عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-06-2023, 02:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,846
الدولة : Egypt
افتراضي جهود مجمع اللغة العربية بدمشق في التعمية واستخراج المعمى عند العرب


جهود مجمع اللغة العربية بدمشق في التعمية واستخراج المعمّى عند العرب[1]

د. يحـيى مـير عـلم [2]


الملخّص:
يتناول هذا البحث جهود مجمع اللغة العربية في موضوع مهمّ، هو (علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب) المعروف حديثًا بالـ (الشِّفْرة وكسرها) أو (التشفير) أو (أمن المعلومات)، وذلك مُذْ كان البحثُ عن التعمية وريادة العرب فيها فكرةً إلى غدت مشروعًا كبيرًا، تطلّب تنقيبًا في كثير من فهارس المكتبات في بلدان عدّة، وأثمر كشفًا عظيمًا، أماط اللثام عن جُملةٍ صالحةٍ من كنوز تراثنا العلمي المخطوط في هذا الموضوع الخطير المنسيّ، الذي غفل عنه أهله، فبقي رهينَ خزائنِ المكتبات في العالم، على أهمّيّته في عصر المعلومات والاتصالات الرقمية والحواسيب والجوّالات ومنصّات التواصل الاجتماعي والشابكة (الإنترنت)، وعلى ريادة أعلامه العرب وسبقِهم الغربيين بنحو ستة قرون، واضطرارهم إلى إعادة النظر في تأريخ التعمية في حضارات العالم، وإلى الإقرار بريادة العرب فيه، وكان من ثمرات ذلك الكشف تحقيقُ نصوصِ كثيرٍ من مخطوطات التعمية واستخراجها ودراستها، ثم طباعتها في جزأين[3]، ثم ما تبع ذلك من ترجمتهما إلى اللغة الإنكليزية، وطباعتها في ستة أجزاء[4].

مـــقـــدّمـــات:
1- البداية والاكتشاف:
يرجع الفضلُ في اهتمامنا بعلم التعمية واستخراج المعمّى وريادة العرب فيهما إلى مركز البحوث والدراسات العلمية بدمشق عندما وقف الدكتور محمد مراياتي مدير المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا سابقًا على نصٍّ مهمٍّ لكبير مؤرّخي التعمية البروفسور ديفيد كان David Kahn يقول فيه: «وُلِد علمُ التعمية بشقَّيه بين العرب، فقد كانوا أولَ من اكتشف طُرُق استخراج المعمَّى، وكَتَبها ودَوَّنها»[5] مُعْتَمِدًا في ذلك على ما أورده القلقشندي (ت821هـ) في كتابه المشهور (صبح الأعشى في صناعة الإنشا) في «باب إخفاء ما في الكتب من السِّرِّ..»[6] الذي أكثرَ فيه من النقل عن رسالة (مفتاح الكنوز في إيضاح المرموز) لابن الدُّرَيْهم، ومُعَبِّرًا عن بالغ أسفه لفقدان تلك الرسالة المهمّة[7].

