عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-07-2023, 02:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تخريج حديث: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه

تخريج حديث: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (2)
الشيخ محمد طه شعبان


استكمالًا لتخريج حديث: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» (1/ 145).




واعلم أن هذا الطريق هو أقوى طرق هذا الحديث؛ ولذلك صدرت البحث بذكره؛ لننظر في شواهده بعد ذلك، وهل هذه الشواهد تقويه أو لا.

وإليك بيان هذه الشواهد:
ثانيًا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه من طريقين.

الطريق الأول: أخرجه أحمد (9418)، وأبو داود (101)، والترمذي في «العلل» (17)، وابن ماجه (399)، وأبو يعلى (6409)، والطبراني في «الأوسط» (8080)، وفي «الدعاء» (379)، والدارقطني في «سننه» (256) و (257)، والحاكم (518) و (519)، وابن السكن كما في «التلخيص الحبير» (1/ 123)، والبيهقي في «الكبير» (183) و (195)، والبغوي في «شرح السنة» (209)، من طريق محمد بن موسى بن أبي عبد الله الفطري المخزومي، عن يعقوب بن سلمة الليثي، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ».

قلت: هذا الطريق فيه ثلاث علل:
العلة الأولى: جهالة يعقوب بن سلمة الليثي.
العلة الثانية: جهالة أبي يعقوب.
العلة الثالثة: الانقطاع في موضوعين من الإسناد.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 76): «سلمة الليثي، عن أبي هريرة، روى محمد بن موسى، عن يعقوب بن سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة: «لا وضوء لمن لم يسم»؛ ولا يُعرف لسلمة سماع من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه» اهـ.

وقال الترمذي في «العلل» عقب الحديث: «فسألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: محمد بن موسى المخزومي، لا بأس به، مقارب الحديث، ويعقوب بن سلمة مدني، لا يعرف له سماع من أبيه، ولا يعرف لأبيه سماع من أبي هريرة. قال الترمذي: سمعت إسحاق بن منصور يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد» اهـ.

قال ابن الملقن في «البدر المنير» (2/ 70): «وحاصل ما يُعلَّل به هذا الحديث: الضعف والانقطاع، أما الضعف فيعقوب بن سلمة لا أعرف حاله، وقال الذهبي في «الميزان»: شيخ، ليس بعمدة. وأما أبوه سلمة فلم يعرف حاله المزي، ولا الذهبي... وأما الانقطاع...»، فذكر كلام البخاري.

وقال أيضًا (2/ 72): «وأغرب أبو الفرج ابن الجوزي، فقال في كتابه «التحقيق»: هذا حديث جيد. والحافظ أبو محمد المنذري، فقال: هذا الحديث أجود أحاديث الباب. قال: وقد روي في هذا المعنى أحاديث ليست بمستقيمة. قال شيخنا أبو الفتح اليعمري: وفيما قاله المنذري نظر؛ لانقطاع حديث أبي هريرة هذا من وجهين. قلت: لا شك فيه، بل هو ضعيف لوجهين كما قررته لك، وأما ابن السكن فإنه ذكره في «صحاحه»، وهو تساهل منه؛ كما يعرف ذلك من نظر في كتابه هذا» اهـ.

وقد وهم الإمام الحاكم فانقلب عليه اسم يعقوب بن سلمة إلى يعقوب بن أبي سلمة، فظنه الماجشون، فصحح الحديث لذلك؛ لأن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون ثقة.

قال الإمام الحاكم رحمه الله: «هذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة دينار، ولم يخرجاه، وله شاهد».

فتعقبه ابن دقيق العيد في «الإمام» (1/ 445) بأنه الليثي، وليس الماجشون.

وتعقبه أيضًا الذهبي في «التلخيص» بأنه الليثي، وليس الماجشون، قال: «وإسناده فيه لين».

وتعقبه الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» (1/ 123)، فقال: «رواه الحاكم من هذا الوجه، فقال: يعقوب بن أبي سلمة، وادعى أنه الماجشون، وصححه لذلك، والصواب أنه الليثي، قال البخاري: لا يُعرف له سماع من أبيه، ولا لأبيه من أبي هريرة، وأبوه ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال: ربما أخطأ، وهذه عبارة عن ضعفه؛ فإنه قليل الحديث جدًّا، ولم يرو عنه سوى ولده، فإذا كان يخطئ مع قلة ما روى، فكيف يوصف بكونه ثقة! قال ابن الصلاح: انقلب إسناده على الحاكم، فلا يُحتج لثبوته بتخريجه له، وقال ابن دقيق العيد: لو سلم للحاكم أنه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة: دينار، فيحتاج إلى معرفة حال أبي سلمة، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، فلا يكون أيضًا صحيحًا» اهـ.

