات، كأنه كان المتعمد لها».
وقال ابن حجر في «التقريب»: «متروك».
• وزيد بن الحواري أبو الحواري العمي البصري.
جاء في «الجرح والتعديل» (3/ 560، 561): «قيل لأحمد بن حنبل: زيد العمي؟ قال: صالح، روى عنه سفيان وشعبة، وهو فوق يزيد الرقاشي، وفوق فضل بن عيسى.
سمعت أبي يقول: زيد العمي ضعيف الحديث، يُكتب حديثه ولا يُحتج به، كان شعبة لا يحمد حفظه.
سمعت أبا زرعة يقول: زيد العمي ليس بقوي، واهي الحديث، ضعيف» اهـ.
وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 386، 387): «يروي عن أنس أشياء موضوعة لا أصل لها، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وكان يحيى مَرَّض القول فيه، وهو عندي لا يجوز الاحتجاج بخبره، ولا كتابة حديثه، إلا للاعتبار، سمعت الحنبلي، يقول: سمعت أَحمد بن زهير، يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: لا يجوز حديث زيد العمي، وكان أميل من يزيد الرقاشي» اهـ.
ثالثًا: حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
أخرجه ابن ماجه (432)، وابن عدي في «الكامل» (8/ 350)، والدارقطني في «سننه» (374) و (555)، والبيهقي في «الكبير» (249)، وابن عساكر في «تاريخه» (37/ 261)، من طريق عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني عبد الواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عرَك عارضيه بعض العرْك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها.
• عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، كاتب الأوزاعي، وُثِّق، ولكن فيه كلام.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 45): «ربما يخالف في حديثه».
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (398): «ليس بالقوي».
وقال ابن عدي في «الكامل» (8/ 412): «تفرد عن الأوزاعي بغير حديث لا يرويه غيره، وهو ممن يكتب حديثه».
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 11): «أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إليَّ، قال: قال أبي: كان بالشام رجل من اصحاب الأوزاعي، يقال له: ابن أبي العشرين، وكان ثقة، وكان أبو مسهر يرضاه.
أخبرنا أبي، قال: سألت دحيمًا، قلت: ابن أبي العشرين أحب إليك أو الوليد بن مزيد؟ فقال ابن أبي العشرين كاتب الأوزاعي أحب إليَّ، قلت: ابن أبي العشرين كان صاحب حديث؟ فأومأ برأسه؛ أي: لا.
سألت أبي عن ابن أبي العشرين، ثقة هو؟ قال: كان كاتب ديوان، لم يكن صاحب حديث.
سئل أبو زرعة عن عبد الحميد بن حبيب، فقال: دمشقي ثقة، حديثه مستقيم، وهو من المعدودين في أصحاب الأوزاعي» اهـ.
• وعبد الواحد بن قيس، قد تقدم كلام الأئمة فيه.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 23): «أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: أخبرنا علي بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد، وذُكِر عنده عبد الواحد بن قيس الذي روى عنه الاوزاعي، فقال: كان شبه لا شيء، قلت ليحيى: كيف كان؟ قال كان الحسن ابن ذكوان يحدث عنه بعجائب.
سمعت أبي يقول: لا يعجبني حديثه» اهـ.
وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 138): «ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج بما يخالف الثقات، وإن اعتبر معتبر بحديثه الذي لم يخالف الأثبات فيه، فحسن» اهـ.
وغير ابن أبي العشرين روى هذا الحديث من طريق عبد الواحد بن قيس، فجعله من مسند أنس رضي الله عنه، كما تقدم.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 484، 485): «سألت أبي عن حديث رواه ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن عبدالواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ، عرك عارضيه، وشبك بين لحييه؟
قال أبي: روى هذا الحديث الوليد، عن الأوزاعي، عن عبد الواحد، عن يزيد الرقاشي وقتادة؛ قالا: كان النبي صلى الله عليه وسلم [مرسلًا] وهو أشبه [بالصواب]» اهـ.
