عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-03-2023, 12:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,777
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان




أختم أم أتدبر؟

الشيخ الدكتور عمر المقبل
(2)

يرد هذا السؤال كثيرًا على أهل العلم، وطلابه، وخاصةً في شهر رمضان المبارك، حيث
الإقبال العام من المسلمين على قراءة كتاب الله تعالى.
وقد بقيت عِقْدًا من الزمن أتأمل في هذا السؤال كثيرًا، وأتذاكر فيه مع بعض الفضلاء، فكتبت هذا الجواب المختصر، الذي أرجو أن يكون صوابًا، وألخصه في الآتي:
1- بَحْثُ العلماء في هذه المسألة يدور على الأفضلِ، والأقربِ لمراد اللهِ الذي أنزل القرآن، ومرادِ مَنْ نزل عليه القرآن ï·؛ دون تأثيم لمن اختار كثرة الختمات دون تدبر، وذلك رغبةً في كثرة المقروء.

2- نصوص القرآن، والسنة، وكلام أئمة الإسلام متظاهرة في أن الغاية من نزول هذا القرآ
ن هو صلاح القلوب، فإن القرآن أول ما نزل على قلب محمد ï·؛: فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِين [البقرة: 97] فإذا ضم هذا إلى قوله ï·؛: ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب[1] تبيّن هذا بوضوح.
ولهذا لما قال رجلٌ لابن مسعود: إني لأقرأ المفصل في ركعة! فقال عبد الله: “هذًّا ك
هذ الشعر؟! إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع”[2].

3- جماهير العلماء من السلف، والخلف على أن القراءة بتدبر، وتعقّل أفضل؛ لما في ذلك من تحقيق مراد الله -وهو الفهم، والتدبر، والتفكر، والعقلُ عنه- الذي تكرر الحثّ عليه في مئات الآيات الكريمة.
يقول الإمام الآجري: (360هـ): “والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه، وتدبره أحب إليّ من قراءة الكثير من القرآن بغير تدبر، ولا تفكر فيه، وظاهرُ القرآن يدل على ذلك، والسنة، وقول أئمة المسلمين.


ثم ساق بسنده قو
ل أبي جَمْرَةَ الضُبَعي، قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة إني أقرأ القرآن في ثلاث، قال: لأن أقرأ البقرة في ليلة، فأتدبرها، وأرتلها أحب إلي أن أقرأ كما تقول.
وأسند عن مجاهد أنه سئل عن رجل قرأ البقرة، وآل عمران، ورجل قرأ البقرة،
قراءتهما واحدة، وركوعهما، وسجودهما، وجلوسهما، أيهما أفضل؟ قال: الذي قرأ البقرة، ثم قرأ: وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا [الإسراء: 106][3].
فهل يتغير هذا الحكم في رمضان عن غيره؟
قال بذلك بعض أهل العلم؛ اغتنامًا لشرف الزمان.
وقال آخرون: بل رمضان في ذلك كغيره، لا يُنقصُ فيه عن ثلاث، إذْ الأصلُ هو تحقيق مراد الله بالتدبر -كما سبق- ويرجّح هذا عمومات الأدلّة التي لم تستثن زمانًا دون زمان، ومن ذلك وصيته ï·؛ لعبد الله بن عمرو: اقرأ الق
رآن في كل شهر قال: إني أطيق أكثر، فما زال، حتى قال: في ثلاث[4] وفي لفظ: فاقرأه في كل سبع، ولا تزد على ذلك[5].

وهذا القول بالعموم اختيار جَمْعٍ من أهل العلم، منهم شيخنا العلامة عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- حيث قال: “ظاهر السُّنة أنه لا فرق بين رمضان، وغيره، وأنه ينبغي له أن لا يعجل، وأن يطمئن في قراءته، وأن يرتل كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبدالله بن عمرو، فقال: اقرأه في سبع هذا آخر ما أمره به، وقال: لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث ولم يقل إلا في ر
مضان، فحمل بعض السلف هذا على غير رمضان محل نظر، والأقرب -والله أعلم- أن المشروع للمؤمن أن يعتني بالقرآن، ويجتهد في إحسان قراءته، وتدبر القرآن، والعناية بالمعاني، ولا يعجل، والأفضل أن لا يختم في أقل من ثلاث، هذا هو الذي ينبغي حسب ما جاءت به السنة، ولو في رمضان”[6].

ولا ينبغي الاعتراض هنا بفعل بعض السلف، فإن الأصل مراعاة الدليل، مع أنه قد يعتذر لأولئك العلماء بأن هذا قد اختاروه لكثرة تلاوتهم للقرآن في رمضان، وغيره، فصارت معاني القرآن متكررةً على قلوبهم،
وأذهانهم، فيسهل عليهم تذكرها.
وعليه: فلا ينبغي أن يقال لمن ليس له ورد من القرآن طول السنة إلا قليلًا: احرص على تكثير الختمات! بل يقال: اجتهد في فهم ما تقرأ، وحرّك قلبك بما اتضح لك من معانيه -وهي كثيرة بحمد الله- ولو لم تختم إلا ختمة واح
دة تُداوي بها قلبَك، وتُصلح بها ما فسد منه، وتلين بها قسوته، فهي خير من ختمات لا أثر لها على القلب، والجوارح، وهل ذُمَّ الخوارج إلا بقراءة لا أثر لها؟ يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم[7].

أما العامي من أهل اللسان العربي، الذي يعجز عن التدبر، ولو قليلًا، فإن سلّمنا بوجود هذه الصورة، فلا مناص من حثّه على كثرة القراءة.
وحين يُطالب بالقراءة المتدبرة فإن ذلك لا يعني أن يتجرأ الإنسان على بثّ ما يقع له من تدبرات قبل التثبت، والتحري، فهذا شيء، وقراءة القرآن بأناة شيء آخر[8].
المصدر: موقع الدك
تور عمر المقبل

صحيح البخاري ح (52)، صحيح مسلم ح (1599).
مسلم ح (822).
أخلاق أهل القرآن (
ص: 169).
البخاري ح (1978).
مسلم ح (1159).
مجموع فتاوى ابن باز (11/351).
البخاري ح (3344)، مسلم ح (1063).
ينظر: مقال: التدبر بين تباشير العودة، وخطر الجرأة “المو
قع الرسمي للشيخ الدكتور عمر المقبل”.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]