
01-04-2023, 12:29 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,954
الدولة :
|
|
رد: معارك حربية مهمة فى التاريخ الاسلامى ...يوميا فى رمضان

حرب كريت (من عام 1645 إلى عام 1669)
- ويكيبيديا
الحرب العثمانية - البندقية الرابعة
(10)

خريطة بُندقية لكريت
المتحاربون
الدولة العثمانية الساحل البربري
طرف ثانى
جمهورية البندقية
فرسان مالطة
الولايات البابوية
فرنسا
القادة
يوسف باشا
موسى باشا
غازي حسين باشا
مراد باشا
محمد باشا الكوبريللي
فاضل أحمد باشا الكوبريللي
طرف ثاني
أندريا كورنر
نيكولو لودوفيزي
توماسو موروسيني
جوفاني باتيستا
جياكومو دا ريفا
ألفيز موتشينيغو
ليوناردو فوسكولو
لورينزو مارسيلو
لازارو موتشينيغو
فرانسيسكو موروسيني
ألميريغو ديست
فرانسوا دوق بوفور
تعديل مصدري - تعديل
حرب كريت (بالتركية العثمانية: گريد فتحى) أو حرب كانديا (بالإيطالية: Guerra di Candia) وتُعرف أيضاً بالحرب العثمانية البندقية الخامسة، وهي صراعٌ نشب بين جمهورية البندقية بمساندة حلفائها (أهمّهم فرسان الإسبتارية، والولايات البابوية، وفرنسا) من جهة، والدولة العثمانية والساحل البربري من جهة أخرى حول جزيرة كريت أكبر وأغنى مُمتلكات البندقية في البحار. استمرت الحرب من عام 1645 إلى عام 1669، ودارت رحاها في كريت، بالإضافة إلى العديد من الاشتباكات البحرية التي وقعت في بحر إيجة وكذلك العديد من الغارات حول البحر ذاته. كما أنّ دالماسيا كانت مسرحاً ثانياً للعمليات.
على الرغم من نجاح العثمانيين في الاستيلاء على مُعظم أجزاء كريت في سنوات الحرب الأولى، إلا أنّ حصن العاصمة كاندية قاوم العثمانيين بنجاح. واضطر حصار كاندية الطويل - شبيه حصار طروادة كما وصفه جورج بايرون[1]- كلا الطرفين للتركيز على إمدادات قواتهما الموجودة على الجزيرة، خصوصاً البنادقة الذين كان أملهم الوحيد في الانتصار على الجيش العثماني الذي فاقهم حجماً في كريت يكمن في تجويع العثمانيين وقطع الإمدادات والتعزيزات عنهم، ومن ثَم تحولت الحربُ إلى سلسلة من المواجهات الحربية بين البحريتين وحلفائهما. تلقّت البندقية مساعدات من عدة دول أوروبية غربية، الذين حضّهم البابا لإحياء روح الحملات الصليبية، فأرسلوا الرجال والسفن والإمدادات "للدفاع عن المسيحية". حافظت البندقية على تفوقها البحري عموماً طيلة الحرب، وانتصرت في مُعظم مواجهاتها مع العثمانيين، لكنّها لم تتمكن من فرض حصار تام على الدردنيل، ولم تملك السفن الكافية لقطع تدفق الإمدادات والتعزيزات العثمانية المُرسلة إلى كريت. أمّا العثمانيون فقد أعاقهم وجود اضطرابات داخلية، بالإضافة إلى تحويل جُزء من قواتهم شمالاً صَوْب ترانسيلفانيا لمواجهة ملكية هابسبورغ.
