
08-05-2023, 11:58 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,889
الدولة :
|
|
رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الثامن
الحلقة (547)
سُورَةُ الْجُمُعَةِ
صـ 131 إلى صـ 138
أما الإقامة : ففي حديث عبد الله لم تختلف كما تقدم ، ولكنها في حديث أبي [ ص: 131 ] محذورة قد جاءت متعددة ولم تتفق صورة من صورها مع حديث عبد الله ، حيث إن فيها مرتين مرتين في جميع الكلمات ، ومنها كالأذان مع لفظ الإقامة مرتين ، وسند الجميع سواء .
فهل نأخذ في الإقامة بحديث عبد الله أم بحديث أبي محذورة ؟ من حيث الصناعة بكل منهما في السند سواء .
وفي حديث أبي محذورة زيادة وهي تشبيهها بالأذان ، فلو كان الأمر قاصرا على ذلك لكان العمل بحديث أبي محذورة في الإقامة أولى ; لأنه متأخر وفيه زيادة صحيحة ، ولكن وجدنا حديث بلال في الصحيح ، وعند مسلم أيضا وهو أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر بالإقامة ، وحديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال : كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين ، والإقامة مرة مرة غير أنه كان يقول : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، رواه أبو داود والنسائي .
وبهذين الحديثين يمكن الترجيح بين حديثي عبد الله وأبي محذورة في كل من الأذان والإقامة .
فمن حديث بلال : نشفع الأذان ، ولكنهم يختلفون في تحقيق المناط في المراد بالشفع من حيث التكبير ; لأن الشفع يصدق على اثنين وأربع ، وعند في الأذان إما مرتان وإما أربع ، وكلاهما يصدق عليه معنى الشفع ، ولكن إذا اعتبرنا أن كل تكبيرتين جملة واحدة ، كان تحقق الشفع بجملتين ، فيأتي أربع تكبيرات ، وإذا اعتبرنا كل تكبيرة كلمة وجد الشفع في جملة واحدة لاشتمالها على كلمتين ، ولهذا وقع الخلاف .
ولكن الأذان لم تعد عباراته بالكلمات المفردة بل بالجمل ; لأننا نعد قولنا : حي على الصلاة ، وهي في الواقع جملة تشتمل على عدة كلمات مفردة ، وعليه فقولنا : الله أكبر الله أكبر كلمة ، وعلى هذا يكون الشفع بتكرارها ، فيأتي أربع تكبيرات : وهذا يتفق مع رواية الحديثين ، وحديث عبد الله تماما .
وقال النووي في شرح مسلم : قال القاضي عياض : إن حديث أبي محذورة جاء في نسخة الفاسي لمسلم بأربع تكبيرات . اهـ .
وبهذا تتفق الروايات كلها في تربيع التكبير في الأذان .
[ ص: 132 ] أما الإقامة فحديث بلال نص في إيثار الإقامة إلا لفظ الإقامة وهو عين نص الإقامة في حديث عبد الله ، وعين النص في حديث عبد الله بن عمر ، والإقامة مرة مرة إلا الإقامة ، أي : فهي مرتين ، وعلى هذا العرض وبهذه المناقشة يكون الراجح هو العمل بحديث عبد الله بن زيد في الأذان والإقامة ، مع أخذ الترجيع والتثويب من حديث أبي محذورة للأذان .
ثم نسوق ما أخذ به فقهاء الأمصار من هذا كله مع بيان النتيجة من جواز العمل بالجميع إن شاء الله .
قال ابن رشد في البداية ما نصه : اختلف العلماء في الأذان على أربع صفات مشهورة :
إحداهما : تثنية التكبير وتربيع الشهادتين وباقيه مثنى ، وهو مذهب أهل المدينة مالك وغيره ، واختار المتأخرون من أصحاب مالك الترجيع في الشهادتين بصوت أخفض من الأذان .
