
01-05-2023, 07:28 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,578
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (246)
صــــــــــ 72 الى صـــــــــــ 78
ولو قتل رجل رجلا فعدا أجنبي على القاتل فقطع يديه أو رجليه عمدا كان له القصاص أو أخذ المال إن شاء وإذا أخذ المال فلا سبيل لولي المقتول على المال في حاله تلك حتى يخير بين القصاص من القتل أو الدية، وكذلك لو جنى عليه خطأ لم يكن لولي المقتول سبيل على المال وقيل له: إن شئت فاقتل وإن شئت فاختر أخذ الدية فإن اختار أخذ الدية أخذها من أي ماله وجد ديات أو غيرها، ولو أن رجلا قتل رجلا، ثم عدا أجنبي على القاتل فجرحه جراحة ما كانت خير ولي المقتول الأول بين قتله بحاله تلك وإن كان مريضا يموت أو أخذ الدية فإن اختار قتله فله قتله ولا يمنع من القتل بالمرض ولا العلة ما كانت؛ لأن القتل وحي ويمنع من القصاص والحدود غير القتل بالمرض إذا لم يكن معها قتل بالمرض حتى يبرأ منه وإذا قتله مريضا فلأولياء المقتول على الجاني عليه ما فيه القود من الجراح إن شاءوا القود وإن شاءوا العقل وإن اختار ولي الدم قتله فلم يقتله حتى مات من الجراح التي أصابه بها الأجنبي فلأولياء القتيل الأول الدية في مال الذي قتله ولأولياء الذي قتل القتيل الأول وقتله الأجنبي آخرا على قاتله القصاص أو أخذ الدية فإن اقتصوا منه فدية الأول في مال قاتله المقتول وإن لم يكن لقاتله المقتول مال فسأل ورثة المقتول الأول ورثة المقتول الآخر الذي قتل صاحبهم أخذ ديته ليأخذوها لصاحبهم لم يكن ذلك لهم؛ لأن قاتله متعد عليه القصاص فلا يبطل حكم الله عز وجل عليه بالقصاص منه بأن يفلس لأهل القتيل الأول بدية قتيلهم.
وهذا هكذا في الجراح لو قطع رجل يمنى رجل فقطع آخر يمنى القاطع ولا مال للقاطع المقطوعة يمناه فقال المقطوعة يمناه الأول قد كانت يمين هذا لي أقتص منها ولا مال له آخذه بيميني وله إن شاء مال على قاطعه فاقضوا له به على قاطعه لآخذه منه ولا تقتصوا له به فيبطل حقي من الدية وهو لا قصاص فيه ولا مال له قيل: إنما جعل له الخيار في القصاص أو المال فإن لم يختر أحدهما لم نجبره على ما أردت من المال وأبيعه يديه بدل فمتى ما كان له مال فخذه وإلا فهو حق أفلس لك به، ولو قال قد عفوت القصاص والمال لم يجبر على أخذ المال ولا القصاص إنما يكون له إن شاء لا أنه يجبر عليه وإن كان عليه حق لغيره ولكنه ينبغي للحاكم إذا قطع يد رجل فقطعت يده أن يشهد للمقطوعة يده
الأولى أنه قد وقف له مال القاطع المقطوع آخرا فإذا أشهد بذلك فللمقطوع آخرا القصاص إلا أن يشاء تركه فإن شاء تركه وترك المال نظر فإن كان له مال يؤدي منه دية يد الذي قطع أخذت من ماله دية يده وجاز عفوه وإلا لم يجز عفوه المال، وماله موقوف لغرمائه.
