
18-05-2023, 09:18 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,292
الدولة :
|
|
حكمة الله تعالى في إعطاء الحاضرين قسمة الميراث
حكمة الله تعالى في إعطاء الحاضرين قسمة الميراث
سعيد مصطفى دياب
أَرَادَ أنْ يُذْهِبَ الَحسَدَ مِنْ قُلُوبِهِم، ويَكْسِرَ حِدَّةَ تَطَلُعِهِم لِمَا فِي أَيدِي الوَرَثَةِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8].
تأمل قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8]، وكيف يراعي الشرع نفوس أولئكَ الأقارب الذين لهم من وشائج القربى ما يربطهم بالمتوفى، ولكن لا ينالوا بها شيئًا من ميراثه، وأولئك اليتامى الذين يعانون مرارة فقْد الآباء، وتتشوف نفوسهم إلى ما يخفف ولو شيئًا يسيرًا من ذلك الفقد، وأولئك الْمَسَاكِين الذين سكَّن الفقرُ حركتهم، وودوا لو جاءهم شيءٌ من المال عفوا كما جاء أولئك الورثة.
وَهَؤلَاءِ جَمِيعًا أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ، تتطلعُ نُفُوسُهُم لِمَا يُقْسَمُ مِنَ الميراثِ وهُمْ يَرَونَهُ بأَعْيُنِهِم، وتَشْتَهِيِهِ نُفُوسُهُم، وتتعلقُ به قُلُوبُهُم، فأَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِبَذْلِ شَيءٍ مَنَ المَالِ لَهُم، لِيَذْهَبَ الَحسَدُ مِنْ قُلُوبِهِم، ويُطْفِئَ ظَمَأَ نُفُوسِهِم، ويَكْسِرَ حِدَّةَ تَطَلُعِهَا لِمَا فِي أَيدِي الوَرَثَةِ، ولو تُرِكُوا مِنْ ذَلِكَ لعَادَ كلُ واحدٍ مِنْ هَؤلَاءِ نَاقمًا عَلَى كُلِ وَارِثِ، حَاسِدًا لِكُلِ ذِي مَالٍ، يَرَى نفْسَهُ أَحقَّ من هذا الوارث بما وَرِثَ، وأولى بما فيِ يدِهِ مِنْ مَالٍ.
وتأمل قوله: ﴿ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾، فإنَّ مِنْ شَأْنِ الورثةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أنْ يَتَبَرَّمُوا مِنْ حُضُورِ ذَوِي الْقُرْبَى، وَغَيْرِهِمْ مَجْلِسَهُمْ عند تقسيم الميراثِ، فأمروا بإحسانِ القولِ كما أحسنوا الفعلَ بإعطائهم شيئًا من المالِ المقسومِ، وفيه دليلٌ على تأثير القول الجميل على النفس، وقد قال أبو الطيب:
لا خيلَ عندكَ تُهديها ولا مالُ 
فَلْيُسْعد النطقُ إن لمُ تُسْعد الحالُ
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|