استنفد هذا الصراع الطويلُ من اقتصاد جمهورية البندقية الذي كان يعتمد اعتماداً رئيسياً على التجارة مع الدولة العثمانية. وبحلول عقد الستينيّات من القرن السابع عشر، وعلى الرغم من تزايد المُساعدات المُقدمة من الدول المسيحية الأخرى، إلا أنّ الحرب كانت قد نالت من البندقية وأرهقتها. ومن جهة أخرى فإنّ العثمانيين نجحوا في الحفاظ على وجود قواتهم في كريت بقيادة قديرة من أسرة كوبريللي، وأرسلوا عامَ 1666 حملةً ضخمةً أخيرةً لإنهاء الحرب بإشراف مُباشر من الصدر الأعظم. كانت هذه بداية المرحلة الأخيرة والأكثر دموية في حصار كاندية واستمرت أكثر من عاميْن. استسلم حصن كاندية المنيع بعد ذلك وقبل البنادقة التفاوض، لتنتهي بذلك الحربُ بانتصار العثمانيين. نتج عن مُعاهدة السلام النهائية احتفاظ البندقية ببضعة جزر صغيرة معزولة قبالةَ كريت، وإحرازها بعض المكاسب الإقليمية في دالماسيا. لكنّ الحرب ما لبثت أن اشتعلت بين الطرفين مرة أخرى بعد نحو من 15 عاماً فقط، بسبب رغبة البندقية في الانتقام لخسارتها، وبالفعل نجحت بالخروج منها مُنتصرةً. أمّا كريت فقد ظلت تحت الحُكْم العثماني حتى عام 1897 حينما باتت دولةً مُستقلةً، قبل أن تُضم أخيراً إلى اليونان عام 1913.
خلفية[عدل]
باتت جزيرة كريت آخر مُمتلكات البندقية الكُبرى في البحار بعد خسارة قبرص لصالح العثمانيين في الحرب العثمانية البندقية الرابعة.[2] كان من الواضح أنّ كريت ستكون هدفاً للتوسع العثماني عاجلاً أم آجلاً وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي،[3] وكذلك مساحتها، وأراضيها الخصبة، وسوء حال حصونها جعلتها أكثر إغراءً للعثمانيين من مالطا.[4] أمّا البندقية فكانت قد ضعفت عسكرياً وباتت تعتمد اعتماداً كبيراً على التجارة غير المُنقطعة، لذا فقد حرصت على عدم استفزاز الدولة العثمانية، وحافظت على شروط مُعاهدتها معهم بحرص، لتؤمّن بذلك أكثر من ستين عاماً من العلاقات السلمية.[5] وبحلول بدايات القرن السابع عشر كانت قوة البندقية العسكرية قد تراجعت أكثر. حتى اقتصادها الذي كان قد ازدهر قبلاً مُعتمداً على سيطرته على تجارة التوابل الشرقية بات يُعاني نتيجةَ افتتاح طرق التجارة الأطلسيّة الجديدة، وكذلك نتيجةَ فقدانه السوق الألماني بسبب حرب الثلاثين عاماً.[2] وفضلاً عن ذلك كُله، تورطت البندقية في سلسلة من الحروب التي خاضتها في شمال إيطاليا مثل حرب الخلافة المانتوفية، وزاد الطين بلةً تفشي وباء الطاعون في الجمهورية عام 1629 - 1631.[6]
ظلّت احتمالية نشوب صراع عثماني بندقي جديد قائمةً، ففي عام 1638 هاجم أسطولٌ بُندقي أسطولاً بربرياً مُدمّراً إياه بعد أن كان البربر قد احتمَوا في ميناء فلوره العثماني، وكذلك قصفوا المدينة خلال العملية.[7] أثار هذا العمل حفيظةَ السلطان مراد الرابع، الذي هدد بإعدام جميع البنادقة الذين يعيشون في دولته وفرض حظراً على التجارة البندقية.[8] لكنّ الأمور عادت إلى مجراها بعد أن دفعت جمهورية البندقية تعويضاً للعثمانيين قدره ربع مليون عملة ذهبية، خصوصاً وأنّ العثمانيين كانوا لا يزالون في حالة حرب مع الدولة الصفوية ولم يرغبوا في الدخول في حرب أخرى.[5][9]