والصفة الثانية : أذان المكيين ، وبه قال الشافعي ، وهو تربيع التكبير الأول والشهادتين ، وتثنية باقي الأذان .
والصفة الثالثة : أذان الكوفيين ، وهو تربيع التكبير الأول وتثنية باقي الأذان ، وبه قال أبو حنيفة .
والصفة الرابعة : أذان البصريين ، وهو تربيع التكبير الأول وتثليث الشهادتين ، وحي على الصلاة وحي على الفلاح ، يبدأ بأشهد أن لا إله إلا الله حتى يصل إلى حي على الفلاح ، ثم يعيد كذلك مرة ثانية أعني الأربع كلمات تبعا ثم يعيدهن ثالثة ، وبه قال الحسن البصري وابن سيرين .
والسبب في اختلاف كل واحد من هؤلاء الفرق الأربع اختلاف الآثار في ذلك ، واختلاف اتصال العمل عند كل واحد منهم ، وذلك أن المدنيين يحتجون لمذهبهم بالعمل المتصل بذلك في المدينة ، والمكيون كذلك أيضا يحتجون بالعمل المتصل عندهم بذلك ، وكذلك الكوفيون والبصريون ، ولكل واحد منهم آثار تشهد لقوله . اهـ .
[ ص: 133 ] ثم ساق نصوص كل فريق من النصوص التي أوردناها سابقا ، ولم يورد نصا لمذهب البصريين الذي فيه التثليث المذكور ، وقد وجد في مصنف عبد الرزاق بسند جيد مجلد ( 1 ) ص ( 564 ) وجاء مرويا عن بعض الصحابة في المصنف المذكور .
وقال في الإقامة : أما صفتها فإنها عند مالك والشافعي بتثنية التكبير في أولها ، وبإفراد باقيها إلا لفظ الإقامة ، فعند الشافعي مرتين وعند أبي حنيفة ، فهي مثنى مثنى ، وأما أحمد فقد خير بين الأفراد والتثنية فيها اهـ .
تلك هي خلاصة أقوال أئمة الأمصار في ألفاظ الأذان والإقامة ، وقد أجملها العلامة ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد تحت عنوان : فصل مؤذنيه - صلى الله عليه وسلم - قال ما نصه :
وكان أبو محذورة يرجع الأذان ويثني الإقامة وبلال لا يرجع ويفرد الإقامة ، فأخذ الشافعي وأهل مكة بأذان أبي محذورة ، وإقامة بلال ، ويعني بأذان أبي محذورة على رواية تربيع التكبير ، وأخذ أبو حنيفة ، وأهل العراق بأذان بلال وإقامة أبي محذورة ، وأخذ أحمد ، وأهل الحديث ، وأهل المدينة بأذان بلال وإقامته ، أي : بتربيع التكبير وبدون ترجيع ، وبإفراد الإقامة إلى لفظ الإقامة ، قال : وخالف مالك في الموضعين إعادة التكبير وتثنية لفظ الإقامة ; فإنه لا يكررها اهـ .
ومراده بمخالفة مالك هنا لأهل الأمصار ، وإلا فهو متفق مع بعض الصور المتقدمة . أما في عدم إعادة التكبير ، فعلى حديث أبي محذورة عند مسلم ، وعدم تكريره للفظ الإقامة ، فعلى بعض روايات حديث بلال أن يوتر الإقامة أي على هذا الإطلاق ، وبهذا مرة أخرى يظهر لك أن تلك الصفات كلها صحيحة ، وأنها من باب اختلاف التنوع وكل ذهب إلى ما هو صحيح وراجح عنده ، ولا تعارض مطلقا إلا قول الحسن البصري وابن سيرين بالتثليث ولم يقل به أحد من الأئمة الأربعة .
وقال ابن تيمية كلمة فصل في ذلك ، في المجموع ج 22 ص 66 بعد ذكر هذه المسألة ما نصه : فإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكرهون شيئا من ذلك ، إذ تنوع صفة الأذان والإقامة كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك ، وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته . اهـ .