كانت البدايةُ البحثَ عن مخطوطة (مفتاح الكنوز في إيضاح المرموز) ومؤلّفها ابن الدُّرَيْهم في المكتبة الظاهرية بدمشق عام (1979). وقد تبيّن لنا بعد البحث في الفهارس وكتب التراجم أن المخطوطة لا أثر لها، وأن عليّ بنَ الدُّرَيْهم (ت 760 أو 762 هـ) عالمٌ مشهورٌ كثيرُ التصانيف في الشريعة والعلوم الخفية عامّةً، والتعميةخاصّةً، فانتقلنا إلى مكتبات اسطنبول عام (1981 (وتابعنا البحث عن عنها وعن غيرها من المخطوطات في التعمية واستخراجها وعلوم العربية نحوًا من شهرٍ، فوقفنا على كنزٍ ثمينٍ من المخطوطات، جملتها إحدى عشرة رسالة، صوّرناها بعد طويل معاناة، أهمّها رسالة (مفتاح الكنوز في إيضاح المرموز) لابن الدُّرَيْهِم، وعدّةَ نسخٍ من رسالة (أسباب حدوث الحروف) لابن سينا[8]، ثم ظفرنا بما هو أهمُّ من رسالة ابن الدُّرَيْهِم مادّةً، وأقدمُ تاريخًا، وهي (رسالة في استخراج المعمى) ليعقوب بن إسحاق الكندي (ت260ه)، وبـ (مجموع التعمية) الذي اشتمل على ثماني رسائل، كان أستاذنا العلّامة أحمد راتب النفاخ قد استقدم لنا مصوّرة عنه من صديقه المؤرّخ العلّامة د. فؤاد سزكين. وفي سنة 1986م حصلنا على مصوّرة لأهمّ كتاب في التعمية بالأقلام واللغات البائدة، وهو (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) لابن وحشية النبطي (ت260 أو 291 أو 318 أو نحو350هـ) الذي سبق شامبليون إلى كشف رموزٍ هيروغلفيةٍ بعشرة قرون، يصحّح ذلك أن المخطوط طُبع في لندن عام 1806م بعناية جوزيف هامّر (Joseph von Hammer, 1774-1856)، وأن دعوى اكتشاف شامبليون حروفًا هيروغليفيةً في الكتابة على حجر رشيد كانت سنة 1822م. وفي سنة 1991م حصلنا على مصوّرات لثلاث مخطوطات في التعمية، هي (حلّ الرموز وبَرْء الأسقام في أصول اللغات والأقلام) لذي النون المصري (ت 245ﻫ)، تشتمل على مئتي قلم، ومخطوط للجِلْدَكي (ت بعد 742ﻫ) يشتمل على سبعين قلمًا، ومخطوط ثالث لمجهول[9].


على أن ثمّة مصوّرات أخرى في التعمية تفضّل بإهدائها لنا بعض أهل العلم، أهمّها )مجموع التعمية( المتقدّم، ومنها (قصيدة ابن الدُّرَيْهِم في حلّ رموز المكاتبات وفهم أقلام المتقدمين)[10] من مكتبة دار الكتب المصرية، أرسلها د. فتحي صالح إلى صديقه د. محمد مراياتي، ومنها نسختان مصوّرتان من مخطوط (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) لابن وحشية النبطي، أهدانا الأولى أ. محمد عدنان جوهرجي من مكتبته الخاصّة، وأهدانا الثانية أ. محمد الزمامي من المكتبة الوطنية في فيينا، ومنها مصوّرة رسالة (كشف المغمَّى عن أصول المعمَّى) لمحمد مرتضى الزَّبيدي، من المكتبة اليهودية الوطنية بالقدس، وردتنا هديّةً من الشيخ نظام اليعقوبي في البحرين.


2- التعمية واستخراجها قديمًا وحديثًا:
تتنامى أهمّيّة التعمية (الشِّفْرة) واستخراج المعمّى (كسر الشِّفْرة) صُعُدًا في عصرنا الذي أصبحت فيه التعمية (التشفير) حجرَ الأساس في مجتمع المعرفة الرقمية والمعلوميات وأمن الاتصالات والحواسيب والشابكة (الإنترنت) ومنصّات التواصل الاجتماعي، فضلًا عن تطبيقاتها الأخرى التي استغرقت جميع العلوم والميادين العلمية والتقنية والتجارية والشؤون المدنية والداخلية والعسكرية والخارجية وغيرها. ولعلّ من نافلة القول الإشارة إلى أن استعمال التعمية قديم جدًّا، اقتضته دواعٍ مختلفةٌ لإخفاء بعض ما يُقال أو يُكتب عن الآخرين، فلا عجب أن تكون حضاراتُ العالم القديم قد عرفت استعمالَ التعمية منذ أكثر من ألفي سنة قبل الميلاد. على أنّ التعمية لم تَغْدُ علمًا مُدَوَّنًا في مؤلَّف، يجمع أصولها وقواعدَها وطرائقَها وسُبُلَ استخراجها حتى جاء الفيلسوف يعقوب بن إسحاق الكندي (ت260هـ- 874م) ووضع مُصَنَّفه المشهور (رسالة في استخراج المعمّى) الذي أفاد منه، على إيجازه، كلُّ مَنْ جاء بعده، فكان رائدًا في تأليف أقدمِ مُدَوَّنةٍ في تاريخ حضارات العالم، وكان جديرًا بما وصفوه أنّه أبو التعمية في العالم، إذ سبق رُوّاد التعمية الغربيين بنحو ستة قرون، وعلى رأسهم ألبرتي الإيطالي Leon Battista Alberti الذي كتب رسالة باللغة اللاتينية في نحو (25) صفحة سنة 1466م.