وقعت حادثةٌ أخرى مُشابهة في 28 سبتمبر 1644 لكنّ نتائجها كانت مُختلفة، حينما هاجم فرسان الإسبتارية قافلةً عثمانيةً كانت في طريقها من إسلام بول إلى الإسكندرية وعلى متنها عدد من الحجاج المُتجهين إلى مكة، ولقيت مُعظم الشخصيات المُهمة الذاهبة للحج حتفها، على حين اقتيد نحو ثلاثمائة وخمسين رجلاً وثلاثين امرأةً ليُباعوا عبيداً.[10] حمّل الفرسانُ غنائمهم على سفينة رست فيما بعد في ميناء صغير على الساحل الجنوبي من جزيرة كريت لبضعة أيام، وترجّل إلى الجزيرة بعض من البحارة والعبيد.[11] غضب العثمانيون من هذه الواقعة غضباً شديداً، واتهموا البندقية بالتواطؤ مع الفرسان، وهو الأمر الذي نفاه البنادقة بشدة. وبما أنّ سدّة الحُكْم في الدولة العثمانية كانت في أيدي أناسٍ مُتحمسين للحرب،[12] اعتبرت الدولةُ ما جرى ذريعةً مثاليةً للحرب مع البندقية الضعيفة في ذلك الحين.[13] وعلى الرغم من استمرار المُفاوضات فترةً طويلةً - حتى أواسط عام 1645 -، واعتراض الصدر الأعظم سلطان زاده محمد باشا،[14] إلا أنّ الدولةَ العثمانيةَ اتجهت إلى خيار الحرب. قام العثمانيون سريعاً بإرسال حملة أوليّة ضمّت 50,000 جُندياً و416 سفينة بقيادة صهر السلطان القبطان باشا يوسف باشا. أبحر الأسطول العثماني من الدردنيل في 30 أبريل 1645 مُتجهاً صَوْب ميناء نافارين في بيلوبونيز، وبقي هناك مُدة ثلاثة أسابيع.[15] لم يكن الأسطول العثماني قد أعلن عن هدفه بَعد، بل قام العثمانيون بالتلميح إلى كَون مالطا الهدف الذي خرجوا من أجله وذلك لتبديد مخاوف البنادقة.[13]

الحرب[عدل]
بداية العمليات في كريت[عدل]
نجحت الحيلةُ العثمانيةُ بالفعل في خداع البنادقة وتفاجؤوا بوصول الأسطول العثماني إلى كريت على حين غرة في 23 يونيو 1645.[15] ولم تُفلح جهود الجنرال أندريا كورنر - الذي كان قد عُيّن قائداً حديثاً - في مواجهة الموقف، حيث كانت دفاعات البندقية لا تزالُ في حالة سيئة.[16] كانت كريت جزيرةً ذات حصون منيعة، لكنّها أُهملت زمناً طويلاً، وتطلّب إعادة ترميمها جهداً كبيراً.[17] وكانت البندقيةُ تنظر بعين الخوف إلى الاستعدادت العثمانية، فدفعها ذلك إلى إرسال التعزيزات التي بلغت 2,500 جُندياً إلى كريت في أواخر عام 1644 احترازاً من أي هجوم مُحتمل، وكذلك بدأت بتسليح أسطولها. فضلاً عن حصولها على وعدٍ بالمُساعدة من البابا وتوسكانا في حالة وقوع الحرب.[18] لم تكن العلاقات جيدةً بين سُكان الجزيرة المحليين اليونانيين والبنادقة، وهو الأمر الذي لعب دوراً هامّاً في مراحل الحرب المُتقدمة، فقد ساعد توتر العلاقات بين الطرفين في سرعة فرض سيطرة العثمانيين على المناطق الريفية، وعندما قُطعت الإمدادات القادمة من البحار عن القوات العثمانية الموجودة على الجزيرة في سنوات الحرب اللاحقة، كانت المنتوجاتُ المحليةُ التي قدمها لهم اليونانيون سبيلاً لاستمرار بقائهم في كريت.[12][19]

خريطة لخانية وتحصيناتها تعود لعام 1651.