وقال في «نتائج الأفكار» (1/ 225): «أخرجه الحاكم في «المستدرك»، من طريق محمد بن نعيم، ومحمد بن شاذان، والحسن بن سفيان، ثلاثتهم عن قتيبة، وصححه، وتُعقب بأنه وقع في روايته: يعقوب بن أبي سلمة، فظنه الماجشون، أحد رواة «الصحيح»، فصححه لذلك، وهو خطأ؛ وإنما هو يعقوب بن سلمة، لا ابن أبي سلمة، وهو شيخ قليل الحديث ما روى عنه من الثقات سوى محمد بن موسى، وأبوه مجهول، ما روى عنه سوى ابنه، وقد نقل الترمذي عن البخاري، قال: لا يعرف ليعقوب سماع من أبيه، ولا لأبيه سماع من أبي هريرة» اهـ.

فتبين بهذا أن هذا إسناد ساقط، وأن قول الشوكاني في «الدراري المضية» (1/ 42) الذي نقله عنه الحويني: «ليس في إسناده ما يسقطه عن درجة الاعتبار»؛ قول في غاية السقوط؛ لأن إسنادًا فيه راويان مجهولان، وانقطاع، هو إسناد ساقط بلا شك.

الطريق الثاني: أخرجه الآجري في «الشريعة» (1132)، والدارقطني في «سننه» (222)، والبيهقي في «الكبير» (196)، من طريق محمود بن محمد أبي يزيد الظفري، عن أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَوَضَّأَ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، وَمَا صَلَّى مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ».

قال الذهبي في «التنقيح» (1/ 45): «هذا منكر».

قلت: هذا الإسناد فيه علتان:
العلة الأولى: الانقطاع.
قال البيهقي عقبه: «وهذا الحديث لا يُعرف من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه، وكان أيوب بن النجار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثًا واحدًا، وهو حديث: التقى آدم وموسى، ذكره يحيى بن معين، فيما رواه عنه ابن أبي مريم، فكان حديثه هذا منقطعًا. والله أعلم» اهـ.

العلة الثانية: ضعف محمود الظفري.
ذكره الذهبي في «الميزان» (4/ 303)، وقال: «قال الدارقطني: ليس بالقوي، فيه نظر» اهـ.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر العلتين في «اللسان» (8/ 9)، فقال: «محمود بن محمد الظفري، شيخ يحيى بن صاعد، حدث عن أيوب بن النجار. قال الدارقطني: ليس بالقوي، فيه نظر.

حدثنا ابن صاعد، حدثنا محمود بن محمد الظفري، حدثنا أيوب بن النجار، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه». انتهى. وللحديث علة أخرى؛ لأن ابن معين قال عن أيوب بن النجار: لم يسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثًا واحدًا: احتج آدم وموسى» اهـ.

ثالثًا: حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه.
أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (52)، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، واسمه: ثمامة بن وائل، عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، قال: سمعت جدتي، تحدث أنها سمعت أباها، أما ابن أبي مريم فلم يسمه، وقال غيره: هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ». قال سليمان بن بلال: وقد سمعته من أبي ثفال.

سعيد بن أبي مريم، ثقة ثبت.
وعبد الرحمن بن حرملة؛ هو المديني، الأسلمي، أبو حرملة.
قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (5/ 223): «يكتب حديثه، ولا يحتج به».

وسليمان بن بلال، ثقة، وقد تابع عبد الرحمن بن حرملة؛ كما ذكر أنه سمعه من أبي ثِفال.

وقد أخرجه من طريق سليمان بن بلال، عن أبي ثفال أيضًا: الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (108)، والحاكم في «المستدرك» (6899)، وابن عساكر في «تاريخه» (18/ 26).

فيبقى معنا معرفة حال أبي ثفال، ورباح بن عبد الرحمن، وجدته.
أما أبو ثفال؛ فهو ثمامة بن وائل بن حصين المري.
قال البخاري كما في «الضعفاء» للعقيلي (1/ 484): «في حديثه نظر».

وذكره ابن حبان في «الثقات»، وأورد هذا الحديث عنه، ثم قال (8/ 158): «ولكن في القلب من هذا الحديث؛ لأنه قد اختلف على أبي ثفال فيه؛ قال حماد بن سلمة: عن صدقة، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب، أن النبي صلى الله عليه وسلم، وابنة سعيد بن زيد ليس يُدرى من اسمها هذا» اهـ.