[ ص: 134 ] وقال ابن القيم في زاد المعاد في موضع آخر : مما لا ينبغي الخلاف فيه ما نصه : وهذا من الاختلاف المباح الذي لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه .
وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه ، وكالخلاف في أنواع التشهدات وأنواع الأذان والإقامة ، وأنواع النسك من الإفراد والتمتع والقران .
تنبيه
قد جاء في التثويب بعض الآثار عن عمر وبعض الأمراء ، والصحيح أنه مرفوع ، كما في قصة بلال المتقدمة ، ولا يبعد أن ما جاء عن عمر أو غيره يكون تكرارا لما سبق أن جاء عن بلال مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل فيها هل هو خاص بالفجر أو عام في كل صلاة يكون الإمام نائما فيها ؟ والصحيح أنه خاص بالفجر وفي الأذان لا عند باب الأمير أو الإمام ، وتقدم أثر عبد الله بن عمر فيمن ثوب في أذان الظهر أنه اعتبره بدعة وخرج من المسجد .
كيفية أداء الأذان
يؤدى الأذان بترسل وتمهل ; لأنه إعلان للبعيد ، والإقامة حدرا ; لأنها للحاضر القريب ، أما النطق بالأذان فيكون جزما غير معرب .
قال في المغني : ذكر أبو عبد الله بن بطة ، أنه حال ترسله ودرجه أي : في الأذان والإقامة ، لا يصل الكلام بعضه ببعض ، بل جزما . وحكاه عن ابن الأنباري عن أهل اللغة ، وقال : وروي عن إبراهيم النخعي قال : شيئان مجزومان كانوا لا يعربونهما الأذان والإقامة ، قال : وهذا إشارة إلى إجماعهم .
حكم الأذان والإقامة
قال ابن رشد : واختلف العلماء في حكم الأذان هل هو واجب أو سنة مؤكدة ؟ وإن كان واجبا فهل هو من فروض الأعيان أو من فروض الكفاية ؟ اهـ .
فتراه يدور حكمه بين فرض العين والسنة المؤكدة ، والسبب في هذا الاختلاف ، اختلافهم في وجهة النظر في الغرض من الأذان هل هو من حق الوقت للإعلام بدخوله أو من حق الصلاة ، كذكر من أذكارها أو هو شعار للمسلمين يميزهم عن غيرهم ؟
وسنجمل أقوال الأئمة - رحمهم الله - مع الإشارة إلى مأخذ كل منهم ثم بيان الراجح [ ص: 135 ] إن شاء الله .
أولا : اتفق الشافعي ، وأبو حنيفة على أنه سنة على ما رجحه النووي عن الشافعي في المجموع أنه سنة في حق الجميع المنفرد والجماعة في الحضر وفي السفر ، أي : أنه لا تتعلق به صحة الصلاة .
وحكي عنه أنه فرض كفاية أي : للجماعة أو للجمعة خاصة ، والدليل لهم في ذلك حديث المسئ صلاته ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه معها الوضوء ، واستقبال القبلة ، ولم يعلمه أمر الأذان ولا الإقامة .
ثانيا : مالك جاء عنه أنه فرض على المساجد التي للجماعة وليس على المنفرد فرضا ولا سنة .
وعنه : أنه سنة مؤكدة على مساجد الجماعة ، ففرق مالك بين المنفرد ومساجد الجماعة . وفي متن خليل عندهم أنه سنة لجماعة تطلب غيرها في فرض وقتي ، ولو جمعة أي وما عدا ذلك فليس بسنة ، فلم يجعله على المنفرد أصلا . واختلف القول عنه في مساجد الجماعة ما بين الفرض والسنة المؤكدة ، واستدل بحديث ابن عمر - رضي الله عنه - كان لا يزيد على الإقامة في السفر إلا في الصبح ، وكان يقول : إنما الأذان للإمام الذي يجتمع له الناس ، رواه مالك .