رسا العثمانيون حين وصلوا على أرضٍ تبعد حوالي خمساً وعشرين كيلومتراً عن خانية، ولم تستطع قواتها المحلية مُجابهتهم وفرّت.[15] تبع ذلك هجومهم على حصن القديس توديرو، فقام قائد الحصن بلاسيو زوليان الإستيري بتفجير نفسه وحصنه وحاميته حتى لا يسقط شيء في أيدي العثمانيين. تقدم الجيش العثماني بعد ذلك حتى وصل مدينة خانية ذاتها، التي سقطت أمام الزحف العثماني في 22 أغسطس، بعد حصار دام 56 يوماً.[20] وفي الوقت ذاته كانت التعزيزات قد بدأت بالوصول إلى الجزيرة على متن قوارب قادمةً من الولايات البابوية، وتوسكانا، ومالطا، ونابولي كما كانوا قد وعدوا البنادقة مُسبقاً فعزز ذلك من دفاعاتهم. اختلفت الأوضاع في سبتمبر، لأن الأسطول العثماني كان في حالة من الفوضى، لكنّ الأساطيل المسيحية المُتحالفة بقيادة نيكولو لودوفيزي - ابن أخ البابا - فشلت في استغلال الفرصة لتوجيه ضربة حاسمة.[21] تحركت القوات المسيحية أخيراً في الأول من أكتوبر لتحرير خانية من قبضة العثمانيين بأسطول مُكوّن من 90 سفينة، لكنّ هجومهم فشل بعد أن اصطدموا بقوة الدفاعات العثمانية فضلاً عن سوء التنسيق بينهم، وعادوا إلى قواعدهم بُعيْد ذلك.[21]

خريطة تعود لعام 1651 تُصوّر أسد القديس مرقس (رمز جمهورية البندقية) يقف حامياً لمملكة كاندية، حيث كانت جميع مُدن الجزيرة قد باتت تحت السيطرة العثمانية بحلول ذلك الوقت باستثناء العاصمة كاندية.
غادر القائدُ الأول يوسف باشا الجزيرة في نوفمبر تاركاً وراءه حاميةً قويةً وعاد إلى إسلام بول ليقضي فصل الشتاء هناك، بَيْد أنّ السلطان أعدمه هناك بعد وقوع خلافات بين الطرفين.[22] لم تتأثر الاستعدادت العثمانية بما حصل وتواصلت في سبيل تجديد وتوسيع الحرب، على حين كان البنادقةُ يلهثون لجمع المال والرجال، وسعوا جاهدين لإشراك القوى الأوروبية الأخرى في حربهم مع العثمانيين. قابلت الدول الأوروبية استغاثات البنادقة بآذان صمّاء، خصوصاً وأنّ أوروبا كانت مُمزقةً في ذلك الحين نتيجةَ حرب الثلاثين عاماً وما ترتّب عنها من صراعات ضارية.[23] عانى البنادقةُ من ضغط شديد بسبب المُتطلبات المالية للحرب، فاضطروا إلى فرض الضرائب على الأراضي التابعة لهم (دوميني دي تيرافيرما)، حتى أنهم لجؤوا إلى بيع ألقاب النبالة والمناصب الحكومية للحصول على المال.[24] اختير فرانسيسكو إيريزو ذو الثمانين عاماً قبطاناً للقوات البحرية، لكنه ما لبث أن توفي في أوائل عام 1646 فاستُبدل به جوفاني كابيلو الذي كان عمره حينها ثلاثة وسبعين عاماً.[25]
كان عام 1646 سيئاً على البنادقة واتّسم أداء كابيلو فيه بالبهتان، لأنه فشل في اعتراض وصول التعزيزات العثمانية بقيادة موسى باشا في يونيو،[26] وأيضاً فشل الهجومُ الذي شنّه على الأسطول العثماني في خليج خانية في أغسطس، بالإضافة إلى فشل مُحاولاته في فك الحصار العثماني على ريثيمنو، فأدى ذلك إلى سقوط المدينة في أيدي العثمانيين في 20 أكتوبر من العام ذاته، على حين صمد معقلها حتى 13 نوفمبر قبل أن يسقط.[27] عانى كلا الجانبان من تفشي وباء الطاعون في صفوفه خلال شتاء 1646 - 1647، ولم يُحرز أيٌّ منهما تقدماً فعلياً خلال ربيع عام 1647. استمر هذا الوضعُ حتى مُنتصف يونيو حين ألحقت قوةٌ عثمانيةٌ صغيرةٌ الهزيمة بمُرتزقة بنادقة على الرغم من تفوّق البنادقة العددي. مهّد هذا النجاحُ الطريقَ للعثمانيين للاستيلاء على النصف الشرقي من الجزيرة باستثناء حصن سيتيا.