لقد تأخّر اهتمام الباحثين المعاصرين في التعمية واستخراج المعمّى (الشِّفْرة وكسرها) على الرغم مما سبق ذكره من أهميّة هذا العلم، ومن ريادة الأعلام العرب في وضع أصول التعمية حتى صدر الجزءُ الأول من كتابنا (علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب) 1987م الذي كان مُخَطّطًا له أن يجيءَ الأولَ في سلسلةِ أجزاءٍ، تتوزّع ما انتهى إلينا من مصوّرات مخطوطات التعمية واستخراجها مشفوعةً بالتحقيق والدراسة، لِتُؤَلِّف من بعدُ موسوعةَ التعميةِ عند العرب.

3- أسباب نشوء التعمية وتطوّرها عند العرب:
ثمّة أسباب كثيرة أدّت إلى ولادة علم التعمية وتدوينه وتطويره لدى العرب، أهمّها:
أ- نشاطُ حركة الترجمة إبّانَ ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، وإنشاءُ الخليفة المأمون لبيت الحكمة، واستقدامُه أشهر المترجمين من العرب والمسلمين وغيرهم، وترجمة كثير مما وُجِدَ في اللغاتِ السريانية والنبطية واليونانية والرومية والفارسية والهندية والأرمنية والعبرية والـمُغْلية وبعض اللغات البائدة= اقتضى ذلك دراسةَ تلك اللغات وتبويب حروفها، ومحاولةَ فهم ما فيها من كتابات معمّاة[11].

ب- تطوّرُ الدراسات اللغوية العربية في النحو والصرف والمعاجم والدلالة والأصوات، والانتشار الواسع للغة العربية ساعد في تطوير منهجية استخراج المعمّى وطرائقه، من جهة الكمية التي تتطلّب معرفةً بتواتر الحروف، وأطوال الكلمات مجردةً ومزيدةً، وتواتر الحروف أصليةً وزائدةً في مواقع الكلمة، ومن جهة الكيفية التي تتطلّب معرفةً بقوانين ائتلاف الحروف وتنافرها في الكلمة، وبالمستعمل والمهمل، وبوجوه تصرّف الكلمات الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية.

ج- التقدّمُ العلميّ في العلوم الرياضية أدّى إلى تقدُّمِ عِلْمَي الحساب والجبر والمقابلة لدى العرب تلبيةً لاحتياجات الدولة الإسلامية في حسابات الإرْث، وتقسيم الأراضي، والزكاة، وأعمال الهندسة، والفلك، وتحديد أوقات الصلوات والعبادات وغيرها.

د- ازدهارُ علوم الإدارة والدواوين والإنشاء تلبيةً لاحتياجات الإدارة في الدولة الإسلامية المترامية الأطراف أدّى إلى تطوّر الدواوين، وشيوع صنعة الكتابة، ووفرة الكُتَّاب، وازدهار الترسُّل. وكان طبيعيًّا أن يشتملَ بعضُ ما يُكتبُ أو يُرسَلُ على شيءٍ توجِبُ الضرورةُ كتمانَه أو تعميتَه، مما اقتضى الممارسةَ العملية للتعمية واستخراجها، ونشوءَ مهنة كاتب السرّ أو كاتب الجيش[12].

ه- انتشارُ القراءة والكتابة والحفظ في أرجاء العالم الإسلامي، وتشجيعُ الخلفاء والأمراء والقادة والأعيان عليها، ورصدُهم الجوائز لها. وأظهر ما تجلّى ذلك في حفظ متون العلوم الشرعية واللغوية وغيرها منظومةً ومنثورةً، وأمثلة هذا من الكثرة بمكان، تغني الإشارة إليها عن نصب الأدلّة والشواهد لها.