وقد نقل كلام ابن أبي حاتم الدارقطني والبيهقي في «سننيهما» عقب الحديث.
وحاصل هذا الطريق أنه معل بأربع علل:
العلة الأولى: ضعف عبد الواحد بن قيس.
العلة الثانية: ضعف ابن أبي العشرين عند بعضهم.
العلة الثالثة: الخلاف في جعله من مسند أنس، أو مسند ابن عمر.
العلة الرابعة: الخلاف في وصله وإرساله.
وهناك علة خامسة: وهي أنه رُوِي موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما.
فقد أخرجه الدارقطني في «سننه» (375)، ومن طريقه البيهقي في «الكبير» (251)، من طريق أبي المغيرة، عن الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، عن نافع، أن ابن عمر كان إذا توضأ يعرك عارضيه، ويشبك لحيته بأصابعه أحيانًا ويترك أحيانًا.
قال الدارقطني: «لم يرفعه، وهو الصواب».
وأيده عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (1/ 173)، فقال: «والصحيح أنه من فعل ابن عمر غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم».
قلت: إن كان قصد الإشبيلي أنه صحيح من فعل ابن عمر من غير هذا الطريق، فهو صواب، وإن كان قصد أنه صحيح من نفس هذا الطريق، فهو خطأ؛ لأن هذا الطريق فيه عبد الواحد بن قيس، وهو ضعيف؛ والدارقطني لم يقل في الموقوف: صحيح؛ وإنما قال: إن رواية أبي المغيرة بوقفه هي الصواب، فاعلم ذلك.
قلت: وما ذهب إليه الدارقطني والإشبيلي في ترجيح الرواية الموقوفة، هو الصواب؛ فأبو المغيرة هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وهو أوثق من ابن أبي العشرين، وقد احتج به الشيخان.
وأما ابن القطان فذهب إلى أن الرواية الموقوفة لا تعل الرواية المرفوعة، وتعقب في ذلك عبد الحق الإشبيلي، فقال في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 364): «وقد يظن أن تعليله إياه هو ما ذكر من وقفه ورفعه، وليس ذلك بصحيح؛ فإنه إنما كان يصح أن يكون هذا علة، لو كان رافعه ضعيفًا، وواقفه ثقة؛ ففي مثل هذا الحال كان يصدق قوله: الصحيح موقوف من فعل ابن عمر.
أما إذا كان رافعه ثقة، وواقفه ثقة، فهذا لا يضره، ولا هو علة فيه؛ وهذا حال هذا الحديث؛ فإن رافعه عن الأوزاعي، هو عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين كاتبه، وواقفه عنه، هو أبو المغيرة، وكلاهما ثقة، فالقضاء للواقف على الرافع يكون خطأ؛ وبعد هذا، فعلة الخبر هي غير ذلك، وهي ضعف عبد الواحد بن قيس، راويه عن نافع عن ابن عمر» اهـ.
وقد تعقب ابن دقيق العيد ابن القطان بكلام جيد متين.
قال ابن دقيق العيد في «الإمام» (1/ 499): «وقول ابن القطان: «إنما كان يصح أن يكون هذا علة، لو كان رافعه ضعيفًا، وواقفه ثقة»؛ في هذا الحصر نظر، فقد يأخذون ذلك من كثرة الواقفين، أو تقديم مرتبة الواقف على الرافع، ولعل هذا منه عند من قال ذلك، فإن أبا المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، احتج به الشيخان، وعبد الحميد روى له الترمذي وابن ماجه، ووثقه الرازي، وقال ابن معين: «ليس به بأس»، وقال العجلي قريبًا منه، وقال النسائي: «ليس بالقوي»، وقال البخاري: «ربما يخالف في حديثه»، وقدمه هشام بن عمار على أصحاب الأوزاعي، فقال في حكاية: «أوثق أصحابه كاتبه عبد الحميد»؛ ولعل أبا الحسن ابن القطان أراد: إنما يصح ذلك في النظر الصحيح عنده» اهـ.