[28] تعرض البنادقةُ والسكانُ المحليون خلال الحرب لخسائر جسيمة، حيث تُشير التقديراتُ إلى أنّ قرابة 40% من سُكان الجزيرة لقوا حتفهم بحلول عام 1648 سواءً كان ذلك بسبب المرض أو الحرب،[29] وبحلول عام 1677 كان قد انخفض عدد سكان كريت إلى 80,000 نسمة فقط، بعد أن كانوا 260,000 نسمة قبل بدء الحرب.[30] وبحلول عام 1648، كانت جميع أنحاء كريت قد باتت تحت سيطرة العثمانيين عدا كاندية وبضعة حصون أخرى.[22]
حصار كاندية[عدل]
بدأ حصار كاندية في مايو 1648، واستمر تطويق العثمانيين للمدينة ثلاثة أشهر، فنجحوا في عزلها، حتى أنّهم قطعوا إمدادات الماء عنها. لكنّ العثمانيين أيضاً تأثروا بشدةٍ جراء سوء حال إمداداتهم الناجم عن نشاط الأساطيل المسيحية في بحر إيجة، حيث اعترضوا القوافل العثمانية المُتجهة للجزيرة والمُحمّلة بالإمدادت والتعزيزات مانعين إيّاها من الوصول إلى مُحاصري كاندية.[31] كما أنّ الدولةَ العثمانية عانت حينها من الاضطرابات الداخلية الناجمة عن سياسات السُّلطان إبراهيم الأول العشوائية وعن إعدامه عدداً من كبار المسؤولين في الدولة بلا مُحاكمة، ممّا أدى في نهاية المطاف إلى عزله عن سدّة الحُكْم لصالح ابنه محمد الرابع، لتبدأ بذلك فترةٌ أخرى من الارتباك في جَنَبات الحكومة العثمانية.[32]
أجبر نقصُ الإمدادات القائدَ غازي حسين باشا على رفع الحصار عن كاندية في بداية عام 1649، قبل أن يُحاصر العثمانيون المدينة من جديد بعد شهرين فقط من الرحيل عنها بعد أن وصل الأسطول العثماني إليها في شهر يونيو من العام نفسه.[33] استمر هذا الحصار حتى عام 1669 ليكون ثاني أطول حصار في التاريخ بعد حصار الموريين لسبتة بقيادة إسماعيل بن الشريف، الذي دام من عام 1694 إلى عام 1727.[34] هاجم العثمانيون حصون المدينة مُفجرين أكثر من سبعين لغماً، لكنّ المُدافعين تمكنوا من الصمود أمام المد العثماني. خسر العثمانيون نتيجة عملياتهم أكثر من 1,000 جندي، وانسحب من ميدان المعركة 1,500 إنكشاري، كما أنّهم عانوا من انعدام التعزيزات المُرسلة لهم على مدار عام 1650، ولم يُترك أيُّ خيار لحسين باشا سوى أن يبذل أقصى مجهود لتضييق الحصار على المدينة ما أمكن.[33] عزز العثمانيون من موقفهم ببناء ثلاثة حصون في منطقة خانية، كما وصلت إليهم التعزيزات في أواخر عام 1650 ممّا سمح لهم بمواصلة حصارهم الشديد المفروض على عاصمة الجزيرة.[35] تكالبت الأوضاع بعد ذلك على العثمانيين مرةً أخرى، فالبنادقة قد نجحوا في فرض الحصار على الدردنيل، والبلاط العثماني كان يُعاني من الاضطرابات السياسية، إلا أنّ الإمدادات الواصلة للجيش العثماني في كريت كانت كافيةً للحفاظ على وجوده، لكنّ الجيش كان في وضعٍ أضعف من أن يشنّ هجوماً حقيقياً على كاندية. نجح العثمانيون عام 1653 في الاستيلاء على حصن سيلينو الواقع على خليج سودا، كما قاموا بتحسين تحصينات سان توديرو الذي كانوا قد استولوا عليه سابقاً.[36] خفّضت النجاحات البحرية البندقية على مدار السنوات اللاحقة من القدرة الهجومية للجيش العثماني في كريت بشكل مؤثر، لكنّ حصار كاندية ظلّ مُستمراً، وتمكن العثمانيون من الاحتفاظ بالأراضي التي كانوا قد استولوا عليها مُسبقاً في الجزيرة حتى وصول حملة عثمانية جديدة عام 1666.