وكذلك أثر ابن مسعود وعلقمة ، صلوا بغير أذان ولا إقامة . قال سفيان : كفتهم إقامة المصر ، وقال ابن مسعود : إقامة المصر تكفي ، رواهما الطبراني في الكبير بلين .
ثالثا : وعند الحنابلة : قال الخرقي : هو سنة أي كالشافعي وأبي حنيفة ، وغير الخرقي قال كقول مالك .
رابعا : عند الظاهرية فرض على الأعيان ، ويستدلون بحديث مالك بن الحويرث وصاحبه ، قال لهما صلى الله عليه وسلم : " إذا كنتما في سفر فأذنا وأقيما ، وليؤمكما أكبركما " . متفق عليه .
فحملوا الأمر على الوجوب .
هذا موجز أقوال الأئمة - رحمهم الله - مع الإشارة إلى أدلتهم في الجملة ، وحكمه كما رأيت دائر بين السنة عموما عند الشافعي وأبي حنيفة ، والوجوب عند الظاهرية .
[ ص: 136 ] والسنة المؤكدة أو فرض الكفاية عند مالك وغيره على تفصيل في ذلك .
وقد رأيت النصوص عند الجميع ، ولكن من أسباب الخلاف في حكم الأذان هو تردد النظر فيه هل هو في حق الوقت للإعلام بدخول الوقت ، أو هو حق الصلاة نفسها ، أو هو شعار للمسلمين ؟
فعلى أنه من حق الوقت ، فأذان واحد ، فإنه يحصل به الإعلام ويكفي عن غيره ، ولا يؤذن من فاته أول الوقت ، ولا من يصلي في مسجد قد صليت فيه الفريضة أولا ولا للفوائت .
وإن كان من حق الصلاة فهل هو شرط في صحتها أو سنة مستقلة .
وعلى أنه للوقت للإعلام به ، فإنه يعارضه حديث قصة تعريسهم آخر الليل ، ولم يوقظهم إلا حر الشمس ، وأمره - صلى الله عليه وسلم - بالانتقال عن ذلك الوادي ثم نزولهم والأمر بالأذان والإقامة ، فلا معنى لكونه للوقت في هذا الحديث ، وهو من رواية مالك في الموطأ .
وعلى أنه للصلاة فله جهتان :
الأولى : إذا كان المصلي منفردا ولا يطلب من يصلي معه .
والثانية : أنه إذا كانوا جماعة .
فإذا كان منفردا لا يطلب من يصلي معه ، فلا ينبغي أن يختلف في كونه ليس شرطا في صحة الصلاة ، وليس واجبا عليه ; لأن الأذان للإعلام ، وليس هناك من يقصد إعلامه .
ولحديث المسئ صلاته المتقدم ذكره ، وقد يدل لذلك ظاهر نصوص القرآن في بيان شروط الصلاة التي هي : الطهارة ، والوقت ، وستر العورة ، واستقبال القبلة .
ففي الطهارة قال تعالى : ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية [ 5 \ 6 ] .
وفي الوقت قال تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل الآية [ 11 \ 114 ] ونحوها .
وفي العورة قال تعالى : يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد الآية [ 7 \ 31 ] .
[ ص: 137 ] وفي القبلة قال تعالى : قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام [ 2 \ 144 ] .
وأما في الأذان فقال تعالى : وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا [ 5 \ 58 ] .
وقال في سورة " الجمعة " في هذه الآية : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة [ 62 \ 9 ] وكلاهما حكاية واقع ، وليس فيهما صيغة أمر كغير الأذان مما تقدم ذكره .
أما حديث ابن الحويرث فهو في خصوص جماعة ، وليس في شخص واحد كما هو نص الحديث .