قلت: أي: في النظر الصحيح عنده أن ابن العشرين يتساوى مع أبي المغيرة.
وهذا ما ذهب إليه ابن سيد الناس: أن ابن أبي العشرين يتساوى مع أبي المغيرة في الأوزاعي؛ لأن لابن أبي العشرين اختصاصًا بالأوزاعي.
قال ابن سيد الناس في «النفح الشذي» (1/ 322/ 323): «أما ما ذكره ابن القطان، فليس بعيدًا من حيث النظر إذا استويا في مرتبة الثقة والعدالة، أو تقاربا؛ كما هو ها هنا؛ لأن الرفع زيادة على الوقف، وقد جاء عن ثقة، فسبيله القبول، وهذا هو الذي زعمه ابن الصلاح، فإن كان نظرًا منه، فهو نظر صحيح، وإن كان نقلًا عن من تقدم، فليس للناس في ذلك عمل مطرد.
وأبو المغيرة هو: عبد القدوس بن الحجاج الشامي، احتج به الشيخان. وابن أبي العشرين: روى له الترمذي، وابن ماجه؛ فإن كان عبد القدوس مرجحًا على عبد الحميد، فإن لعبد الحميد اختصاصًا بالأوزاعي يوجب له مزية فيما يروي عنه: كان كاتبه، وقدمه هشام بن عمار على أصحاب الأوزاعي، فقال في حكاية: «أوثق أصحابه كاتبه عبد الحميد»، وعُرف عن يحيى بن معين أن قوله: «ليس به بأس»؛ يعني به: الثقة.
فليس بمقصر في الأوزاعي عن درجة أبي المغيرة، وإن احتمل أن يقصر عنه في غيره» اهـ.
قلت: فإذا انتفت هذه العلة، فتبقى العلل الأربع الأخرى.
وقد روي هذا الحديث عن ابن عمر من طريق أخرى.
فقد أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1363)، من طريق مؤمل بن إسماعيل، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا توضأ خلل لحيته، وأصابع رجليه، ويزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن عمر إلا مؤمل».
• مؤمل بن إسماعيل، صدوق سيئ الحفظ.
• عبد الله بن عمر العمري.
قال الإمام أحمد كما في «الضعفاء» للعقيلي (3/ 282): «كان يزيد في الأسانيد، ويخالف، وكان رجلًا صالحًا».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 498): «كان ممن غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن حفظ الأخبار، وجودة الحفظ للآثار، فوقع المناكير في روايته، فلما فحش خطؤه استحق الترك، وهو الذي روى عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته» اهـ.
رابعًا: حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما.
أخرجه الطيالسي (680)، والحميدي (146)، وأبو عبيد في «الطهور» (310)، وابن أبي شيبة (98) و (36458)، والترمذي (29)، وابن ماجه (429)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 696)، وأبو يعلى (1604)، والطوسي في «مستخرجه» (27)، والحاكم (528)، والبيهقي في «معرفة السنن» (715)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (49/ 59)، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية، عن حسان بن بلال، قال: رأيت عمارًا توضأ، وخلل لحيته، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
وأخرجه الحميدي (147)، والترمذي (30)، وابن ماجه (429)، والطبراني في «الأوسط» (2395)، والحاكم (528)، وأبو نعيم في «الحلية» (7/ 317)، والبيهقي في «معرفة السنن» (716)، عن سفيان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.
قال الترمذي: «سمعت إسحاق بن منصور يقول: قال أحمد بن حنبل: قال ابن عيينة: لم يسمع عبد الكريم من حسان بن بلال حديث التخليل» اهـ.
وقال الحاكم كما في «إتحاف المهرة» (11/ 719): «صحيح».
ووقع عند الحاكم: «عبد الكريم الجزري» بدل: «عبد الكريم بن أبي المخارق»، فتعقبه ابن حجر في «إتحاف المهرة بقوله: «قوله: إنه صحيح غير صحيح؛ بل هو معلول، وما وقع عنده في نسب عبد الكريم، وهَمٌ، وإنما هو أبو أمية، وقد ضعفه الجمهور».
