
17-04-2023, 01:15 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة :
|
|
رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان

أحكام القضاء في الصيام
عواض بن هلال العمري
(26)
/yaootaweb-production-sa/media/crawledproductimages/1a5714c6f2f02b4c7a0ed196e9dbdfdadeab5bb5.jpg)
قال الكاساني (1) : والقياس أنه يفسد - أي صوم من أكل أو شرب أو جامع - وإن كان ناسياً لوجود ضد الركن حتى قال أبو حنيفة: لولا قول الناس لقلت يقضي أي لولا قول الناس أن أبا حنيفة خالف الأمر لقلت يقضي لكنا تركنا القياس بالنص وهو ما روي عن أبي هريرة (2)
وقال المرغيناني: وإذا ثبت هذا في حق الأكل والشرب ناسياً ثبت في الوقاع للاستواء في الركنية (3) .
واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
أولاً: حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (4)
ثانياً: أنه أفطر ناسياً كالأكل، ولأن الكفارة الكبرى في الفطر تتبع الإثم بدليل انتفائها مع عدمه (5) .

واستدل أصحاب القول الثالث على وجوب الكفارة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: مالك؟ قال: وقعت على إمراتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها؟ قال لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال لا، قال فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أُتى النبي صلى الله عليه وسلم بَعَرقٍ فيه تمر- والعرق: المكتل- قال: أين السائل؟ فقال أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل، على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: "أطعمه أهلك" (6) .
وأما وجوب القضاء فلحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمجامع "صم يوماً مكانه " (7) .
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفسر من الرجل هل كان جماعه عن عمد أو نسيان، ولو افترق الحال لسأل واستفصل (8) .
قال ابن حجر: والجواب أنه قد تبين حاله بقوله «هلكت» و «احترقت» (9) فدل على أنه كان عامدا ًعارفاً بالتحريم (10) .
الراجح:

أرى أن الراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه أصحاب القول الأول وهو أن الصائم إذا جامع ناسياً لصومه فصومه صحيح ولا قضاء عليه ولا كفارة لعموم حديث أبي هريرة المستدل به.
قال ابن قدامة: ونقل أحمد بن القاسم عنه - أي الإمام أحمد - كل أمر غلب عليه الصائم ليس عليه قضاء ولا غيره.
قال أبو الخطاب: هذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان (11)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمجامع الناسي فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره (وذكر الأقوال الثلاثة المتقدمة حسب ترتيبها) ثم قال: والأول أظهر، فإنه قد ثبت بدلالة الكتاب والسنة أن من فعل محظوراً مخطئاً أو ناسياً لم
يؤاخذه الله بذلك وحينئذ يكون بمنزلة من لم يفعله، فلا يكون عليه إثم، ومن لا إثم عليه لم يكن عاصياً ولا مرتكباً لما نهى عنه، وحينئذ فيكون قد فعل ما أُمر به ولم يفعل ما نُهى عنه، ومثل هذا لا يبطل عبادته، إنما يبطل العبادات إذا لم يفعل ما أُمر به أو فعل ما حُظر عليه. (12)
المطلب الثاني: قضاء من جامع متعمداً
الجمهور من الفقهاء على أن من جامع في الفرج في نهار شهر رمضان بلا عذر، أنزل أو لم ينْزل، أنه يفسد صومه إذا كان عامداً، ويجب عليه القضاء (13) .
لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي واقع أهله في رمضان بقضائه فقال: "صم يوماً مكانه" (14) .
وقال الأوزاعي وبعض أصحاب الشافعي: إن كفّر بالصوم لا يجب عليه
القضاء، لأنه من جنسه، وإن كفّر بالعتق أو الإطعام وجب عليه القضاء. (15)
قال النووي: وفي وجوب قضاء ذلك اليوم طريقان: أحدهما: يجب، والثاني: فيه ثلاثة أقوال: أصحها: وجوبه، والثاني: لا يجب وتندرج فيه الكفارة، والثالث: إن كفّر بالصوم لم يجب وإلاّ وجب.