و- تعرّضُ العالم الإسلامي للغزو المغولي من الشرق والحروب الصليبية من الشمال أدّى إلى نشاط التعمية واستخراج المعمّى بين القادة وأولي الأمر في أرجاء العالم الإسلامي تلبيةً لاحتياجات الدولة والقادة في الحروب والمعارك التي كانوا يخوضونها[13].

4- طرائق التعمية ومبادئ استخراج المعمّى:
♦ طرائق التعمية: هي الخوارزميات أو العمليات التي تُطَبَّق على النصّ الواضح لتحويله إلى نصٍّ معمّى. وأهمّها التعمية بالقلب أو البعثرة، والتعمية بالإبدال أو الإعاضة.

التعميـة بالقلـب أو البعثـرة: تقوم على تغيير مواقع حروف النصّ الواضح وفق قاعدة معينة.

♦ التعميـة بالإبدال أو الإعاضـة: يُستبدل فيها بكلِّ حرفٍ شكلٌ أو رمزٌ وفق قاعدةٍ محدَّدة، كأن يُستبدل بكلّ حرفٍ الحرفُ الذي يليه على ترتيب (أبجد هوز) أو حساب الجُمَّل إلخ...

♦ التعميـة المركبـة: وتكون باستعمال طريقتين أو أكثر من طرائق التعمية المتقدّمة، وينتج عن تطبيق ذلك عدد كبير جدًّا من أساليب التعمية.
مبـادئ اسـتخراج المعمّـى: يعود استخراج المعمّى إلى ثلاثة مبادئ أساسية:
اسـتعمال الصفـات الكميـة للحروف: وذلك بمعرفة تواتر الحروف في النصوص، ومقابلتها بمراتب الرموز المستعملة في الرسالة المعمّاة. ويُعَدّ الكنديُّ أولَ مَنْ كتب عن هذا المبدأ، أي قبل ألبرتي (Alberti) صاحب أول رسالة في التعمية بستة قرون.

اسـتعمال الصفـات الكيفيـة للحروف: وذلك بمعرفة أحكام بنية الكلمة، والأصليّ والزائد من حروفها، وما يقارِن غيرَه من الحروف، وما لا يقارنه، وما يَكثُرُ دورانُه من الثنائيات والثلاثيات، وما يكثر دورانه في أوائل الكلمات أواخرها.

اسـتعمال الكلمـة المحتملـة: وذلك بمعرفة الكلمات التي يُحتمَل وجودها في النص، مثل فواتح الرسائل وخواتمها. ويُعَدّ الكنديُّ أوّلَ مَنْ نبَّه على هذه الفواتح قبل رسالة بورتا (Porta) في القرن 16م.

أمّا استخراج المعمّى المنظوم (الشعر) فيحتاج إضافةً إلى ما سلف من المبادئ معرفةً بالقوافي، والعَروض، والرَّوِيّ، والتشاطير، وعددِ حروف البيت، والحروفِ الصامتة والمصوّتات الطويلة والقصيرة[14].

5- ريادة العلماء العرب في التعمية واستخراجها:
استمرّت جهود العرب العلمية في التعمية واستخراجها (الشفرة وكسرها) نحوًا من ستة قرون، فكانت مدرسةً عربيةً رائدةً في هذين العِلْمَين[15]. أمّا بدايتها فترجع إلى شيخ العربية الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170هـ/ 786م) الذي نُسِب إليه استخراجُ معمّى كتابٍ، ورد إليه من بعض اليونان، فخلا به شهرًا حتى فهمه، ثم وضع كتابًا في المعمّى[16]، وقد استمرّت تلك المدرسة العربية في التعمية (التشفير) حتى عصر الموسوعات العلمية مثل كتاب (صُبْح الأعشى) لأحمد بن علي القلقشندي (ت821هـ).