وكذا ذكره الذهبي في «الميزان» (5/ 227)، وذكر حديثه هذا، وقال: «ما هو بقوي، ولا إسناده بمرضي».

وقال أبو حاتم وأبو زرعة في «العلل» (1/ 594): «مجهول»، وكذلك قال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 314).

وقال البيهقي عقب هذا الحديث: «وأبو ثفال، ليس بالمعروف جدًّا».
ورباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، مجهول الحال.
قال أبو حاتم وأبو زرعة في «العلل» (1/ 594): «مجهول».

وترجمه البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 314)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/ 489)، والمزي في «التهذيب» (9/ 45)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

ولا ينفعه ذكر ابن حبان له في «الثقات».

وجدته هي؛ أسماء بنت سعيد بن زيد؛ وقد ذكرها الحافظ في «التقريب»، وقال: «لم تُسَم في الكتابين، وسماها البيهقي؛ ويقال: إن لها صحبة».

قلت: وقد سميت في رواية الحاكم.

قال الحافظ في «التلخيص» (1/ 127): «وأما حالها فقد ذُكِرت في الصحابة، وإن لم يثبت لها صحبة، فمثلها لا يسأل عن حالها».

قلت: بل قال أبو عبيد في «الطهور» (ص144): «كان بعض أهل الحديث يطعن في إسناده؛ لمكان المرأة المجهولة» اهـ.

ثم لو سلمنا بعدم هذه العلة، فإنه يبقى ضعف أبي ثفال، وجهالة حال رباح بن عبد الرحمن.

قال ابن الجوزي في «العلل المتناهية في الأحاديث الواهية» (1/ 338) بعدما ذكر هذا الطريق: «هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم».

وقال ابن دقيق العيد في «الإمام» (1/ 448): «أبو ثفال مشهور، ورباح بن عبد الرحمن وجدته لا نعلمهما رويا إلا هذا الحديث، ولا حدث عن رباح إلا أبو ثفال؛ فالخبر من جهة النقل لا يثبت» اهـ.

وقال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 314): «ففي إسناد هذا الكلام ثلاثةٌ مجاهيل الأحوال:
أولهم: جدة رباح، فإنها لا تُعرف بغير هذا، ولا يُعرف لها اسم ولا حال، وغاية ما تعرفنا بهذا أنها ابنة لسعيد بن زيد رضي الله عنه.

والثاني: رباح المذكور، فإنه مجهول الحال كذلك، ولم يعرف ابن أبي حاتم من حاله بأكثر مما أخذ من هذا الإسناد: من روايته عن جدته، ورواية أبي ثفال عنه.

والثالث: أبو ثفال المذكور، فإنه - أيضًا - مجهول الحال كذلك، وهو أشهرهم؛ لرواية جماعة عنه» اهـ.

وقد أخرجه عن عبد الرحمن بن حرملة أيضًا: عفان بن مسلم في «أحاديثه» (15)، وابن أبي شيبة (15)، وأحمد (16651) و (23236) و (27145) و (27147)، والترمذي في «الجامع» (25)، وفي «العلل» (16)، والبزار كما في «الإمام» (1/ 448)، وابن المنذر في «الأوسط» (344)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (24)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (107)، والعقيلي (1/ 484)، وأبو يعلى في «معجمه» (255)، والطبراني في «الدعاء» (374) و (375) و (376) و (377)، والآجري في «الشريعة» (1125)، وابن المقرئ في «الأربعون» (20)، والدارقطني في «سننه» (225) و (226) و (227) و (228) و (229) و (230)، وفي «المؤتلف والمختلف» (2/ 1029)، وابن شاهين في «فضائل الأعمال» (96)، والبيهقي في «الكبير» (193) و (194)، وابن عساكر في «تاريخه» (18/ 26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (117) و (119)، وفي «العلل المتناهية» (551).

قال الترمذي عقبه في «الجامع»: «وفي الباب عن عائشة، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وسهل بن سعد، وأنس. قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد، وقال إسحاق: إنْ ترك التسمية عامدًا أعاد الوضوء، وإن كان ناسيًا أو متأولًا أجزأه قال محمد: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن، ورباح بن عبد الرحمن، عن جدته، عن أبيها، وأبوها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبو ثفال المري اسمه ثمامة بن حصين، ورباح بن عبد الرحمن، هو أبو بكر بن حويطب؛ منهم من روى هذا الحديث، فقال: عن أبي بكر بن حويطب، فنسبه إلى جده» اهـ.