وقال البندنيجي: أومأ الشافعي رضي الله عنه في الأم إلى قولين، سواء كفّر بالصوم أم بغيره (16) بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الأعرابي بالقضاء (17) .
والجواب عنه أن الأمر بالقضاء وإن لم يرد في بعض الأحاديث الواردة في قصة الأعرابي، ف قد ورد صريحاً في حديث أبي هريرة المتقدم. (18)
الفصل الثاني: قضاء أصحاب الأعذار
المبحث الأول: قضاء المريض والمسافر
الفصل الثاني:
قضاء أصحاب الأعذار
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: قضاء المريض والمسافر
من كان مريضاً في شهر رمضان فخاف إن صام أن تلحقه مشقة بازدياد مرضه، أو طوله، فيسن له الفطر، ويجب عليه القضاء إذا بريء، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} . (19)
قال ابن قدامة: ويلزم المسافر والحائض والمريض القضاء إذا أفطروا، بغير خلاف، ثم ذكر الآية السابقة وقال: والتقدير: فأفطر (20) .
فإن صام أثناء مرضه أجزأه وبهذا قال الجمهور - الحنفية (21) ، والمالكية (22) ، والشافعية (23) ، والحنابلة (24) .
وقال ابن سيرين: متى حصل الإنسان في حال يستحق بها اسم المرض صح الفطر، قياساً على المسافر لعلة السفر، وإن لم تدع إلى الفطر ضرورة.
قال طريف بن تمام العُطاردي: دخلت على محمد بن سيرين في رمضان وهو يأكل، فلما فرغ قال: إنه قد وجعت إصبعي هذه.
قال القرطبي: قول ابن سيرين أعدل شيء في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
قال البخاري: اعتللتُ بنيسابور علةً خفيفة وذلك في شهر رمضان، فعادني إسحاق بن راهويه في نفر من أصحابه فقال لي: أفطرت يا أبا عبد الله، فقلت نعم، فقال: خشيت أن تضعف عن قبول الرخصة. (25) .
وأما المسافر فإنه يجوز له الفطر أثناء سفره ويلزمه القضاء للأدلة المتقدمة في قضاء المريض، إلاّ أن الجمهور من الفقهاء - المالكية (26) ، والشافعية (27) والحنابلة (28)
يشترطون في جواز الفطر في السفر: أن يكون مباحاً، وأن تكون مسافته

مسافة القصر أو أكثر، وأنه لا يجوز الفطر في رمضان في سفر معصية، ولا في سفر دون مسافة القصر. (29) وأما الحنفية فيجوز الفطر عندهم في رمضان بمطلق السفر وهو الخروج عن الوطن، سواء كان السفر سفر طاعة، أو مباح، أو معصية، والسفر المرخص للفطر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً (30)
فإن صام المسافر أثناء سفره أجزأه صومه ولا قضاء عليه عند الجمهور (31) خلافاً لبعض الظاهرية (32)
-----------------------------------------
(1) بدائع الصنائع 2/90.
(2) تقدم تخريجه ص 224.
(3) الهداية مع البناية 3/302.
(4) رواه ابن ماجة 1/659 كتاب الطلاق باب طلاق المكره والناسي حديث (2045) قال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع بدليل زيادة عبيد بن عمير في الطريق الثاني، وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم فإنه كان يدلس.
وبالطريق الثاني أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/95 كتاب الطلاق باب طلاق المكره، والدارقطني في سننه 4/170 باب النذور حديث (33) والبيهقي في السنن الكبرى 7/356 كتاب الخلع والطلاق باب ما جاء في طلاق المكره، والحاكم في المستدرك 2/198 كتاب الطلاق، وغيرهم من طريق بشر بن بكر وأيوب بن سويد قالا: حدثنا الأوزاعي عن عطاء ابن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن ابن عباس به.
قال الألباني في إرواء الغليل 1/123 حديث (82) صحيح.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وقال النووي في روضة الطالبين 8/193 والمجموع 6/451 حديث حسن ولمعرفة المزيد عنه ينظر: نصب الراية 2/64 – 66 كتاب الصلاة باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها. والتلخيص الحبير 1/281 حديث (450) .
(5) الإشراف 1/200.
(6) رواه البخاري ومسلم ينظر: صحيح البخاري مع الفتح 4/163 كتاب الصوم باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء ... حديث (1936) ، وصحيح مسلم 2/781 كتاب الصيام باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان ... حديث (81 – 1111) .
(7) تقدم تخريجه ص 227.
(8) المغني 3/122، وفتح الباري 4/164.
(9) لفظة «احترقت» ورد في حديث آخر رواه البخاري ومسلم عن عائشة ينظر: صحيح البخاري مع الفتح 4/161 كتاب الصوم باب إذا جامع في رمضان حديث (1935) وصحيح مسلم 2/783 كتاب الصيام باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان. . حديث (85 – 1112) .
(10) فتح الباري 4/164.
(11) المغني 3/121.