فالتعمية (التشفير) علمٌ عربيٌّ ولادةً ونشأةً وتطوّرًا، إذ سبق أعلامُ التعمية العرب إلى تدوينه، وإرساء أُصوله، وصَوْغ مبادئه وقواعده، ووضع مصطلحاتِه، وابتداع منهجياتِه، وعالجوا سُبُل استخراجه (خوارزمياته). وقد شهد بذلك أشهر مؤرّخي التعمية في العالم البروفيسور الأمريكي ديفيد كان David Kahn في كتابين له، الأول (أسرار علم التعمية الجديد) قال فيه:
«..اطّلعتُ على مقالٍ نُشر في مجلة الدراسات الساميَّة... بيَّن أن العربَ مارسوا استخراج المعمّى قبل الغرب بزمنٍ طويل. ووفَّر لي هذا المقالُ ما أَعُدُّه أكبرَ فتحٍ تاريخيٍّ في كتابي كلِّه...»[17].

وقال: «... فالعربُ هم الذين اكتشفوا مبادئ استخراج المعمّى، إلا أن معرفتهم تقلّصت مع أُفول حضارتهم، ولم يكتشف الغربُ استخراجَ المعمّى من جديد إلّا في عصر النهضة...»[18].

وقال: «...لقد طوّر المسلمون معرفةً نظريةً في استخراج المعمّى، تَنِمُّ عن ممارستهم العملية لاعتراض المراسلات، واستخراج تعميتها...»[19].

وقد مضى في صدر المقال ما قاله في كتابه الثاني (مستخرجو الـمُعَمَّى) قال فيه: «... لقد وُلِدَ علم التعمية بشقَّيْه بين العرب؛ إذ كانوا أولَ من اكتشف طُرُق استخراج المعمَّى ودوَّنها...»[20].

جهود مجمع اللغة العربية في التعمية واستخراج المعمّى عند العرب:
لقد حظي مشروع تحقيق مخطوطات التعمية ودراستها باهتمام رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق الأستاذ الدكتور شاكر الفحام وبرعايته وتشجيعه ومتابعته إلى أن تحقّق ذلك، فصدر الجزء الأول ضمن مطبوعات المجمع بـعنوان (علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب) سنة 1987م في (438) صفحة، اشتمل على تقديم بقلم رئيس المجمع الدكتور شاكر الفحام وتوطئة وثلاثة أقسام[21].

ولـمّا تأخّرنا في إنجاز تحقيق رسائل الجزء الثاني ودراستها كان رئيس المجمع يحثّنا في كلّ مناسبة على الإسراع في ذلك، إلى أن استوى العملُ قائمًا تحقيقًا ودراسةً، فصدر الجزء الثاني من كتاب (علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب) سنة 1997م، في (475) صفحة ضمن مطبوعات المجمع، وقد اشتمل كذلك على تقديمٍ بقلم رئيس المجمع الدكتور شاكر الفحام وتوطئة وتمهيد وثلاثة أقسام [22].

وثمّة جزء ثالث أفردناه للتعمية بالأقلام القديمة في الحضارات البائدة، وجعلناه وقفًا على تحقيق ودراسة كتاب (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) لعلي بن وحشية النبطي الذي أودعه نحوًا من تسعين قلمًا وأبجدية، استعملتها حضارات العالم القديم، لَمّا يُطبع بعدُ.

أولًا: جهود أعضاء المجمع العاملين في التعمية واستخراج المعمّى عند العرب:
مضت الإشارة إلى أن المجمع حاز قَصَب السَّبْق في الاهتمام بعلم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب، واستغرق ذلك الرئاسةَ، وأعضاءً عاملين، ومراسلين، فهو أسبق الهيئات العلمية التي أسهمت في دعمه ونشره، وإليه ينتمي جلُّ المشاركين والباحثين والمهتمين، بيان ذلك فيما يأتي موزّعًا على ما سبق:
1- الأستاذ الدكتور شاكر الفحام:
لقد حظي مشروع تحقيق مخطوطات التعمية ودراستها وطباعتها باهتمام رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق الأستاذ الدكتور شاكر الفحام ورعايته وتشجيعه ومتابعته إلى أن تحقّق ذلك، وأتمّ فضله علينا رحمه الله فكتب تقديمًا للجزء الأول من كتاب (علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب) الذي صدر عن المجمع سنة 1987م[23]، أوفى فيه على الغاية في بيان أهمّيّة علم التعمية واستخراجها، وتذليل صعوبته، وتوضيح دلالته، وإعانة القارئ على فهم طرائق التعمية وسُبُل استخراجها، وريادة العرب فيهما. وكتب أيضًا تقديمًا مهمًّا للجزء الثاني من الكتاب نفسه الذي صدر عن المجمع في 1997م[24]، بيّن فيه أهميّة موضوع التعمية، وقيمة الكشف عن مخطوطاتها، وتحقيقها ونشرها، والتذكير بما لقيه الجزء الأول من صدى لدى المهتمين والباحثين.