وقال في «العلل»: «فسألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: ليس في هذا الباب حديث أحسن عندي من هذا، ورباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان، عن جدته، عن أبيها، أبوها سعيد بن زيد. قلت له: أبو ثفال المري ما اسمه؟ فلم يعرف اسمه، وسألت الحسن بن علي الخلال، فقال: اسمه ثمامة بن حصين. قال الترمذي: رباح بن عبد الرحمن؛ هو أبو بكر بن حويطب فنسب إلى جده، وروى هذا الحديث وكيع، عن حماد بن سلمة، عن صدقة مولى آل الزبير، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا حديث مرسل» اهـ.

قال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 313): «قول البخاري: إنه أحسن شيء في هذا الباب، قد يوهم فيه أنه حسن، وليس كذلك، وما هو إلا ضعيف جدًّا؛ وإنما معنى كلام البخاري: إنه أحسن ما في الباب على علته» اهـ.

وروى العقيلي، عن ابن هانئ، قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: التسمية في الوضوء؟ فقال: أحسن شيء فيه حديث رُبيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قلت: فحديث عبد الرحمن بن حرملة؟ قال: لا يثبت» اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 594): «وسمعت أبي وأبا زرعة وذكرت لهما حديثًا رواه عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال، قال: سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب؛ قال: أخبرتني جدتي، عن أبيها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله»؟

فقالا: ليس عندنا بذاك الصحيح؛ أبو ثفال مجهول، ورباح مجهول» اهـ.

وقد رُوي الحديث من طرق أخرى عن أبي ثفال.

فقد أخرجه الطيالسي (240)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين» (2/ 98)، وأبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (1/ 360)، عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي ثِفال، عن ابن حويطب بن عبد العزى، عن جدته، عن أبيها، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ».

الحسن بن أبي جعفر؛ هو الجفري، أبو سعيد، البصري، واسم أبي جعفر: عجلان، وقيل: عمرو.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 288): «منكر الحديث، قال إسحاق: ضعفه أحمد».

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/ 29): «أخبرنا ابن أبي خيثمة، فيما كتب إليَّ، قال: سئل يحيى بن معين عن الحسن بن أبي جعفر، فقال: لا شيء.

وعن عمرو بن علي، قال: الحسن بن أبي جعفر رجل صدوق، منكر الحديث، كان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه، وكان يحيى لا يحدث عنه.

وسألت أبي عن الحسن بن أبي جعفر الجفري، فقال: ليس بقوي في الحديث، كان شيخًا صالحًا، في بعض حديثه إنكار.

وسئل أبو زرعة عن الحسن بن أبي جعفر، فقال: ليس بالقوي» اهـ.
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (155): «متروك الحديث».

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 287): «وكان الحسن بن أبي جعفر من المتعبدين المجابين الدعوة في الأوقات، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه، واشتغل بالعبادة عنها، فإذا حدث وهِمَ فيما يروي، وقلب الأسانيد، وهو لا يعلم، حتى صار ممن لا يحتج به، وإن كان فاضلًا» اهـ.

وأخرجه أحمد (16652)، وابن ماجه (398)، والطبراني في «الدعاء» (373)، وابن شاهين في «فضائل الأعمال» (94)، وابن عساكر في «تاريخه» (18/ 26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (118)، من طريق يزيد بن عياض، قال: حدثنا أبو ثفال، عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان، أنه سمع جدته بنت سعيد بن زيد، تذكر أنها سمعت أباها سعيد بن زيد، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ».

ويزيد بن عياض، كذاب متروك.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 351): «منكر الحديث».

وفي «الجرح والتعديل» (9/ 283): «عن عبد الرحمن بن القاسم، قال: سألت مالكًا عن ابن سمعان، فقال: كذاب، قلت: يزيد بن عياض، قال: أكذب وأكذب.

وعن العباس بن محمد الدوري، قال سمعت يحيى بن معين يقول: يزيد بن عياض، ضعيف ليس بشيء.

وعن أحمد بن صالح: أظن يزيد بن عياض كان يضع للناس؛ يعني الحديث.
وسألت أبي عن يزيد بن عياض، فقال: ضعيف الحديث، منكر الحديث.

وسئل أبو زرعة عن يزيد بن عياض، فقال: ضعيف الحديث، وانتهى إلى حديثه فيما كان يقرأ علينا، فقال: اضربوا على حديثه، ولم يقرأ علينا»اهـ.

وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (647): «متروك الحديث».
وقال في موضع آخر كما في «التهذيب» (32/ 225): «كذاب».

تنبيه على اختلافات في حديث سعيد بن زيد:
وردت بعض الطرق لحديث سعيد بن زيد فيها بعض الاختلافات، وقد نص الأئمة على خطأ هذه الطرق.

فقد أخرج الحديث الإمام أحمد (27146)، قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا أبو معشر، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب، عن جدته، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، به.
فسقط هنا قوله: «عن أبيها».