الحرب البحرية[عدل]
الصدامات الأولى (1645 - 1654)[عدل]

صورة تُظهر قادساً مالطياً. بالرغم من أنّ القوادس استُبدلت بالسفن الشراعية، إلا أنّها ظلت تُشكل جزءاً كبيراً من القوات البحرية المُتوسطية خلال القرن السابع عشر.
لم يكن بإمكان البندقية مواجهة الحملة العثمانية الضخمة في كريت بشكل مُباشر، لكنّ بحريتها كانت قويةً لدرجة تُمكّن البنادقة من التدخل وقطع طرق إمداد العثمانيين.[37] ففي عام 1645 كان أسطول البندقية والحلفاء المُشترك يتألف من ستين إلى سبعين قادس، وأربع سفن ضخمة، وحوالي ستة وثلاثين سفينة شراعية كبيرة.[38] لم يكن تفوّق البنادقة البحري مُقتصراً على حجم أسطولهم، بل أيضاً من حيث تنوّع مراكبهم البحرية، بينما اعتمدت البحرية العثمانية بشكل تام تقريباً على القوادس.[39] أراد الطرفان تعزيز قواتهما البحرية بشكل أكبر، فقرر كُل من العثمانيين والبنادقة توظيف أناسٍ ذوي خبرة حربية من هولندا، وفيما بعد من إنجلترا، خصوصاً العثمانيين.[40]
أولى العمليات البحرية للبنادقة كانت مُحاولةً لحصار الدردنيل عام 1646، حين خرج أسطول قوامه 23 سفينة بقيادة توماسو موروسيني إلى بحر إيجة لاعتراض سفن الشحن العثمانية المُحمّلة بالإمدادات والتي كانت مُتجهةً إلى جزيرة كريت، بالإضافة إلى مُحاولتهم للاستيلاء على جزيرة تندوس ذات الأهمية الاستراتيجية والواقعة على مدخل الدردنيل. قاد القبطان موسى باشا أسطولاً مؤلفاً من 80 سفينة حربية لمواجهة البنادقة، لكنّ البندقية نجحت في دحر العثمانيين إلى الدردنيل في 26 مايو.[41] عاد الأسطول العثماني إلى البحار من جديد في 4 يونيو من العام نفسه، ولم ينجح البنادقة هذه المرة في إيقافه، حيث ساعد الأسطولَ العثماني عدمُ هبوب الرياح واستطاعوا الإفلات من السفن البندقية، وبالتالي نجح العثمانيون في إنزال المزيد من الجنود والإمدادات في كريت دون مُقاومة.[42] وبالإضافة إلى ذلك كله، فشلت جهود الأسطول البندقي التي بُذلت لمواجهة العمليات العثمانية البرية في الجزيرة، ويُعزى ذلك إلى تردد قادته، والتأخير في دفع الأجور، وكذلك بسبب تفشي آفة الطاعون بين البنادقة.[43]
خسر البنادقة قائد أساطيلهم توماسو موروسيني في 27 يناير 1647 عندما اضطرت سفينته لمواجهة أسطولاً عثمانياً مُكوناً من 45 قادس. قُتل موروسيني خلال هذه المواجهة، لكنّه نجح في إلحاق خسائر كبيرة بالعثمانيين بما فيها قتل موسى باشا نفسه. وصل أسطول البنادقة بعد ذلك في الوقت المُناسب لإنقاذ السفينة بقيادة القائد الجديد جوفاني باتيستا جريماني. كانت هذه المواجهة ضربةً كبيرةً لمعنويات العثمانيين، حيث أنّ سفينةً واحدةً ألحقت أضراراً وإصابات مؤثرة في صفوفهم.[44] حقق البنادقةُ بعد ذلك بعض النجاحات الأخرى مثل إغارتهم على مدينة ششمة الواقعة غرب تركيا في الوقت الحاضر، لكنهم تعرضوا لسلسلة من الإخفاقات فيما تبقى من العام، حيث فشلت مُحاولاتهم المُتكررة في حصار الموانئ العثمانية واستمر تدفق الإمدادات والتعزيزات إلى كريت.[45]

اشتباك الأسطول البندقي مع الأسطول العثماني عام 1649، بريشة أبراهام بيرستاتن (1656).