2- الأستاذ العلّامة أحمد راتب النفاخ:
عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، كان رحمه الله صاحب فضل كبير على بدايات عدد من المشاريع العلمية اللغوية والإحصائية والصوتية على اللغة العربية في المركز، فقد كان أول مَن وضع أسسها، ورسم خططها، وأعدّ جداولها، وباشر تجاربها، واستقدم اثنين، اختارهم من طلبته في دبلوم الدراسات العليا - الشعبة اللغوية للعمل في مجموعة اللغة العربية بالمركز[25]. وقد مضت الإشارة إلى كبير فضله علينا بالكتابة إلى صديقه المؤرّخ العلّامة الدكتور فؤاد سزكين للمساعدة في البحث عن مخطوطات في التعمية واستخراجها، فاستقدم لنا منه مجموعًا قيّمًا، يضمّ ثماني رسائل. وكان أستاذنا أحمد راتب النفاخ رحمه الله أول مَن أسهم في تحقيق رسائل الجزء الثاني من كتاب التعمية، فقد نسخ الجزء الأكبر من كتاب ابن دُنَيْنير، ثم حالت حوائل دون التمام والاستمرار[26].

3- الأستاذ الدكتور عبد الله واثق شهيد:
عضو مجمع اللغة العربية بدمشق وأمينه لاحقًا، والمدير العام لمركز الدرسات والبحوث العلمية سابقًا، عالم فيزيائي كبير. مضى الإلماع إلى أنه رحمه الله كان له فضلُ السَّبْق في الاهتمام بالتعمية واستخراجها عند العرب، ودعمِ فريق العمل وتوفيرِ جميع متطلبات البحث عن مخطوطاته، واستقدام مصوّراتها، ثم تحقيقها ودراستها، ونشرها لاحقًا بالتعاون مع المجمع، وهو ما كان.

4- الأستاذ مروان البواب:
عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، باحث متخصّص في الرياضيات والمعلوماتية ومعالجة اللغة العربية بالحاسوب والمعاجم، وهو يجمع بين الدراية الفنية والخبرة التراثية في التعمية واستخراجها (الشفرة وكسرها)؛ فقد وضع برنامجًا حاسوبيًّا لكسر الرسائل المشفَّرة بطريقة فيجونيير. وكان رئيسًا لمجموعة اللغة العربية في مركز الدراسات والبحوث العلمية ومشاركًا ومبرمجًا في إنجاز التطبيقات الحاسوبية على اللغة العربية، وهي المجموعة التي عُهد إلى اللغويين فيها بالبحث عن مخطوطات التعمية، وجلب مصوّراتها وتحقيقها ودراستها وطباعتها، والتي كانت بإشراف الدكتور محمد مراياتي مدير المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنواوجيا ومشاركته. لذلك كان للأستاذ مروان البواب أيادٍ بيضاء وجهود علمية متقاطرة على مشروع التعمية عامّةً، وعلى الجزء الثاني خاصّةً، فقد «قرأ الكتاب، وأبدى عليه ملاحظاتٍ دقيقةً وقيّمةً، أغنته ونفت عنه كثيرًا من زيغه، وشارك في تصحيحه، وإعداد فهارسه»[27]. له جهود علمية كثيرة في التعمية[28]:
بحث (علم التعمية في التراث العربي) المؤتمر السنوي الثامن لمجمع اللغة العربية بدمشق (نحو رؤية معاصرة للتراث) 9/ 11/ 2009م.