وبقي النظر فيه في حق الجماعة ، هل هو على الوجوب في حقهم أم على الندب ؟ وإذا كان بالنصوص القرآنية المتقدمة أنه ليس شرطا لصحة صلاة الفرد ، فليس هو إذا بشرط في صحة صلاة الجماعة فيجعل الأمر فيه على الندب .
وعليه حديث ابن أبي صعصعة أن أبا سعيد قال له : " أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء ; فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة ، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم " . رواه البخاري ومالك في الموطأ والنسائي .
ومحل الشاهد فيه قوله رضي الله عنه : فأذنت للصلاة فارفع صوتك ، فيفهم منه أنه إن لم يؤذن فلا شيء عليه ، وأنه يراد به الحث على رفع الصوت لمن يؤذن ولو كان في البادية ، لما يترتب عليه من هذا الأجر .
أما كونه شعارا للمسلمين فينبغي أن يكون وجوبه متعلقا بالمساجد في الحضر ، فيلزم أهلها ، كما قال مالك والشافعي في حق المساجد .
قال الشافعي : يقاتلون عليه إن تركوه ، ذكره النووي في المجموع لدليل الإغارة في الصبح أو الترك بسبب سماعه ، وكذلك يتعلق في السفر بالإمام ، وينبغي أن يحرص عليه [ ص: 138 ] لفعله - صلى الله عليه وسلم - في كل أسفاره في غزواته وفي حجه كما هو معلوم ، وما عدا ذلك فهو لا شك سنة لا ينبغي تركها .
ولابن تيمية تقسيم نحو هذا في المجموع في الجزء الثاني والعشرين : وللأذان عدة جوانب تبع لذلك منها في حالة الجمع بين الصلاتين ، فقد جاءت السنة بالأذان والإقامة للأولى منهما ، والاكتفاء بالإقامة للثانية ، كما في الجمع بين الظهر والعصر بعرفة ، والمغرب والعشاء في المزدلفة على الصحيح ، وهو من أدلة عدم الوجوب لكل صلاة .
ومنها أن لا أذان على النساء أي لا وجوب ، وإن أردن الفضيلة أتين به سرا ، وقد عقد له البيهقي بابا قال فيه : ليس على النساء أذان ولا إقامة ، وساق فيه عن عبد الله بن عمر موقوفا ، قال : ليس على النساء أذان ولا إقامة ، ثم ساق عن أسماء - رضي الله عنها - مرفوعا : " ليس على النساء أذان ولا إقامة ، ولا جمعة ولا اغتسال جمعة ، ولا تقدمهن امرأة ، ولكن تقوم في وسطهن " هكذا رواه الحكم بن عبد الله الأيلي وهو ضعيف ، وقال : ورويناه في الأذان والإقامة عن أنس بن مالك موقوفا ومرفوعا ، ورفعه ضعيف وهو قول الحسن وابن المسيب ، وابن سيرين والنخعي .
تعدد المؤذنين لصلاة الجمعة ولبقية الصلوات الخمس في المسجد الواحد
أولا : ما يتعلق بالجمعة ، صور التعدد لها فيه صورتان ، صورة تعدد الأذان أي قبل الوقت وبعد الوقت ، وصورة تعدد المؤذنين بعد الوقت على ما سيأتي في ذلك إن شاء الله ، أما تعدد الأذان فقد بوب له البخاري رحمه الله في صحيحه في باب الجمعة قال : باب الأذان يوم الجمعة ، وساق حديث السائب بن يزيد ، قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما .
فلما كان عثمان - رضي الله عنه - وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء ففيه الأذان أولا للوقت كبقية الصلوات ، وفيه أذان قبل الوقت زاده عثمان لما كثر الناس ، وهو المعنى الثالث ، والاثنان الآخران هما الأذان للوقت ، والإقامة الموجودان من قبل .
وذكر ابن حجر - رحمه الله - في الشرح تنبيها قال فيه : ورد ما يخالف ذلك الخبر بأن عمر رضي الله عنه هو الذي زاد الأذان .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|