عاد البنادقة إلى الدردنيل من جديد عام 1648، وعلى الرغم من خسارتهم للعديد من السفن ووفاة الأميرال جوفاني باتيستا نفسه في عاصفةٍ تعرضوا لها في أواسط شهر مارس،[46] إلا أنهم تمكنوا من إعادة بناء أسطولهم بقيادة جياكومو دا ريفا، ونجحوا في حصار المضيق مُدة عام كامل.[31] وبالمُقابل نجح العثمانيون في التصدي للبنادقة جُزئياً بعد بنائهم أسطولاً جديداً في ششمة مُجبرين البنادقة على تقسيم قواتهم.[31] وفي عام 1649 كسر أسطول عثماني بقيادة القبطان باشا فوينوك أحمد باشا الحصار البحري المفروض عليهم.[22] حقق البنادقة بعد ذلك انتصاراً على الأسطول العثماني في 12 مايو من العام نفسه واستولوا على عدد من السفن العثمانية ودمّروا عدداً آخر، لكنّ دا ريفا لم يكن قادراً على منع الأسطول العثماني من الوصول إلى كريت،[47] ممّا أبرز ضعف موقف البنادقة، حيث أنّ البندقية لم تكن قادرةً على فرض حصار بحري طويل الأمد، ولم تملك الجمهورية ما يكفي من السفن للسيطرة على كل من الدردنيل وممر خيوس في الوقت ذاته.[37]
حافظ الأسطول البندقيّ المُكون من 41 سفينة على حصاره للدردنيل مُعظم فترات عام 1650 مما منع العثمانيين من الإبحار إلى كريت. لكنّ العثمانيين نجحوا مرةً أخرى في فك الحصار عندما تولى حاكم رودس علي باشا قيادة الأساطيل العثمانية، الذي أتى بحيلة ذكية للتخلص من البنادقة، حيث انتظر حتى حلول الشتاء حتى يسحب البنادقة قواتهم، ثمّ قام بإرسال عدد صغير من السفن مُحمّلة بالمؤن وعدة آلاف من الجنود مُضللاً البنادقة، ثم أبحر نحو كريت دون التعرض لأي مُضايقات.[35]
وقعت أولى المعارك البحرية الكُبرى في 10 يوليو 1651 جنوب ناكسوس، حين اشتبك الأسطول البندقي المُكوّن من 58 سفينة بقيادة ألفيز موتشينيغو مع الأسطول العثماني الأكبر حجماً، لكنّ البنادقة حسموا المعركة لصالحهم،[48] بينما انسحب ما تبقّى من الأسطول العثماني إلى رودس. استُبدل موتشينيغو بُعيْد ذلك بليوناردو فوسكولو، ولم يُنجز أيّ من الطرفين الكثير خلال العامين المُقبلين، ونجح العثمانيون خلال هذه الفترة في إمداد قواتهم في كريت مع الحفاظ على سلامة أسطولهم.[49]
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|