عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-05-2023, 06:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي مشاهد من عبودية النمل وتسبيحه

مشاهد من عبودية النمل وتسبيحه
الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي

النمل أمة من الأمم الخاضعة لسلطان بارئها، الخاضعة لكبريائه وعظمته، المسبِّحة بحمده المنزهة والمقدسة لذاته، ومن مشاهد عبوديتها وتسبيحها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما، فقد ثبت عند البخاري من حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ، فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ"[1].

وفي لفظ مسلم منْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أيضًا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "إنَّ نَمْلَةً قَرَصَتْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: أَفِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ؟"[2].

والنمل أمة معظِّمة للعلم داعية لأهله:
من دلائل عبودية النمل لله تعالى الدعاء لمعلم الناس الخير الذي يدل المخلوق على الخالق جل في علاه، فقد ثبت عند الطبراني والترمذي وصححه الألباني من حديث أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِي رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ"[3]؛ أي: "يستغفرون لهم، وذكر النَّملة والحوت بعد ذكر الثَّقلين والملائكة، تتميمٌ لجميع أنواع الحيوان على طريقة الرَّحمن الرَّحيم، وخصَّ النَّملة والحوت بالذِّكر للدلالة على إنزال المطر وحصول الخير والخصب ببركتهم، كما قال بهم تُنصرون وبهم تُرزقون، حتَّى إن الحوت الَّذي لا يفتقر إلى العلماء اِفْتقار غيره لكونه في جوف الماء، يعيش أبدًا ببركتهم، وأمَّا إلهام الحيوانات الاسْتغفار له، فقيل: لأنَّها خُلقت لمصالح العباد ومنافعهم، والعُلماء هم المبيِّنون ما يحلُّ منها وما يحرم، ويُوصون بالإحسان إليها، ودفع الضُّر عنها، حتَّى بإحسان القِتلة، والنَّهي عَنِ المُثلة، فاسْتغفارهم لهُ شكرٌ لذلك النّعمة[4]، وذلك في حقِّ البشر آكد؛ لأنَّ اِحتياجهم إلى العلم أشدُّ، وعود فوائده عليهم أَتمُّ "[5].

[1] رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير، رقمك (3019).

[2] رواه مسلم، حديث رقم: (2241)، كتاب السلام، باب النهي عن قتل النمل.

[3] أخرجه الترمذي: (5/ 50)، رقم: (2685)، وأخرجه الطبراني: (8/ 233)، رقم: (7911).
وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: (1/ 18)، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وفى نسخة غَرِيب، وقال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: (1838) في صحيح الجامع.

[4] الأصل أن يُقال لتلك النعمة لكونها (مؤنث) وحتى ينتظم الكلام، ولعله تصحيف من الكتبة أو النسَّاخين. الباحث.

[5] فيض القدير للمناوي: (4/ 432-433)، بتصرف.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.87%)]