(12) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 25/226.
(13) مختصر الطحاوي ص 54، ومختصر اختلاف العلماء 2/26، والأصل 2/203 – 238، وبداية المبتدي مع فتح القدير2/336، والهداية مع البناية 3/321، 322، وبدائع الصنائع 2/90، 98، والمبسوط 3/79، وتبيين الحقائق 1/327. والمدونة 1/218، والمنتقي 2/56، والكافي 1/341، 342، والإشراف 1/199، والقوانين الفقهية ص 117، والذخيرة 2/518. والأم 2/108، والمهذب1/247، والمجموع 6/283، 294، 311 والحاوي الكبير 3/424، ومختصر الخرقي ص 50، والمغني 3/120، وكشاف القناع 2/377، والفروع 3/75، والمحرر 1/229، والهداية 1/84 وشرح منتهى الإرادات 1/451، والإنصاف 3/311، ومنار السبيل 1/226 ومطالب أولي النهى 2/197.
(14) تقدم تخريجه ص 227.
(15) المغني 3/120، والمنتقي 2/56، والبناية 2/322، والمجموع 6/311.
(16) المجموع 6/294.
(17) المغني 3/120، ونيل الأوطار 5/289.
(18) نيل الأوطار 5/289، 290 وينظر ص 31.
(19) آية 184 من سورة البقرة.
(20) المغني 3/135.

(21) مختصر الطحاوي ص 55، وبداية المبتدي مع فتح القدير 2/350، والهداية مع البناية 3/350، 351، وبدائع الصنائع 2/94، وتبيين الحقائق 1/333.
(22) الموطأ 1/302، والمنتقى 2/62، والقوانين الفقهية ص 119 والذخيرة 2/523، والجامع لأحكام القرآن 2/276.
(23) المهذب 1/240، والمجموع 6/211، وروضة الطالبين 2/370، 373، ومغني المحتاج 1/437.
(24) المغني 3/135، وكشاف القناع 2/361، والفروع 3/27 والمحرر 1/228، 229، وشرح منتهى الإرادات 1/443، والإنصاف 3/285، ودليل الطالب مع شرحه منار السبيل 1/222، ومطالب أولي النهى 2/181.
(25) الجامع لأحكام القرآن 2/276، 277.
(26) الإشراف 1/206، والقوانين الفقهية ص 119، والذخيرة 2/523، والجامع لأحكام القرآن 2/277.
(27) المهذب 1/240، المجموع 6/214، وروضة الطالبين 2/370، 373، ومغني المحتاج 1/437.
(28) المغني 3/99، 135، والإقناع مع شرحه كشاف القناع 1/596 و 2/363، والفروع 3/30، والمحرر 1/228، 229، وشرح منتهى الإرادات 1/443، والإنصاف 3/287، ودليل الطالب مع شرحه منار السبيل 1/221، ومطالب أولي النهى 2/182.
(1/241)

(29) مسافة القصر ثمانية وأربعون ميلاً- أربعة بُرد، ستة عشر فرسخاً - عند الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) . وعند الحنفية: مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً. وعند قوم (الظاهرية) يجوز في كل سفر وإن قصر. ينظر: القوانين الفقهية ص 83، والجامع لأحكام القرآن 2/277 والمهذب 1/240، والمجموع 6/217، وكشاف القناع 1/594، 595.
والأصل في مقدار مسافة القصر حديث ابن عباس «يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة بُرد: من مكة إلى عسفان» رواه الدارقطني 1/387 كتاب الصلاة باب قدر المسافة التي تقصر في مثلها صلاة، والبيهقي في السنن الكبرى 3/137 كتاب الصلاة باب السفر الذي لا تقصر في مثله الصلاة، والحديث إسناده ضعيف. والصحيح أنه من قول ابن عباس رضي الله عنهما. ينظر: مصنف ابن أبى شيبة 2/445 كتاب الصلاة باب في مسيرة كم يقصر الصلاة والتلخيص الحبير 2/46 رقم (608) . والميل في معجم لغة الفقهاء ص 451 (1848) متراً فتصبح المسافة 1848 × 48 = 88704 متراً، أو 88704 ÷ 1000 = 88. 704 كيلاً.
(30) بدائع الصنائع 2/94، وبداية المبتدي مع فتح القدير 2/351، والهداية مع البناية 3/352، وتبيين الحقائق 1/333.
(31) الأصل 2/208، والهداية مع البناية 3/352، والمدونة 1/201 والإشراف 1/206، والمجموع 6/217، وكشاف القناع 2/363 والفروع 3/30، وشرح منتهى الإرادات 1/443، ومنار السبيل 1/222 وتفسير القرآن العظيم 1/223.
(32) المجموع 6/217، وكشاف القناع 2/363، والفروع 3/30 ونيل الأوطار 5/299.
(1/242)

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|