المشاركة في المراجعة العلمية للترجمة الإنكليزية لكتاب (علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب) بجزأيه الأول والثاني الموسومة بـعنوان (Series on Arabic Origins of Cryptology) (الأصول العربية لعلم التعمية) التي صدرت عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية (KFCRIS) ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (KACST) ما بين عامي 2003و2007 في ستة أجزاء. وقد اشتملت الأجزاء الستة المشار إليها على ترجمة لنصوص الرسائل المخطوطة ودراستها وتحليلها. استقلّ كلّ منها برسالةٍ مخطوطة أو أكثر، وهذه هي الأجزاء الستة مقرونةً باسم الرسالة المخطوطة المحقّقة التي تضمنها كلٌّ منها، واسم مؤلّفها، وتاريخ النشر:
الجزء الأول: (رسالة الكندي في استخراج المعَمّى) يعقوب بن إسحاق الكندي، 2003م.
الجزء الثاني: رسالة (المؤلّف للملك الأشـرف) علي بن عَدْلان النحوي، 2004م.
الجزء الثالث: رسالة (مفتاح الكنوز في إيضاح المرموز) علي بن الدُّرَيْهِم، 2004م.
الجزء الرابع: رسالة (مقاصد الفصول المترجمة عن حلّ الترجمة) إبراهيم بن دُنَيْنير، 2005م.
الجزء الخامس: (ثلاث رسائل في استخراج المعمّى من الشعر)، 2006م.
الجزء السادس: (من كتاب البرهان في وجوه البيان) لابن وهب الكاتب، 2007م.

المشاركة في بحث (نحو معجم لمصطلحات التعمية) المؤتمر الثالث لمجمع اللغة العربية بدمشق، قضايا المصطلح العربي، دمشق 10-12/ 10/ 2004م.

مراجعة كتاب (معجم أعلام التعمية واستخراج المعمى في التراث العربي والإسلامي) لكاتب البحث في صورته الأولى قبل إغنائه، وتسجيله ملاحظاتٍ علميةً قيّمة[29].

5- الأستاذ الدكتور مكي الحسني:
عضو مجمع اللغة العربية بدمشق وأمينه، عالم فيزيائي لغوي مترجم، وخبير بالجانب الفني التقني في التعمية، له من الجهود العلمية فيها[30]:
مقال عنوانه (من المكتبة العربية: عِلم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب) مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد 83، الجزء الأول، 1428هـ/ 2008م، ص 159- 176.


مراجعة كتاب (التعمية التطبيقية (الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، دمشق 2006م.

6- الأستاذ الدكتور موفق دعبول:
عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، عالم رياضي، وخبير بالجانب الفني التقني الرياضي الخوارزمي في التعمية واستخراجها، له جهود علمية فيها[31]:
بحث (التعمية واستخراج المعمى: الشيفرة وفكّ الشيفرة) فعاليات الملتقى السوري التونسي، نيسان، 2015م.


مقال (التعمية واستخراج المعمى: الشيفرة وفكّ الشيفرة) مجلة جامعة دمشق، دوائر الإبداع، العدد الثالث، 2015م.

ثـانـيـًا: جهود أعضاء المجمع المراسلين في التعمية واستخراج المعمى عند العرب:
1- الأستاذ الدكتور محمد مراياتي:
عضو مراسل في مجمع اللغة العربية، ومدير المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في مركز الدراسات والبحوث العلمية سابقًا، وخبير في العلوم والتقنية للتنمية المستدامة في منظمة (الإيسكوا). وهو يجمع بين الدراية الفنية والتقنية المعاصرة في التعمية واستخراجها (الشفرة وكسرها) والخبرة التراثية في تحقيق مخطوطاتها ودراستها، إذ كان صاحب فكرة مشروع التعمية، ومشرفًا عليه، ومشاركًا فيه. له جهود علمية كثيرة في التعمية[32]:
المشاركة في دراسة وتحقيق كتاب (علم التعمية واستخراج المعمَّى عند العرب) مجمع اللغة العربية بدمشق، الجزءان: الأول 1987م، والثاني 1997م.

المشاركة في تحقيق ودراسة كتاب (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) لابن وحشية النبطي، وهو الجزء الثالث من كتاب (علم التعمية واستخراج المعمى عند العرب) (لم يطبع).

المشاركة في كتابة بحث (التعمية واستخراج المعمّى) للموسوعة العربية، دمشق، المجلد 6، ط.أولى، 2002م.