قلت: والظاهر أن الحاكم نسبه مِن عنده اجتهادًا منه وليس رواية، وهو يقع منه ذلك في مواضع.
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/31): «وروى ابن عيينة، عن عبد الكريم: قال حسان بن بلال، عن عمار: خلل النبي صلى الله عليه وسلم لحيته، ولم يسمع عبد الكريم من حسان. وقال ابن عيينة مرة: عن سعيد، عن قتادة، عن حسان، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح حديث سعيد» اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 487، 488): «سألت أبي عن حديث رواه ابن عيينة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ في تخليل اللحية؟
قال أبي: لم يحدِّث بهذا أحد سوى ابن عيينة، عن ابن أبي عروبة.
قلت: هو صحيح؟
قال: لو كان صحيحًا، لكان في مصنفات ابن أبي عروبة، ولم يذكر ابن عيينة في هذا الحديث الخبر؛ وهذا أيضًا مما يوهنه» اهـ.
وقال ابن دقيق العيد في «الإمام» (1/ 491، 492) بعد ذكره لكلام ابن أبي حاتم: «وفهمت من المكتوب هاهنا ما معناه: أن ابن عيينة لم يذكر في هذا الحديث السماع، أو الخبر، أو ما يقارب هذا، قال: «وهذا أيضًا مما يوهنه». قلت: أما كونه ليس في كتب ابن أبي عروبة، فليس بالعلة القوية بانفراده، ولكن لعله يضمه إلى ما يقع لسفيان من تدليس أحيانًا، مع كونه لم يذكر السماع» اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (11/ 719): «قال ابن دقيق العيد: ليس هذا بعلة قوية. قلت: قد بيَّن ابن المديني علة هذا الحديث، فقال: لم يسمعه قتادة إلا من عبد الكريم. والله أعلم».
وقال في «التلخيص» (1/ 149): «وأما حديث عمار، فرواه الترمذي، وابن ماجه، وهو معلول، أحسن طرقه ما رواه الترمذي، وابن ماجه، عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عنه، وحسان ثقة، لكن لم يسمعه ابن عيينة من سعيد، ولا قتادة من حسان» اهـ.
خامسًا: حديث أبي أيوب رضي الله عنه.
أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (312)، وابن ماجه (433)، والعقيلي في «الضعفاء» (6/ 237)، وابن عدي في «الكامل» (10/ 288)، عن محمد بن ربيعة الكلابي، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته.
ومحمد بن ربيعة الكلابي، صدوق، وقد توبع على هذا الحديث.
فقد أخرجه أحمد (23541)، وعبد بن حميد (218)، والشاشي في «مسنده» (1137)، والترمذي في «العلل» (20)، وابن سَمُّويه في «فوائده» (25)، عن محمد بن عبيد، قال: حدثنا واصل الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ تمضمض، ومسح لحيته من تحتها بالماء.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (4/ 178) (4068)، من طريق سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدثني أبي، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ، استنشق ثلاثًا، وتمضمض، وأدخل إصبعيه في فمه، وكان يبلغ براحتيه إذا غسل وجهه ما أقبل من أذنيه، وإذا مسح رأسه مسح بإصبعيه ما أدبر من أذنيه مع رأسه، وخلل لحيته.
قال الترمذي: «سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هذا لا شيء، فقلت: أبو سورة ما اسمه؟ فقال: لا أدري ما يصنع به، عنده مناكير، ولا يعرف له سماع من أبي أيوب» اهـ.
وواصل بن السائب الرقاشي.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 173): «منكر الحديث».
وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 31): «منكر الحديث».
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (600): «متروك الحديث».
وقال ابن عدي في «الكامل» (10/ 289): «أحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 429): «كان ممن يروي عن عطاء ما ليس من حديثه، وعن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، فسقط الاحتجاج به لما ظهر ذلك منه» اهـ.
يتبع