الحال التي إذا قتل بها الرجل أقيد منه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): من جنى على رجل يسوق يرى من حضره أنه في السياق وأنه يقبض مكانه فضربه بحديدة فمات مكانه فقتله ففيه القود؛ لأنه قد يعيش بعدما يرى أنه يموت وإذا رأى من حضره أنه قد مات فشهدوا على ذلك، ثم ذبحه أو ضربه عوقب ولا عقل ولا قود وإن أتى عليه رجل قد جرحه رجل جراحات كثرت أو قلت يرى أنه يعاش من مثلها أو لا يرى ذلك إلا أنها ليست مجهزة عليه فذبحه مكانه أو قطعه باثنين أو شدخ رأسه مكانه أو تحامل عليه بسكين فمات مكانه فهو قاتل عليه القود وعقل النفس تاما إن شاء الورثة وعلى من جرحه قبله القصاص في الجراح أو الأرش وهو بريء من القتل إلا أن يكون قد قطع حلقومه ومريئه فإن من قطع حلقومه ومريئه لم يعش، وإن رأى أن فيه بقية روح فهو كما يبقى من بقايا الروح في الذبيحة، وكذلك إن ضرب عنقه فقطع الحلقوم والمريء، وكذلك إن قطعه باثنين حتى يتعلق بجلدة أو قطع حشوته فأبانها أو أخرجها من جوفه فقطعها عوقب في هذه الأحوال ولا عقل ولا قود والقاتل الذي ناله بالجراح قبله لا يمنعه ما صنع هذا به من القود إن كان قودا أو العقل وإذا أتى عليه قد قطع حلقومه دون مريئه أو مريئه دون حلقومه سئل أهل العلم به فإن قالوا: قد يعيش مثل هذا بدواء أو غير دواء نصف يوم أو ثلثه أو أكثر فهذا قاتل وبرئ الأول الجارح من القتل، وإن قالوا ليس يعيش مثل هذا إنما فيه بقية روح إلا ساعة أو أقل من ساعة حتى يطغى فالقاتل الأول وهذا بريء من القتل، وهكذا إذا أجافه فخرق أمعاءه؛ لأنه قد يعيش بعد خرق المعى ما لم يقطع المعى فيخرجه من جوفه قد خرق معى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من موضعين وعاش ثلاثا، ولو قتله أحد في تلك الحال كان قاتلا وبرئ الذي جرحه من القتل في الحكم ومتى جعلت الآخر قاتلا فالجارح الأول بريء من القتل وعليه الجراح خطأ كانت أو عمدا فالخطأ على عاقلته والعمد في ماله إلا أن يشاءوا أن يقتصوا منه إن كانت مما فيه القصاص ومتى جعلت الأول القاتل فلا شيء على الآخر إلا العقوبة والنفس على الأول. وسواء في هذا عمد الآخر وخطؤه إن كان عمدا وجعلته قاتلا فعليه القصاص وإن كان خطأ وجعلته قاتلا فعلى عاقلته الدية، وإذا جرح رجلان رجلا جراحة لم يعد بها في القتلى كما وصفت من الذبح وقطع الحشوة وما في معناه فضربه رجل ضربة فقتله فإن كانت ليست بإجهاز عليه فمات منها مكانه قبل يرفعها فهو قاتله دون الجارحين الأولين وإن عاش بعد هذا مدة قصيرة أو طويلة فهو شريك في قتله للذين جرحاه أولا ولا يكون منفردا بالقتل إلا أن يكون ما ناله به إجهازا عليه بذبح أو قطع حشوة أو ما في معناه أو بضربة يموت منها مكانه ولا يعيش طرفه بعدها (قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا جرح رجل جراحات لم يبرأ منها، ثم جرحه آخر بعدها فمات فقال أولياء القتيل مات مكانه من جراح الآخر دون جراح الأولين وأنكر القاتل فالقول قوله مع يمينه وعلى ولاة الدم الأول البينة فإن لم يأتوا بها فهو شريك في النفس لهم قتله بالشرك فيها، وليس لهم قتل اللذين
جرحاه قبل بإبرائهموه أن يكون مات إلا من جناية الآخر مكانه دون جنايتهم ولهم عليه القود في الجراح أو أرشها إن شاءوه وإذا صدقهم الضاربون الأولون أنه مات من جناية الآخر دون جنايتهم. .