بحث (العوامل المؤثرة في نشأة وريادة علوم التعمية عند العرب وتأثيرها في تطور هذه العلوم عالميًا) جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، الرياض،2 مارس 2017م.

بحث (ابن دُنَيْنير وكتابه: مقاصد الفصول المترجِمة عن حلّ الترجَمة) الندوة العالمية السادسة لتاريخ العلوم عند العرب، رأس الخيمة، 1996م.

المشاركة في بحث (نحو معجم لمصطلحات التعمية) المؤتمر الثالث لمجمع اللغة العربية بدمشق، قضايا المصطلح العربي، دمشق 10-12/ 10/ 2004م.

بحث (الجديد في اكتشاف المدرسة العربية في علوم التعمية واستخراج المعمّى أو الشفرة وكسرها) ندوة التراث العلمي العربي، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 17أبريل 2013م، المؤتمر السعودي الدولي للثقافة العلمية 2013م.

بحث (أمن المعلومات: التعمية واستخراج المعمّى أو الشفرة وكسرها) تونس، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الألكسو 2012م.

بحث (علوم التعمية: الشفرة وكسرها في التراث العربي) مركز مؤسسة الملك فيصل الخيرية، 1422ه، تقديم الدكتور إبراهيم القاضي.

2- الدكتور محمد حسان الطيان:
عضو مراسل في مجمع اللغة العربية بدمشق، وباحث في مجموعة اللغة العربية في مركز البحوث والدراسات العلمية سابقًا، ومشارك في مشروع التعمية واستخراج المعمّى، له جهود علمية كثيرة في التعمية[33]:
المشاركة في دراسة وتحقيق كتاب (علم التعمية واستخراج المعمَّى عند العرب) مجمع اللغة العربية بدمشق، الجزءان: الأول 1987م، والثاني 1997م.

المشاركة في تحقيق ودراسة كتاب (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) لابن وحشية النبطي، وهو الجزء الثالث من كتاب (علم التعمية واستخراج المعمى عند العرب) (لم يطبع).

تحقيق قصيدة (ذات القوافي) لابن الدُّرَيْهم، حوليات كلية الآداب بجامعة الكويت 2004م.

المشاركة في بحث (علم التعمية واستخراج المعمى عند العرب) الندوة العلمية الرابعة لتاريخ العلوم عند العرب، سورية، حلب 21-25 نيسان 1986م.

المشاركة في بحث (أصالة العرب في علم التعمية واستخراج المعمَّى) ندوة التراث العلمي العربي للعلوم الأساسية، طرابلس، ليبيا، 17-20 كانون الأول،1990م.

المشاركة في بحث (مقاصد الفصول المترجمة عن حلّ الترجمة لابن دُنَيْنير) الندوة العالمية السادسة لتاريخ العلوم عند العرب، رأس الخيمة 1996، مجلة التاريخ العربي، الرباط، العدد (4) 1997م.

بحث (ابن الدُّرَيْهم وجهوده في علم التعمية - التشفير) أسبوع العلم الثامن والثلاثون، جامعة البعث، حمص، 7-12 تشرين الثاني 1998م.

بحث (اكتشاف مخطوطات التعمية والجهود المبذولة فيها) حفل إصدار سلسلة ترجمة كتب علم التعمية عند العرب والمسلمين باللغة الإنجليزية، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الرياض 18-19/ 10/ 2003م.

بحث (قصيدة ابن الدُّرَيْهِم في حلّ رموز المكاتبات وفهم أقلام المتقدمين) الندوة العالمية الثامنة لتاريخ العلوم عند العرب، الجوانب المجهولة في تاريخ العلوم العربية، مكتبة الإسكندرية 28-30/ 9/ 2004م.

المشاركة في بحث (نحو معجم لمصطلحات التعمية) المؤتمر الثالث لمجمع اللغة العربية بدمشق، قضايا المصطلح العربي، دمشق 10-12/ 10/ 2004م.

بحث (الكشف عن مخطوطات علم التعمية: قصيدة ابن الدُّرَيْهِم نموذجًا) المؤتمر الدولي الأول في تاريخ العلوم عند العرب، جامعة الشارقة 24-27، مارس 2008م.




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.65%)]