وأخرجه الدولابي في «الكنى» (657)، من طريق موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أنبأنا صدقة؛ هو مولى آل الزبير، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَمْ يُؤْمِنْ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ».

فسقطت هنا جدة ابن حويطب، وأبوها سعيد بن زيد.
وصدقة مولى آل الزبير، مجهول.

وأخرجه الطحاوي في «معاني الآثار» (109)، من طريق محمد بن سعيد، عن الدراوردي، عن ابن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبد الرحمن العامري، عن ابن ثوبان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.

فجعل الحديث من مسند أبي هريرة رضي الله عنه، وزاد في الإسناد محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان.

وأخرجه الطبراني في «الدعاء» (378)، من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي أيضًا، عن أبي ثفال المري، قال: سمعت رباح بن عبد الرحمن بن حويطب، يحدث عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة.

فهذا الإسناد عن الدراوردي أيضًا كسابقه، ولكن سقط منه ابن حرملة.

وأخرجه الشاشي في «مسنده» (228)، ومن طريقه الضياء في «المختارة» (1104)، عن محمد بن علي الوراق، عن عفان، عن وهيب، عن عبد الرحمن بن حرملة، أنه سمع أبا غالب، يحدث يقول: سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، يقول: حدثتني جدتي، أنها سمعت أباها، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِي، وَلَا يُؤْمِنُ بِي مَنْ لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ».

فأُدخل في هذا الإسناد أبو غالب بين حرملة ورباح.

وقد أشار أبو حاتم إلى خطأ هذه الأسانيد، وأن الصواب: عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال، عن رباح، عن جدته، عن أبيها.

قال ابن أبي حاتم في «العلل» (6/ 359، 360): «وسألت أبي عن حديث رواه أسد بن موسى؛ قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن إسحاق بن حازم - أو خازم، شك أسد - قال: أخبرني عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، عن ثفال بن أبي ثفال، عن رباح بن عبد الرحمن بن شيبان، عن أمه بنت زيد بن نفيل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يحبب الله من لم يحببني، ولم يحببني من لم يحبب الأنصار، ولا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه»؟

قال أبي: هذا خطأ في مواضع، والصحيح: عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب، عن جدته، عن أبيها سعيد ابن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم».

وفي الحديث اختلافات أخرى ذكرها الدارقطني في «العلل» (4/ 434- 436).

حيث سئل عن حديث ابنة سعيد بن زيد، عن أبيها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله»؟

فقال: «هو حديث يرويه أبو ثفال المري، واختُلف عنه؛ فرواه عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، عن أبي ثفال، واختلف عنه؛ فقال وهيب، وبشر بن المفضل، وابن أبي فديك، وسليمان بن بلال، عن أبي حرملة، عن أبي ثفال، عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن جدته، عن أبيها، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأبوها هو سعيد بن زيد.

وخالفهم حفص بن ميسرة، وأبو معشر نجيح، وإسحاق بن حازم، فرووه عن أبي حرملة، عن أبي ثفال، عن رباح، عن جدته، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا أباها في الإسناد.

ورواه يزيد بن عياض بن جعدبة، والحسن بن أبي جعفر الجفري، وعبد الله بن جعفر بن نجيح المدني، عن أبي ثفال، عن رباح، عن جدته، عن أبيها سعيد بن زيد، كقول وهيب ومن تابعه، عن أبي حرملة.

ورواه الدراوردي، عن أبي ثفال، عن رباح، عن ابن ثوبان مرسلًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه حماد بن سلمة، عن صدقة مولى آل الزبير، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب مرسلًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والصحيح قول وهيب، وبشر بن المفضل، ومن تابعهما».
رابعًا: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أخرجه ابن عدي في «الكامل» (8/ 223)، من طريق عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ».

قال ابن عدي: «وبهذا الإسناد أحاديث حدثنا بها ابن مهدي، ليست بمستقيمة».

وقال أيضًا بعدما ذكر عدة أحاديث أنكرها على عيسى بن عبد الله: «ولعيسى بن عبد الله هذا غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه».

قلت: عيسى بن عبد الله؛ هو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب.

قال الدارقطني في «سننه» (3/ 307): «عيسى بن عبد الله؛ يقال له: مبارك، وهو متروك الحديث».

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 103): «يروي عن أبيه، عن آبائه أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به، كأنه كان يهم ويخطئ حتى كان يجيء بالأشياء الموضوعة عن أسلافه، فبطل الاحتجاج بما يرويه؛ لما وصفت» اهـ.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.64%)]