الجراح بعد الجراح
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا قطع الرجل يدي الرجل أو رجليه أو بلغ منه أكثر من هذا، ثم قتله أو بلغ منه ما وصفت أو أكثر منه فلم يبرأ من شيء من الجراح حتى أتى عليه فذبحه أو ضربه فقتله فإن أراد ولاته الدية فإنما لهم دية واحدة؛ لأنها لما صارت نفسا كانت الجراح كلها تبعا لها وإن أرادوا القود فلهم القود إن كان عمدا كما وصفت، وفعل الجارح إذا كان واحدا في هذا مخالف لفعله لو كانا اثنين، ولو كان اللذان جرحاه الجراح الأولى اثنين، ثم أتى أحدهما فقتله كان الآخر قاتلا عليه القتل أو العقل تاما وكان على الأول نصف أرش الجراح إن شاء ورثته إن كانا جرحاه جميعا، وإن انفرد أحدهما بجراح فعليه القود في جراحه التي انفرد بها أو أرشها تاما؛ لأن النفس صارت متلفة بفعل غيره فعليه جراحه كاملة بالغة ما بلغت، وكذلك لو كان جرحه رجلان، ثم ذبحه ثالث فالثالث القاتل وعلى الأولين ما في الجراح من عقل وقود فلو جرحه رجل جراحة فبرئت وقتله بعد برئها كان عليه في القتل ما على القاتل من جميع العقل أو القصاص وفي الجراح ما على الجارح من عقل أو قصاص إذا برأت الجراح فهي جناية غير جناية القتل كأن قطع يديه فبرأ ثم قتله فعليه القتل إن شاء الورثة وأرش اليدين وإن شاءوا القصاص في اليدين، ثم دية النفس وإن شاءوا القصاص في اليدين وقتل النفس ولو كانت اليدان لم تبرآ حتى قتله كانت دية واحدة إن أرادوا الدية أو قصاص في النفس واليدين يقطعون اليدين، ثم يقتلونه وإن قتلوه ولم يقطعوا يديه فلا شيء لهم في اليدين إذا لم تبرأ الجراح فالجراح تبع للنفس تبطل إذا قتل الورثة القاتل وإذا أخذوا دية النفس تامة ولا يكون لهم أن يقطعوا يديه ويأخذوا دية النفس إنما لهم قطع يديه إذا كانوا يميتونه مكانهم بالقتل قصاصا ولو قال الجاني: قطعت يديه فلم تبرأ حتى قتلته وقال أولياء المقتول: بل برأت يداه، ثم قتله كان القول قول القاتل؛ لأنه يؤخذ منه حينئذ ديتان إن شاء أولياء المقتول ولا تؤخذ منه الزيادة إلا بإقراره أو بينة تقوم عليه ولو قامت عليه بينة بأن يديه قد برأتا لم يقبل هذا منه حتى يصفوا البرء فإذا أثبتوه بما يعلم أهل العلم أنه برء قبل ذلك منهم فإن قالوا: قد سكبت مدتهما أو ما أشبه هذا لم يقبل وإذا قبلت البينة على البرء فقال الجاني قد انتقضتا بعد البرء وأكذبه الورثة فالقول قولهم وعلى الجاني البينة أنهما انتقضتا من جنايته؛ لأن الحق أنه شهد لهم بالبرء فلا يدفع عنه بقوله. .
الرجل يقتل الرجل فيعدو عليه أجنبي فيقتله
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قتل الرجل الرجل عمدا فعدا عليه غير وارث المقتول فقتله قيل: يثبت عليه ببينة أو يقر وبعدما أقر أو ثبت عليه ببينة وقيل: يدفع إلى أولياء المقتول ليقتلوه أو يأخذوا الدية
أو يعفو أو بعد ما دفع إليهم ليقتلوه فكل ذلك سواء وعلى قاتله الأجنبي القصاص إلا أن تشاء ورثة المقتول أخذ الدية أو العفو ولو ادعى الجهالة وقال كنت أرى دمه مباحا لم يدرأ بها عنه القود ولو ادعى أن ولي المقتول الذي له القصاص أمره بقتله فأقر بذلك ولي المقتول لم يكن عليه عقل ولا قود ولا أدب؛ لأنه معين لولي المقتول ولو ادعى على ولي المقتول الذي له القصاص أنه أمره بقتله وكذبه ولي المقتول أحلف ولي المقتول ما أمره فإن حلف فعلى القاتل القصاص ولولي المقتول الدية في مال قاتل صاحبه المقتول وإن نكل حلف لقد أمره ولي المقتول ولا شيء عليه ولا حق لولي المقتول في ماله ولا مال قاتل صاحبه المقتول ولو كان للمقتول وليان فأمره أحدهما بقتله ولم يأمر به الآخر لم يقتل به وكان لأولياء المقتول القاتل أن يأخذوا نصف ديته من الأجنبي الذي قتله بغير أمر الورثة كلهم وللوارث أخذها من مال المقتول إلا أن يعفوها، ولا ترجع ورثته على الآمر بشيء؛ لأنه قد كان له أن لا يقتل إلا بأمره.
ولو كان له وارث واحد فقضي له بالقصاص فقتله أجنبي بغير أمره فلأولياء المقتول القاتل على قاتل صاحبهم القود أو الدية ولولي القتيل الأول الدية في مال قاتل صاحبه دون قاتل قاتل صاحبه ولو أن إماما أقر عنده رجل بقتل رجل بلا قطع طريق عليه فعجل فقتله كان على الإمام القصاص إلا أن تشاء ورثته الدية؛ لأن الله عز وجل لم يجعل للإمام قتله وإنما جعل ذلك لوليه لقول الله عز وجل {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل} الآية (قال الشافعي): الإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله - والله أعلم - وكذلك لو قضى عليه بالقتل ودفعه إلى أولياء المقتول وقالوا: نحن نقتله فقتله الإمام فعليه القود؛ لأنه قد كان لهم تركه من القود وأيهم شاء تركه فلا يكون إلى قتله سبيل والإمام في هذا مخالف أحد ولاة الميت يقتله؛ لأن لكلهم حقا في دمه ولا حق للإمام ولا غيره في دمه وهذا مخالف الرجل يقضي عليه الإمام بالرجم في الزنا فيقتله الإمام أو أجنبي هذا لا شيء على قاتله؛ لأنه لا يحل حقن دم هذا أبدا حتى يرجع عن الإقرار بكلام إن كان قضي عليه بإقراره أو يرجع الشهود عن الشهادة إن كان قضي عليه بشهادة شهود، وكذلك يخالف المرتد عن الإسلام يقتله الإمام أو الأجنبي؛ لأن دم هؤلاء مباح لحق الله عز وجل ولا حق لآدمي فيه يحد عليهم كحق أولياء القتيل في أخذ الدية من قاتل وليهم ولا سبيل إلى العفو عنه كسبيل ولاة القتيل إلى العفو عن قاتل صاحبهم.
ولو قتل رجل رجلا عمدا فعدا عليه أجنبي فقتله والأجنبي ممن لا يقتل بالمقتول إما بأنه مغلوب على عقله أو صبي لم يبلغ وإما بأنه مسلم والمقتول كافر فعلى القاتل إذا كان هكذا دية المقتول ولأولياء المقتول الأول أخذ الدية من قاتل قاتلهم فإن كان فيها وفاء من دية صاحبهم فهي لهم وإن كان فيها فضل عن دية صاحبهم رد على ورثة المقتول فإن كانت تنقص أخذوا ما بقي من ماله وإن كانت على القاتل المقتول الذي أخذت ديته ديون من جنايات وغيرها فأولياء المقتول الأول شركاؤهم في ديته وغيرها وليسوا بأحق بديته من أهل الديون غيرهم؛ لأن ديته غير ديته وهو مال من ماله ليسوا بأحق به من غيرهم. .
الجناية على اليدين والرجلين
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا قطعت اليد من مفصل الكف ففيها نصف الدية وإن قطعت من الساعد أو المرفق أو ما بين الساعد والمرفق ففيها نصف للدية والزيادة على الكف حكومة يزاد في الحكومة بقدر ما يزاد على الكف ولا يبلغ بالزيادة وإن أتت على المنكب دية كف تامة وسواء اليد اليمنى واليسرى ويد الأعسر ويد غيره وهكذا الرجلان إذا قطعت إحداهما من مفصل الكعب ففيها
نصف الدية فإن قطعت من الساق أو الركبة أو الفخذ حتى يستوعب الفخذ ففيها نصف دية وزيادة حكومة كما وصفت في اليدين ويزاد فيها بقدر الزيادة على موضع القدم لا تبلغ الزيادة، وإن جاءت على الورك دية رجل تامة.
وإن قطعت اليد بالمنكب أو إحدى الرجلين بالورك فلم يكن من واحد من القطعين جائفة فهو كما وصفت وإن كانت من واحد منهما جائفة ففيها دية الرجل واليد والحكومة في الزيادة ودية جائفة، وسواء رجل الأعرج إذا كانت القدم سالمة فقطعت ويد الأعسر إذا كانت الكف سالمة ورجل الصحيح ويد غير الأعسر وإنما تكون فيها الدية إذا كانت أصابعها الخمس سالمة فإن كانت الكف سالمة ورجل الصحيح ويد غير الأعسر وإنما تكون فيها الدية إذا كانت أصابعها الخمس سالمة فإن كانت أصابعها أربعا ففيها أربعة أخماس دية وحكومة الكف لا يبلغ بها دية أصبع.
وإن كانت أصابعها خمسا إحداها شلاء ففيها أربعة أخماس دية وحكومة الكف والأصبع الشلاء أكثر من الحكومة في الكف ليس لها إلا أربعة أصابع وإن كانت أصابعها ستا ففيها ديتها وهي نصف الدية وحكومة في الأصبع الزائدة، وكذلك إن كانت فيها أصبعان زائدتان أو أكثر يزاد في الحكومة بقدر زيادة الأصابع الزوائد ولا تختلف رجل الأعرج والصحيح إلا في أن يجني على رجليهما فيزيد عرج العرجاء وتعرج الصحيحة فتكون الحكومة في الصحيحة أكثر فأما إذا قطعتا أو شلتا فلا تختلفان وإذا كانت اليد الشلاء فقطعت ففيها حكومة والشلل اليبس في الكف فتيبس الأصابع أو في الأصابع وإن لم تيبس الكف فإذا كانت الأصابع منقبضة لا تنبسط بحال أو تنبسط إن مدت فإن أرسلت رجعت إلى الانقباض بغير أن تقبض أو منبسطة لا تنقبض بحال أو لا تنقبض إلا أن تقبض فإن أرسلت رجعت إلى الانبساط بغير أن تنبسط فهي شلاء.
وسواء في العقل كان الشلل من استرخاء مفصل الكف أو الأصابع وإن كان الشلل من استرخاء الذراع أو العضد أو المنكب ففي شلل الكف الدية وفي استرخاء ما فوقها حكومة وإذا أصيبت الأصابع فكانت عوجاء أو الكف وكانت عوجاء وأصابعها تنقبض وتنبسط ففيها حكومة، وإن جنى عليها بعدما أصيبت ففيها دية تامة وهكذا إن رضخت الأصابع فجبرت تنقبض وتنبسط غير أن أثر الرضخ فيها كالحفر ففيها حكومة ويزاد فيها بقدر الشين والألم وإن جنى عليها بعد فأصيبت ففيها ديتها تامة وسواء يد الرجل التامة الباطشة القوية ويد الرجل الضعيفة القبيحة المكروهة الأطراف إذا كانت الأصابع سالمة من الشلل وسواء الكف المتعجرة من خلقتها أو المتعجرة من مصيبة بها والأصابع إذا سلمت من اليبس لم ينقص أرشها الشين.
والقول في الرجل كالقول في اليد سواء، وسواء إذا قطعت رجل من لا رجل له إلا واحدة أو يد من لا يد له إلا واحدة أو من له يدان ففي الرجل نصف الدية وفي اليد نصف الدية ولو أن رجلا خلقت له في يمناه كفان أو يدان منفصلتان أو خلقتا في يسراه أو في يمناه ويسراه معا حتى تكون له أربعة أيد نظر إليهما، فإن كانت العضد والذراع واحدة والكفان مفترقتان في مفصل فقطع التي لا يبطش بها ففيها الدية والقصاص إن كان قطعها عمدا ولو قطعت الأخرى التي لا يبطش بها كانت فيها حكومة وجعلتها كالأصبع الزائدة مع الأصابع من تمام الخلقة.
وإن كان يبطش بهما جميعا جعلت اليد التامة التي هي أكثرهما بطشا إن كان موضعها من مفصل الذراع، مستقيما على مفصل أو زائلا عنه وجعلت الأخرى الزائدة إن كان موضعها من مفصل الذراع مستقيما عليه أو زائلا عنه وإن كان بطشهما سواء وكانت إحداهما مستقيمة على مفصل الذراع جعلت المستقيمة اليد التي لها القود وتمام الأرش وجعلت الأخرى
الزائدة وإن كان موضعهما من مفصل الذراع واحدا ليست واحدة منهما أشد استقامة على مفصل الذراع من الأخرى ولا يبطش بإحداهما إلا كبطشه بالأخرى فهاتان كفان ناقصتان فأيهما قطعت على الانفراد فلا يبلغ بها دية كف تامة ويجعل فيها حكومة يجاوز بها نصف دية كف وإن قطعتا معا ففيهما دية كف ويجاوز فيها دية كف على ما وصفت من أن تزاد كل واحدة منهما على نصف دية كف وهكذا إذا قطعت أصبع من أصابعهما أو شلت الكف أو أصبع من أصابعها وهكذا لو كانت لهما ذراعان وعضدان وأصل منكب كان القول فيهما كالقول فيهما إذا كانت لهما كفان في ذراع واحدة لا يختلف إلا بزيادة الحكومة في قطع الذراعين أو العضدين أو الذراعين مع الكفين فيزاد في حكومة ذلك بقدر الزيادة في ألمه وشينه ولو كان له كفان في ذراع إحداهما ناقصة الأصابع والأخرى تامتها أو إحداهما زائدة الأصابع والأخرى تامتها أو ناقصتها كانت الكف منهما العاملة دون التي لا تعمل فإن كانتا تعملان فالكف منهما أقواهما عملا فإن استوتا في العمل فالكف منهما المستقيمة المخرج على الذراع وإن كانتا سواء فالكف منهما التامة دون الناقصة والأخرى زائدة وإن كانت إحداهما زائدة والأخرى غير زائدة فهما سواء وليست واحدة منهما أولى بالكف من الأخرى، وكذلك إن كانتا زائدتين معا ولو خلقت لرجل كفان في ذراع إحداهما فوق الأخرى منفصلة منها فكان يبطش بالسفلى التي تلي العمل بطشا ضعيفا أو قويا وكانت سالمة ولا يبطش بالعليا كانت السفلى هي الكف التي فيها القود والعقل تاما والعليا الزائدة فإن كان لا يبطش بالسفلى بحال فهي كالشلاء ولا تكون سالمة الأصابع إلا وهو يتناول بها وإن ضعف تناوله وإن كان يبطش بالعليا منهما كانت الكف.
وإن كان لا يقدر على البطش بها وهي فيما ترى سالمة فقطعت لم يكن فيها قود ولا دية كف تامة. ولا تكون أبدا باطشة بالرؤية دون أن يشهد لها على بطش أو ما في معنى البطش، من قبض وبسط وتناول شيء.
الرجلين
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو خلقت لرجل قدمان في ساق فكان يطأ بهما معا وكانت أصابعهما معا سالمة لم تكن واحدة منهما أولى باسم القدم من الأخرى، وأيتهما قطعت على الانفراد فلا قود فيها، وفيها حكومة يجاوز بها نصف أرش القدم وإن قطعتا معا فعلى قاطعهما القود وحكومة، ولو قطعت الأولى كانت فيها حكومة، فإن قطع قاطع الأولى الثانية وهي سالمة يمشي عليها حين انفردت كان عليه القصاص مع حكومة الأولى وإن قطعها غيره فلا قصاص على واحد منهما وعلى كل واحد حكومة أكثر من نصف أرش الرجل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|